نص: المحاضرة الرمضانية ال4 (إن الشيطان لكم عدو) للسيد عبد الملك الحوثي – رمضان 1438هـ.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين، وأشهد ان لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وآل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضى اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الأخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، من المعلوم أن من أهم عوامل الانحراف لدى الإنسان وتخرجه عن التقوى وتؤثر عليه وتجره إلى معصية الله سبحانه وتعالى، عاملان أساسيان ورئيسيان أولهما هوى النفس، ورغباتها، وشهواتها، وميولها، ولذلك فإن شهر رمضان المبارك فيما فرض الله فيه من صيام وفيما فيه من بركات وأجواء وذكر لله سبحانه وتعالى وعوامل كثيرة روحية وتربوية مساعدة، تساعد الإنسان على السيطرة على هوى النفس، وعلى التحكم برغبات النفس و أهواءها وشهواتها.
هناك أيضا عامل آخر مؤثر تأثيرا سلبيا، يتفاوت تأثيره بقدر ما يكون الإنسان منجرا وراء هوى نفسه وشهوات نفسه، ورغبات نفسه، عادة عندما يكون الإنسان خاضعا للتأثيرات النفسية لهوى النفس وشهواتها ورغباتها ومنجرا وراء ذلك، يدخل على الخط إن صح التعبير، عاملا آخر، الكثير من الناس قد يغفل عن هذه المسألة، والغفلة عنها خطرة جدا، حينما تكون في لحظة معينة أو في ظرف معين تعيش الضغط النفسي، ضغط الهوى ضغط الرغبة ضغط الشهوة ضغط الميول والرغبات التي تجرف بك أو تدفع بك أو تؤثرعليك نحو العصيان الله سبحانه وتعالى نحو الخروج عن خط الاستقامة وعن التقوى.
ففي كثير من الأحيان قد لا تكون وحدك، قد لا تعيش في تلك الحالة أو في ذلك الظرف لوحدك، هناك من يتدخل، هناك من يشتغل إلى ان يدفع بك أكثر فأكثر، وأن يجرك إلى المزيد من حالة الانحراف، ويسعى إلى التأثير عليك أكثر فأكثر حتى تندفع وتنجر إلى المعصية لله سبحانه وتعالى، هذا الطرف من هو، هذا الطرف هو أعدى عدو لك، وقد يأتي إليك في أماكن كثيرة، قد يأتي إلى منزلك، قد يدخل إليك إلى غرفتك، قد يأتي إليك في الحالة التي تعيش فيها وتعتبر نفسك في حالة خلوة، أو انفراد أو أنك تعيش لوحدك، وتجلس لوحدك، يأتي اليك وينظم إليك في تلك الجلسة التي أنت فيها، تفكر وتسول لنفسك وتعيش حالة من الهاجس النفسي والتأثير النفسي واعتمال الرغبة النفسية، نحو معصية هنا أو تصرف خاطئ هناك، أو انجرار إلى شهوة هناك، من خلال معصية الله سبحانه وتعالى.
هذا العدو هو الذي حذرنا منه القرآن كثيراً وكثيراً، يحمل لنا عداءً شديدا، ويحرص على أن يبذل قصارى جهده، في الإغواء لنا والإغراء لنا بالمعصية، والإضلال لنا والجر لنا إلى هاوية، إلى سخط الله سبحانه وتعالى، هذا العدو هو الشيطان الرجيم.
الحديث في القرآن الكريم عن الشيطان حديث واسع، ومهم في نفس الوقت، وهي من المسائل التي باتت واضحة لدى البشرية كاملة، ولكن في نفس الوقت هناك غفلة عنها كبيرة، وفي كثير من الأحيان يغفل الإنسان عن الاستحضار لهذه المسألة، في ذهنيته وفي نفسيته، في كثير من مقامات الإنسان، المقامات المهمة، المقامات الحساسة، المقامات الخطرة عليه، المقامات التي قد يندفع فيها في معصية، أو يقصر فيها في واجب أو يتنصل فيها عن مسئولية، يغفل عن الاستحضار في ذهنيته لهذا العدو الذي قد يحضر معه في كثير من اللحظات وفي كثير من الأوقات و في كثير من المواقف، لست لوحدك هو حاضر إلى جانبك، هو طرف يؤثر عليك، يساهم إما في دفعك إلى مواقف أو في دفعك إلى تصرفات أو في التأثير عليك في كثير من الأمور، وفي كثير من التصرفات وفي كثير من القرارات، هو طرف مؤثر إلى جانب هوى النفس.
