عندما لا تثيرك الأحداث التي يقوم بها أعداء الإسلام فأعلم بأنك تائه.
برنامج رجال الله اليومي.
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
لا عذر للجميع امام الله صـ5ـ6.
الكثير الذين لا يعرفون وضعيتنا هذه، ولا يعرفون أين موقعنا أمام الله سبحانه وتعالى، إنه موقع تحت موقع اليهود والنصارى، إن كنتم تفهمون هذه، تحت اليهود والنصارى؛ لأننا أضعنا، والزيدية بالذات تقع المسؤولية الكبرى عليهم أكثر من غيرهم، هؤلاء الذين نتحدث معهم ثم يستغربون كل ما نقول، الذين نتحدث معهم ثم يروننا نتحدث عن شيء لا أساس له؛ لأننا أصبحنا الآن نعيش في حالة من التّيه كما عاش بنو إسرائيل، بنو إسرائيل عاشوا بعد أن قال لهم نبيهم موسى: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}(المائدة:21) فرفضوا، قالوا في الأخير: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}(المائدة: من الآية24) {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ} (المائدة:26).
عندما ترى نفسك أنك لا تتعقل ما يقال لك، أنك لا تهتم بما يُطرح أمامك، أنه لا تثيرك الأشياء هذه التي تشاهدها في الساحة العالمية فاعلم بأنك تائه، أنت واحد من التائهين، أنت واحد ممن ضربت عليهم الذلة والمسكنة.
الله عندما ضرب الذلة والمسكنة على بني إسرائيل، بنو إسرائيل هم اختارهم الله ألم يختارهم هو، ألم يصطفيهم هو؟ ألم يقل: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}(البقرة: من الآية47)؟ ألم يقل موسى لهم: {وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ}(المائدة: من الآية20) ألم يقل الله عنهم: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (الدخان:32).
ألم يقل هكذا؟ ثم لماذا ضرب عليهم الذلة والمسكنة؟ {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}(البقرة: من الآية61) كانوا يقتلون الأنبياء يكذبون بآيات الله فقال: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}.
فمَن عصى مَن اعتدى ستضرب عليه الذلة والمسكنة، فمن فرط في المسؤولية.. نحن عندما فرطنا في مسؤوليتنا كعرب، ونحن عندما فرطنا في مسؤوليتنا كزيود أصبحت جريمتنا أكبر من جريمة اليهود والنصارى. ومن العجيب أن الكثير منا يظنون أننا نتجه إلى الجنة وليس صحيحاً، ليس صحيحاً أننا نتجه إلى الجنة. العالم منا يقول: هي دنيا وهي أيام وإن شاء الله نموت وندخل الجنة. والآخرين يقولون ما هي الا دنيا وكيف نسوي وهي كذا… وندخل الجنة بعد أيام.. لا.
يجب على الناس أن يلتفتوا بجدية إلى واقعهم، وأن ينظروا إلى ما حكاه الله عن بني إسرائيل، بنو إسرائيل اختارهم الله، واصطفاهم، وفضلهم، ولكنهم عندما فرطوا في المسئولية وعندما قصروا وتوانوا، وعندما انطلق منهم العصيان والاعتداء ضرب عليهم الذلة والمسكنة.
وعندما يقول الله لـك في الـقرآن الكـريم: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} هو ليقول لك وللآخرين بأنك وأنت إذا ما عصيت واعتديت، إذا ما قصرت في مسؤوليتك، ستُعَرض نفسك لأن تضرب عليك الذلة والمسكنة، وأن تَـتِيه كما تاه بنو إسرائيل من قبلك.
الشيء الواضح أمامنا جميعاً هو أن إسرائيل مهيمنة على العرب، أليس كذلك؟ هو أن اليهود والنصارى يستذلون المسلمين، أليس كذلك؟. أليس واضحاً؟ نرجع إلى القرآن الكريم، ألم يقل الله عن اليهود والنصارى بأنه {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ}(آل عمران: من الآية112)؟ ألم يقل هكذا عنهم في آيتين في القرآن الكريم أنه ضرب عليهم الذلة والمسكنة، إذاً فلماذا نحن أذلاء تحت من ضُربت عليهم الذلة، ونحن مساكين تحت رحمة من ضُربت عليهم المسكنة؟!. ونحن أيضاً في غذائنا في كل شؤوننا تحت رحمة من قد باءوا بغضب من الله.
ما السبب في ذلك؟ هو أننا فرطنا تفريطاً خطيراً، وقصرنا تقصيراً كبيراً، جعلنا جديرين بأن نكون كذلك وإلا لما كان اليهود يمتلكون هذه الهيمنة، ولما كانوا قد ملأوا الدنيا فساداً. ألم يملأ اليهود الدنيا فساداً؟ ألم يصل فسادهم إلى داخل كل البلاد الإسلامية, إلى كل قرية, إلى كل بيت تقريباً؟ فسادهم الثقافي، فسادهم الأخلاقي، فسادهم السياسي، فسادهم الاقتصادي.
