كلمة السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي بمناسبة يوم القدس العالمي 1439هـ
| خطابات ومحاضرات السيد القائد | 22 رمضان 1439هـ/ الثقافة القرآنية:-
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وارض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
شعوبنا الإسلامية في موعد يوم غدٍ الجمعة مع مناسبة يوم القدس العالمي الذي دعا الإمام الخميني رضوان الله عليه الأمة الإسلامية كافة والمسلمين في كافة أنحاء الأرض إلى إحيائه كيوم للقدس، بهدف الحفاظ على القضية حية في وجدان الشعوب، وبهدف أيضاً إحياء الشعور بالمسؤولية تجاه هذه القضية، وبهدف السعي لتنمية الوعي وترسيخه تجاه طبيعة الصراع وما يشكله العدو الإسرائيلي من خطورة على الأمة.
وقضية الأقصى والمقدسات وفلسطين شعباً وأرضاً هي تعنينا كأمة إسلامية بشكل مباشر، وموقع القضية يعبر عنه يوم القدس الذي اختاره الإمام الخميني رضوان الله عليه في شهر رمضان، في آخر جمعة من شهر رمضان، ليكون ذلك بنفسه معبراً عن أهمية هذه القضية وعن موقعها وعن مرتبتها في سلم المسؤوليات، وعن طبيعة هذه المسؤولية باعتبارها مسؤولية إيمانية دينية تتصل بمسؤولياتنا الدينية وبالتزامنا الديني، وجزء من مسؤولياتنا وواجباتنا التي فرضها الله سبحانه وتعالى، فهي فريضة دينية والتفريط بها خلل كبير في التزامنا الديني والإنساني والأخلاقي.
وعندما نعود إلى هذه المسألة ونتأمل جيداً ندرك الأهمية الكبرى لإحياء هذا اليوم والثمرة المهمة لإحياء هذا اليوم، وقد بات الصراع مع العدو الإسرائيلي ومع الأمريكي، بات موقع القضية هذه الأقصى والمقدسات وفلسطين شعباً وأرضاً، بات عنواناً وعلامة فارقة ومعلماً أساسياً لطبيعة هذا الصراع مع ألد أعداء الأمة مع قوى الطاغوت والاستكبار، وبات عنواناً رئيسياً في هذا الصراع له كل هذه الأهمية، ونحن اليوم معنيون كأمة إسلامية، وبالذات ونحن في مرحلة حساسة واستثنائية ومصيرية وفي ظل تصاعد في هذا الصراع وبلوغه إلى مستويات كبيرة وحادة، معنيون بالسعي الدءوب لأن نستوعب بشكل كبير كل ما نحتاج إليه ونحن نخوض معركة الوعي أولاً في هذا الصراع.
الأمة الإسلامية تعاني من حالة تشويش كبيرة وحالة تضليل غير مسبوق وحالة إلهاء رهيبة تهدف إلى إبعاد الأمة عن هذه القضية وتهدف إلى حرف بوصلتها وإلى التأثير عليها، وإنسائها، وإلى إبعادها عملياً عن الاهتمام بهذا الموضوع نهائياً، وهذا نفسه جزء من الصراع وجزء من المعركة القائمة، فأعداء الأمة يتجهون بكل جهد إلى أن لا تمتلك الأمة الوعي اللازم الوعي الصحيح الفهم الصحيح عن طبيعة هذه المعركة، وعن حقيقة هذه القضية وعما تعنيه وعما يترتب على التفريط بها والإخلال بها من نتائج خطيرة جداً تمتد إلى واقع الأمة بكله.
القضية الفلسطينية اليوم ليست قضية منفصلة خاصة بقطرٍ معين، وهي في أبعادها في خطورتها في أهميتها لا تتعدى هذا القطر، ونظرتنا كأمة إسلامية، نظرتنا كمسلمين من العرب ومن غير العرب كمسلمين يجمعنا هذا العنوان وحتى كبشر في موقعها الإنساني كأكبر مظلومية قائمة لها أمد بعيد أمد طويل زمن طويل، نحن معنيون أن ننظر نظرة صحيحة إلى هذه القضية إلى أنها تعنينا من كل الجوانب والأبعاد.