الله سبحانه قال في كتابه الكريم” يا أيها الناس” خطاب للبشرية كلها، لماذا؟ لأن الشيطان هو عدو للبشرية بكلها، ويشكل خطورة على كل إنسان، على الناس جميعا، ليس هو خصم لطرف دون طرف، أو لبعض من البشر بينما هو صديق ومخلص وناصح ومهتم بناس آخرين أو بالبعض من البشرية، لا.. خطورته خطورة على الجميع وعداؤه عداء للناس جميعا، ومسعاه مسعاه في جر البشرية إلى الهلاك لا يستثني أحد، ” يا أيها الناس” والله سبحانه وتعالى هو ربنا جميعا هو الذي يريد لكل عباده الخير ويريد لكل عباده الفلاح، ويريد لكل عباده النجاة، وهو يقدم هديه ونصحه لكل عباده، ويهيئ لكل عباده أسباب النجاة، وأسباب الفلاح لذلك هو هنا يوجه نداءه إلى البشرية جميعا إلى الناس بكلهم “يأيها الناس إن وعد الله حق “وعد الله سبحانه وتعالى بالآخرة، بالجزاء، بالحساب والجزاء على الأعمال، الجزاء بالخير على الخير، والجزاء على الشر بالحساب والعقاب، وعدٌ حق لا يختلف أبدا، فكونوا في مستوى المسئولية، كونوا مدركين أنكم في مقام المسئولية، الله سيحاسبكم، الله سيجازيكم، على أعمالكم، فكونوا متنبهين، وكونوا مدركين لأعمالكم، ولا تكونوا متهاونين وغافلين عن تصرفاتكم، وعن أعمالكم، “فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور” لا تعيشوا في هذه الحياة مغرورين، غافلين عن مسئوليتكم، غير منتبهين لتصرفاتكم، ومقصرين فيما عليكم من واجبات في هذه الحياة، فتتحملون بذلك الأوزار، وتتحملون بذلك النتائج السيئة، لغفلتكم وإهمالكم وتجاوزاتكم ” ولا يغرنكم بالله الغرور” لا يغرنكم بالله فتغفلون عن الله سبحانه وتعالى ولا تتنبهون لمسئوليتكم أمام الله سبحانه وتعالى، وتتهاونون بالله فلا تبالون بتحذيره، ولا بنهيه ولا بأمره، ولا بتوجيهاته ولا بوعده، ولا بوعيده، فتتهاونون تجاه الله سبحانه وتعالى “لا يغرنكم بالله الغرور” الغرور الذي يسعى إلى أن يغركم، إلى أن يخدعكم إلى أن يجعلكم غافلين ولا مبالين ولا متنبهين، وأن يبعدكم عن الإحساس بالمسئولية، من هو هذا الغرور الذي يسعى إلى أن يغركم وأن يخدعكم “إن الشيطان لكم عدو” الشيطان هو عدو لكم يحمل لكم حالة العداء الشديد وهو يتعامل معكم من منطلق هذه العداوة، يتحرك ضدكم ويستهدفكم، من خلال هذا العداء، فـ يشتغل شغله الكبير شغله المخادع شغله ليغركم ويخدعكم من منطلق حالة العداء الشديد لكم “فاتخذوه عدوا” “إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير” فاتخذوه عدوا هذه الحالة هي المفقودة لدى أغلبية البشر، في الوقت الذي الشيطان عدو للبشر جميعا وللناس كافة، أغلب البشرية وأغلب الناس لا يتخذونه عدوا بل الكثير منهم يوالونه، بل الكثير منهم يصلون منه إلى حد العبادة له، إلى درجة أن يطيعوه في معصية الله سبحانه وتعالى، أن يتنكروا لله ربهم الخالق لهم، المنعم عليهم، المكرم لهذا الإنسان، والمنعم على هذا لإنسان، والمسخر لهذا الإنسان مافي السماوات ومافي الأرض، الولي لكل نعمة على هذا الإنسان وهذا الإنسان يأتي ليتنكر لربه الخالق له المنعم عليه المكرم له، ثم يطيع عدوه فيما هو ماذا ؟ فيما هو مصلحة له فيما هو خير له؟ لا.. فيما هو شرف له؟ لا.. فيما يسبب له الخزي في الدنيا والآخرة الهوان في الدنيا والآخرة، غضب الله وسخط الله، فيما هو شر له فيما يوصله في نهاية المطاف إلى عذاب الله إلى السعير إلى جهنم والعياذ بالله، يطيع عدوه الذي هو فيما دعاك إليه وفيما يجرك إليه من منطلق العداوة لما فيه شر لك، لما فيه خطورة عليك، فتجيب الشيطان وتنجر وراء الشيطان نحو مافيه خطورة عليك وشر عليك وتعصي الله سبحانه وتعالى وتتنكر لله سبحانه وتعالى تجاه ما هو خير لك، فضل لك، نعمة عليك، مصلحة حقيقية لك.
غباء كبير من جانب الإنسان الشيء الذي يريده الله منا تجاه الشيطان أن نعي عداوة الشيطان لنا وأساليبه العدائية لنا، وطريقته في الحرب لأنه في حرب مستمرة معنا حرب أعلنها من اليوم الأول يوم أن وقعت مشكلته مع هذا الإنسان وأعلن حربه على هذا الإنسان ولم يتوقف يوما من الأيام عن هذه الحرب، حرب ضروس، حرب معلنة، حرب كبيرة يشنها الشيطان ولا يتوقف فيها أبدأ عن الاستهداف لهذا الإنسان شغل مستمر في الليل والنهار وعمل دؤوب في الاستهداف لهذا الإنسان، بينما الكثير من الناس يعيش حالة الغفلة عن هذه الحرب وعن هذا العدو وعن ما يعمله هذا العدو وعن مكائد هذا العدو، فيغفل ولربما الكثير من الناس تمر عليه لربما السنون من عمره وهو غافل لا ينتبه بالمستوى المطلوب لهذا