نص: المحاضرة الرمضانية الثامنة للسيد عبد الملك الحوثي ( ان الشيطان لكم عدو ) 1438هـ.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم برضاك عن أصحابه المنتجبين وسائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال في هذا الشهر الكريم.
قبل أن نبدأ بالحديث في سياق مواضيعنا التي نتحدث عنها في المحاضرات الماضية نعلن بعض المواقف من بعض المستجدات التي طرأت:
أولا: نستنكر ونشجب القرار العدائي للكونغرس الأمريكي لنقل سفارة أمريكا في فلسطين المحتلة إلى القدس، ونعتبره موقفا معاديا للإسلام والمسلمين، ويأتي في سياق الدعم والتبني للكيان الإسرائيلي الصهيوني الغاصب.
ثانيا: نستنكر ونشجب الاعتداءات الإجرامية التي استهدفت مرقد الإمام الخميني رحمه الله والبرلمان في إيران ونتقدم بالعزاء والمواساة إلى أسر الشهداء وإلى الشعب الإيراني المسلم وقيادته الرشيدة.
ثالثا: نستنكر ونشجب الاعتداءات اليومية بالقتل والتخريب والتدمير والتهجير التي يمارسها النظام السعودي بحق الأهالي المظلومين في العوامية ونؤكد تضامننا الإنساني والأخلاقي معهم ومع كل المظلومين في المملكة وفي المنطقة وفي العالم.
ونأتي الآن للحديث في سياق الموضوع الرئيسي للمحاضرات الماضية، وهو الخطر الشيطاني، عن خطر الشيطان ومن معه من شياطين الجن والإنس، هذا الخطر الذي يصل إلى الدرجة التي تحدث عنها القرآن الكريم في قول الله سبحانه وتعالى: (وشاركهم في الأموال والأولاد)، النشاط الشيطاني في امتداداته وتأثيراته يصل إلى هذه الدرجة، إلى المشاركة في الأموال وفي الأولاد، المشاركة في الثروة البشرية، سواءً في الرجال في الناس، في الرجال والنساء أو حتى على مستوى المال، المشاركة في المال مشاركة واسعة جدا، وكثير من الأموال ومبالغ هائلة جدا من الأموال وفي هذا الزمن بشكل كبير هي تصب في الاتجاه الذي يريده الشيطان، يعني كثير من الأعمال الإجرامية تُمول، تصب فيها كثير من المبالغ والإمكانات المادية، والمال يشمل كل الإمكانات المادية، تُمول كثير من الجرائم، تُمول كثير من الممارسات السيئة والانحرافات، المفاسد أيضا، المفاسد الأخلاقية، وأنشطة كثيرة جدا هي أنشطة إجرامية أو أنشطة مفسدة أو مضلة تمول، أكثر الأشياء هي تحتاج إلى تمويل، أكثر الأشياء أكثر الأنشطة، ولربما كل الأنشطة في حياة البشر تحتاج إلى إمكانات، الإمكانات هذه تحتاج إلى المال، وتعتمد بشكل رئيسي على المال، فالشيطان يصبح شريكا في كثير من الأموال من خلال تمويل كثير من الأنشطة والجرائم والمفاسد بها، فلذلك يمكن اليوم أن نقول أنه يصبح شريكا أساسيا في ميزانيات ضخمة لكثير من الدول ولدى الكثير من المؤسسات والمنظمات وكل التشكيلات التي لها أنشطة إجرامية أو إفسادية أو تضليلية تمول وتعتمد على التمويل المالي، شريك، شريك لدول، شريك لمؤسسات، شريك لشخصيات في مالها، حيث تسخر الكثير من الأموال في الوجهة التي يريدها الشيطان، فالشيطان لا يحتاج إلى أنشطة استثمارية مباشرة، إبليس لا يحتاج إلى أن ينشئ له أنشطة استثمارية ليمول أنشطته، لا، هو يستفيد من الأموال الموجودة لدى البشر، ما يحتاج إلى أن يعمل له شركة، شركة إبليس الكذا وكذا، التي لها أنشطة اقتصادية حتى يستطيع أن يقوم بعملية التمويل، لا، كل أنشطة تمول من دون تعب، ولا وجع رأس، يعني ما يحتاج إلى نشاط خاص به حتى يحصل على إمكانات اقتصادية يمول بها مشاريعه الإفسادية والتضليلية والإجرامية، ونشاطه في حياة الناس نشاط واسع من سفك الدماء والجرائم والبغي والاعتداءات والظلم إلى المفاسد الاقتصادية والنهب والسرقات والغش والابتزاز إلى آخره، إلى المفاسد الأخلاقية من التدنيس ونشر المفاسد وتفكيك الأسر إلى آخره، أنشطة واسعة ومتنوعة ومتعددة، فإبليس لم يحتج لتمويل أنشطته في كل المجالات، المجال الثقافي والفكري، التضليل فيه، المفاسد الأخلاقية الجرائم البغي، والظلم والاعتداءات، في كل هذه لم يحتج إلى نشاط اقتصادي لتمويل أعماله، ولم يحتج لأن يبيع ويشتري ويعمل أنشطة مباشرة في هذا المجال، يجي معه مفرش في كل سوق، دكان أو بقالة هنا أو هناك تابعة لإبليس لتمويل أنشطته، لا، يعتمد في هذه المسألة على الشراكة في أموال كل الذين يستجيبون له، فيدفعهم هم إلى الإنفاق، ينفقوا، ينفقون أموالا كثيرة ولا يقصرون في ذلك وباندفاع كبير، يعني عندما تلحظ كما قدم النظام السعودي لترامب عندما أتى في زيارته الأخيرة إلى المملكة، كم دفع؟ مئات المليارات، مئات المليارات التي ستدفع إلى أمريكا هل هي في فعل خير ومصلحة عامة للأمة وللإسلام والمسلمين وللشعب في المملكة، لا، ليست لفعل خير ولا لطرف خيِّر، إذا دُعم بهذه الأموال وامتلك هذه الأموال كان ذلك في محله وفي مكانه المناسب، لا، ليس الأمر كذلك، فإذن إبليس لا يحتاج إلى أي نشاط ذاتي على المستوى الاقتصادي لتمويل أعماله وتصرفاته وسياساته وأنشطته، لا، هو يدفع لهؤلاء البشر إلى أن يمولوا هم وأن ينفقوا هم على تلك الأعمال الإجرامية، ولاحظوا هذا مؤسف، هذا مؤسف جدا بالنسبة للإنسان، لأن الإنسان هو يدفع الثمن أيضا، الشيطان يغويه، والإنسان أيضا يدفع ثمن هذه الغواية، ثمن هذه الغواية، ويدفع ثمنا ويدفع أموالا كثيرة على ما يتحمل به الوزر وعلى ما يتحمل به العذاب، ولهذا يأتي التعبير القرآني عن هذه الحالة للإنسان وهو يشتري العذاب، كل من يدفع من البشر مالا في غواية أو في دفع باطل أو في ارتكاب إثم هو يشتري بها عذابا لنفسه، أليست هذه خسارة، خسارة، أنت تشتري من جهنم، تدفع لأن تشتري من عذاب الله، تدفع لأن تحصل من عذاب الله في ناره، في جهنم، أنت تدفع أحيانا لأن تنال عذابا إلهيا عاجلا في الدنيا لأن عذاب الله جزء منه في الدنيا والجزء الأكبر منه والعذاب الأكبر والأبدي في الآخرة، فالإنسان هو بنفسه يأتي ليدفع، قد يدفع على المستوى الشخصي، قد يدفع على المستوى الجماعي من ميزانية دولة، من ميزانية مؤسسة من ميزانية منظمة، تاجر كبير، مجموعة دول أحيانا، تمول هي، تمول عدوانا أو إثما أو بغيا أو إجراما أو إفسادا في الأرض، مشروع عملي واسع يدخل ضمنه الكثير والكثير من الجرائم والمظالم والمفاسد، يترتب على ذلك إثم كبير وعقوبات كبيرة، وشاركهم في الأموال فتكون أنت متدخلا في هذه الأموال في ماذا تصرف حتى في الأولويات والاهتمامات وتدفع هذه الأموال في هذا السياق، والأولاد، الكثير يعني من الناس سيوجهون ويحركون، الطاقة البشرية الكبيرة، العديد البشري الناس، جيوش، بشكل جيوش بشكل قوى عاملة، قوى عاملة في أي مجال، في المجال الإعلامي، فالشيطان أصبح مستفيدا من ذلك كله، من الثروة البشرية في شقها العددي، الجيوش الأفراد، القوى العاملة، وفي شقها المادي، الإمكانات الفلوس، مختلف أنواع الإمكانات، لو نأتي إلى إمكانات عسكرية، إمكانات اقتصادية، إمكانات إعلامية إمكانات متنوعة، يشاركهم في الأموال والأولاد، فأصبح شريكا في القوى العاملة، في الجيوش تُشغل حيث يريد أن تشغل، حيث يدفع أن تشغل، حيث يحرك أن تشغل، حيث يوسوس ويزين أن تشغل، وفي القوى الإعلامية، معه حصته من الإعلاميين والإعلاميات والقوى الإعلامية، من يتحدثون ويشتغلون ليل ونهار في نفس الاتجاه الذي يريده، إما التضليل وإما الإغواء، (وشاركهم في الأموال والأولاد)، يعني ما يحتاج إلى أن يصنع له صناعة خاصة وأن ينتج له كائنات جديدة، لا، بيشتغل بالحاصل بالبشر أنفسهم وبأموالهم ذاتها، يمتد أيضا هذا النشاط كما قلنا في كل الاتجاهات ومن أبرزها ومن أهمها النشاط العسكري، له اهتمامات عسكرية واسعة، وكثير من المفاسد في هذه الحياة، والانحرافات في هذه الحياة تُدعم وتكون مدعومة عسكريا، وتستند إلى قوة جبروت وهيمنة وتسلط، هذا يثبتها ويفرضها كمسارات مهابة في هذه الحياة، له شغله في هذا الاتجاه، ويحرص على أن ينشط في التعبئة العسكرية لقوى الشر التي تعمل لصالحه، وحكى الله لنا جزءا من هذه الأنشطة، قال جل شأنه: (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم)، وقال: (لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم)، هذه عملية تحريض للمقاتلين الذين سيقاتلون من أجله، في خدمته فيما يفيده في مواجهة الحق في مواجهة الدين في مواجهة الإسلام، في مواجهة الهدى، ويزين لهم ذلك ويشجعهم على ذلك، ويسعى إلى رفع معنوياتهم وتحريضهم وتعبئتهم والتخويف أيضا، يسعى على اللعب مثل ما يعمل عمله على الإغراء، أيضا يلعب لعبته في التخويف، (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم)، يقول الله سبحانه وتعالى: (وخافوني إن كنتم مؤمنين)، لا تسمحوا ولا تفتحوا مجالا لأن تكون محطة تأثير الشيطان في إثارة المخاوف، وهكذا له نشاطه الواسع الذي يمكن أن نوجزه في أنه يتجه في اتجاهين، النشاط الشيطاني له شكلان:
الشكل الأول: الدفع بنا كبشر والدفع أيضا بالجن أيضا في عالم الجن، الدفع لنا والسعي معنا لدفعنا للتعدي لحدود الله ومخالفة الله فيما نهانا عنه من نواهي، مثل ما نهى الله أبانا آدم عليه السلام عن أكل الشجرة فأتى لدفعه إلى أكلها وزين له ذلك وقدم له صورة مغلوطة عن الموضوع لتحفيزه لذلك وتغريبه فيه، فهذا نشاط واسع يشمل جوانب كثيرة، كل المفاسد وكل المظالم وكل المنكرات هي في هذا الاتجاه، التي نهانا الله عنها فيأتي هو لدفعنا إلى فعلها والتورط فيها.
