البرنامج اليومي (الذكي هو من يفهم مصلحة نفسه من خلال القران).
برنامج رجال الله اليومي.
آيات من سورة الكهف صـ7 ـ 8.
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
بعض الناس يرى نفسه ذكياً يقول: [ياذه حاول تِسلَم، وتحافظ على مصالحك] أليس هكذا؟ وفعلاً تكبر مصالحه، وتتكاثر، لكن تكون في الأخير بالشكل الذي كان أفضل له أن يضرب قبل كم سنين، ولا أن يمهل إلى بعد عشر، أو خمس عشرة سنة، وقد صارت دنياه واسعة، وقد ممتلكاته واسعة، وقد هو في أعلى مكان. سيكون وقعها شديد جداً على نفسه.
وهذا من أمثلة: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}(التوبة85).
أليس الفقير الصعلوك لا يكترث؟ يدمروا بيته لا يكترث لذلك، كم هو بيته! غرفتين، ثلاث، ما يحسب لها حساب. لكن هؤلاء الكبار الآن في حالة؛ ولهذا لاحظوا؛ لأنهم قد اعتموا بشكل رهيب، من أجل إذا بالإمكان أن يفرعوا في نفوسهم، وليس فينا، إذا ممكن يفرعوا في نفوسهم من أمريكا [تفضلوا غيّروا المناهج، تفضلوا وغيروا المرشدين، وخطباء يخطبوا على كيفكم، ومعلمين يعلموا على كيفكم، إذا ممكن تسلمونا] ولم يسلموا.
وهنا يتضح أيضاً كيف يكون عمل الناس الذين يحكمون الناس، ولا يهتموا بالناس فعلاًً في الأخير يضحوا بالآخرين، يضحوا بديننا ما هي مشكلة، يضحوا بنا ما هي مشكلة، إذا هو سيسلم، إذا قد هو سيسلم هو وتسلم ممتلكاته فما هي مشكلة.
ومن أخطر ما عملوه، من أخطر ما عملوه أن يسمحوا للأمريكيين أن يتجهوا للتحكم على مدارسنا، ومساجدنا، وهم عملوا هذا من أجل ماذا؟ أليسوا يقولون: حفاظاً على مصالحنا! كذب، وأوسخ كذب من يقول العبارات هذه، لماذا؟ لأن أهم مصلحة لدينا، ويحافظ على مصالحنا، هو ديننا. إذا أنت ستمكن العدو الذي هو من أولياء الشيطان، وشيطان ربما أشد من إبليس، تمكنه أن يلعب بديننا، أنت تضرب أنت أهم أساس لمصلحتنا، أنت الذي تقول إنك محافظ على مصالحنا.
وكثير من الناس لا يفهمون، يقولون: قالوا أنهم يريدون الحفاظ على المصلحة العامة للشعب، أليسوا يقولون هكذا؟! أي مصلحة ستحافظ عليها وقد أنت مستعد أن تمكن الأمريكيين أن يغيروا المناهج التعليمية، ويتحكموا فيها، وعن طريق الأوقاف يتحكموا في المساجد؟!. هل بقي مصلحة يحافظون عليها؟ بعد ما يتجهون إلى ضرب الدين هل بقي مصلحة؟ أبداً.
يجب أن نفهم علاقة الدين بنا، وحاجتنا الماسة، والشديدة إلى الدين الذي يعني: هدي من الله لنا في هذه الحياة؛ لنكون سعداء. الله ما خلق الإنسان في هذه الدنيا ليشقى، هل تعرفون هذه؟ لا يأتي الشقاء إلا من الإعراض عن دين الله، لا يأتي الشقاء في هذه الدنيا إلا بما صنعه المعرضون عن هدي الله.
ليس فقط سيقولون لك: [إن الله خلق الدنيا هكذا تعيبة، ومتعبة، ومصائب، وبلاوي، وشقاء…] وأشياء من هذه، لا، الله خلق هذه الدنيا كحياة للإنسان؛ ليسعد فيها، والقرآن الكريم يؤكد هذا في أكثر من آية.