العدو في مكائد هذا العدو للاستهداف من هذا العدو له، في الليل والنهار، فاتخذوه عدوا هذه الحالة غائبة اتخاذه عدوا يشكل حماية لك من شره، من خطره، من مكائده، أنت إذا لم تعي عداوته لك وتستوعب خطورة هذا العدو ثم تحمل في نفس الوقت العداء له العداء الحقيقي النابع من وعيك بخطورته بسوءه، بشره، بمخاطره، بمكائده، فتحمل هذا العداء نحوه وتأخذ احتياطاتك اللازمة من هذا العدو وتكون متنبها في كل الأوقات في كل الظروف في كل الحالات في كل المقامات التي ينبغي فيها الاستحضار ذهنيا ونفسيا بخطورة هذا العدو والانتباه من هذا العدو والجهوزية الدائمة للتصدي لهذا العدو هذه الحالة إذا فقدتها فأنت من الهالكين، فأنت في حالة خطرة بما تعنيه الكلمة وسيتمكن هذا العدو من حسم معركته معك ومن السيطرة عليك ومن الإيقاع بك في شراكه، يصطادك الشيطان يصطادك فتكون ضحية لغفلتك، ضحية لإهمالك، ضحية لحالة الغرور التي عشتها، وانعدام التنبه واليقظة تجاه هذا العدو، إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير هو عدو لهذه الدرجة حتى لو أردت التصالح معه، وأردت أن تكون من حزبه وألا تكون في صراع معه ولا في مشكلة معه، وانضممت إلى حزبه لأن الشيطان له حزب حزب كبير وأعضاء هذا الحزب والمنتمون إليه كثر من الجن ومن الأنس أعداد كبيرة لربما بالمليارات منضمون لهذا الحزب، حزب الشيطان، ولكن الذين انضموا إلى حزبه ودخلوا في صفه واستجابوا له ولم يقرروا أن يتخذوه عدوا بل اتخذوه وليا سواءً بإدراك وانتباه ومعرفة وعن عمد وقصد أو من دون انتباه، تلقائيا على نحو عملي أصبحوا في واقعهم العملي والنفسي وطريقتهم في الحياة يسيرون في خطه وعلى نهجه وتحت أمره وتوجيهاته وفي المسلك الذي يدعوهم إليه ويتجه بهم فيه عمليا، لأن البعض والكثير الأغلبية من البشرية هم يتجهون على هذا النحو يعني بشكل تلقائي من خلال غفلتهم وعدم انتباههم وعدم إصغائهم إلى تحذيرات الله سبحانه وتعالى وتنبيهات الله سبحانه وتعالى، بهوى النفوس ورغبات النفوس، اتجهوا ورائه وانضموا إلى صفه وأصبحوا في حزبه، خلاص تصبح في حزبه تنضم إلى صفه هل يقدر لك هذا الجميل؟ هل هو يتفاعل ايجابيا ويلتفت على نحو ايجابي مع كل أولئك الذي انضموا في حزبه وأصبحوا من صحبة وجمعه وأتباعه؟ لا… لا يحمل لهم إرادة الخير ولايقدر لهم ذلك ولايرعى لهم هذا الجميل ولا يعتبره أبدا، ولا تتغير الحالة العدائية نحوهم بما أنهم آثروا طاعته فوق طاعة الله سبحانه وتعالى واتبعوه وخالفوا الله وأطاعوه وعصوا الله، حتى الحالة العدائية نحوهم لا تتغير يبقى عدوا ويبقى كل اهتمامه وكل سعيه وكل جهده وكل اهتمامه أن يوصلهم إلى أين؟ وهم خلفه في طريقه على توجيهاته وعلى أمره وعلى كيفما يريد لهم أن يكونوا يذهبون ويتجهون، إنما يدعو حزبه الذي انضم إليه الذي أصبح في صفه ليكونوا من أصحاب السعير، يريد أن يذهب بهم إلى جهنم إلى جهنم، فإذا هو عدو خطير لأن التصالح معه لا ينفع والانضمام إلى حزبه وإلى صفه لا يفيد لا يسلمك من شره ولا يخرجك من حالة الخطورة، لا.. تنضم إلى صفه فأنت تسهل عليه مهمة الإيقاع بك والإهلاك لك والإيصال بك إلى جهنم والعياذ بالله إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير. نداء آخر مهم من الله سبحانه وتعالى لكل بني آدام ولربما هذا النداء سبق في كتب سابقة قبل القرآن الكريم ومع أنبياء الله السابقين أيضا (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) يا بني آدم كل بني آدم لأن الشيطان يعادي كل بني آدم أنت من بني آدم خلاص الشيطان عدو لك عدو لك معه معك مشكلة وسيأتي الحديث عن هذه المشكلة وعن سبب هذه المشكلة وكيف تطور هذا العداء وكيف أصبحت هذه المشكلة كبيرة بين آدم وبنيه والشيطان، (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان)، هو عدو يسعى إلى أن يفتنكم، هذه هي طريقته معكم.
