اذا كنت ممن يعشقون المنصب ستضحي بكل شيء في سبيله.
يوميات من هدي القران الكريم.
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
دروس من وحي عاشوراء صـ4ــ5.
الإمام علي (عليه السلام) أراد أن يعلم كل من يمكن أن يصل إلى موقع السلطة في هذه الأمة أنه لا يجوز بحال أن تكون ممن يعشق المنصب؛ لأنك إذا عشقت المنصب ستضحي بكل شيء في سبيله، وأن لا تخاف من شيء أبداً فإذا ما خفت من غير الله فسترى كل شيء مهما كان صغيراً أو كبيراً يبدو عصا غليظة أمامك.
سترى معاوية … هل معاوية, والذي كان موقعه فعلاً في الأيام الأولى لخلافة الإمام علي (عليه السلام) بل في أيام عثمان كانت دولته أقوى في الواقع من محيط الخليفة نفسه، كان في تلك الفترة حكمه مستقراً، ويمتلك جيشاً كثير العدد، هو كان أقوى في الواقع من المجتمع الذي جاء ليبايع علياًً (عليه السلام)، من مجتمع المدينة وما حولها.
كان هناك استقرار لدى معاوية .. سنين طويلة من أيام عمر, من أيام الفاروق، الفاروق الذي جعل هذه الأمة تفارق علياً، وتفارق القرآن، وتفارق عزها ومجدها من يوم أن ولىَّ معاوية على الشام، وهو يعلم من هو معاوية, هو يعلم من هو معاوية.
إذاً كل بلية أصيبت بها هذه الأمة، كل انحطاط وصلت إليه هذه الأمة، كل كارثة مرت في هذه الأمة بما فيها كربلاء، إن المسئول الأول عنها هو عمر، المسئول عنها بالأولوية هو عمر قبل أبي بكر نفسه، قبل أبي بكر نفسه، عمر الذي ولى معاوية على الشام سنيناً طويلة.
نجد الفاروق الحقيقي، الذي يفرق بين الحق والباطل لا يسمح لنفسه أن يبقي معاوية دقيقة واحدة على الشام، ومن هو الشخص الذي قال عنه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله): أنه مع القرآن؟ هل عمر أم علي؟ ((علي مع القرآن والقرآن مع علي)) أم قال عمر مع القرآن والقرآن مع عمر؟.
وعندما نجد أن علياً لا يسمح لنفسه أن يبقي معاوية لحظة واحدة على الشام، فإنه يتحرك باسم القرآن، وأنه منطق القرآن، وموقف القرآن.
إذاً فالموقف الآخر الذي سمح لنفسه أن يبقي معاوية سنيناً طويلة لا يحاسبه على شيء من أعماله، ويقول عنه: [ذلك كسرى العرب] هو الموقف الذي لا ينسجم مع القرآن بحال، هو الموقف المفارق للقرآن, هو الموقف الذي ضرب القرآن, وأمة القرآن, وقرناء القرآن. فهنيئاً لفاروق هذه الأمة, هنيئاً يوم يلقى الله فيُسأل عن كل حادث حدث في هذه الأمة.
لا تنظر إلى فاجعة كربلاء أنها وليدة يومها .. من الذي حرك الجيوش لتواجه الحسين في كربلاء؟ من الذي أرسل ابن زياد إلى الكوفة ليغري زعماء العشائر بالأموال, ويرغّب ويرهب حتى يجيشهم، حتى يحولهم إلى جيش يتوجه لضرب الحسين بعد أن كانوا قد بايعوا الحسين، من هو؟ إنه يزيد.
من الذي جعل يزيداً خليفة على رقاب المسلمين؟ إنه معاوية, من الذي جعل الأمة – تلك الأمة – تقبل مثل يزيد؟ من الذي جعل ليزيد سنداً قوياً وقاعدة قوية؟ إنه معاوية, من الذي ولى معاوية على الشام؟ إنه عمر, من الذي ولى عمر؟ هو أبو بكر.
أبو بكر وعمر كانا يتحركان كما قال الإمام علي (عليه السلام) لعمر: (أحلب حلباً لك شطره, شدّها له اليوم يردها عليك غداً). حركة واحدة كانت على هذا النحو ممن يعشقون السلطة, ممن يعشقون المنصب، ممن يعشقون الوجاهة.
يقول البعض: لو كان أولئك ممن يعشقون السلطة لرأيناهم مترفين؛ لأننا نشاهد أن من يعشقون السلطة هم عادة إنما من أجل أن تتوفر لهم الأموال, وتتوفر لهم الملذات .. إلى آخر ما قيل في هذا الموضوع.