وهذه الآية نفسها هي واضحة: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}(طه123) ماذا يعني يشقى؟ لا يشقى كما شقي آدم عندما أخرج من الجنة. ألم يكن في جنة جعل الله له جنة يعيش فيها حياة سعيدة، وعيشة واسعة.
ولكن عندما خالف ما نهاه الله عنه شقي، ألم يشق؟ يعني أخرج من تلك الجنة، حتى نزعوا عنهم ملابسهم، وينزل يدبر نفسه، يتعلم كيف يحرث، ويزرع، وكيف ينسج له لباس، ما عاد تستر إلا بورق من ورق الجنة يغطون على عوراتهم بها! فعلاً ليس المعنى أنه لباس التقوى، {يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا}(الأعراف27) يعني: لباس التقوى، لا، هذه قضية حقيقية، أن الله يؤكد فيها أن الناس ما يشقوا في هذه الحياة إلا بسبب إعراضهم عن هديه؛ لهذا فالأعداء الأذكياء، الأعداء الأذكياء، الخبثاء أشد عداوة، هم من يتجهون إلى ضرب الدين، أي إلى فصلنا عن ديننا، وهذا العمل الذي يعمل عليه إبليس على مدى آلاف السنين؛ ليضربنا في أهم قضية يتوقف عليها سعادتنا في الدنيا وفي الآخرة.
فيجب على الإنسان أن يكون واعياً، ومنزعجاً جداً عندما يسمع أن هناك توجه لحرب الدين، أن تعرف أنهم يحاربونك في أهم مفصل، ويضربونك في أهم موقع بالنسبة لحياتك كلها، في الدنيا وفي الآخرة.
كثير من الناس يسمع بحرب للدين [وامانة الدين والدين] وعنده في ستين داهية الدين، عنده الدين هناك حاجة ثانية، وهذا – مثلما قلنا أكثر من مرة – هذا مثل واضح فعلاً أنهم بتوجههم إلى السيطرة على مناهجنا الثقافية، أنهـم محاربين لديننا. أليس هكذا؟ وأن توجههم إلى هذه النقطة هم يعرفون بأنها أهم نقطة يتوجهون إليها، فإذا ما تمكنوا منها تمكنوا من كل شيء بالنسبة لنا، وضيعونا في الدنيا، وفي الآخرة.
لأنه بالنسبة للآخرة ما الله حكى عنهم أنهم قالوا: {لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى}(البقرة111) يريدون أن يتحكموا في الدنيا، وعندهم أنهم أيضاً سيتحكمون في الجنة! ما يريدوا أن يروا عرباً قبلهم في الجنة نهائياً إذا دخلوا، يتصورون أنهم سيدخلون هم، لا يريدون أن يرونا قبلهم، لا في الدنيا، ولا في الآخرة.
هنا يقول في الآية هذه: {وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ}(الكهف1-2)؛ لأنه سيأتي بالحديث عن ناس انطلقوا في سبيله، وهم أصحاب الكهف، انطلقوا بموقف قوي، أعلنوا فيه إيمانهم بالله الواحد القهار، أعلنوا فيه إيمانهم بالله وحده، وكفرهم بكل ما يعبد قومهم من آلهة أخرى، بموقف علني، وموقف قوي.
إذاً فالقرآن هذا نفسه لينذر بأسا شديدا من لدن الله ألم يقل هكذا: {لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ}؛ لأن الكثير من الناس أمام العمل في سبيل الله، ولإعلاء كلمة الله، دائماً يخافون بأس الآخرين، أليس هكذا؟ يخاف أن يسجنوه، يخاف أن يلحقه شيء، يخاف أنه يقتل، يخاف، يخاف.. الخ.
