تصليح الوضع القائم وإصلاح الخلل يتمثل في الرجوع الى الهدى الذي جاء به محمد.
بصائر من نور القياده
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
خطاب المولد النبوي للعام الهجري 1430هـ.
إن الأمة بحاجة في هذا العصر – وهي تعيش هذا الواقع الذي تعيشه من هوان وشقاء واختلاف وفرقة واستباحة وإهدار للكرامة وحالة غباء وفقدان للحكمة – ما يفيد في تغيير هذا الواقع السيئ المزري وتصحيح هذا الوضع القائم، وإصلاح هذا الخلل الذي يوجد في داخل الأمة الإسلامية، ما يفيد في معالجة ذلك، ما يخرج أمتنا الإسلامية من مأزقها، ومن هوانها، ومن ذلها بين الأمم، ما يخرجها من ذلك كله هو العودة الصادقة إلى الرسول ورسالته؛ لأن، لأن بهذا تكون الأمة قد عادت إلى ربها، العودة إلى الرسول العظيم محمد لمعرفته من جديد، ومعرفة ماذا يعني لنا هذا الرجل العظيم، وماذا تعني لنا رسالته والهدى الذي أتى به من عند الله, والقيم والأخلاق والمبادئ التي أتى بها، والمواقف التي دعا إليها، ولما أضاعتها الأمة ضاعت وذلت وهانت واختلفت وتفرقت، وحكمها سفهاؤها وأشرارها، وهيمن عليها أعداؤها، وتفوقت عليها الأمم الأخرى التي ليس لها نبي كهذا النبي ولا هدى كهذا الهدى.
وبداية الحديث – أيها الإخوة، أيتها الجماهير المؤمنة، أيتها الجماهير الوفية – بداية الحديث هو عن موضوع مهم، هو عن الغاية والهدف من إرسال الرسل وإنزال الكتب، والغاية من دين الله، فلماذا أرسل الله محمداً؟ ما هي مهمة النبي محمد؟ ما هو دوره؟ وعلى أي أساس أتى؟ وماذا يهمنا من شأنه؟.
عند العودة إلى القرآن الكريم نعرف أن الهدف من ذلك هو الخير للناس، هو لمصلحتهم، هو لسعادتهم، هو لإنقاذهم، هو لصلاحهم وفلاحهم، يقول الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}(الحديد: 25) ومن مفاهيم القسط هو العدل، {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}(الحديد: 25)، فالله جل شأنه رحيم بعباده يريد سعادتهم، يريد فلاحهم، يريد لهم الخير، يريد لهم ألاَّ يُظلموا، ألاَّ يُقهروا، ألاَّ يُستذلوا، ألاَّ يتخذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله، فأرسل رسله، وأنزل كتبه التي فيها هديه وتعاليمه العظيمة ودينه القيم، هذا كله من أجل الناس ليقوم العدل فيهم وليعم الصلاح وليعم الخير، يترتب على ذلك كله زوال الظلم وزوال الفساد وزوال الشر، وكل هذه الثلاثيات يعاني منها الناس في حياتهم [الظلم، والفساد، والشر].
إذا عدنا – أيها الإخوة المؤمنون – إلى واقع الأمة الإسلامية في هذا العصر ونظرنا إلى ما هي عليه، وما يلحق بها من ظلم وإذلال وقهر، وما هي فيه من شتات وفرقة وانحطاط وتخلف، نعرف مدى خسارتها حين أضاعت مسؤوليتها في التمسك برسالة الله وإقامة دينه الذي يكفل لها قيام العدل؛ فلنفهم أن طريق الخلاص من الظلم والهوان لكل شعوب أمتنا، والطريق إلى تحقيق العدل، وإزالة الظلم، وتعميم الخير، وإبعاد الشر، وتحقيق السعادة، الطريق إلى ذلك هو إقامة رسالة الله التي تتمثل بكتابه ودينه.