خطورة التولي قضية خطيرة لا يكاد يكون هناك شيء ابلغ من خطورتها.
يوميات من هدي القران الكريم
السيد حسين بدر الدين الحوثي
سورة المائدة الدرس الأول صـ6.
خطورة الموالاة، خطورة التولي، ويمكن فعلاً أن تكون شريكاً لليهود في عملية إفسادهم في العالم. هذه القضية ليست قضية عادية، قضية رهيبة جداً، يأتي الإنسان يوم القيامة فيرى أنه عاش في منزله لم يظلم أحداً، [ولا شل حق أحد] على حسب عباراتنا .. فتأتي يوم القيامة وأنت شريك في إفساد ذلك الإنسان في أقصى الأرض، أقصى مشرق الأرض وأقصى مغربها، وأنت شريك في إفساد كل إنسان داخل هذه المعمورة بكلها، شريك في ظلم كل إنسان.
قضية التولي خطيرة جداً جداً، لا يكاد يكون هناك شيء أبلغ من خطورتها، فتأتي يوم القيامة فتجد كم ملفات من الجرائم أنت شريك فيها، فتقول: من أين هذه؟. هذا الشخص لا أعرف اسمه. ماذا عملت به؟، اسم إنجليزي، اسم فارسي، اسم عربي، مَن هذا؟؛ لأنك توليت من ظلموا الناس؛ ولهذا قال الله هنا: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، ستكون ظالماً، وظلم اليهود أليس ظلماً للبشرية كلها؟.
تأتي يوم القيامة ومعك غُرماء كثيرين جداً، العالمُ كلهُ أسماءٌ أنت لا تعرفها، وجوهٌ لا تعرفها أنت ظلمتها وأنت أفسدتها.
هذا الموقف مما يدفع بالإنسان أن يكون دقيق المراقبة لنفسه في هذا العصر، الذي انتشرت فيه أبواق اليهود في كل بلاد، وسائل الإعلام أصبحت كلها تخدم اليهود، مناهج دراسية تخدم اليهود، صحف تخدمهم، مجلات تخدمهم، كُتَّاب يخدمونهم، من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون، وإن لم تكن خدمة مباشرة أحياناً بالتدريج – كما يقولون – بطريقة غير مباشرة والآثار تُحتسب، آثار الشيء تُحتسب وكأنها هي الشيء نفسه.
ما معنى {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (المائدة: من الآية51)؟. إن الله لا يهدي القوم الظالمين: ليست مجرد تتمة للآية ليتسق الوزن كما هو شأن الشعراء، يختم قصيدته بأي كلمة تناسب القافية. القرآن {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} (هود: من الآية1) القرآن كتاب آياته محكمة {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} إذاً فهو ظالم {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} لا يهديهم إلى أي خير، لا يوفقهم، ولا يهتدون حتى هم إلى كيف يواجهون اليهود؛ لأنهم أصبحوا يتولونهم من حيث يشعرون أو من حيث لا يشعرون، وفي نفس الوقت يضجون منهم، هذا من أغرب الأحداث، ومن أغرب المواقف.