التقوى تعني الابتعاد عما يوقعنا في سخط الله وعقابه.
برنامج رجال الله اليومي.
السيد حسين بدر الدين الحوثي
ال عمران الدرس الثاني صـ11 ـ 12 .
اليهود يعرفون بأنك أنت الذي تفكر بأنك لا تستطيع أن تعمل شيئاً ضدهم أنه متى ما أفسدوا أسرتك، أولادك الصغار. أليس أولادك الصغار من أضعف من تتصور بأنه ممكن أن يعملوا شيئاً ضد إسرائيل؟ أليس هذا مما يتبادر إلى أذهاننا؟ لكن هم يعرفون بأن إفسادهم شيء مهم بالنسبة لهم، وبالنسبة للحفاظ على مصالحهم، وإلى الاستمرار في عملهم في تحويل الأمة إلى أمة كافرة، هم عندما يحرصون على إفساد أسرتك.. أليس ذلك يعني أنهم يعرفون أن إفساد أسرتك هو في صالحهم، أليس كذلك؟.
وهم عندما يعملون على أن تنزل [الدشات] هذه بأسعار رخيصة من أجل كل أسرة يمكن أن تأخذ لها [دُش] فتفسد المرأة: زوجتك، وبناتك، وأخواتك، وأولادك، وكل أقاربك. هم ساهموا معك في قيمة [الدش] حقك فعلا ساهموا بما تعنيه الكلمة. الدش قيمته حقيقة قد تكون مائة ألف مثلا تأخذونه بعشرين ألف, من الذي دفع الباقي؟ الصهيونية هي التي دفعت الباقي نقدا فعلا إلى الشركات المصنعة.
الدش الذي فوق سطح منزلي أو منزلك اشتريته أنا ومن؟ أنا وإسرائيل حقيقة بما تعنيه الكلمة، شراه لي الإسرائيليون، ودفعوا مبلغا أكثر مما دفعت؛ لأنهم يفهمون أن هذه الأسرة متى ما فسدت سيصبح فسادها في صالحهم. لأن المسألة وصلت إلى صراع صراع شامل وليس صراعا في جانب واحد، صراع إعلامي، فكري، ثقافي، سياسي.
أم أنهم يرتاحون جداً لنا، ويريدون أن نعيش حياة مرفهة، ونرتاح جداً فنتفرج على العالم من خلال ما تبثه القنوات الفضائية في مختلف بلدان الدنيا، يريدون أن يقدموا لنا خدمة؟! ما عندنا مثل معروف يقول: [ما قد نصح يهودي مسلم]؟.
هذا قد حصل لآبائنا وأجدادنا، قد جربوا العيش مع اليهود، وعرفوا اليهود، وأنه [ما قد نصح يهودي مسلم]، فاليهودي هو الذي دفع ثلاثة أرباع قيمة الدش الذي فوق منزلك، لأنه عارف أن ابنك عندما يفسد، وابن هذا عندما يفسد، وابن هذا عندما يفسد أن المجتمع مكون من لبنات هي الأسر ومتى ما فسدت هذه الأسرة وهذه، وهذه، وهذه… يعني فسد المجتمع، ومتى ما فسد المجتمع أصبح لا يشكل أي خطورة عليهم، وأصبح ميدانا يمشي عليه كل ما يريد أن يعمموه عليه.
هذا جانب مما تعنيه آية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}(آل عمران: من الآية102) وهي من منظار آخر بعد أن قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (آل عمران: من الآية101) يقدم هو الهداية فهكذا كونوا, هكذا كونوا.
تلحظ في الموضوع جانب المبادرة من قبل الله سبحانه وتعالى أنه لا يتركك حتى تقول: ها نحن اعتصمنا بك، ثم يبحث للهدى إذا عاد معه باقي هدى في [المخزان] هذا أو ذك ثم يقول: خذ هذا, لا.. يهديك، يهديك من قبل أن تفكر في الإعتصام به، وقد قدم الهدى إلى بين يديك ليقول للناس، ليقول للأمة، ليقول لكل من يهمهم أمر الدين وإن كان مجتمعاً صغيراً: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} تحلوا بالتقوى، كونوا متقين لله فيما تعنيه كلمة التقوى من مشاعر الحذر من التقصير فيما أمرنا الله أن نهتم به، فيما يأمرنا الله أن نعمل من أجله. التقوى فيما تعنيه الابتعاد عما يوقعنا في سخطه وعقابه.
ويأتي القرآن الكريم يتحدث عن المتقين، وما وعد الله به المتقين من النعيم العظيم، من الرضوان، ومن المكانة لديه، من القرب لديه، ومن النعيم العظيم الجنة {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ} (المرسلات:41) {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً وَكَأْساً دِهَاقاً لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً} (النبأ:30-36). {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران:133) {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} (القمر:54-55) كم ورد من آيات في القرآن الكريم تبين ما وعد الله به المتقين.
وفي ميدان المواجهة مع أعدائه يأمر المؤمنين بالصبر والتقوى {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا}(آل عمران: من الآية125) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}(آل عمران: من الآية200) التقوى لابد منها، التقوى كحالة نفسية تسيطر على مشاعرنا, الحذر الشديد من أن نقصر، أو نهمل، أو نبتعد عن ما أرشدنا الله سبحانه وتعالى إليه، التقوى فيما تعنيه من انطلاقة في التحلي بالفضائل، من انطلاقة في كل العبادات التي شرعها الله سبحانه وتعالى لنا نؤديها كاملة بشكل واعٍ، نفهم مقاصد الله سبحانه وتعالى، ومقاصد كتابه في تشريعها.
