اهل بيت النبوة في هذه الامة بمنزلة أنبياء بني إسرائيل.
برنامج رجال الله اليومي.
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
سورة ال عمران الدرس الرابع صـ11ـ12.
عندما تتحرك بعيداً عن حقيقة، يعني ماذا؟ خسرت أنت حقيقة هي في صالحك أنت، ماذا يعني؟ أنت غير مطمئن إليها، وأنت لا تعرفها، ولا تصدق بها في واقعك. الكفر كما قلنا لا يكون شيء يطلع هكذا قرون، أو شعر طوال، أو حاجة تتركز، هو في الداخل، واقع الرفض الذي تعيشه هو حالة الكفر بالحقيقة التي يؤكدها القرآن الكريم.
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ}(آل عمران: من الآية112) يقتلون الأنبياء، سواء من قتل من أسلافهم الأنبياء، فانطلق هؤلاء على تأييد السلف الصالح، هكذا هم، اليهود المتأخرون في زمن النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) ومن بعدهم هم على مسيرة من يسمونهم هم: السلف الصالح لهم، وهم ذلك الخط الذي كان يقتل أنبياء الله، وكان يكذب بأنبياء الله، هم من تمسك بهم أهل الكتاب المتأخرون، فكان حكمُهم حكمَهم.
يقتلون أنبياء الله سواء من باشر القتل، ومن رضي بالقتل، ومن أحب، وتولى من قتل ورضي بالقتل، حكمهم واحد، ((إنما يعم الناس – كما قال الإمام علي – الرضا والسخط))، ((إنما يعم الناس الرضا والسخط {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وإنما عقر ناقة صالح رجل فعمهم الله بعقاب من عنده؛ لأنهم رضوا بفعله)).
{وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} أنبياء بني إسرائيل، لماذا ليس في هذه الأمة أنبياء بعد محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) كما كان في بني إسرائيل أنبياء بعد موسى، يتحركون في إطار الشريعة التي جاء بها موسى (صلوات الله عليه)؟ لأن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) جعل خيار أهل بيته، جعل الكاملين من أهل بيته بمنزلة أنبياء بني إسرائيل في هذه الأمة، جعلهم في هذه الأمة بمنزلة أنبياء بني إسرائيل في بني إسرائيل، وإن لم يكونوا أنبياء؛ يأمرون بالقسط، يعملون على إقامة العدل، فما الذي حصل لهم؟ ألم يقتلوا؟ ألم يقتل علي؟ من قبل من؟ من قبل من يتولاهم العرب جيلاً بعد جيل، معاوية هو المتهم بترتيب عملية اغتيال الإمام علي (عليه السلام) اتهمه بهذا أبو الأسود الدؤلي في أبيات يرثِّي بها الإمام علياً (عليه السلام) وهو معاصر للحدث.
وقتلوا علياً وهو كان لا يزال حياً يوم كانوا يتثاقلون عنه، ويتباطئون عنه، حتى قال: ((اللهم إني قد مللتهم وملوني، وسئمتهم وسئموني، فأبدلني بهم خيراً لي منهم، وأبدلهم بي شراً لهم مني)).
قتلوا قلبه وهو ما يزال ينبض: ((قاتلكم الله)) كان يقول هكذا: ((قاتلكم الله يا أهل العراق لقد ملئتم صدري قيحاً)) ثم قتل بالسيف، قتل فعلاً، واستشهد (صلوات الله عليه)، أليس هذا هو أول رجل بعد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في هذه الأمة من القائمين بالقسط؟ ممن هم بمنزلة أنبياء بني إسرائيل؟.
ثم ماذا حصل؟ قتل الحسن أيضاً من قبل معاوية، وأيده هؤلاء الذين يتحركون في المحاريب، يدعون الناس إلى تولي معاوية، من يقولون: ذلك هو السلف الصالح، فلنمش على سيرة السلف الصالح! وقتلوا الحسين، وقتلوا زيداً، وقتلوا عبد الله بن الحسن، ومحمد بن عبد الله، ويحيى بن عبد الله، وإبراهيم بن عبد الله، وقتلوا فلان، وفلان..، كم! أئمة أهل البيت جيلاً بعد جيل قتلوهم، وشردوهم، وهؤلاء لا زالوا متمسكين بمن قتلهم، يتولونهم، ويسيرون على طريقتهم، ثم يتولون من يتولونه، من بني العباس، من بني أمية، أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعمرو بن العاص، ومعاوية، وعائشة، وكل من تحرك في الحيلولة دون أن يقوم من هم في هذه الأمة بمنزلة أنبياء بني إسرائيل، دون أن يقوموا يأمرون بالقسط في الناس، ويعملون على إعلاء كلمة الله، ويقودون الأمة إلى حيث تؤدي مسؤوليتها، إلى حيث تحظى بالشرف، والرفعة، والمكانة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لها إن قبلتها.
