بالعدل والجهاد يستطيع الناس ازهاق الباطل وهزيمة الطاغوت
بصائر من نور القياده
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
خطاب المولد النبوي للعام الهجري 1431هـ
في هذا العصر منبع معاناة الناس ومآسي البشر هو غياب العدل واستحكام الظلم حين تخلى الناس عن مسؤوليتهم في إتباع تعاليم الله وإقامتها في واقع الحياة وتطبيقها، وفيها يتحقق لهم العدل, ويسلموا من الظلم، فماذا كانت النتيجة؟ ألم يعُم الظلم كل مجالات الحياة؟! ألم يسيطر الظالمون؟! أليست معاناة الناس كبيرة نتيجة لسيطرة الظلم والظالمين؟ والظلم ليس مجرد عبارة تنطق بها الألسن، الظلم كارثة في حياة الناس ويمس واقعهم، الظلم استباحة لدمائهم بغير حق، الظلم إذلال لهم بغير حق، الظلم سجنهم بغير حق، الظلم إفسادهم للإنسان والحياة، الظلم لهم في معايشهم في غذائهم في طعامهم في شرابهم، الظلم إضلال للناس، الظلم استعباد وقهر، الظلم امتهان للكرامة والعرض، الظلم تدمير للحياة وتحويلها إلى بلاء ومحن وآلام وعذابات ومتاعب رهيبة في كل مجالات الحياة.
إذاً ليس الظلم شيئاً هيناً يتغاضى الناس عنه ولا يبالون بأمره، وليس أمراً بسيطاً وسهلاً بحيث يمكن التعايش معه والقبول به والصبر على تقبله، والظلم ليس له حدود يقف عندها، بل إنه يتطور وينمو ويتزايد إذا لم يقف الناس بمسؤولية لإيقافه عند حده وإقامة العدل في الحياة بدلاً عنه.
والظالمون ليسوا قديسين ولا ملائكة ولا أبراراً ولا رحماء ولا إنسانيين، بل هم مجرمون، بل هم مجرمون قد أزالوا من أنفسهم الخير الفطري والضمير، فهم يرتاحون لمعاناة الناس، ويسعدون بشقاء الناس، ويفرحون حين يُلحقون بالناس الأذى والعذاب، وإذا قتلوا بطائراتهم وأسلحتهم أطفالاً صغاراً ومزقوا أجسادهم إلى أشلاء بقنابلهم فإنهم حينذاك يشعرون بالراحة والاغتباط والكبرياء والعزة، ويرون أنهم أحرزوا بذلك نصراً.
واليوم السعيد، واليوم العيد بالنسبة لهم هو اليوم الذي يزهقون فيه أرواح الناس العاديين في أسواقهم أو في مساجدهم، يُعتبر ذلك عيداً لهم ومناسبة فرح وابتهاج، إنهم طغاة مجرمون سفاكون سفاحون يُمثلون خطراً على البشر وعلى حياتهم وعلى أمنهم وعلى سلامتهم، وإن موقف الإسلام منهم، وموقف القرآن منهم الذي يلعنهم ويقوم ضدهم، ويحدد المواقف منهم، وموقف التابعين للقرآن منهم هو موقف قائم على أساس الحق والعدل.