محاضرة الخوف والرجاء لله وآخر مستجدات معركة الساحل الغربي – المحاضرة الرمضانية الـ26) للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1439هـ
| محاضرات وخطابات السيد القائد | 29 رمضان 1439هـ/ الثقافة القرآنية:-
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
محاضرة اليوم هي خاتمة لسلسلة المحاضرات الرمضانية التي حرصنا فيها أن نستفيد من خلال النصوص القرآنية والآيات المباركة ما يساعدنا ويفيدنا في تعزيز حالة التقوى التي هي عنوان رئيسي وهدف مهم في عملية الصيام في شهر رمضان المبارك، وقال الله جل شأنه في شأن ذلك: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ومن المعلوم أن التقوى هي ثمرة الإيمان الصادق الواعي، الإيمان الصادق وليس فقط مجرد الإيمان الذي هو ادعاء، كم من المدعين للإيمان، الإيمان وفق ما قدمه القرآن، الواعي الذي يستند إلى البصيرة والوعي من خلال ما ورد في القرآن الكريم عن أسس الإيمان وعن حقائق الإيمان وعن صفات المؤمنين، فالتقوى هي ثمرة لهذا الإيمان الصادق الواعي، وبالتالي حرصنا خلال كثير من المحاضرات الماضية أن نركز على جوانب كلها ذات صلة بالجانب الإيماني بما يساعد على تحقيق التقوى، التركيز على الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وترسيخ الإيمان بوعده ووعيده، والحديث عن الجزاء، والحديث عن الجزاء في الدنيا وفي الآخرة والحديث عن جهنم والحديث عن الجنة هو في هذا السياق، ضمن ارتباطه بوعد الله ووعيده، وثمرته الخوف من الله سبحانه وتعالى، الخوف من عذابه من بأسه، من انتقامه من جبروته، والرغبة إلى الله سبحانه وتعالى، والخوف والرغبة جانبان أساسيان، عندما يتوفر الخوف والرجاء، جانبان أساسيان مساعدان في استقامة الإنسان وفي توجيه حياة الإنسان في هذه الحياة، في تصرفاته وأفعاله ومواقفه، الإنسان ينطلق من خلال مشاعر نفسية، كذلك في الجانب الإيماني المحبة لله سبحانه وتعالى، وكل هذه المشاعر النفسية، مشاعر الخوف، مشاعر الرجاء، مشاعر المحبة تمثل حوافز ودوافع داخلية في الإنسان تدفعه نحو العمل، نحو الموقف، نحو التصرف، وتؤثر بشكل مباشر على الإنسان في أفعاله في تصرفاته، في التزاماته، في اهتماماته، في مواقفه، والقرآن الكريم أعطى مساحة واسعة تترك هذا التأثير الإيجابي، لها هذا الأثر العظيم والمهم، مما يدفع بالإنسان في صراط الله المستقيم.
أيضا حرصنا على أن نلحظ الجوانب الإيمانية في مساراتها الرئيسية، العناية بفرائض الله وأدائها والالتزام بها، الانتهاء والحذر من التعدي لحدود الله سبحانه وتعالى، الاستقامة السلوكية والأخلاقية، التركيز على جانب المسؤولية، والربط في ذلك بالقرآن الكريم وبالاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذه كلها جوانب رئيسية تتحقق بها التقوى، ولا يمكن للإنسان أن يغفل عنها كلما ابتعد عن ذلك أو أهمل في ذلك كلما فرط في التقوى وكلما عرض نفسه لسخط الله وعذاب الله سبحانه وتعالى.
النصوص القرآنية إذا تأمل فيها الإنسان والأثر العظيم لهدى الله في القرآن الكريم يصيغ الإنسان المؤمن هذه الصياغة، في نفسيته في روحيته، في أعماله، في توجهه في مواقفه، ينطلق في هذه الحياة وهو متحرر من كل المؤثرات التي تساعد على استعباده واستغلاله، لا يقبل بأن يكون عبدا إلا لله سبحانه وتعالى، همه وهدفه الأكبر في هذه الحياة وتوجهه نحو الله سبحانه وتعالى، وهذه مسألة أساسية جدا، أساسية جدا، بالذات في هذه المرحلة، في هذه الظروف، في مواجهة هذه التحديات التي تواجهها أمتنا الإسلامية وشعبنا اليمني المسلم العزيز، نرى قيمة هذا الإيمان، أهمية هذا الإيمان في أن نحافظ على هويتنا مجتمعا مؤمنا صالحا مستقيما، وأن نرتقي في ذلك حتى نكون أكثر استجابة لله وطاعة لله وانسجاما مع هدى الله وتمسكا بهدى الله سبحانه وتعالى، وكذلك حتى نكون أكثر صمودا وثباتا وتماسكا في مواجهة الطاغوت المستكبر المتمثل بأمريكا وإسرائيل الساعي إلى استعبادنا واستغلالنا والسيطرة علينا والذي يوظف كل أدواته في المنطقة، أدواته الإقليمية والمحلية جنودا مجندة تسعى معه بكل ما تملك لتنفيذ هدفه في ذلك.