هذا هو أسلوبه في عدائه لكم، كما عمل مع أبويكم، مع أبينا وأمنا آدم وحواء عليهما السلام حينما سعى إلى الإيقاع بهما، إلى الفتنة بهما، إلى إخراجهما من الجنة، وسنأتي للحديث عن هذه المسألة، (ينزع عنهما لباسهما ليريهما سواءتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم)، هو يراكم سواء رأي العين أو حتى يرى المداخل والثغرات التي تشكل ثغرة يمكن أن ينفذ من خلالها في التأثير عليكم، كلا المعنيين قد يكونا مقصودين في الآية وهما واردين على كل حال، قد تكون في ظرف معين ترى نفسك لحالك، ولا تظن أن إلى جانبك من يشتغل في تلك اللحظة معك، وأنت تعتمد في شخصيتك وفي تفكيرك وفي هواجسك الداخلية نوازع الشر أو نوازع المعصية، نوازع الشهوة نحو ما هو عصيان لله سبحانه وتعالى، أنت لا ترى من يقف في تلك اللحظة إلى جانبك، قد يكون إلى جانبك شيطان أو أكثر أحيانا، قد يصل الحال في بعض الأحيان في بعض الظروف في بعض المراحل المهمة والحساسة في أن يكون إلى جانبك مجموعة حتى، مجموعة من الشياطين، كل منهم يوسوس لك، كل منهم يحاول أن يؤثر في نفسيتك، أن يوجد عندك قناعة وتوجها واندفاعا نحو موقف خطأ أو تصرف خطأ أو فعل هومعصية لله سبحانه وتعالى، (إنه يراكم هو وقبيله)، مع جماعته، معه جيش من الشياطين من الجن كذلك، أيضا له أنصار آخرون سيأتي الحديث عنهم إن شاء الله في سياق الكلام، إنه يراكم هو وقبيله، إبليس ليس لوحده يشتغل بين بني آدم، لا، أصبح معه ذرية، أصبح معه قبيل يعني أنصار، جنود، جيش كبير، أعداد هائلة جدا تتحرك معه ضمن توجيهاته وبأساليبه وخططه وبرامجه التي يُشَغلهم فيها في الاستهداف لبني آدم والشغل مع بني آدم للتأثير عليهم والإيقاع بهم، (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم)، فقد تغفلون عنهم وقد لا تشاهدونهم في بعض اللحظات والحالات التي هم فيها إلى جانبكم، متواجدون بينكم ويعملون عملهم ويشتغلون شغلهم في التأثير عليكم والإيقاع بكم، يقول الله سبحانه وتعالى: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه) معه ذرية ومعه أتباع كُثُر، ومعه جيش طويل كبير عريض، عديد واسع، (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا)، أفتتخذون إبليس وذريته من أنصاره وأتباعه وجمعه أولياء، أولياء تتولونهم تطيعونهم، تؤثرون طاعتهم فوق طاعة الله سبحانه وتعالى، تعرضون عن الله ربكم المنعم عليكم وتتخذون العدو الألد الذي يسعى لإشقائكم وإهلاككم وتوريطكم تتخذونه وليا؟ وتتخذون ذريته أولياء لكم؟ بئس للظالمين بدلا، هذا هو الدبور، هذا هو الغباء هذا هو الشقاء، هذه هي الغفلة، هذا هو الهوان، غباء بكل ما تعنيه الكلمة، أن تتخذ عدوك الذي يريد الإيقاع بك ويريد الإهلاك لك، يريد الانتقام منك وليا تتولاه تتطيعه، تتجه وراءه وتعصي الله سبحانه وتعالى، نأتي الآن إلى نقطة مهمة، إبليس هذا ومن معه من الشياطين، الشيطان الكبير فيهم، شيطانهم الأول، ثم من معه من الشياطين من الجن، وسيأتي أيضا الحديث عن شياطين الإنس، ما قصته؟ من هو هذا إبليس؟ ما قصته، ما سبب مشكلته الكبيرة هذه مع آدم ومع بني آدم؟ لماذا يعادينا كل هذا العداء؟ وما أصل مشكلته معنا؟ القرآن الكريم تحدث عن ذلك كثيرا في سور متعددة، القصة قديمة والحكاية قديمة جدا وموجودة منذ وجود هذا الإنسان في أول وجوده حينما خلق الله النوع البشري، الإنسان، آدم عليه السلام عندما خلقه الله سبحانه وتعالى، أبا البشر، آدم عندما خلقه الله سبحانه وتعالى وأراد الله أن يستخلف الإنسان في الأرض.
قبل مجيء الإنسان كان الله سبحانه وتعالى قد خلق الملائكة وخلق أيضا بعد الملائكة وقبل خلق الإنسان، خلق الجن، قال جل شأنه: (والجان خلقناه من قبل)، يعني من قبل خلق الإنسان ومن قبل مجيء الإنسان، خلق الله الملائكة قبل الجن هذا مؤكد، وخلق الله بعد الملائكة وقبل خلق الإنسان، خلق خلقا آخر هم الجان، (والجان خلقناه من قبل من نار السموم)، الملائكة مخلوقات مختلفة عنا، يعني ليست مخلوقات بشرية مركبة من نحو ما رُكبنا منه، بالنسبة لنا كبشر خلقنا من الطين وبشكلية معينة وبنوعية معينة وبأجسام معينة، الملائكة مخلوقات مختلفة عنا، الجان أيضا مخلوقات مختلفة عنا، ليست على نحو تركيبنا وأجسامنا وخَلْقِنا، مخلوقات مختلفة، ومن عنصر مختلف، نحن خلقنا الله سبحانه وتعالى من طين هذه الأرض، أما الجان فخلقهم كما قال تعالى: (والجان خلقناه من قبل من نار السموم)، من الحرارة، مخلوقات خلقها الله من اللهب، يعني من الحرارة، حرارة خالصة ليس فيها شوائب من الدخان أو شوائب أخرى، فخلقهم الله تعالى منها، لكن مخلوقات ذكية مفكرة عندها إرادة عندها رغبة، عندها تفكير، عندها مَلَكَة وقدرة، عندها أيضا طاقة تقدر أن تفعل أفعالا كثيرة، تصنع أشياء كثيرة أن تعمل أعمالا كثيرة حكى الله عنها في قصة نبيه سليمان، كيف أن البعض فيها كان مسخرا مع نبي الله سليمان في أعمال مختلفة، البعض للغياصة في البحر واستخراج لآلئ البحر، البعض منها في الصناعة، البعض منها في أعمال البناء، بمعنى أنها مخلوقات لديها طاقة عملية تستطيع أن تعمل أعمالا كثيرة.
