البرنامج اليومي (إذا ما رأيت نفسك على طريقة حق، في مواقف حق، في عمل حق فاعلم انها نعمة عظيمة).
برنامج رجال الله اليومي.
في ظلال دعاء مكارم الأخلاق الدرس الثاني صـ 13ـ14.
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
, وهل هناك غير الهدى إلا الضلال {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ}(يونس: من الآية32) لا أستبدل به شيئا من الدنيا, لا أستبدل به شيئا من دعاوى الضلال التي تقدم تحت اسم هدى, تحت اسم دعوة إلى التوحيد.
أنا أريد منك يا الله أنت أن توفقني إلى هدى صالح لا أستبدل به، فلا أستبدل به شيئا من الدنيا، فيكون الإنسان كما حكى الله عن بني إسرائيل {يشترون بآيات الله ثمنا قليلا} {يشترون بعهد الله ثمنا قليلا} وآيات الله هي هداه، وعهد الله هو هداه فيما عهد به إليهم، فأن تستبدل بهدي الله شيئا من الدنيا، أن تستبدل بهدي الله شيئا من المكانة المعنوية: شهادة جامعة، شهادة ثانوية، شهادة تقدير، وظيفة في أي مكان كنت, كلها تعتبر قليلا؛ ولهذا جاء في القرآن الكريم وهو يتحدث عن بني إسرائيل: {يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً}(آل عمران: من الآية77) يقول: دائما قليلا. قليلا.. كلما تحدث عن ما جعلوه بدلا عن الدين من الدنيا يقول عنه: ثمنا قليلا, والدنيا بكلها هي ثمن قليل، أن تستبدل بها تجعلها بدلا عن دينك، تجعلها بدلا عن الهدى الذي متعك الله به، ومنحك إياه.
فالإنسان فيما إذا ما تمتع بالهدى هو بحاجة أيضاً إلى أن يكون حريصا على ذلك الهدى؛ لأنه فيما إذا وقع الضلال سيكون ممن يقع في الضلال بعد المعرفة في الضلال بعد العلم، في الضلال بعد الهدى, وهذا أسوأ أنواع الضلال, وأشد الضلال عاقبة على صاحبه: أن يضل بعد هدى، سواء أن يستبدل ثقافة أخرى، عقائد أخرى منهجا آخر، أو يستبدل بهداه شيئا من الدنيا, والدنيا بكلها مادياتها, ومعنوياتها تعتبر ثمنا قليلا لدينك؛ لأنها ثمن في الواقع لنفسك, وهل ترضى لنفسك أن تكون الدنيا كلها ثمنا لنفسك؟ وتكون عاقبتك جهنم.
من الذي يرضى؟. أليس المجرم – كما حكى الله عنه – سيتمنى يوم القيامة لو أن الدنيا كلها وهي ذهب له لافتدى بها يوم القيامة؟ فالإنسان يتمنى أن لو يملك أي شيء، الدنيا كلها بل أقاربه أيضا فيجعلهم فداء لنفسه ولا يدخل جهنم؟ ((إنه ليس لأنفسكم ثمنا إلا الجنة)). فمن يستبدل بالهدى شيئا من الدنيا فإنه باع نفسه فأوبق نفسه، أوبق نفسه – أهلكها – والكثير الكثير يبيعون أنفسهم! ومن هو ذلك الذي قد باع دينه بالدنيا كلها هل أحد عمل هذه؟ البعض يبيع دينه, ويبيع هداه بأقل القليل, بالشيء البسيط, وهذا مما يكشف – وللأسف الكبير – أنه ليس للهدى.. ليس للإيمان.. ليس للدين أهمية عند الكثير منا إذا ما كان مستعدا أن يبيعه بأتفه الأشياء. إنك من يجب أن تحرص على الهدى, وأن لا تستبدل به غيره حتى ولو كان ذلك الشيء هو الدنيا بكلها.
((وطريقة حق لا أزيغ عنها)) في ميدان العمل أن أسلك طريقة حق، وأن أستقيم عليها, وأن أثبت عليها، فلا أزيغ عنها أبدا، هذا يعني: أن الإمام زين العابدين (صلوات الله عليه) يرى أن الإنسان فيما إذا وفق لأن يسير على طريقة حق أنه أصبح في نعمة عظيمة، أن عليه أن يشكر الله عليها، أن عليه أن يستقيم ويثبت عليها.
الإمام زين العابدين وغيره من أئمة أهل البيت وهكذا أولياء الله الصالحون لا يرون أنفسهم أنهم وقعوا في ورطة, أو في مهلكة أذا ما أصبحوا على طريقة حق، وإن كانت تبدو هذه الطريقة لدى الكثير شاقة فيرون أنفسهم بأنهم تورطوا, وأنهم أصبحوا معرضين للخطر فيصبحون قلقين يحاولون بأي طريقة أن يتخلصوا من هذه الطريقة التي هم عليها.. لا. إنها نعمة عظيمة, أو لم يقل الله عن نبيه موسى (صلوات الله عليه) يذكر ما قال نبيه موسى: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ}(القصص: من الآية17).
