العدو الذي لا يفهم . بقلم/ محمد المنصور.
بنى العدوان السعودي الأمريكي التحالفي خطابه الموازي للحرب والعدوان على اعتبار هادي ومرتزقته من يمثلون الشرعية في مقابل من ينعتهم بالمتمردين والانقلابيين الذين يتوجب ضربهم وشطبهم من المعادلة بقرار سعودي إقليمي ودولي ، أيضا يصف عصابات داعش والإخوان بجيش الشرعية ، ويصف الجيش اليمني واللجان الشعبية بالمليشيا لتبرير استهداف الجيش اليمني وكل مقدراته.
العدوان السعودي بنى حساباته في العدوان على اليمن على قراءة مذهبية وسياسية واجتماعية وعسكرية مغلوطة هو من كان قد سعى إلى إيجادها عبر عقود من التسلط على القرار الوطني والاضعاف الممنهج لليمن .
عمد العدوان التحالفي إلى الضرب بكل القيم الإنسانية والقوانين الدولية الإنسانية التي تجرم العدوان والغزو والاحتلال للدول ذات السيادة . التعالي على الواقع اليمني والعربي والإسلامي والسعي إلى التآمر وشن الحروب هو عادة الحكم السعودي تاريخيا مع من يخالفونه التوجه السياسي والمذهبي.
لقد سبق العدوان على اليمن بفتاوى مذهبية تبرر قتل اليمنيين واستباحة بلادهم ومنذ بدء العدوان الوحشي على اليمن، عمد خطابه الإعلامي والسياسي إلى إنكار اية مجزرة أو جريمة ارتكبها امعانا في الاستهانة بالدماء والحرمات، كما سعى إلى الإنكار على الشعب حقه في مقاومة العدوان ، وحقه الأصيل في رفض الوصاية والحلول السياسية المنقوصة.
تميز الخطاب الإعلامي للعدوان بالمغالطة والتضليل والكذب وإنكار الحقائق والإثارة المذهبية والمناطقية ، وفي تعاطيه مع أنباء المواجهات عمد إعلامه إلى تجاهل الحقائق على الأرض ،وتضخيم إنجازات طيرانه ومرتزقته، والتغطية على جرائمه، والتبخيس والتقليل من كل إنجاز وانتصار يحققه الجيش واللجان الشعبية ويعزو ذلك إلى أسلحة وخبرات لحزب الله وتدخلات إيرانية تحضر كاتهامات مستمرة للطرف الوطني ، فاستراتيجية العدوان المضللة تقوم على الإلغاء المسبق لليمن الأرض والإنسان والدولة بكل مؤسساتها بما فيها الجيش والأمن والاستخبارات .
استدعاء إيران وحزب الله كتهمة يتم إلصاقها بأنصارالله والمؤتمر يأتي لتبرير العدوان واستمراره وتسويقه للرأي العام في السعودية والخليج والعالم من ناحية ، ومن ناحية اخرى لتبرير هزائم العدوان وفشله وتعثر إنجازاته برغم الحشود العسكرية الكبيرة ، واستخدام أحدث أنواع الأسلحة وانفاق المليارات ، والاستعانة بأمريكا وقوى الدول الغربية تسليحا واستخبارات ودعما لوجستيا وسياسيا وإعلاميا الخ .
استخفاف العدوان السعودي الأمريكي التحالفي الهمجي بالشعب اليمني وكرامة أبنائه ومشاعرهم ، وتجاهله لما يدخره هذا الشعب من إمكانيات ذاتية وابداعات ومبادرات وجهود في مختلف المجالات، أوقعه في مأزق يعاني منه اليوم بعد عامين من العدوان .
إصرار السعودية وتحالفها المجرم على تكريس تلك الصورة الذهنية المجردة وعدم تعاطيها مع الواقع اليمني والإقليمي والدولي كما هو جر على اليمن والمنطقة ما تشهده من محن ومصائب، ليس المستفيد الأول منها غير الكيان الصهيوني وأمريكا والدول الغربية التي تبيع الأسلحة وتجني المليارات لتغذية الفتن والحروب في اليمن والبلدان الأخرى.
