بضعة الطهر النبوي. بقلم/ سعاد الشامي
| مقالات | 17 جماد ثاني/ الثقافة القرآنية:- ترتجف الحروف عندما يبدأ الفكر محاولة الخوض في حديث مختصر عن موسوعة إنسانية بمشاعرها القدسية وسماتها القرآنية ولحظاتها النبوية وتربيتها الربانية وعن مقامها في الدنيا والآخرة، الحديث عن معارج الكمال الإيماني والأخلاقي والتربوي، الحديث عن سيدة النساء، حورية السماء، ثالثة أهل الكساء، ذات العلم والبهاء، ينبوع البذل والعطاء، أصل الجود والسخاء، وموضع الصدق والوفاء، أم الأولياء، ووالدة الشهداء، بنت خير الأنبياء، فاطمة البتول الزهراء صلوات الله وسلامه عليها وعلى أبيها وعلى بعلها وابنيها …
وأنى لكل فطاحلة اللغة، وجهابذة البلاغة، وأمراء الفصاحة، وعمالقة البيان، أن يفوا لها حقا لها او يحيطوا بما حوته خبرا أو يدركوا بكل اخيلة ابداعهم لها قدرا او يصفوا فضيلة من فضائلها وصفا واقعيا يليق بمنزلتها الفريدة ومقامها الذي لا يرام؟!
ولكن لنذهب إلى أبلغ وصف وأصدق قول وأشمل بيان يخصها أخبرنا عنه سيدنا ومولانا رسول الله صلوات الله عليه وعليها وعلى بعلها وبنيها بقوله:
“فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني”
وهو من لا ينطق عن الهوى إن قوله إلا وحي يوحى.
ماذا يعني أن تكون هذه المرأة هي بضعة من الطهر النبوي؟!
ما هو مدلول الحديث السابق وخلاصته وجوهره ولبه ؟!
أليست عبارة “بضعة مني” تدل أنها بضعة من روحه، بضعة من نفسه، بضعة من طهره، بعضة من عصمته، بضعة من رحمته، بضعة من إيمانه، بضعة من علمه، بضعة من خشيته، بعضه من تقواه، بضعة من منهجه، بضعة من أخلاقه، وبضعة من كل سمة من سمات النبي صلوات الله عليه وآله سوى كانت مادية محسوسة أو معنوية خفية؟!
ألا يدل هذا على أن هذه المرأة المطهرة هي بضعة من دين الله، بضعة من هدي الله، بضعة من رسالة الله، بضعة من رحمة الله، بضعة من نعمة الله، بضعة من طاعة الله؟!
ماذا تعني أن تغضب هذه المرأة فيغضب لغضبها سيد الأنبياء وتشاركه ملائكة الأرض والسماء ويغضب مالك الملك وخالق الخلق ومن بيده الحساب والجزاء وله حق القضاء؟!
ألم نفكر في ذواتنا أننا ربما غضب هذه المرأة المكلومة في مرحلة من مراحل حياتها كان قد تحول إلى لعنة أحلت بهذه الأمة وأوصلتها إلى هذا المستوى من الذل والهوان والتيه والتخبط؟!
خاصة وهي بنت من أرسل بالرحمة والخير إلى العالمين وأنجاهم من ظلمات الكفر والشرك إلى أنوار الإيمان والهدى ولم يطلب منهم مقابل ذلك إلا قول الله تعالى “قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى“.
الحديث عن الزكية الزهراء عليها السلام حديث عن المرأة المسلمة الكاملة الفاضلة المجاهدة القائدة المربية المثالية، حديث عن الابنة الحبيبة والزوجة الوفية والأم الحنون، حديث لابد ان يكون منتهاه الاقتداء بعد الثناء و الاتباع والتأسي واقتفاء الأثر، حديث يبدأ في ذكراها عليها السلام ولا ينتهي بمرورها بل يتجدد في كل لحظات اعمارنا ومواقف حياتنا واهداف اعمالنا وغايات تحركاتنا، حديث يظل حيا ماثلا متواجدا في منازلنا مع الآباء والأزواج والأبناء، حاضرا في جهودنا مع مجتمعاتنا وجهادنا في نشر الوعي وثورتنا في وجه كل باطل وضلال.
لقد كانت السيدة الطاهرة الزهراء عليها السلام الثائرة الأولى في وجه الانحراف وكانت خطبتها على منبر أبيها بعد التحاقه بالرفيق الأعلى بمثابة البيان الأول للثورة التصحيحية للعودة إلى مسار النبوة، فسلام على الزهراء وعلى نهجها وثورتها والسائرات في دروبها.