من الجن كان هناك إبليس، هو من الجن كما قال في هذه الآية: (إلا إبليس كان من الجن)، من الجن، إبليس هذا عَبَد الله سبحانه وتعالى، ولفترة طويلة، لفترة زمنية طويلة، في بعض الروايات آلاف السنين، بقي لآلاف السنين يعبد الله سبحانه وتعالى ويتقرب إلى الله سبحانه وتعالى حتى أصبح في مصافِّ الملائكة، وقَطَن في السماء، انضم إلى صفوف الملائكة في السماوات ليتعبد الله بين الملائكة حتى أصبح من ضمن الملائكة، يُؤمَر بما تُؤمَر به الملائكة ويُوجَّه بما تُوجَّه به الملائكة، ويعيش الجو العبادي العظيم المقدس في السماوات بين أوساط الملائكة، يعني أنه ارتقى في عبادته إلى هذه الدرجة، بعد زمن طويل، بعد آلاف السنين وهو قاطن بين أوساط الملائكة وبعد حين من الدهر وزمن طويل منذ أن خلق الله السماوات والأرض أعلم الله ملائكته بأنه سيستخلف في الأرض خليفة، قال الله جل شأنه للملائكة: (إني جاعل في الأرض خليفة)، وقبل هذا كان الله سبحانه وتعالى قد أعلم الملائكة عن الإنسان وأعطاهم بعض المعلومات عن هذا الإنسان وعن دوره على الأرض وما سيعمله على هذه الأرض، طبعا هذا بالنسبة للملائكة كان هذا مثيرا وكان له صدى، وأثار – نستطيع نقول إن صح التعبير – ضجَّة كبيرة في أوساط الملائكة، ما قصة هذا المستخلف في هذه الأرض؟ ماذا سيعمل فيها؟ قالوا: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نُسبِّح بحمدك ونقدس لك)، على العموم أن الملائكة اقتنعت في الأخير وهداها الله في الأخير وأعطاها الدلائل على جدارة هذا الإنسان بالاستخلاف في الأرض، وأن طبيعة الدور الإنساني وطبيعة الاستخلاف للإنسان في الأرض تختلف عما يناسب الملائكة وعن طبيعة الملائكة وعن دور الملائكة، أنه دور يختلف، لا تتناسب معه الملائكة لتكون هي التي تستخلف على هذه الأرض، لا، أن الذي يتناسب بطبيعة خلقه وتركيبه وما يناسبه هو الإنسان، هو الإنسان الذي يتناسب معه هذا الدور، وصلت الملائكة إلى قناعة تامة، واعتذرت من الله سبحانه وتعالى قالوا: (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم)، وسلموا لله تسليما تاما تجاه هذا الأمر، ولكن بعد ذلك أتى الأمر من الله سبحانه وتعالى وبعد أن خلق هذا الإنسان، بعد أن خلقه أعده جهزه وأتى به للاستخلاف على هذه الأرض، أتى الأمر من الله سبحانه وتعالى للملائكة بالسجود لآدم عليه السلام، الملائكة هي فيما هي عليه من إيمان بالله سبحانه وتعالى، هي تعيش حالة الخضوع المطلق لله تعالى والطاعة التامة لله جل شأنه، حكى الله سبحانه وتعالى ما وقع، قال جل شأنه: (وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون)، الملائكة بكلهم، بكل مستوياتهم، لأنهم مستويات متعددة، الملائكة هم على مستويات حتى في مقامهم عند الله وفضلهم عند الله، ولطبيعة دورهم ومكانتهم ومجالات عملهم كذلك، كلهم، يعني ما منهم من أحد تعنت عن أمر الله سبحانه وتعالى ولا حاول أن يتنصل عن ذلك ولا يقدم تبريرات للتمنع من ذلك لأنه من الملائكة الذين هم على مستوى أعلى أو على مستوى أعظم أو غير ذلك، (فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس.
إبليس امتنع عن السجود، وكانت هذه كما يفهم من النصوص القرآنية كانت هذه هي أول معصية لله سبحانه وتعالى، أول عصيان وأول مخالفة لتوجيهات الله سبحانه وتعالى، إبليس، إبليس ذلك العابد الموجود في السماوات المتعبد بين أوساط الملائكة وبين صفوف الملائكة كان له موقف مختلف، إبليس استكبر، إلا إبليس استكبر، عصى الله سبحانه وتعالى بسبب الاستكبار، المعصية بحد ذاتها هي استكبار، تعنت وتمنع عن أمر الله سبحانه وتعالى، وكل مخلوقات الله ليس لها إلا أن تطيع الله سبحانه وتعالى، ليس لها الحق أن تمتنع عن طاعة الله فيما يأمر به، إبليس استكبر، يعني عصى الله سبحانه وتعالى تكبرا، اعتبر أنه لا يليق به، أنَّ هذا حطٌّ من مقامه، حط من مكانته، حط من اعتباره وقدره أن يسجد لآدم.
إبليس استكبر يعني عصى الله سبحانه وتعالى تكبراً، اعتبر أنه لا يليق به أن هذا حطٌ من مقامه حطٌ من مكانته حطٌ من اعتباره وقدره، أن يسجد لآدم وأن يُؤمر بالسجود لآدم ( إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) كفر بذلك حين رفض أمر الله سبحانه وتعالى وتعنت على الله وعصى الله سبحانه وتعالى، وهذه انتكاسة كبيرة جداً وتحوّل سيء للغاية من مقام عظيم من العبادة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى لدرجة أنه التحق بالملائكة هناك في السماوات وأصبح بين أوساطهم وفي ذلك المقام المقدّس من العبادة لله سبحانه وتعالى بين صف الملائكة تحول إلى كافر، إلى عاصي، وهذا بالتأكيد كان مفاجئ للملائكة عليهم السلام وسبّب لخصومة بين أوساط الملائكة وبالتأكيد أن الملائكة استغربت منه تفاجئت بموقفه، خاصمته ناقشته حاولت أن تُعيده إلى أن ينتبه إلى رشده، إلى أن يراجع نفسه ولهذا قال الله ( مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ ) يخاطب النبي محمداً ليقول لأولئك الأخرين ( مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) الملأ الأعلى هم هناك الملائكة وإبليس أيام كان بين أوساطهم إذ يختصمون هذه الحالة من الإختصام مابين ابليس والملائكة من حوله، بالتأكيد أنهم فوجئوا بموقفه وانصدموا بأول معصية لله سبحانه وتعالى واندهشوا كيف هذا العابد، هذا الذي تقرب هذا الذي التحق بصف الملائكة كيف يتصرف هذا التصرف، كيف يعصي أمر الله كيف لا يستحي من الله أين عبادته لآلاف السنين؟ كيف لم تقربه من الله سبحانه وتعالى؟ كيف لم تزكي نفسه؟ كيف لم تعزز في وجدانه وفي روحه الإنكسار لله الخضوع لله الطاعة لله التسليم لله؟، كيف فجأة يظهر على هذا النحو من التجرؤ على الله من العنت من السوء حالة سيئة جداً ظهر في نفسه حالة سيئة جداً، ظهر بعيداً عن الحالة التي يفترض بمن بقي يعبد الله آلاف السنوات الحالة التي يفترض أن يكون عليها الحالة الروحانية الحالة الإيمانية الحالة الكبيرة من الانشداد نحو الله، من التعظيم لل،ه من المحبة لله، من الخضوع لله سبحانه وتعالى، فكيف ظهر على نحوٍ مختلف وكأنه ليس بذلك العابد وفي ذلك المستوى من العبادة وفي ذلك الجو الجو العجيب جو روحاني جو في السماوات بين أوساط الأعداد الهائلة من ملائكة الله في جو الذكر الدائم لله والتسبيح الدائم لله والإقبال الدائم إلى الله سبحانه وتعالى كل تلك الحالة الروحية كيف اختفت فجأة من باطن هذا المخلوق من وجدان هذا الكائن، وكيف تغير كل هذا التغير تغير وانعكاس وانقلاب في حالته بشكل عجيب، هذا يدل على أن خللاً ما كان موجوداً وكامناً فيه لم يصلح بتلك العبادة على مدى ذلك الزمن الطويل ولم يتغير أبداً، بل إن ذلك الخلل لربما تفاقم وتعاظم وكبر مع الوقت.