الشكل الآخر: المعصية لأوامر الله، نحن في ميدان هذه الحياة وفي مقام المسؤولية فيها مخاطبون من الله سبحانه وتعالى بأمر ونهي، هنا كما أمرنا به، وهنا كما نهانا عنه، ما أمرنا أن نعمله من التزامات عملية من مسؤوليات من أعمال مهمة في هذه الحياة ذات قيمة ذات أهمية، ذات صلة بصلاح حياتنا واستقرار حياتنا، ذات صلة باستجابتنا لله وتعبيد أنفسنا لله سبحانه وتعالى، وهناك ما نهانا الله سبحانه وتعالى عنه من المعاصي من المظالم من المفاسد، من المنكرات، فالشيطان يعمل إما أن يورطك في المنكرات والمعاصي والمفاسد في أي نوع منها، أي نوع يمكن أن تستجيب له، قد تكون إنسانا متنزها ومترفعا عن الدنس وعن السقوط في الرذائل والمفاسد الأخلاقية، ولكن لديك طمع مادي مثلا، ما عنده مشكلة، ما عندك قابلية أن تتورط في الزنا في الفساد الأخلاقي في تلك الرذائل، خلاص تركك من هذا الجانب، دفع بك إلى حيث أنت تميل، مثلا في المطامع المادية، عندك طمع مادي، طماع تريد الثروة بأي حال من الأحوال، بأي أسلوب بأي طريقة، دفعك من هذا الاتجاه، أو أنت مترفع في هذا الجانب، لكن أنت إنسان كبير النفس ولديك أيضا طموح ونزعة للاستعلاء وتريد أن يكون لك اعتبارك المعنوي وصاحب قرار وسلطة ونهي إلى آخره، دخل إليك من هذا المدخل فيدفعك إلى أن تعتمد على وسائل هي وسائل عصيان لله سبحانه وتعالى، وسائل هي غير نظيفة غير سلمية، إلى آخره، ما عندك تقبل في هذا ولا عندك استجابة في هذا الجانب خلاص سلم معك وخطى معك في أن تكون ملتزما بترك المفاسد بترك المعاصي، بترك المظالم هذه وأن تكون إنسانا ملتزما في العبادات الروحية، عندك التزام بالصلاة والصيام والزكاة والحج ان استطعت إليه سبيلا، ولكن سيأتي لك من نافذة أخرى ويطلك عليك منها ويحاول أن يؤثر عليك هي أن تقعد عن أوامر من أوامر الله سبحانه تعالى، أنت لم تقبل بأن تزني أو تسرق أو تشرب الخمر أو تمارس أيا من تلك المفاسد والرذائل وعندك عزم والتزام في صلاتك وصيامك وزكاتك وحجك ان استطعت إلى آخره، لا بأس، يمشي معك في هذه الأمور ويأتي لك من اتجاه آخر، كيف تتنصل عن مسؤوليات أخرى في الحياة، عن واجبات أخرى في الحياة، فلا أنت تريد أن تجاهد في سبيل الله ولا أنت تريد أن تنفق في سبيل الله، لا أنت تريد أن يكون لك موقف ضد المنكر ضد الباطل، تنهى عن المنكر وتأمر بالمعروف، تنطلق في شق المسؤولية في هذه الحياة، أمامك شق المسؤولية، جانب كامل من الدين، في هذه الحياة مظالم في هذه الحياة مفاسد، في هذه الحياة قوى شر تمارس الجبروت ضد عباد الله، كم يحصل في كل يوم على يدها من جرائم متنوعة وأشكال متنوعة من البغي والعدوان، عليك أوامر، عليك مسؤولية، وهناك أوامر من الله سبحانه وتعالى تأمرك أن يكون لك موقف منها ومن ذويها، فتأتي المسؤولية علينا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله وأن نحمل الهم تجاه عباد الله ألا يظلموا، ألا يقهروا، أن نقف موقفا من المتسلطين عليهم فيأتي ليقعدك عن هذه المسؤوليات، إذا أقعدك عن هذه المسؤوليات أنت هنا تعصي الله لأن أمامك أوامر ملزمة من الله مئات الآيات مئات الأوامر والتوجيهات من الله سبحانه وتعالى التي تأمرك بأن يكون لك موقف في هذه الحياة من الظالمين من المفسدين من من المستكبرين الطغاة ليس هناك في دين الله ولا هناك مجال أن تكون حياديا بين الخير والشر تقول أنا سأحايد لن أكون مع الشر ولن أكون مع الخير أن تكون حياديا بين الحق والباطل تقول أنا سأحايد لن أكون مع الباطل وفي نفس الوقت لن أكون مع الحق، أن تكون حياديا بين الظلم والعدل تقول أنا لن أكون في صف الظلم ولن أكون في صف العدل أنا أريد أن أكون في هذه الحياة محايدا لا أتحمل مسئولية ولا أدخل في مشكلة وليس لي موقف من أي أحد في هذه الدنيا ولا تجاه أي موضوع في هذه الدنيا ولا أريد أن أتحمل أي مسئولية تجاه أي شيئ في هذه الدنيا يعني كن جمادا إذًا أو صخرة أو شيئا آخر، لا يمكن أنت إنسان، أنت متحمل للمسئولية، عليك مسئولية كبيرة في هذه الحياة، إما أن تكون في جانب الخير وإلا فأنت تلقائيا في جانب الشر قعودك، صمتك، استسلامك، تنصلك عن المسئولية، لصالح من؟ لصالح المفسدين الظالمين المجرمين الذين يفيدهم هذا يفيدهم أن يكون الآخرون متنصلون عن المسئولية ثم ماذا ستعمل مع الآيات القرآنية التي أمرك الله فيها بالجهاد والجهاد ضد من ؟ ضد الظالمين المستكبرين المعتدين المجرمين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسئولية تعنينا تجاههم بالتأكيد فإقعادك عن جانب المسئولية نجاح للشيطان عليك نجاح كبير ونافذة خطيرة ينجح فيها مع الكثير من الناس الذين عليهم أن يتأملوا كتاب الله جيدا، ينجح الشيطان مع الكثير من الناس ونجح مع الكثير من الناس في إغوائهم وإضلالهم ويوم القيامة تتجلى الخسارة الكبرى للكثير من البشر، يوم القيامة نحشر جميعا في ساحة المحشر أمام الله سبحانه وتعالى وتقف البشرية بكلها منذ آدم إلى آخر إنسان خلقه الله سبحانه وتعالى، في مقام الحساب والجزاء يتجلى كم هناك من أعداد كثيرة جدا تمكن الشيطان من إضلالها وإغوائها يتوجه الله يوم القيامة بخطابه وندائه لبني آدم (ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن أعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون) يتحسر الكثير من البشر ويندم كل الذين تمكن من إضلالهم وإغوائهم حينما يرون أنفسهم في مقام الخسران الكبير والهلاك الكبير حيث الموعد موعد كل الذين تمكن الشيطان من غوايتهم وإضلالهم ولم يتوبوا إلى الله ولم ينيبوا إلى الله ولم يصلحوا في هذه الدنيا ماتوا على غوايتهم وهلكوا على ضلالهم، كلهم موعدهم النار العذاب الأبدي إلى جهنم والعياذ بالله.
