الافلاس الديني والأخلاقي يجعل الكثير يقفون في صف الباطل في مواجهة الحق.
بصائر من نور القياده.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
كلمة ذكرى عاشوراء لعام 1433هجرية.
هذه الحادثة المؤلمة والذكرى التي هي فاجعة ومحزنة جداً لها الكثير من الدلالات وفيها الكثير من العبر، جريمة بذلك المستوى بحق من! بحق سبط رسول الله، بحق وريث الأنبياء (عليهم السلام) من كان يحمل روحية الأنبياء ومشروع الأنبياء ويعمل على الدفاع عن رسالة الله التي أتى بها الأنبياء ويحمل في نفسه وفي واقع حياته أخلاق الأنبياء (عليهم السلام), الاستهداف له بتلك الوحشية، وارتكاب تلك الجريمة البشعة، قتله بذلك المستوى من الوحشية مع أسرته مع أطفاله مع أقاربه مع الصفوة من أصحابه، يدلل على أمر مهم جداً في تاريخ الأمة، يدلل على مستوى الانحراف الرهيب الذي كانت تعاني منه الأمة، يدلل على الخلل الفظيع في بناء الأمة، في بناء توجهها في إصلاحها.
ذلك أن الأمة لو سارت على المستوى الصحيح وفق بناء الإسلام، وفق توجيهات القرآن وتربية القرآن، لكانت على مستوى عظيم من زكاء النفوس والأخلاق العالية والصفات الحميدة، لكانت أمة عزيزة طاهرة صالحة مستقيمة, تنفر من الظلم وتأبى الباطل، وتكره الإجرام، أمة تتوجه في حياتها على أساس توجيهات ربها وبأخلاق دينها العالية بالصدق بالصفاء بالإخلاص بالنقاء، وتوجهها في حياتها وفق مسئوليتها الكبرى؛ لإقامة الحق لإرساء دعائم العدل لتطهير الأرض من الفساد والإجرام، فما الذي حدث؟ لماذا كانت الأمة بذلك المستوى الدنيء والهابط جداً والمفلس أخلاقياً؟! جماهير كثيرة وأعداد غفيرة من الناس لا أخلاق لهم، لا رحمة فيهم، لا عزة فيهم، لا شرف لهم، يعشقون الإجرام، ميالون إلى الظلم، مستجيبون للطغاة، يصطفون في صف الباطل، يرتكبون أبشع الجرائم، ويتصفون بأسوإ الصفات، حتى أنهم صاروا بعيدون حتى عن الإنسانية، بعيدون عن الفطرة، وحشية رهيبة، وإجرام فضيع، تُشترى ولاءاتهم، وتُشترى مواقفهم بالقليل القليل القليل من المال، ويُدفعون لمواجهة قرآنهم، لمواجهة رموزهم، لمواجهة هداتهم، في صف مَن؟ في صف طغاتهم وأكابر مجرميهم، والمتوحشون فيهم، بُعد شاسع، وفراق كبير كبير، وابتعاد رهيب رهيب عن دينهم، عن أخلاق دينهم، عن مبادئ دينهم، وإفلاس إفلاس في القيم إفلاس رهيب جداً.
ما الذي أوصلهم إلى ذلك المستوى؟ فكان لدى معظم الأمة استعداد أن يتقبلوا بدلاً من الحسين, بدلاً من وريث الأنبياء، بدلاً من الحسين بالإسلام، الحسين بالقرآن، الحسين بالمبادئ العظيمة، الحسين بالحق، الحسين بالعدل، الحسين بالخير، كانوا يتقبلون ولديهم القابلية بيزيد بفسقه، يزيد بخمره، يزيد بفجوره، يزيد بطغيانه، يزيد بظلمه، يزيد بإجرامه، يزيد بمساوئ أخلاقه.
هذا الانحطاط والتحول الكبير في واقع الأمة المؤسف والمؤلم؛ لأن قادة الأمة قبل يزيد والحكومة التي كان ينبغي لها أن تربي الأمة وتصلحها وتبني واقع المجتمع المسلم على أساس دينه، قيمه، أخلاقه، قرآنه، هدي ربه، كان لها توجه آخر، التوجه الذي بُنيت الأمة من خلاله على الفسق والفجور والعبودية للمال، والطمع والهلع والجشع, والسعي وراء الرغبات, واللهف وراء حطام الدنيا ووراء المناصب، روحية اليهود، النفسية الإسرائيلية الخبيثة التي صارت هي السائدة, هذه دلالة واحدة من دلائل تلك الحادثة وتلك الجريمة.