موقع الأقصى الشريف والمقدسات في فلسطين والأقصى الشريف هو مسرى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو معلم مقدس من مقدسات هذه الأمة، وهناك مقدسات أخرى إلا أنه في طليعتها والأهم فيها والله سبحانه وتعالى حينما قدم الربط في كتابه الكريم بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى من خلال عملية الإسراء التي أسرى فيها بنبيه وفي الآية المباركة (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) هذا الربط بين المعلمين المقدسين، المسجد الحرام والمسجد الأقصى، له دلالة مهمة.. دلالة مهمة يجب أن تكون حاضرة في وجدان الأمة في وعي الأمة وفي اهتمام الأمة.. ونحن لو أتينا لنفرط بهذا المعلم المقدس والعظيم، معناه أن الأمة مهيأة للتفريط بأي شيء آخر من مقدساتها بأي معلم آخر من مقدساتها، والمقدسات مسألة هامة في الاعتبار الديني إذا سقطت من واقع اهتمام الأمة معناه أن الأمة تعيش أزمة حقيقية في وعيها الديني، في التزامها الديني، في هويتها الدينية، في انتماءها الديني، في التزاماتها الدينية، ومعناه أن الأمة تفرط بأهم ما يمكن أن يجمعها وأن يوحد صفها وأن يجمع كلمتها وبعامل رئيسي يمكن أن تعتمد عليه كدافع لها نحو القيام بمسؤوليتها ونحو مواجهة الأخطار والتحديات.
الأمة إذا فرطت بقضاياها المهمة وبمقدساتها وبمبادئها وبما يعبر عن هويتها وعن إيمانها معناه أنها باتت أمة ضعيفة منتهية، وتفرغت من حالة الوعي والإيمان والمبادئ والقيم وكل ما يعبر عن أشياء أساسية الأمم إذا تركتها إذا تخلت عنها انتهت واندثرت وتلاشت وباتت بدون هوية بدون أسس، بدون مقومات تحفظ لها وجودها، وتعبّر عن مشروعها وعن هويتها، وعن ما يتصل بمبادئها وقيمها، اليهود أنفسهم هم سعوا إلى أن تكون مسألة المقدسات والمقدس والعقيدة الدينية والمبدأ الديني أن تمثل بالنسبة لهم قاعدة ومنطلق رئيسي، ومنطلقاً رئيسياً يتحركون من خلاله لاحتلال فلسطين، والغرب ساندهم في ذلك بدءاً من البريطانيين الذين كان لهم دور رئيسي جداً في ذلك ثم ورث هذا الدور الأمريكيون، وكان في كل مراحل التاريخ وفي كل المحطات منذ بداية الحركة الصهيونية وإلى اليوم هناك دور آخر أيضاً يتسع ليشمل عدداً من دول الغرب ومن الدول الأوروبية بشكل عام، فهذه القضية لها أهمية استراتيجية،.قضية ارتباط الأمة بها يعني تماسكها والتفافها نحو عملية جامعة، نحو قضية جامعة، نحو مبدأ رئيسي، نحو مسألة تعبر عن هويتها عن دينها عن مبادئها عن قيمها، فلها هذه الأهمية الكبيرة، التفريط بها يشكل خطورة كبيرة جدا، يؤدي إلى أن نصبح أمة لا تجمعها قضية، ولا يحفزها أي شيء مهما كان عظيما مهما كان مقدسا، مهما كان مهما، بالتالي نصبح أمة جاهزة للتخلي عن كل قضاياها عن كل اهتماماتها، وأمة مطوعة وفريسة سهلة لسيطرة أعدائها عليها، ثم أصبحت قضية الأقصى والمقدسات وفلسطين شعبا وأرضا وعنوانا ومعلما أساسيا للصراع مع قوى الطاغوت والاستكبار متمثلة مع أمريكا وإسرائيل ومن يدور في فلكهما.