يقول له: أن الشيء الذي يجب أن يخافه الناس هو البأس الشديد من لدنه، من الله، وليس مما لدن الآخرين. {لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ} وبأس في الدنيا، وبأسا في الآخرة أشد من باس أي طرف آخر، أو أشد من أي باس من لدن الآخرين، الذين نخاف منهم فنقعد عن التحرك لنصر الله، وإعلاء كلمته، ومواجهة أعدائه.
ما هذه وحدها عالجت إشكالية ثانية لدينا؟ ما يقعد الناس عن التحرك في سبيل الله إلا مفاهيم معوجة، ونظرة أن الحياة هذه معوجة من عند الله! هذه واحدة أبعدها {وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا}.
ما يقعد الناس أيضاً عن التحرك في سبيل الله إلا الخوف من بأس الآخرين، البأس الذي يأتي من لدن الآخرين، من لدن الأمريكيين، من لدن دولة، من لدن إسرائيل، من لدن أي شخص كان، أو أي جهة كانت، أليس هذا هو الذي يقعد الناس؟ قل وهذه واحدة.
نجد أن الله يذكِّرنا بأنه لا، وأن البأس الشديد الذي يجب أن نخافه هو البأس الشديد الذي من لدنه هو، أما ما كان من لدن الآخرين لا يمثل شيئاً، وهذا شيء معلوم، حتى تعرف البأس الشديد من لدنه في هذه الدنيا أنظر إلى ما توعد به من أعرضوا عن ذكره، ما توعد به من أصبحوا أولياء لأعدائه، ما توعد به المفرطين في مسئوليتهم، في إعلاء كلمته، خزي شديد في الدنيا، ذلة، قهر، إهانة، معيشة ضنكا في الدنيا، وفي الآخرة سوء الحساب، وجهنم.
أليس هذا بأس شديد؟ يوم واحد في جهنم أشد من مائة سنة عذاب في الدنيا هذه، في زنزانة، أو في سجن كيفما كان، أن يوم واحد في جهنم أشد {لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ}، وفي نفس الوقت: {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ}(الكهف2) من انطلقوا يخافون البأس الشديد من لدن الله فيما إذا فرطوا، وقصروا. هل جلسوا يتخوفون من الآخرين، ويرون الآخرين أكبر من الله؟.
هؤلاء انطلقوا فكان عملهم عمل هام، وما أعد الله لهم من الثواب العظيم في الدنيا، وفي الآخرة، بالشكل الذي يقول فيه: {وَيُبَشِّرَ} والبشارة لا تأتي إلا بالشيء العظيم بالنسبة لك، {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ}، ينطلق في العمل الصالح؛ ولأنه عمل صالح يرضي الله، ولأنه عمل صالح في سبيل إعلاء كلمة الله، ينطلق فيه، لا يحاول أن يذهب أولاً يسأل سيدي فلان، أو سيدنا فلان [هو قد وجب علينا نرفع شعار؟ الشعار هذا واجب؟] لا، المؤمنون الذين ينطلقون لمجرد أن يعرف أن هذا عمل صالح يرضي الله يتحرك فيه.
أما الآخرون فما يعبروا فعلاً عن صلاحهم، إنما يعبر عن أنه ماذا؟ لا علاقة له بالله، إلا علاقة إذا يعني أنه يحاول إذا قد الشيء لم يعد منه مجال، قد هو خائف أ ن الباري سيضربه، فلا بأس سيتحرك فيه.
ولكن أنه أحياناً قد يكون الزمن بالشكل الذي لم تعد الإشكالية عند من ينطلق يسأل، بل عند المسئول نفسه، من تسأله، قد هناك إشكالية عنده، يقول لك: لا، ما قد وجب، بعضهم؛ لأن قد هناك خلل، خلل في ثقافتنا، خلل في معلوماتنا، بحيث لم يعد يتذكر أن هذا الشيء قد يمكن أن يكون واجباً وهاماً، من الواجبات الهامة.