الربا أليس من المعروف أن بني إسرائيل هم كانوا من المشهورين بالتعامل بالربا؟ التعامل بالربا الآن أصبح طبيعياً وأصبح تعاملاً اقتصادياً طبيعياً داخل البلدان العربية كلها، البنوك في البلدان العربية تتعامل بالربا بالمكشوف، والشركات تتعامل بالربا بالمكشوف. ألم يُفسِد بنو إسرائيل حتى العربَ أنفسَهم؟ وحتى جعلوا الربا الذي قال الله في القرآن الكريم وهو يحذر من الربا: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (البقرة الآية 278 – 279) يتهدد بحرب من جهته وبحرب من جهة رسوله لمن يتعاملون بالربا، ثم يصبح الربا شيئاً طبيعياً.
السفور في النساء، تجد النساء في القاهرة وفي معظم العواصم العربية، وبدأ في صنعاء بشكل كل سنة أسوأ من السنة الماضية، أصبح شيئاً طبيعياً، لا تفرق بين المرأة المسلمة وبين المرأة اليهودية، لا تفرق بينهن شكلهن واحد، ثقافتهن واحدة، زيهن واحد، أليس هذا من إفساد اليهود؟.
ثم إذا وجدنا أنفسنا على هذا النحو فإن معنى ذلك بأن مَن هم في الدنيا أذلاء تحت من باءوا بغضب من الله أي أنه قد غضب على هؤلاء أكثر مما غضب على أولئك.
فإذا كان هؤلاء ينتظرون الجنة وهم من غضب عليهم في الدنيا، والغضب من الله لا يأتي هكذا حالة لا أحد يعلمها، آثارها تظهر، الغضب من الله، السخط من الله على عباده على أحد من عباده تظهر آثاره في حياته تظهر آثاره؛ لأن الله قال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (طـه:124).
أليس وضع الأمة العربية وضعاً سيئاً جداً في حياتهم المعيشية، في كل شؤونهم؟ أصبح العربي لا يفتخر بأنه عربي، من هو ذلك الذي يفتخر بأنه عربي؟ هل أحد أصبح إلى درجة أن يفتخر بأنه عربي؟ أصبح العربي الذي تجنس بجنسية أمريكية أو بريطانية يفتخر بأنه استطاع أن يتجنس أن يأخذ الجنسية الأمريكية أنه عربي أمريكي، لكن العربي الأصيل العربي الذي لا يزال عربياً أصبح لا يرى بأن هناك بين يديه ولا في واقع حياته ما يجعله يفتخر بأنه عربي.
لأنهم ابتعدوا عن الشرف الذي قال الله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} يقول المفسرون بأن معناها: وإنه لشرف لك وشرف لقومك أن يكونوا هم من يتحملون هذه الرسالة العظيمة.. أي أن الله أعطى العرب أعظم مما أعطى بني إسرائيل، أن الله منح العرب من النعمة ومنحهم من المقام أعظم مما منح بني إسرائيل في تاريخهم، ولكن العرب أضاعوه سريعاً. ومن بعد ما مات الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) بدأت إضاعتهم لهذه الرسالة التي هي شرف عظيم لهم.
ثم نحن هكذا جيلاً بعد جيل بعد جيل إلى الآن، وفي هذا الزمن تجلى بشكل كبير تجلى بشكل واضح آثار تقصيرنا مع الله سبحانه وتعالى، آثار إهمالنا لديننا، آثار عدم استشعارنا للمسئولية أمام الله، ظهرت آثاره على هذا الشكل المؤسف الذي أصبحنا إلى درجة لا نكاد أن نعي ما يقال لنا.
ارجع إلى القرآن الكريم ثم ارجع إلى الأخبار فانظر أين موقعك؟ من الذي احتل موقعك في العالم؟ هم الألمان والفرنسيون والأمريكيون والبريطانيون والكنديون والأسبانيون وغيرهم، هم من ملأوا البحر من حولك، وملأوا الخليج من حولك، هم من أخذوا مواقع داخل بلادك، هم من أخذوا قواعد عسكرية في أرض الحجاز وفي غيرها!. هذه هي مواقعك أنت أيها العربي، أين؟ مواقعك هناك، كان أنت الذي يجب أن تملأ البحار قواعدك، وأن تملأ البر في أوروبا وأمريكا قواعدك العسكرية لو كنت متمسكاً بدينك، لو كنت تعرف الشرف العظيم الذي وهبك الله إياه.. فلما فرطنا أصبحنا إلى هذا الحال.
أريد أن أقول هذا وأنا على ثقة أن هذا هو الواقع الذي نحن عليه؛ ليفهم أولئك الذين يرون أنه ليس هناك أي شيء، أنه ليس هناك وضعية خطيرة. نحن في وضعية خطيرة مع الله، نحن في وضعية خطيرة جداً مع الله، ونحن في وضعية خطيرة جداً أمام أعدائنا، ونحن في وضعية خطيرة في تفكيرنا وثقافتنا، نحن تحت الصفر، ولا أدلّ على ذلك من أننا نرى أنفسنا جميعاً – بما فينا زعماؤنا – لا أحد منهم يجرؤ على أن يقول كلمة قوية في مواجهة اليهود! أليس يعني هذا أننا تحت الصفر.