القرآن الكريم يحكي لنا مشهدا من أهم المشاهد في يوم القيامة هذا المشهد سيكون بعد انقضاء الحساب، تبدأ عملية الحساب على المستوى الفردي على المستوى الجماعي على المستوى العام للبشرية بعد انجاز عملية الحساب يتحدد من هم إلى النار ومن مصيرهم إلى جهنم والعياذ بالله، ويميزون عمن مصيرهم إلى الجنة فالأنبياء ومن في خط الأنبياء من الصالحين المؤمنين من الناجين من الفائزين يميزون لحالهم ويمتاز المجرمون والهالكون والضالون والغاوون والمنحرفون مع الشياطين مع الشيطان كبيرهم إبليس لحاله في جنبه وجانب من المحشر في ساحة الحساب قبل الذهاب إلى جهنم ولكن بعد إنجاز عملية الحساب وتميز كل اتجاه وكل طرف إلى أين سيتجه يلقي إبليس كلمته مع كل أولئك الذين كان قد تمكن من إغوائهم حيث سيجتمعون أمامه أمام ذلك الذي أغواهم الذي أوصلهم على ذلك المصير السيئ إلى جهنم والعياذ بالله فماهي تلك الخطبة؟.. القرآن الكريم حكى لنا عنها يقول الله سبحانه وتعالى”وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ”.. لما قضي الأمر الحساب اكتمل تحدد مصير كل إنسان إلى أين وحسم هذا المصير.. حسم ماعاد في المسالة لا مراجعة ولا أخذ ولا رد.. ” إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ “.. وعدكم الله وعد الحق وعدكم على أعمالكم الصالحة في الجنة وتلك هي الجنة وبات مصير الذين استجابوا لله وأطاعوه إليها ووعد بالنار وتوعد بها من عصاه وتعنت عليه وأطاع إبليس.. بات الأمر واضحا بات المصير محسوما ومحددا ولا إشكال فيه ” وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ” الأماني الغرور الخداع وعوده في الدنيا وعوده حتى في الآخرة يمني البعض.. ماهي مشكلة الله غفور رحيم سيكن أن يكون هناك إما شفاعة أو مخرج أي اعتبارات “ووعدتكم فأخلفتكم” كل الوعود الشيطانية تلاشت ” وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ”.. أنا لم أجبركم لم أكسركم في طريق جهنم في طريق الخطأ وفعلا الشيطان ما أجبر أحدا ولا كسره كسرا للعصيان ” وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي”.. يقول الشيطان أنا ما غصبت أحد ل أحد يصيح عليّ ولا أحد يزعل فقط دعوة دعوتكم.. وهذا الذي يعمله الشيطان يدعو يوسوس يكذب عليك يزين لك لكنه لايملك القدرة على ان يجبرك “إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي”.. المشكلة عندكم ” فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم”.. في ذلك اليوم يقول هكذا لوموا أنفسكم أنتم من استجبتم”مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ” لا أعمل لكم أي شيء ولا أنقذكم ولا أغيثكم أنتم متجهون إلى العذاب الدائم والرهيب “وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ”.. يعني أنتم أيضا لن تفعلوا لي شيئا ولن تغيثوني ولن تدفعوا عني شيئا “إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ “.. وهكذا يتنكر الشيطان يتنكر لهم جميعا ويقول لهم لن افيكم بشيء ولن أنفعكم بشيء ولن ادفع عنكم شيئا ولن أغيثكم أي إغاثة وأنا أبرأ منكم واجهوا هذا المصير السيئ هذا المصير الفظيع الذي أنتم متجهون إليه وتحملوا مسؤولية ماوصلتم إليه لأنكم أنتم من استجبتم.. يتنكر لهم هذا بالتأكيد سيكون بالنسبة لهم حسرات وأسف وآلام وغيض شديد وهو يتنكر لهم بعد أن وصولوا إلى ما وصلوا إليه.. الكلام حول الشيطان وأساليبه وما يتصل بذلك واسع جدا وحديثنا في هذه المحاضرة والمحاضرات السابقة لن يستقصي ذلك إنما هو إن شاء الله ذكرى وإنما الحديث في القرآن الكريم واسع والحديث عن النبي صلوات الله عليه وعلى آله واسع الحديث في هذا الأمر واسع ويمكن للإنسان أن يستفيد الكثير الكثير من خلال القرآن الكريم المحاضرات والدروس على آخره بعد كل ما قد تحدثنا في المحاضرات الماضية وفي هذه المحاضرة يهمنا الآن أن نتحدث عن سبل الوقاية لأنها النتيجة التي نريد الوصول إليها.. كيف نحافظ على أنفسنا ونحمي أنفسنا من تأثيرات الشيطان من تأثيرات إبليس وكل أعوانه من الجن والإنس.. هذا موضوع مهم جدا نأتي إلى نقاط وباختصار.