فإذا ما رأيت نفسك على طريقة حق، في مواقف حق، في عمل حق, وإن كان يبدو أمامك أنه شاق, أو أنه يثير الخوف فإنه بمقدار ما يكون هكذا أمامك فإن ذلك يعني: أن هذا هو الحق الذي لا بد منه، وهو الحق الضائع الذي الأمة في أمس الحاجة إلى أن تسير على طريقه، فاعتبر نفسك في نعمة عظيمة، أنك أصبحت تسير على هذه الطريق، لا تعتبر نفسك في مهلكة, أو في ورطة، أو في شقاء بل أدعو الله سبحانه وتعالى بدعاء زين العابدين: ومتعني بطريقة حق لا أزيغ عنها, لا أزيغ: لا أميل, لا من منطلق شعور بضعف داخل نفسي, ولا من باب التحيل عن كيف أزيغ عن هذه الطريقة, وأبحث لنفسي عن المبررات المصبوغة بصبغة دينية، سؤال عند هذا العالم, أو عند ذاك, ولا بأي شيء.
من يصنع هذا هو من لا يرى أن ما هو فيه من السير على طريق الحق نعمة، الذي لا يرى أن ذلك نعمة هو من يبحث عن كيف يتخلص, وكيف يزيغ عن طريقة الحق.
الإمام زين العابدين يقول: أنها متعة ((متعني)) متعني بأن أسير على طريقة حق لا أزيغ عنها, ثم أنظر فعلا من خلال القرآن الكريم هل أن طريقة الحق هي الشيء الذي ينبغي لك أن تبحث عن المبررات لتزيغ عنها، عندما تجد القرآن الكريم يتحدث عن أوليائه, ما وعدهم به في الدنيا والآخرة, عن المقام الرفيع الذي هم فيه، عن الفضل العظيم الذي منحهم، عن الجنة النعيم العظيم الدائم الذي وعدهم, عن رضوانه الكبير الذي وعدهم به.
وعد من؟ أليس ذلك الوعد لمن يسيرون على طريقة حق لا يزيغون عنها؟ أنت عندما تسير على طريقة حق فترة ثم تزيغ عنها تعتبر عاصيا لله سبحانه وتعـالى، أشقيت نفسك، وأهلكت نفسك, ووقعت في الخسارة العظيمة {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}(فصلت: من الآية30) طريقة حق يستقيمون عليها {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}(فصلت: من الآية30).
أليس هذا مما وعد به من يسيرون على طريقة حق، وعلى طريقة الحق؟ أليس هذا شيئا عظيما؟ بشارة عظيمة؟ وكم.. وكم مثلها في القرآن الكريم كثير {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً} (فصلت:32) ضيافة, تكريم {نُزُلاً} تعني: ضيافة وتكريم {نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} (فصلت:32) هذا وعد لمن؟ للمستقيمين على طريقة حق.
في مقابل هذا الوعد العظيم, هذا الفضل العظيم, هذه الدرجة العالية عند الله سبحانه وتعالى تنطلق لتبحث عن كيف تزيغ عن هذه الطريقة, تبحث عن المبررات لكيف تنصرف عن هذا النهج!.
الإنسان الخاسر وحده هو الذي يفكر في هذا؛ لأنك أنت من يعمل على أن لا يكون واحدا من أولئك الذين قال الله عنهم في هذه الآية: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا}(فصلت: من الآية30) يجند لك حتى الملائكة تؤيدك, تثبتك, تنصرك {أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} أي واحد منا, أي واحد ممن يحمل اسم إيمان لا يتمنى أن يكون واحدا من هؤلاء الذين يبشرون بهذا؟! {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}(فصلت: من الآية31) وأن يقال لهم: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}(فصلت: من الآية31) من هو منا لا يريد أن يكون واحدا من هؤلاء؟ من هو؟ هل هناك أحد؟ إسأل الناس جميعاً ممن يحمل اسم إيمان, ممن يحمل اسم إسلام, هل أنت لا تريد أن تكون واحداً من هؤلاء؟ الذين يقال لهم هكذا: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}.
فإذا كنت تريد أن تكون واحدا منهم.. فمنهم هؤلاء الذين وعدوا بهذا الوعد؟ إنهم الذين استقاموا, واستقاموا على ماذا؟ استقاموا على طريقة حق لا يزيغون عنها, استقاموا على نهج الحق، ثبتوا في ميادين العمل من أجل إعلاء كلمة الحق, ونصر الحق, والوقوف في وجوه أعداء الحق.. أم معنى الإستقامة داخل بيتك استقامة فوق [المدكى]، وتخزينه ولا تفكر أن تعمل أي شيء للإسلام! هل هذه استقامة؟.
الاستقامة على طريقة حق لا تزيغ عنها؟ فمن لا يكون حريصا على أن يكون واحدا من أولئك فأين سيكون؟ سيكون من أولئك الذين يساقون إلى جهنم, ثم تستغرب الملائكة وتندهش لماذا يساقون بهذه الأعداد الهائلة: {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى} (غافر: من الآية50) أين سيذهب الإنسان إذا لم يكن من أولياء الله؟ أين سيذهب؟ إذا لم تكن من أولياء الله فستكون أنت في صف أعدائه. ليس هناك وسط. هناك فقط: جنة ونار، وطريق حق تصل بك إلى الجنة، طريق باطل تصل بك إلى النار، هناك مواقف فقط مواقف حق ومواقف باطل، باطل يذهب بك إلى النار وحق يذهب بك إلى الجنة.. الناس صنفان فقط: شقي وسعيد, إما أن تكون شقيا وإما أن تكون سعيداً. من هم السعداء؟ أليسوا هم أولياء الله؟ فإذا لم تكن من السعداء, إذا لم تكن من أولياء الله فإنك ستكون في صف الآخرين من الأشقياء, من أهل الباطل, ممن يساقون إلى النار, نعوذ بالله من النار.