والصراع اليوم صراع كبير وخطير ومهم وحساس والمسألة فيها ليست مسألة قطعة أرض يتصارع عليها البشر، كل يريد أن يستحوذ عليها، واحد من المسائل هو هذه المسألة، واحدة من نتيجة أو نتائج هذا الصراع أن يسيطروا على الأرض، ولكن المحور في هذا الصراع الذي يتركز حوله هذا الصراع هو أوسع وأشمل وأعمق وأبعد وأكثر حساسية وأهمية، قوى الطاغوت والاستكبار هي تسعى إلى السيطرة علينا كأمة، السيطرة على هذا الإنسان بنفسه، والسيطرة على أرضه ومقدراته، والسيطرة التامة، تصبح السيطرة الجغرافية جزء من العملية، جزء من العملية وليست كلها، ونحن نشاهد اليوم في ساحتنا الإسلامية أن المساحة الأوسع في الاحتلال والسيطرة هي السيطرة على الإنسان، السيطرة الجغرافية لا تزال لحد الآن محدودة، ويمكن للأمة أن تسعى لاستعادتها، وإذا توفرت العناصر الرئيسية التي نحتاج إليها لتحمل هذه المسؤولية فمن السهل جدا أن نتدارك ما فرطت فيه الأمة في السابق، وأن نستعيد كل جزء من أرض أمتنا، ولكن الجانب الأهم والأوسع والأكثر حساسية هو الساحة الإنسانية، الساحة البشرية نفسها، العدو يسعى وحقق نتيجة لا بأس بها إلى حد الآن في احتلال الإنسان نفسه، احتلال فكره، احتلال ثقافته، احتلال نفسيته، التطويع لهذا الإنسان والسيطرة عليه والاستغلال له والاستعباد له، وهذه في ثقافتنا القرآنية الإسلامية الدينية مسألة في غاية الأهمية، الطاغوت هذه هي المشكلة معه أنه يسعى دائما، الطاغوت والاستكبار يسعى إلى هذه السيطرة على الإنسان والاستعباد له والاستغلال له، استغلال له في نفسه وفي أرضه وفي مقدراته وفي ثروته وفي كل شيء، وهذه هي حالة الاستعباد، والقرآن الكريم والدين الإسلامي العظيم هو في أول ما يقدمه لهذا الإنسان أن يحرره في نفسه وفي فكره، وفي واقع حياته، وبالتالي يتبع ذلك أرضه وثرواته وإمكاناته، ومقدراته، ما أعطاه الله سبحانه وتعالى وما خوله فيه، أن يحرره من سيطرة الطاغوت واستغلاله واستعباده واستحواذه، وهذه تمثل رحمة عظيمة بهذا الإنسان وقيمة عظيمة لهذا الدين، قيمة عظيمة للقرآن الكريم، قيمة عظيمة للرسالة الإلهية، ونحن نرى اليوم في ساحتنا الإسلامية من تمكنت قوى الطاغوت والاستكبار من السيطرة عليهم في أنفسهم، في موقفهم في ثقافتهم، في اتجاههم، كيف أصبحوا في حالة عبودية بكل ما تعنيه الكلمة، وفي حالة من الاستغلال السيئ جدا والمهين والمخزي، كأدوات خانعة يتحكم بها الطاغوت والاستكبار ويحركها كيفما شاء وأراد ويستغلها، ويستغلها، فأصبحوا في أنفسهم خولا وعبيدا وأصبحت إمكاناتهم وما بأيديهم وما تحت هيمنتهم من الإمكانات أصبحت كلها في خدمة الطاغوت وفي خدمة الاستكبار الذي نجح في تحقيق ذلك وفي الحصول على ذلك.
لتصفح وقراءة وتنزيل الكلمة كاملة اضغط الرابط التالي:-
كلمة السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي بمناسبة يوم القدس العالمي 1439هـ