إذن ماهي المشكلة ماهي مشكلة إبليس ؟! كيف لم يستفد كيف لم يزكوا كيف لم ينتفع بذلك الجو العبادي بذلك الزمن الطويل من العبادة بذلك الجو الروحاني والإيماني الذي كان يعيش فيه لزمن طويل جداً مشكلة إبليس كانت هي الكبر هي أنه بالزمن الطويل الذي عبد الله فيه وذكر الله فيه وعاش فيه في جو العبادة بذلك المقام الرفيع بين أوساط الملائكة لم تزكو نفسه الذي كان يعظم فيه لم يكن الله من خلال عبادته لله.. نفسه كانت هي التي تعظم.. كان يشعر بأنه يكبر يكبر كان يكبر في نفسه، الاتجاه الصحيح إلى الله سبحانه وتعالى في العبادة والطاعة والقربه بشكل سليم بشكل صحيح بتوجه صحيح أنه كلما زاد قربك من الله كلما استقمت أكثر كلما عبدت الله أكثر كلما مضى بك الزمن وأنت في الاتجاه السليم من العبادة والقربة إلى الله، أن يعظم الله في نفسك أن تزداد شعورا بالخشوع لله بالخضوع لله بالتضاؤل أمام الله سبحانه وتعالى، أن تصغر دائما عند نفسك وأن يعظم الله سبحانه وتعالى في نفسك، إبليس كان يستشعر أنه يكبر يكبر ينتفخ كما البالون ينتفخ ينتفخ إلى أن قرح قرح في يوم من الأيام.. هذه الحالة من الشعور بالكبرياء والعظمة وجنون العظمة أو التضخم النفسي والتضخم الذاتي تفاقم وبرز وكبر إلى أن أتت مرحلة الاختبار التي كشفت ذلك وجلت كل ذلك واتضح بها كل ذلك لأن الله يختبر عباده سواءً من الجن أو من الإنس الكل في مقام الاختبار، وقد تخضع لحالات الاختبار في مراحل حياتك الاختبار المتنوع في كل مرحلة من مراحل حياتك يختبرك الله اختبارا تجاه جانب معين.
قد يأتي لك اختبار تجاه الجانب المعنوي، قد يأتي لك اختبار يلامس جانبا معينا لدى نفسك، اهتماما معينا لدى نفسك، نقطة حساسة في نفسك تتنوع الاختبارات في مراحل الحياة وفي الطريق “إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين” ولم ينفع فيه نصح الملائكة له ولا خصامهم معه ولا ماكان بينه وبينهم من النقاش والجدال والأخذ والرد، في الأخير كلمه الله سبحانه وتعالى.. الله تكلم مع إبليس قال له قال الله “يا إبليس مامنعك أن تسجد لما خلقت بيدي” ماهو المانع لك أن تسجد.. الله يخاطبه لما خلقت بيدي.. أي لما خلقه الله ليس صنيعة لإله آخر أو لكائن آخر أو أن الله سبحانه وتعالى أوكل مهمة خلقه إلى أحد من الملائكة لا.. خلقه الله ونفخ فيه من روحه.. كائن خلقه الله وكرمه الله سبحانه وتعالى “لما خلقت بيدي استكبرت أم كنت من العالين قال أنا خيرمنه خلقتني من نار وخلقته من طين”.. حاول أن يناقش الله وحاول أن يجعل لنفسه الحق في عصيانه لله وتعنته على الله وأنه هو المصيب وأن الله هو المخطئ.. لاحظوا حالة الضلال التي وصل إليها هذا الكائن هذا المخلوق حالة رهيبة جدا من الضلال والباطل.. فإذًا أصبح له مشكلة هي مشكلة التكبر.. التكبر والغرور والعجب بذاته والتعالي على الله سبحانه وتعالى وعلى أمره والمعصية لله سبحانه وتعالى من منطلق أنه يعتبر نفسه المصيب ويعتبر أن الله هو المخطئ.. إبليس بعد هذه المشكلة وبعد هذه الورطة التي وصل فيها لمعصيته لله سبحانه وتعالى الله جل شأنه طرده من السماوات ومن ذلك المقام الذي هو فيه.. “قال فاخرج منها” طرده طردا بشكل مهين له “اخرج منها مذموما مدحورا” .. برع طرده من السماوات وأنزله منها ولم يسمح له بالبقاء فيها لأن السماوات ساحة مقدسة لايسمح فيها بتواجد العصاة “قال فاخرج منها فإنك رجيم” الله سبحانه وتعالى طرده منها وجعله على الدوام مطرودا لايسمح له بالعودة إليها فإذا حاول في أي لحظة من اللحظات أن يعود إليها يرجم يرجم بالشهب وكانت هذه إهانة كبيرة له ومثلما تحول من حالة الطاعة إلى حالة المعصية طرد من ذلك المقام العظيم والرفيع والمهم بين صفوف الملائكة ليكون كائنا لاقيمة له لا احترام له لا شرف له لا فضيلة له لا قدسية له بل كائنا مذموما مخذولا مطرودا رجيما خاسئا ذليلا سيئا استبدل القدسية بالسوء أصبح سيئا وأصبح رجيما أصبح كذلك استبدل القربة إلى سبحانه وتعالى والمكانة العالية بين صف الملائكة بماذا؟.. كما قال سبحانه وتعالى”وإنك عليك