إذاً هذه واحدة، أليست هذه واحدة؟ كانت هذه الأمة فيها كبني إسرائيل، مما يعني أنها أصبحت تسير في طريق ضرب الذلة والمسكنة، وأن تبوء بغضب من الله.
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} واحدة هذه حصلت، {وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} من الذي يستطيع أن يقول في علي بن أبي طالب أنه كان يستحق أن يقتل؟ في الحسن يستحق أن يقتل؟ في الحسين يستحق أن يقتل؟ ماذا عمل؟ ماذا عمل علي (عليه السلام) حتى تخرج عائشة، وتقود ثلاثين ألف جندي لمقاتلة الإمام علي (عليه السلام) ماذا صنع بها علي؟ لاشيء، بغير حق.
يعني: ليس هناك ما يمكن أن يكون في الصورة مبرراً ليأتي هؤلاء الذين يتولون عائشة، ويرفعونها فوق سيدة نساء العالمين، فوق فاطمة الزهراء، وفوق خديجة، يأتون بمبرر حقيقي لعائشة في خروجها تقاتل الإمام علياً (عليه السلام) وتفسد دولة الإسلام، وتدعو الأمة إلى حربه، ما هو المبرر؟ لا شيء، بغير حق، كما قال هنا.
وهكذا أهل العراق عندما لقيوا الحسين وقتلوه، لماذا؟ بغير حق، هل كان يزحف عليهم بجيش جرار، يخافون أن يجتاح مدنهم، وقراهم؟ أم أنه كان مسافراً إلى الكوفة مع مجموعة من النساء والأطفال، مسافراً، يسافر وليس يقود جيشاً، في نفس الوقت, هو مطمئن بأنهم سيصدقون عندما قالوا: [أقدم علينا يا ابن رسول الله فقد أينعت الثمار وقد ظلمنا، وقد، وقد.. الخ] انطلق مسافراً معه نساؤه، وأطفاله، ومجموعة من خدمه، وأعوانه، ثم يلقونه فيقتلونه، بغير حق.
الإمام الحسن قبله قتل، بغير حق، هو بالطبع ليس هناك نبي، أو ولي صالح سيقتل بحق، ليس هذا حاصل، لكن معناه أنه حتى ولا مبرر ظاهري، ولا مبرر ظاهري، هذا هو ماذا؟ باطل الباطل، أوضح الباطل؛ لأنه فعلاً هل يمكن أن يقتل مثل علي بحق؟ لا، هل يقتل نبي من أنبياء الله بحق؟ عندما يقول: بغير حق، يعني: ليس هناك حتى ما يبرر قتله لكم، ولو من منطلق غير صحيح، ولو إعلامياً، أي لا تستطيعوا أن تقولوا كلمة واحدة تصنعونها تبرر في الظاهر، في الصورة أمام البسطاء من الناس قتلكم له.
قتلوا الحسن, نفس الشيء، بغير حق، انتهت الحرب، وتفرق عنه جيشه، اضطر إلى أن يأخذ ما يمكن من الشروط والعهود لأمنهم، وأمن أعراضهم، وبيوتهم، ومعاوية قد أصبح هو الذي اجتاح المنطقة، والمهيمن، عندما تفرق عن الإمام الحسن جيشه، وأنصاره، بعد ذلك كله، وقد قعد في بيته يدس معاوية السم له ليقتله، بغير حق، أليس هذا الذي حصل؟ وهكذا امش إلى آخر الأحداث، التي مرت على أهل البيت، زيد نفسه قتل من غير مبرر، دعوته ظاهرة، والمجتمع يعرف ما وصل إليه، إذاً فلماذا يقتل؟ كلها بغير حق.