لاحظوا على مستوى العوامل الرئيسية التي تؤثر في الناس، مسألة الخوف، الخوف عامل رئيسي لدى الكثير من الناس، يخضعهم للطاغوت، يدفعهم نحو الاستسلام، يشعرهم دائما بالعجز والضعف، يكبلهم عن تحمل المسؤولية، يركعهم ويفقدهم الشعور بالحرية والكرامة والعزة، التربية الإيمانية هي تعلمنا أن نخاف من عذاب الله فوق كل شيء، الله يقول: (فَلَا تَخَافُوهُمْ)، (إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، (فَلَا تَخَافُوهُمْ)، القرآن يحررك من كل حالات الخوف من الآخرين، من قوى الشر والطاغوت والاستكبار والنفاق، يحررك نهائيا من الخوف منها، يرتقي بك حتى لا تكترث بكل ما بأيدها من وسائل للجبروت والقمع، أنت تمتلك من الإيمان بالله، من الإيمان بقضيتك العادلة، من الاستعداد العالي للتضحية، من الوعي بطبيعة الأحداث في هذه الحياة، بطبيعة قوى الشر والطاغوت وما تريده وما تسعى له من إباء النفس وعزتها وكرامتها، من الثقة بالله والاعتماد عليه والتوكل عليه، من سمو الهدف في هذه الحياة، من اتجاه آمالك نحو الله فيما وعد به في الدنيا والآخرة ما يحررك من أن تتحول إلى خائف مذعور منهم وخانع مستسلم لهم، (أَتَخْشَوْنَهُمْ ۚ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، وهكذا من جديد يحررك من الخشية منهم في مقابل أن تخشى الله سبحانه وتعالى، تخشى الله جل شأنه، في أن تفرط في مسؤولياتك، في أن تقصر في واجباتك، في أن يستعبدك الآخرون، وأن يعملوا على السيطرة عليك، وعلى توجيهك فيما هو معصية لله سبحانه وتعالى.
القيمة الإيمانية اليوم قيمة أساسية للحفاظ على الإنسان المسلم في هويته، في استقامته، حتى لا يتحول في هذه الحياة إلى منافق عميل، ليس له من مهمة إلا أن يكون جنديا مخلصا ينفذ أجندة أمريكا وإسرائيل ويعمل لما هو لصالحهم، لأن قوى النفاق تسعى لتحقيق ذلك تحت راية أمريكا وإسرائيل، إلى تحويل المجتمع الإسلامي إلى مجتمع مجند مع أمريكا، كما هو حال النظام السعودي، النظام الإماراتي، يسعون إلى تحويل بقية المجتمع المسلم على شاكلتهم، مجند لخدمة أمريكا وإسرائيل وأجندة أمريكا وإسرائيل ومصالح أمريكا وإسرائيل، وتصبح وجهته في هذه الحياة هي هذه الوجهة، مشروعه في هذه الحياة هو هذا، اتجاهه في هذه الحياة هو هذا، لا يحمينا إلا الإيمان الواعي الصادق، الاعتصام بالله سبحانه وتعالى، والاهتداء بهديه، والتمسك بنهجه، والاقتداء برسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، على مستوى المحبة لله سبحانه وتعالى والمحبة لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والمحبة للمسؤولية والتقدير لها والوعي بقيمتها وأهميتها يعلمنا القرآن أن نكون مؤمنين من هذا النوع الذي يحب الله ورسوله والمسؤولية، الجهاد في سبيل الله فوق كل شيء في هذه الدنيا، والله حينما قال في كتابه الكريم: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)، هذه الآية المباركة هي تعلمنا كيف تكون التربية الإيمانية الفعلية والحقيقية التي أثرها في وجدان الإنسان، في مشاعره، في المحبة، أن يرتقي إلى هذه الدرجة من المحبة لله فيحب الله فوق كل شيء، هذا المستوى في المحبة لرسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيحبه بعد الله فوق كل شيء، ويحبه كعبد لله ورسول لله، في موقع القدوة والقيادة والهداية، يقتدي به، يتأسى به، يهتدي به، والمحبة للمسؤولية من واقع القناعة بها والوعي بأهميتها وقيمتها في القربة إلى الله سبحانه وتعالى وأثرها العظيم ونتائجها المهمة في الدنيا وفي الآخرة، وجهاد في سبيله، هذا الجانب يجب أن يترسخ وأن يتعزز، هو الذي يحرر الإنسان من كل الإغراءات التي تستعبد الكثير من الناس وتستميلهم لدرجة أن يتمكن الأعداء من شرائهم واستعبادهم وتحويلهم إلى دمى طيعة وخانعة ومستغلة لتنفيذ ما يشاؤون ويريدون.
لتصفح وقراءة وتنزيل المحاضرة كاملة اضغط على الرابط التالي:-