لعنتي إلى يوم الدين” أصبح ملعونا مطرودا من الساحة المقدسة في السماوات ومطرودا من مكان القربة إلى الله سبحانه وتعالى وملعونا مطرودا من رحمة الله، ملعونا بمعنى مطرودا من رحمة الله سبحانه وتعالى لايرحمه الله أبدا.. بعيدا عن رحمة الله، لا يناله أي خير من الله أبدا.. كل تدبير الله معه من منطلق أن الله سبحانه قد طرده من الرحمة وطرده من المحبة لايحظى بالمحبة من الله ولا بالرحمة من الله ولابخير من الله .. كل تدبير الله معه على أساس غصب الله عليه.. تدبير يزيده فيما هو فيه من الابتعاد عن رحمة الله من الولوغ في الشر في السوء في الرجس في الابتعاد عن الخير في الابتعاد عن الطهارة في الابتعاد عن الصلاح فلايزداد إلا سوءً ولايزداد من الله إلا مقتا ولايزداد إلا شرا ولايزداد إلا ابتعادا عن كل ماهو خير وشرف وفضل والعياذ بالله” وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين”.. يعني يبقى ملعونا ومطرودا من رحمة الله سبحانه وتعالى إلى يوم القيامة يوم الحساب يوم الجزاء ليلقى آن ذاك حسابه وجزاءه ويكون مصيره إلى جهنم ليكون هو في النار كبير أهل النار أعوذ بالله ويتحول في هذه الحياة إلى رمز للشر، رمز للفساد، رمز للجريمة، يكون هو قائد المطرودين من رحمة الله وكبيرهم كبير أهل الرجس، أهل المعصية، أهل الشر، أهل الفساد، أهل الطغيان، أهل الإجرام، كبيرهم هو.
لاحظوا هذه الحالة من أوساط الملائكة في السماوات إلى هذا المستوى الذي انحط إليه وسقط فيه وهوى إليه والعياذ بالله.. طبعا هذه الحالة التي وصل إليها جعلته يحمل حقدا فظيعا جدا وعداء شديدا لمن؟.. لآدم وبنيه لأنه يعتبر أن سبب مشكلته هذه هي آدم وبني آدم.. هي الإنسان أن الذي سبب له لأن يخسر هذه المكانة وهذا المقام المقدس بين الملائكة في السماوات وإلى أن يصبح خاسئا ومطرودا ومخذولا ولاشرف له ولاقدسية له وهومتكبر.. لاحظوا مع كبره وتكبره هو يريد أن يبقى شيء كبير ومهم هناك.. هذا الكائن استكبر عن أن يسجد لآدم ويريد ان يبقى هناك كبير وضخم عسر هناك، لكن النتيجة كانت نتيجة معاكسة لقد فقد كل مكانة وكل شرف لا تبقى المسألة في حدود أنه يتنازل على حسب مايراه هو هو يظن هو ويتوهم هو بالسجود لأدم لم يبقى له أي شرف أصلا أي مكانة أصلا أي قدر أصلا أي اعتبار أصلا ونزل إلى أحط مستوى ، الى أحط مستوى، وفقد كل شي، هذاك التضيخام الذي فيه والتكبر والتعالي، لم يبقى له أي أعتبار نهائيا هوحمل حقدا شديدا جدا ، إضافة إلى ذآلك أصبح مطرودا من رحمة الله ، وأصبح مصيره إلى غضب الله إلى جهنم والعياذ بالله ، وخسر كل شي كل ما يأمله ويريده ويبتغيه من علو المكان والرفعة والاعتبار والقدر وعلو المنزلة، فقد كل شي وأصبح مطرودا ورجيما وخاسئا والعياذ بالله ومذموما ومدحورا و ملعونا ولا يحظى بالاحترام، ولا يحظى بالاحترام، حتى لا بين أوساط الملائكة ولا بين أوساط الجن حتى منهم في صف الشيطان لا يحترمونه إ صلا الآن مثلا العصاة من البشر هم محسوبون على أنهم في صفه وأنهم من حزبه ولكن في نفس الوقت لا يحظى باحترام حتى بينهم ولا بين أوساط حزبه ،الكل من بني أدم يهود ونصارى ومسلمين ووثنيين كل البشر يلعنون الشيطان يلعنون إبليس ولا يحظى بأي احترام لدى أحد فهو لا يحظى بالاحترام لا بين أوساط البشر ولا بين أوساط الجن ولا بين أوساط الملائكة والنظرة اليه بين الكائنات المفكرة والمدركة أنه كائن رجيم ملعون رجس خبيث يتسم ويعرف بخبثه برجسه بعصيانه بسوئه مذموما لدى الجميع لا يحظى بأي احترام لدى الجميع أبدا، فعنده حالة من العداء الشديد جدا جدا جدا وهو حقود مخلوق ناري قريب من أن يحقد وأن يحتفظ بحالة شديدة من الحقد ولذلك لاحظوا بعد أن طرده الله سبحانه وتعالى قال له وأن عليك لعنتي الى يوم الدين كان له طلب معين قال ربي هو يعترف بالله يعترف بالجنة والنار وبربوبية الله على كل الخلق يقول لله ربي يا ربي يذعن بعبوديته لله يقر يقر بعبوديته لله وأن الله رب لكل الكائنات والمخلوقات وإبليس هو يعرف بالله وبقدرته وبعلمه وعظمته وعزته وهو أيضا يؤمن بالجنة