أولا: الإيمان بالله واليوم الآخر.. الإيمان بالله سبحانه وتعالى، كلما ازداد إيمانك بالله كلما ازداد خوفك من الله ومحبتك لله سبحانه وتعالى استشعارك لعظمة الله وحياؤك من الله.. هذه النتائج الإيمانية وهذه الثمرة الإيمانية الخوف من الله والمحبة لله والحياء من الله كلها عوامل تساعد على الطاعة لله والاستقامة على منهج الله والحذر من معصيته مسألة مهمة جدا.. الإيمان باليوم الآخر مسألة في غاية الأهمية.. إيمانك بالجنة والنار والحساب والجزاء وإيمانك بالجزاء بشكل عام أن كل معصية عليها جزاء وستدفع ثمنها في الدنيا والآخرة أبونا آدم دفع فورا ثمن عصيانه ومخالفته أكل تلك الشجرة وبسرعة شقي وأُخرج من الجنة وعانى إيمانك ويقينك بالجزاء على المعصية هذا يساعدك على الالتزام.. مادمت ستدفع الثمن ثمنا خطيرا وكبيرا يساعدك على الالتزام.
ثانيا: الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم ومن كل الشياطين همزات الشياطين وهمزاتهم ووساوسهم وتأثيراتهم وهذه مسألة مهمة الله علمنا إياها في القرآن الكريم وأكد عليه كثيرا في القرآن الكريم وسواء في الحالات والظروف التي يحس الإنسان فيها أنه عرضة للتأثير وأنه هناك شغل عليه للتأثير عليه في حالات الإغراء أو حالة الغضب أو الحالات والمقامات التي تستغل في التأثير على الإنسان مقامات الإغراء النفسي إغراء الشهوة مقامات يمكن أن يكون هناك شغل لشياطين الجن أو شياطين الإنس لإغوائك تبادر إلى الاستعاذة الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم في آية مهمة جدا ينبهنا على ذلك ” وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم”.. وإما ينزغنك من الشيطان نزغ سواء كان هذا في مقام الغضب فسيحاول أن يرفع من وتيرة غضبك ويدفعك للتجاوز في حالة الغضب تلك أو في حالة الشهوة والرغبة النفسية والهوى النفسي والميول النفسية يحاول أن يسعر فيك هذه الرغبات ويزيد من وطأتها عليك لتتجاوز إلى الحرام أو في حالات أخرى حالات الرضى النفسي وحالات المخاوف أيضا كل الحالات التي يدخل من خلالها الشيطان فاستعذ بالله” وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم”.. أيضا في آية أخرى يقول الله تعالى فيها” وقل رب أعوذبك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون”.. ويهمنا هنا أن نوضح معنى الاستعاذة ما معنى أعوذ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. ما معنى “أعوذبك رب من همزات الشياطين”.. أعوذ يعني ألتجئ إليك معتصما ومحتميا بحمايتك وامنعنا بك يارب.. الاستعاذة عي التجاء للاحتماء أنت تلتجئ إلى الله ليحميك بحمايته ليدفع عنك.. التجاء المعتصم اللائذ المستجير الذي يفر إلى الله ليدفع عنه هذا الخطر.. ليدفع عنه هذا السوء ليدفع عنه هذا الشر.. فلذلك كن واعيا بما يعنيه ما تعنيه الاستعاذة ما يعنيه هذا التعبير لتعبر من أعماق نفسك من أعماق قلبك ” أعوذ بالله من الشيطان الرجيم” يعني ألتجئ إلى الله فارا إليه محتميا به ومحتميا بحمايته ممتنعا به ومستجيرا به ليحمين ليدفع عني الشيطان وتأثير الشيطان ووساوس الشيطان ووساوس الشياطين من الجن ومن الإنس.. فهذا معنى الاستعاذة وهذه مسألة مهمة جدا.. الله سبحانه وتعالى أيضا في سورة من أهم السور في القرآن وهي من هدايا الله لنا في كتابه الكريم ومن نعمه علينا.. سورة الناس بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ “.. هذه السورة فيها التجاء قوي إلى الله التجاء كبير التجاء بتضرع.. ” قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ”.. هذا التجاء بتضرع إلى الله سبحانه وتعالى من موقع ربوبيته وإلوهيته وملكه.. أنت يارب وأنت الرب وأنت الإله وأنت الملك ألتجئ إليك أفر إليك أحتمي بك من شر الوسواس الخناس الذي يزرع في صدري حالة الانحراف إلى ماهو عصيان لك.. ولاحظوا هذه السورة من أهم السور التي تصنع عندنا وعيا لأن تعلمنا مسألتين مهمتين جدا المسألة الأولى هي الالتجاء إلى الله والاعتصام به ليحمينا من شر هذا الغزو الذي يغزوا صدورنا هذه التأثير الذي يصل إلى أنفسنا فينحرف بنا نحو المعصية أو الضلال أو الإغواء وهذه مسألة مهم في الالتجاء إلى الله في ذلك لنأخذ حذرنا أيضا لأنه يعلمنا أن هناك مصدرين أو مصدران لهذا الوسواس لأنه علمنا أن نقول من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس”.. أين هو هذا الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس يغزوهم إلى قلوبهم يغزوا مشاعرهم يصنع في قلوبهم التوجهات والميول والدوافع الشيطانية.. الله يقول ” من الجنة والناس”.. لاحظوا يا إخوة” من الجنة والناس”.. هناك موسوسون من الناس وليس فقط من