حالة العمى والتخبط الإيديولوجي الوهابي المتغطرس وتجلياته في الخطاب الإعلامي للعدوان على اليمن كثيرة ، وفي هذا السياق نلاحظ وصف اعلام العدوان وناطقه الرسمي لصواريخ الجيش واللجان الشعبية التي تستهدف العمق السعودي بالمقذوفات للتقليل من حجم إنجازات الجيش اليمني واللجان الشعبية ، وتغطية على أكاذيب العسيري بتدمير 95% من القوة الصاروخية اليمنية في اليوم الأول لعاصفة الحزم ، كما أن عسيري لا يريد أن يرى الحقيقة اليمنية المجردة ويعترف بأي انجاز للجيش اليمني ، ولا يريد أن يعترف بفشله السياسي والعسكري والأمني والإعلامي والاستخباري طيلة العدوان.
في سياق متناقض لخطاب عسيري عن التصدي لما يسميه بالمقذوفات اليمنية وإسقاطها قبل الوصول لأهدافها بمنظومات الباتريوت رأينا مندوب السعودية بالأمم المتحدة يتقدم بشكوى رسمية لمجلس الأمن عن تعرض بلاده للعدوان الصاروخي ممن يسميهم بمليشيات الحوثي وصالح ، ويورد أرقاما لعدد الصواريخ والخسائر الناجمة عنها.
سياسة الإنكار والمكابرة للعدوان السعودي الأمريكي التحالفي إذ تفسر حالة الغرور والغطرسة والاصرار على ارتكاب المجازر والتدمير الشامل والحصار العدواني على اليمن ، فإنها أيضا تفسر إصرار العدوان على الاستمرار في ذلك الطريق الكارثي وتعطيل الحلول السياسية.
إنها حالة مرضية مصاحبة للطغاة والظالمين والغزاة عبر التاريخ ، الذين لا يعترفون للآخرين بالحق في الحياة الكريمة ، ولا يعترفون لغيرهم بالحق في مقاومة الظلم والطغيان ، تنطبق تماما على طغاة بني سعود في عدوانهم التحالفي الآثم على أبناء اليمن .
دأب العقل الاستعماري الأمريكي الغربي على تبرير جرائمه بحق الشعوب الأخرى ، ولجأ إلى اختلاق الذرائع والمبررات الإنسانية كغطاء لممارسة أبشع الجرائم ضد الإنسانية، الكيان الصهيوني والسعودية اعتمدا نفس الاستراتيجية لتمرير جرائمهما بحق الشعوب العربية ، وفي عدوانها التحالفي الهمجي على اليمن رفعت السعودية قميص الشرعية والدفاع عن أمن المملكة والخليج ودرء الخطر الإيراني كمبرر لهذا العدوان الظالم، وعليه فلا غرابة من غرق العدوان في رمال اليمن وبحارها ، ولا غرابة في تكسر رماحه وسيوفه عند أقدام المقاتلين اليمنيين .
استمرار العدوان السعودي في حالة التخبط والعناد والمكابرة عن رؤية الواقع اليمني بعد عامين من العدوان لا يدل إلا على حالة العمى المصاحبة للظالمين والطغاة في لحظات سقوطهم الأخيرة .
أسود مثال أخير
ناطق العدوان عسيري لم يفق من هول صدمة استهداف البارجة العسكرية ، إذ اعتبر في تصريحات لقناة العربية بأن استهداف البارجة عمل إرهابي ومؤشر خطير، العسيري يصر على رواية الزوارق المهاجمة ويحشر إيران في الحادثة ويقول بأن ضابطا إيرانيا كان على متن أحد الزوارق المهاجمة.
طبعا الرواية العسيرية مكذوبة ومتناقضة كما هي العادة ، تكشف عن حالة إنكار وتخبط وارتباك لا يبارحها العدوان ، وسوف تتعمق أكثر في قادم الأيام ، بمزيد من العمليات النوعية لابطال الجيش واللجان الشعبية والقوة الصاروخية، الأبطال الذين عصفوا بكل خطط واستراتيجيات قادة تحالف العدوان بفضل الله وتأييده.
لقد سعى العدوان السعودي إلى شطب الشعب اليمني من المعادلة الوجودية وتفتيته واخضاعه لشذاذ الآفاق والخونة والعملاء ، غير أن الشعب اليمني العظيم كانت وستكون له الكلمة الفصل .