والنار بالإقرار يعني يقر ويعرف هذا يعرف إن هناك جنة ونار وبعث وحساب وجزاء يعرف بهذا المسائل بكلها، ولكن معرفة لم ينتفع بها الكثير من الناس يعرف يقر لك بالله وملائكته ورسله وكتبه ويقر لك أيضا بالجنة والنار والبعث والحساب لكن إقرار لم ينبني عليه إيمان ولا تأثير في النفس ولا في العمل ولا في الاستقامة قال ربي يدعو الله دعاء هذا أنظرني يعني أمهلني لا تعاجلني بالموت والهلاك فأنظرني إلى يوم يبعثون يعني أتركني مهلة أعيش الى يوم القيامة قال فانك من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم الله أمهله من منطلق غنى الله سبحانه وتعالى الله غني يعني لا يشكل بقاء إبليس على قيد الحياة أي خطورة على الله ولا أي مشكلة لله ولا أي تأثير على الله هو الغني الحميد والقوي العزيز والعلي العظيم جل شأنه فماهناك أي تأثيرات يمكن أو خطورة يمكن أن يشكلها باستمرار إبليس في الحياة لزمن طويل قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم بمعنى أن الله أعطاه فسحة إلى يوم الوقت المعلوم هنا يختلف المفسرون على يوم الوقت المعلوم البعض يقول أنه يوم القيامة ويقولون بناء على ذلك بأن إبليس سيبقى على قيد الحياة حتى تقوم القيامة ثم يموت مع الكائنات التي تموت أول ما تقوم القيامة، البعض يقول لا قد يكون هذا يوما قبل يوم القيامة الله أعلم الذي يظهر من خلال النصوص القرآنية أنه سيعمر زمنا طويلا وأن المهلة هذه مهلة طويلة، هو بعد ذلك قال يعني إبليس فبعزتك هو هنا يقسم وأقسم بعزة الله لأنه يعتبر أنهُ قسم كبير قسم كبير وهو حاقد يعني يُريد أن يقسم على ما سيسعى لهُ قسم لكن قسم كبير قال فبعزتك لاحظوا هذا الكائن عارف عارف بالله وعارف حتى بعزة الله لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين وهو هُنا يقسم أنهُ سينتقم أشد وأقسى انتقام من بني آدم فما هو هذا الانتقام هو يعتبر أن أخطر وأقسى ما يمكن أن يفعلهُ ببني آدم بهذا الإنسان هو الإغواء لهذا الإنسان إذا تمكن من إغواء هذا الإنسان فإنهُ بذلك يكون قد انتقم منه أشد انتقام يمكن لأنه سيودي به إلى الشقاء في الدنيا وإلى جهنم جهنم يوصلهُ إلى جهنم وبهذا يعتبر نفسهُ انتقم اقسى انتقام.
وفعلاً هذا يعتبر أخطر أخطر مايمكن أن يفعلهُ بالإنسان أن يسبب لهُ ما يوصلهُ إلى جهنم والعياذ بالله وسخط الله في الدنيا والآخرة وهو هنا يستثني إبليس استثنى في قسمه يعني لجل لايحلف فجر قال إلا عبادك منهم المخلصين بمعنى أنهُ هناك من لا يقدر على إغوائهم هناك من لم يتمكن من إغوائهم ولا من السيطرة عليهم ولا من الإيقاع بهم بما يوصلهم إلى جهنم الذين عبدوا أنفسهم لله واخلصوا أنفسهم لله سبحانهُ تعالى، الله سبحانهُ وتعالى قال (فالحقُ والحق أقوله لأملأن جهنم منك ومن تبعك منهم أجمعين) بمعنى أن هذا لا يؤثر على الله شيئا حينما يتمكن إبليس من إغواء أعداد كبيرة من البشر من بني آدم هذا لن ينقص على الله من ملكه مثقال ذرة ولن يؤثر على الله بشي ولاً يضر الله بشيء، إنما سيتجلى جبروت الله وقدرتهُ وعذابهُ وبطشهُ بتعذيبهم قال (قال فالحق والحق أقول) وقد يكون هذا أيضا قسم من الله سبحانه وتعالى لأملان جهنم يعني قبلك أنت وهؤلاء الذين يمكن أن يتبعوك أن تستغويهم لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين مصيركم جهنم وقبلكم جهنم.
نُتم إن شاء الله ما بقي من الحديث لأنه مايزال هناك الكثير من الحديث حول هذا الموضوع في المحاضرة القادمة إن شاء الله، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُجيرنا ويجيركم من تأثيرات الشيطان وكل الشياطين من الإنس والجن وأن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه إنهُ سميع الدعاء وأن يتقبل منا ومنكم في هذا الشهر الكريم صيامنا وقيامنا وصالح الأعمال وأن يكتبنا في هذا الشهر الكريم من عتقائه ونقذائه من النار، نسألهُ أيضا أن ينصر شعبنا المظلوم ويرحم شهدائنا الأبرار وأن يشفي جرحانا وأن يفك أسرانا إنهُ سميع الدعاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.