الجنة ” من الجنة والناس” هناك مصادر خطيرة للوسوسة من الناس أنفسهم.. هناك موسوسون كثر ولاسيما في زمننا هذا.. اليوم امتلك الموسوسون في صدور الناس مالم يكن موجودا لدى شياطين الإنس والجن في كل ما مضى من التاريخ ربما.. اليوم البشرية أكثر حاجة وأمس حاجة على الوعي بخطورة هذه المسألة خطورة الموسوسين والمعرفة بالموسوسين في الاجتناب لهم والحذر منهم.. ليس أن تقول” قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ” ثم أنت الذي يبقى متطلعا إليهم مصغيا لهم مستمعا لهم في ليلك ونهارك.. اليوم يا أيه الإخوة ويا أيتها الأخوات والله ينطبق على كثير من وسائل الإعلام ينطبق عليها هذا التوصيف القرآني.. وسائل إعلام موسوسة في صدور الناس من الناس ” من الجنة والناس”.. اليوم بالتأكيد ماهناك قنوات إعلامية من الجن.. لكن من الناس هو هنا حذرنا من الجنة والناس.. اسمعوا وعوا من الجنة والناس.. اليوم الموسوسون في صدور الناس يمتلكون قنوات إعلامية ماكان منها مخصصا للتضليل السياسي والإعلامي والفكري والثقافي.. ماكان منها مخصصا للإغواء ونشر المفاسد الأخلاقية.. اليوم لم تعاني البشرية في كل ما قد مضى من تاريخها مثل ما تعاني اليوم من النشاط الهائل لنشر المفاسد الأخلاقية.. قنوات تنشر هذه القنوات مشاهد خليعة لنشر المفاسد الأخلاقية وتدمير القيم الأخلاقية، العراء والجرائم تنشر اليوم في قنوات كثيرة جداً يجب الحذر من مشاهدة هكذا قنوات أو أي وسائل أخرى في الإنترنت، الإنترنت اليوم فيه الكثير والكثير من الوسائل من المواقع والصفحات المخصصة أو التي لها هذا النشاط تنشر مفاسد أخلاقية وتغوي في الجانب الأخلاقي، فتدنس النفوس وتنتشر المفاسد والزنا والجرائم الأخلاقية إلى مناطق كثيرة من العالم، الى أشخاص كثيرين كانوا قبل أن يتورطوا وأن يصغوا وأن يرتبطوا بوسائل إعلامية من هذا النوع كانوا نزيهين، كانوا شريفين، كانوا طاهرين، كانوا محافظين على أنفسهم من الدنس ومحافظين على أعراضهم وشرفهم من الدنس، ولكن كان الذي جرهم إلى فساد أخلاقي هو متابعة قنوات فضائية نشرت مشاهد مغرية فاسدة مفسدة أو في الإنترنت مواقع على الإنترنت الشباب اليوم والشابات يجب أن يكونوا حذرين جداً منها، أن يحموا أنفسهم منها من البداية، لاتذهب لتدخل إلى موقع في الانترنت فتتطلع إليه فيوسوس في صدرك فيغويك ويضرب فيك القيمة المعنوية الأخلاقية، وزكاء النفس، شرف النفس، طهارة النفس، فيغويك ومع هذا نشاط كبير للتواصل والتعارف وبشكل أعمى وبشكل غير منضبط ينشط مثلا في مواقع التواصل الاجتماعي ينشط الكثير من الشياطين، الذين لهم هذا العمل وهذا الشغل يعمل على الإيقاع بالآخرين إما شيطان يحاول أن يوقع بالكثير من الفتيات يوقعهم في الفساد الأخلاقي أو شيطانة توقع بالكثير من الشباب في الفساد الأخلاقي فتبدأ بالمراسلة التي فيها المراودة والوسوسة والتزيين للمعصية والإغراء بالمعصية حتى الإيقاع في المعصية، هذه اليوم واحدة من أفظع الآفات المنتشرة والخطيرة جدا على الشباب والشابات وعلى الرجال والنساء جميعا، ويجب الحذر منها بشكل كبير والاحتماء منها والحذر منذ البداية منها، فالذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس، اليوم يمتلك الوسائل التي تساعده على ذالك بأكثر من ما قد مضى في تاريخ البشرية.
أيضا الاستقطاب اليوم هناك نشاط مثلاً للجانب التكفيري للاستقطاب والإغواء من خلال وسائل الإعلام والوسوسة في صدور الناس، الوسوسة تحت عناوين دينية، بالتأكيد أهم شيء عند الشيطان أن يغويك تحت عنوان ديني أو غير ديني حتى لدرجة أن تذهب لتنفجر بنفسك في مسجد أو في سوق أو في مدرسة أو في مستشفى أو بين أي تجمع بشري، وأنت تعتبر نفسك أنك تتقرب إلى الله بذلك وتظن أن الحور العين بانتظارك في أقرب لحظة فور أن تنفجر هن في حالة استقبال، الشيطان يهمه أن يغويك والذي يوسوس في صدور الناس اليوم يمتلك وسائل إعلام متنوعة يمتلك الصحيفة يمتلك الكتاب يتحرك بالقلم يتحرك بالمذياع يتحرك بالقنوات الإعلامية يتحرك في الانترنت يتحرك في مواقع التواصل الاجتماعي، فإذًا الله سبحانه وتعالى في سورة الناس وهي من أهم السور، التي يجب أن نستفيد منها وأن نعيها وأن ننتفع بها لأنها يا إخوتي كما قلت وكررت علمتنا مسألتين مهمتين أولاهما الالتجاء إلى الله والتجاء بتضرع ووعي وإدراك لخطورة هذه المسالة، قل أعوذ برب الناس ملك الناس اله الناس التجئ إليك وأنت ربي ورب كل الناس وأنت إلهي وإله كل الناس وأنت الملك ملك الناس جميعا التجئ إليك بربوبيتك بملكك بإلوهيتك أن تحميني أن تحمي صدري أن تحمي قلبي أن تحمي نفسي من كل التأثيرات الشيطانية، سواءً كانت من خلال جنً أو انس