التجاهل واللامبالاة إنما يسهم في استحكام قبضة الأعداء وإنجاز مؤامراتهم.
بصائر من نور القياده
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
خطاب المولد النبوي للعام الهجرس 1431هـ
إن أمتنا الإسلامية تحتاج إلى النظر بجدية واهتمام إلى واقعها الخطير جداً والسيئ للغاية، ومعاناتها الكبيرة، ووضعها المزري، وحالة السقوط المدوِّي المستمر الذي هي فيه، وحالة الشتات والجهل والفرقة, وضياع المبادئ والأخلاق، وحالة الذل والهوان، وحالة الشقاء والعناء، وحالة الظلم والقهر والأسى، وحالة الهيمنة عليها من أعدائها السفاحين الحاقدين المجرمين شرار أهل الأرض.
في كل هذه الحالات فإن الأمة الإسلامية في المنطقة العربية ومناطق أخرى من العالم أسوأ وضعية وأحط مقاماً وأكثر ذلاً وهواناً وأفظع ظلماً وعناءً بين كل أمم الأرض، وتدور على رأسها رحى المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية، وزاد من سوء وضعها ومن حجم معاناتها الدور السيئ والسلبي والمخزي والمعيب لزعمائها وحكوماتها وجيوشها؛ حيث تحولت تلك الأنظمة والحكومات والجيوش في معظمها وبدون خجل ولا ضمير ولا مسؤولية إلى أداة قذرة مخلصة لأعداء الأمة، ولا تتورع من فعل أي شيء ضد شعوبها وأبناء أمتها مهما كان ظلماً ومهما كان عاراً، ومهما تنافى مع الإسلام ومع القيم الإنسانية والفطرية، كما حدث في بلدنا اليمن في الحرب السادسة؛ حيث استباح الأعداء – بتعاون بين النظام الظالم وأعداء الخارج – كل الحرمات، وتجاوزوا كل المبادئ والخطوط الحمراء، وقتلوا المئات من الأطفال، أكثر من ثلاث مائة طفل، والمئات من النساء، واستهدفوا الحياة بكل أشكالها، إضافة إلى الدين والمقدسات وبدون حق ولا مبرر.
وحال غير اليمن بالنسبة لبقية الشعوب ليس أيضاً بخير، وأمام واقع كهذا، حينما تكون أنت أخي المسلم مستهدفاً، يسعى المجرمون الأعداء إلى إذلالك إلى قهرك، إلى استعبادك ليحولوك عبداً لهم، إلى إفسادك، إلى هدر كرامتك، إلى التحكم عليك بغير حق، إلى تعذيبك، إلى إهانتك، إلى استغلالك، إلى إهلاكك، إلى أن يجعلوك تخسر كل شيء, دنياك وأمنك وعزتك وكرامتك التي منحك الله كإنسان، وآخرتك ومستقبلك الأبدي مع الله، ألا ينبغي أن يكون عندك اهتمام ونظر والتفات إلى نفسك وشأنك؟! ألا يهمك أنت نفسك؟ ألا يهم هذه الأمة المخاطر التي تحيط بها؟ لا أسوأ من أن ينسى الناس أنفسهم، لا أسوأ من ألاَّ يفكروا في أمرهم، لا أسوأ من بقائهم على حال كهذا ينتظرون أعداءهم يفعلون بهم كلما يشاءون ويريدون، وينتظرونهم لإكمال مخططاتهم ومؤامراتهم دون أن ينظروا فيما يغيِّر واقعهم، ويصلح وضعهم.
أم أن التجاهل واللامبالاة ستصلح وضع هذه الأمة، وتمنحها بدلاً من الذل عزا، وبدلاً من الفرقة اجتماعاً وتوحدا، وبدلاً من الشقاء والعناء سعادة واستقراراً، وبدلاً من الهوان وهيمنة الأعداء كرامة وسيادة واستقلالاً! كلا.
إن التجاهل واللامبالاة إنما يسهم في استحكام قبضة الأعداء وإنجاز مؤامراتهم، كما يسهم في استحكام حالة الغباء والإهمال والكسل والهوان لدى الأمة، وانعدام البصيرة وانسداد الأفق.
إذاً لا التجاهل واللامبالاة ينفع الناس، وكذلك انتظار الآخرين أو انتظار المجهول، إذا كان بعض الناس يراهنون على الحكومات لإصلاح وضعهم والدفاع عنهم وإنقاذهم فإنهم أكثر من أغبياء، كيف يمكن أن يهتم بالدفاع عنك من يبادر إلى قتلك! كيف يمكن أن يهتم بك من يسرق ثروة بلدك! كيف يمكن أن يرعاك من يوالي أعداءك ويمتهنك! كيف يمكن أن تعتمد على حكومات لا يتوقع زعماؤها ومسؤولوها الحساب والمساءلة من شعوبهم فيدفعهم ذلك إلى الإخلاص لها والاهتمام بها! ولا هم أهل ضمير وأخلاق يستشعرون المسؤولية أمام الله فيتقوا الله في شعوبهم.