إذا فقد الناس التقوى في نفوسهم في أعمالهم فلن يكونوا أبداً جديرين بنصر الله سبحانه وتعالى، وسيكون أول من يواجههم هو الله، سيكون أول من يضربهم هو الله، متى ما قصروا، متى ما أهملوا، متى ما ضيعوا.
فهنا بدأ يرشد المسلمين، يرشد المؤمنين كيفما كانوا, الأمة بكاملها، أو مجتمعاً خاصاً – وهو الذي يهمنا – إذ يهمنا نحن الآن نتحدث مع الزيدية بخصوصها, لماذا؟ لأنه فيما أعتقد أن بقية طوائف الأمة ميئوس منها فيما هي عليه الآن، وأن الطائفة التي لم تعمل حتى أبسط ما يمكن أن تعمله ولو أن تعمل مثل ما عملته طوائف أخرى ممن فشلت أيضاً هي طائفة الزيدية الذين يجب أن يكونوا هم من يتقوا الله حق تقاته، ويجب هم أن يكونوا أول من يهتدي بكتابه.
ألم يقل الله لأهل الكتاب: {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ}(البقرة: من الآية41) هذه العبارة تعني لا يليق بكم وأنتم أهل كتاب تعرفون الرسالات، تعرفون الكتب أن تكونوا أول من يكفر بهذا الكتاب بالقرآن الذي أنزلته، وبهذا النبي الذي تعرفون أنه نبي كما تعرفون أبناءكم، عبارة {وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ} أي لا ينبغي لمثلكم أن يكون أول من يكفر وهو على ما هو عليه من المعرفة، وبين يديه ما يؤكد أن هذا الذي جاء من جديد ليس بِدْعاً من الرسل، وليس بِدعاً من الكتب.
فالزيدية هم الطائفة الذين يجب أن يكونوا أول من يحمل الاهتمام بأمر الإسلام، الاهتمام بأمر المسلمين، الاهتمام بالعمل لإعلاء كلمة الله، ونحن في وضعيتنا التي نحن عليها ممن يجب أن نكون أكثر انتباها, أن لا يأتينا الموت ونحن غير مسلمين، أو – كما قلت سابقاً – نتصور بأنه ليس هناك شيء يصل إلينا؟ هناك ما يصل إلينا, كل ما يعمله اليهود والنصارى، كل آثاره تصل إلينا.
ثم تواصل الآيات الكريمة في إرشاد الناس إلى ما يكونون مؤهلين به لمستوى مواجهة أعدائه، إلى ما يكونون مؤهلين به إلى أن يحافظوا على أنفسهم من أن يتحولوا إلى كافرين {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(آل عمران:103) تأتي الكلمة: {وَاعْتَصِمُوا}الإعتصام معناه الالتجاء للامتناع بمن التجئ إليه من خطورة بالغة تهددني.
نعتصم بالله متى ما اعتصمنا به فهو سيهدينا، وهاهو يهدينا في آياته المباركة، فيوجهنا إلى أن نعتصم بحبله، بهذا التوجيه الذي يوحي بأن الأمة وهي في ميدان المواجهة إذا لم تكن يقظة ستصبح في مستنقع، ستصبح في هوّة من الضلال، هي فيها أحوج ما تكون إلى شيء تتشبث به فيقول لنا: هذا حبلي تمسكوا به، اعتصموا به لتنجو من هذا الضلال، تنجو من هذه الذلة، تنجو من هذا الخزي، تنجو من أن تتحولوا إلى كافرين.
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً} هو يمثل لنا دينه، يمثل لنا هداه أنه بمثابة الحبل المدلّى من عنده نستمسك به ليرفعنا من مستنقع الضلال، والضياع، والكفر، والذلة، والهزيمة، والجهالة، والحالة السيئة التي تعيشها هذه الأمة.
أليس هذا من أبلغ العبارات التي توحي بعظم رحمته لنا، التي تدل على أن الله سبحانه وتعالى لا يريد لنا أن نُظلم، لا يريد لنا أن نضل، لا يريد لنا أن نضيع لا في الدنيا ولا في الآخرة، فاعتصموا بحبل الله، ولتكن اعتصامتكم بحبل الله اعتصامة جماعية، لابد من أن تتوحدوا، لابد من أن تجتمع كلمتكم، تجتمع كلمتكم على أساس من هدى الله، وفي مجال الإعتصام بحبله الواحد.
لاحظوا أنه لم يأت ليقول: [واعتصموا بحبال الله] ويدلّي حبلاً إلى مصر، وحبلاً إلى اليمن، وحبلاً إلى تونس، وحبلاً إلى الجزيرة، مثل ما يأتي عندما تغرق سفينة في البحر تأتي طائرات الهيلوكبتر وكل طائرة تدلي حبلاً، أو تدلي عدة حبال، أو سلالم من الحبال لتنقذ من يتعرض للغرق في البحر.
الله له طريق واحد، هو الواحد الطريق إليه واحدة، السبيل إليه واحد، الحبل الذي إذا استمسكت به الأمة سيرفعها من هوّة الضلال، وهوة الذلة والمسكنة، يرفعها من حالة التعرض إلى أن تكون كافرة تستوجب غضبه وناره هو حبل واحد.