وبكل وسائلهم وأساليبهم وعناوينهم ؛ ثم عملياً عملياً لا تجلس تشخر في قناة فضائية فيها مضل أو مغوي، من يضلك ثقافيا أو سياسيا أو كذلك أخلاقيا تبقى متطلعا إليه تعطيه سمعك وبصرك وتفتح له قلبك ثم أنت تعتبر نفسك أنك لن تتأثر ما يدريك أنك لن تتأثر قد تتأثر، شُبه على المستوى السياسي قد تؤثر عليك وخصوصا أن الكثير ينقصهم الوعي إلى حد كبير جدا أو شبه على المستوى الديني وتحت العناوين الدينية قد تؤثر عليك فتتحول إلى داعشي تكفيري متزمت متعنت متحجر غبي صم بكم عمي تصبح آله شيطانية بطريقة أخرى، أو قد تخسر زكا نفسك، طهارة نفسك، وتفسد وتخسر شرفك، عرضك، حصانتك، منعتك الأخلاقية، تتحول إلى إنسان مائع تافه حقير متدنس تدنس شرفك وأخلاقك تتورط في الرذائل والمفاسد الأخلاقية،أو قد تنمى عندك حالة الطمع المادي والإفساد المادي هو اليوم من أخطر وسائل الإفساد الكثير اليوم رخيصون يبيعون ذممهم، يبيع ولائه يشترى بالمال ليتولى طرفا شيطانيا أو ليقف موقفا باطلا أو لينحاز في صف الباطل فيقاتل في صف الباطل فالاستعاذة بوعي بالله سبحانه وتعالى من الشيطان الرجيم من همزات الشياطين، كل شغلهم الذي يعمد إلى التأثير على نفسيتك وتوجهاتك بالإغراء أو حين الغضب أو حين المخاوف أو في لحظة من اللحظات، حتى المخاوف هي واحدة من الوسائل التي يحركها يرجف عليك يخيفك يجعلك تتنصل عن المسؤولية أو لا تثبت في موقف حق أو إلى آخره أو تخنع لباطل وتخضع لطاغية أو مجرم فالاستعاذة هي مسألة مهمة علمنا إياها الله سبحانه وتعالى ويجب أن نستفيد منها وبوعي أيضا.. أيضا ثلاثة الوعي بخطورة الشيطان والاستحضار لذلك في الذهن في كل الأحوال المهمة يعني تنبه على أن هناك عدو يعمل على إغوائك ولديه أنصار شياطين من الجن والإنس لاتغفل عن هذه المسألة وفي كل الحالات التي تستدعي ذلك إذا أنت في حالة غضب فتذكر أن هناك الشيطان وسيحاول أن يستغل هذه الحالة فكن متنبها لايستغويك أثناء غضبك إذا أنت استثارت في نفسك وتحركت في نفسك الرغبات سواء رغبات الطعام أي شهوة ورغبة تحركت فيك الشهوة الجنسية إلى غير ذلك تذكر أن هناك عدوا سيسعى إلى إغوائك فتنبه وخذا احتياطك وانتباهك وهكذا أي لحظة من اللحظات التي قد يدخل فيها الشيطان على الخط شيطان من شياطين الجن أو شيطان من شياطين الإنس تنبه وتحذر ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى” إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ”.. الذين اتقوا قد يستهدفهم الشيطان في مثل هذه الحالات عند حالة غضب عند الحالة التي تتحرك فيها الغريزة غريزة النفس رغبة جنسية رغبة طعام رغبة شراب رغبة راحة أي رغبة من الرغبات فيأتي الشيطان كما قلنا ويدخل على الخط ويبدأ يوسوس ويحاول أن يستميل الميزة الإيجابية عن الذين اتقوا هي التذكر لا يعيشون حالة الغفلة الدائمة حتى يتورط في المعصية ثم يتبرأ الشيطان منه ثم ينتبه على حسب تعبيرنا المحلي يصكع برأسه.. لا يتنبه قبل السقوط ما قبل الوقوع، أول ما يدخل الشيطان على الخط يوسوس يزين، تخرج المسالة عن سياقها الطبيعي هذا يتضح لك قد تتحرك فيك رغبة من الرغبات مثلا الرغبة الجنسية أول ما يخرج تفكيرك عن الوضع الطبيعي عن التفكير في زوجتك مثلا أو التفكير إذا لم تكن قد تزوجت في أن تتزوج واتجهت خواطرك نحو الحرام خلاص الوضع لم يعد طبيعيا أعرف هنا بدأ يدخل الشيطان أحذر من البداية فإذاً تذكر انتبه لا تتجه فتغرق في التفكير نحو الخطأ نحو المعصية نحو الانحراف لا أنتبه وتذكر وأضبط وضعك ولا تدخل حتى فيما قبل ذلك مثل البعض الذي قد يبدأ ليلبي هذه الرغبة من خلال الدخول في وسائل إعلام سيئة ومشاهدة مشاهد خليعة أو مغازلات أو رسائل سلبية أو غير ذلك لا.. اقطع طريق الشيطان من بدايتها وسنأتي إلى نقطة مهمة أيضا في هذا الجانب (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان) بدأ الشيطان يتدخل أو يدخل على الخط في أي لحظة من لحظاته التي يركز عليها لحظة غضب لحظة شهوة لحظة رغبة أي لحظة من اللحظات تذكروا عرف ما هذا الوضع طبيعي عرف أن الشيطان بدأ يدخل على الخط فإذا هم مبصرون انتبه وأخذ حذره واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم وصرف نفسه وذهنيته عن ذلك الاتجاه الخاطئ وإخوانهم إخوان الشياطين جماعتهم قد تأثر بهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون يعني يدفعون بهم أكثر ويجرونهم أكثر ويغرقونهم أكثر بدون أي تقصير لايألون جهدا في ذلك حتى يوقعونهم في العصيان والعياذ بالله، فالشيطان يدخل على الخط لكن ويوصلهم إلى الأمور السيئة والعياذ بالله، فالانتباه الوعي بالخطورة الاستحضار في الذهن التذكر عند اللحظات الحساسة.