وسيظل العرب هكذا، وسيظل زعماء العرب يعملون على قتل من يتحرك ليأمر بالقسط من الناس، ولكن ربما ستصبح المسألة أسوأ وأسوأ بكثير، أن يصل بهم اليهود إلى أن يصنعوا المبرر الظاهري للبسطاء، وللمغفلين من الناس، فيقتلوا ذا، وذاك، بحجة ماذا؟ إرهابي، أليس هذا بحق في الصورة؟ هذا من مظاهر الكفر بعد إيمانكم {يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}(آل عمران: من الآية100) فتصل بكم الحال إلى أن تنطقوا أنتم بالمبرر غير الشرعي، وغير الواقعي لقتل من يأمر بالقسط من الناس، من يتحرك ضد اليهود والنصارى، فتقولون: إرهابي {نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}(المائدة: من الآية52) [ويكلف علينا] ويضرب مصالحنا، إذاً يقتل، إذاً يشرد، إذاً يسجن! وهكذا.
يصبح الناس أسوأ، أسوأ مما عجز عن أن يقوله بنوا إسرائيل أنفسهم حينما كانوا لا يستطيعون أن يأتوا بمبرر ظاهري لقتل نبي من أنبيائهم، أو ولي من أ وليائهم، وحينما كانت هذه الأمة من يتولون أولئك الذين قتلوا من قاموا بالقسط من أهل البيت، لم يستطيعوا أن يأتوا بمبرر منطقي، مبرر يعني: كلامي، كلامي هكذا في الصورة، أمام البسطاء.
[لكن اليهود] قد يصلون بالناس، قد يصل الناس إلى درجة أنهم ينطقون بالمبررات الوهمية، ويتشبثون بها، أليس هذا يدل على أن الأمة قد وصلت إلى ضلال رهيب جداً، حتى أصبحت تبحث عن مبررات ترددها على أفواهها، وعلى مسامع بعضها بعض؛ ليقتل الزعماء من يأمرون بالقسط من الناس، أو يشردونهم، أو يسجنونهم، تحت عنوان: إرهابي، سيضرب مصالحنا؛ لأنه قد أصبحت مصالحنا الوهمية، مصالح وهمية هي المقياس، هي المعيار الذي يجعلنا نقف مع هذا، أو مع هذا، والذي يجعلنا في الواقع – وهي مصالح وهمية، وكلها كلام – يجعلنا في الأخير لا نعدُّ أيَّ قائم بالقسط من الناس ذو قيمة إذا كان سيتعارض معها، ولو كان محمد بن عبد الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، أو علي بن أبي طالب، أو الأئمة من أهل البيت.
ونفس الشيء أن يكون واقع الناس على هذا النحو، وإن لم يكونوا يباشرون قتل نبي ماداموا متولين لمن قتل الأنبياء، هذا بالنسبة لبني إسرائيل، لما كانت نفس الروح السيئة الخبيثة ما تزال قائمة لديهم، ألم يتآمروا هم على قتل النبي (صلوات الله عليه وعلى آله)؟ يعني: كان ما زال حالة قتل الأنبياء قائمة في نفوسهم، فتآمروا، وحاولوا أن يقتلوا النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) بالحجر، وهو يتظلل قرب بيت من بيوتهم، وحاولوا أن يدسوا السم لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
[هذه الحالة أليست عند العرب الآن؟ أليس زعماء العرب الآن] مستعدين أن يقتلوا من يأمر بالقسط من الناس، أليس كذلك؟ لو قام عالم من العلماء ماذا سيعملون؟ يعملون على أن يقتلوه، ألم يعملوا على أن يقتلوا بدر الدين، ويغتالوه في بيته وهو إنما حمل لقب نائب رئيس حزب الحق، وتحرك لإحياء هذا الحزب، ولجمع كلمة الناس تحته؟ حزب، من أجل أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويقوم بالقسط من الناس، ويتحرك أيضاً في إطار دستور وقانون كبقية الأحزاب، ألم ينطلقوا ليعملوا على اغتياله بصاروخ يوجهونه إلى نفس المكان الذي ينام فيه؟ وضربوا بيته أيضاً بالبوازيك فيما بعد؟.