رابعاً : الحذر من الانجرار وراء خطوات الشيطان: الشيطان عنده استراتيجية مع أبن آدم هي أسلوب الخطوات يعني الشيطان مثلا لو يطرح لك بعض المواضيع منذ اللحظة الأولى هو يعرف أنك لن تقبل ذلك نهائيا ولكن يجرك شيئا فشيئا خطوة خطوة أسلوب من أهم الأساليب الشيطانية استراتيجية الشيطان مع الإنسان هي هذه الخطوات أسلوب الخطوات خطوة فحطوة فقد يأتي كيف يوصلك مثلا إلى جريمة الفساد الأخلاقي قد لو طرح عليك المسألة وسوس لك بها من اللحظة الأولى قد تنفر نفسك لايزال فيك الإيمان لايزال فيك الحياء، لاتزال عند العفة، لايزال عندك الشرف، عندك عوامل تتحصن بها، عندك حواجز تحتمي بها ولكن يبدأ بتدنيس نفسك شيئا فشيئا، مغازلة مشاهد خليعة، أشياء لها مردودها السلبي في تدنيس نفسك، في ضرب زكاء نفسك، في تحطيم هذه الحواجز، كيف يحطم عندك حاجز الحياء شيئا فشئيا ويروضك قليلا قليلا كيف يضرب فيك الحمية والغيرة والشرف والمرؤة شيئا فشئيا خطوة فخطوة وهكذا حتى يصلك إلى المفاسد الأخلاقية أو الانجرار مع أهل الباطل علاقات تتنمى هذه العلاقات إلى هدايا إلى إغراءات مادية إلى مكاسب إلى صداقة زائدة إلى تأثير كلمة تدخل كلمة تخرج حتى تصل إلى الانضمام إلى صفهم عوامل كثيرة، الإصغاء إلى ضلالهم إلى منابرهم الإعلامية والثقافية شيئا فشيئا أشياء معينة هي عبارة عن خطوات الله يقول ( ولاتتبعوا خطوات الشيطان) لا تتبعوا خطوات الشيطان يتكرر هذا في القرآن الكريم فإنه يأمر بالسوء والفحشاء (إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله مالا تعلمون) فإذًا مادام وأنت عرفت استراتيجية الشيطان فاعرف كيف تحاربه، كيف تواجهه كيف تحتمي منه أحذر من خطواته لاتتجه معه ولا تتحرك معه ولاتنجر معه في الخطوة الأولى لأنك ستنجر بعدها للخطوة الثانية بعد الخطوة الثانية الخطوة الثالثة حتى يوصلك إلى حيث لم تكن أنت تتوقع أبدا أن تصل، أحذر الله ينبهنا بهذا يعلمنا بهذا هو الرحيم بنا لا تتبعوا خطوات الشيطان وأنت إذا حذرت منه من الخطوات الأولى ستحتمي فيما عداها من الخطوات وسيبقى الفاصل والحواجز والسدود كبيرة فيما بينك وبين الوقوع في المهالك والعياذ بالله.
خامسًا : الأخذ بأسباب الرعاية والتوفيق الإلهي وعوامل الصلاح والزكا هذه مسألة مهمة هناك من الأعمال ماتزيدك صلاحا وتزيدك طهرا وتزيدك هداية وتزيدك توفيقا وإقبالا إلى الله ونفورا من المعصية وكرها للفسوق وكرها للعصيان ومقتا للرذائل والمفاسد، هذا يعطيك حصانة كبيرة جدا الصلاة القيمة وليس أي صلاة الصلاة القيمة الصلاة التي تشدك إلى الله الصلاة التي تطهر نفسيتك “إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر” الإكثار من ذكر سبحانه وتعالى هذا مهم جدا الجهاد في سبيل الله بإخلاص إذا لم يكن بإخلاص لن يفيدك ولن ينفعك لو وقفت أي مواقف وعملت أي عمل وهكذا، الإحسان الإٌحسان وما أدراك ما الإحسان، الصدقات التي هي بإخلاص وبدون رياء ولا مقاصد أخرى، كثير من الأعمال أرشدنا الله إليها هي سبب للمغفرة سبب لزكاء النفس سبب لطهارة النفس سبب لأن يحيطك الله بالهداية بالتوفيق بالتسديد الاهتمام بالقرآن الكريم بتدبر بتأمل، مجالس الذكر، مجالس الصلاح، المساجد التي فيها خير وليس فيها مضلين أما مساجد الضلال والضرار فهي خطيرة جدا وخطورتها رهيبة للغاية يجب الحذر منها وهكذا، الأخذ بأسباب الرعاية والتوفيق الإلهي وعامل الصلاح والزكا وهي مجال واسع تشمل كل الأعمال الصالحة وإن كانت تتفاوت في ذلك.
سادسًا: الوعي بأن الله أغنانا عن الحرام يعني لاحظوا قصة آدم عليه السلام الله أعطاه جنة كاملة فيها العيش الواسع والرغد الكافي ما يلبي كل احتياجاته (إن لك أن لاتجوع فيها ولا تعرى وأنك لاتظمأ فيها ولا تضحى) يتوفر له كل المطالب والاحتياجات من ملابس من طعام من شراب أحل الله لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث الطيبات كل الطيبات أحلها لنا وحرم علينا الخبائث، فيما أخل مايغني ويكفي ويلبي حاجتك أنت كإنسان صحيح عندك حاجة غريزية حاجتك الجنسية هي غريزة فيك وتحتاج إلى أن تلبيها لكن بالحلال تزوج إذا لم تكفك الأولى تزوج بالثانية وحسن علاقتك بزوجتك بما يلبي حاجتك منها هي كذلك الزوجة تكتفي بزوجها وفي الحلال مايغني عن الحرام ويصون من الحرام بشرف كذلك في المأكولات في المشروبات في الحلال مايغني عن الحرام أضف إلى ذلك في كل شئون الحياة لنعي جيدا أن للحرام والعصيان مغبة فظيعة وثمن باهظ لايستحقه والله لايستحقه لو لم يكن إلا جهنم جهنم، يعني ما هناك من الحرام ما يستحق أن تضحي فيه ولأجله بعلاقتك بالله وإيمانك وشرفك وطهارتك وصلاحك ونبلك وعدلك وقيمك وإنسانيتك وتضحي بالجنة وتدخل جهنم من أجله، المعاصي لها ثمن ثمن عاجل في الدنيا وثمن آجل في الآخرة ذكر نفسك بهذا حتى لا تخسر الخسارة كبيرة جدا، ومن آخر مانذكر به قول الله سبحانه وتعالى (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) كلما رسخت في نفسك العداء للشيطان والشياطين كلهم، من الجنة والناس كلما احتميت من تأثيرهم في الإغواء والتضليل وفي سائر ذلك، هذه النقاط والعناصر فيها إن شاء الله ما يفيدنا جميعا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحمينا من تأثير كل الشياطين من الجن والإنس أن يوفقنا لما يرضيه عنا إنه سميع الدعاء أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال وأن يكتبنا في شهره الكريم هذا من عتقائه ونقذائه وطلقائه من النار والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .