البرنامج اليومي (تدبير الله للإنسان يختلف عن تدبيره للمخلوقات الأخرى).
برنامج رجال الله اليومي.
معرفة الله وعده ووعيده الدرس الثاني عشر صـ4.
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
كل شيء من حولك يؤدي مهمته على النحو الذي رسم له.
أليس هذا موقفاً غريباً منا جميعاً؟ من الناس جميعاً بما فيهم المسلمون، المؤمنون بهذا القرآن العظيم.. أليسوا هم الآن من يصيغون لأنفسهم دساتير وقوانين؟!. أليسوا هم من أبعد أنفسهم عن الله فيما يتعلق بالجانب المهم، جانب الهداية، جانب التشريع، جانب الإرشاد، جانب الإنذار، ثم هم من نزلوا قاعدة: [لا علاقة للدين بالحياة] [لا علاقة للدين بالدولة].
نحن سنضع شخصاً منا هو الذي يدبر شؤوننا، وهو الذي سيشرع لنا، أنتم وقرآنكم ابقوا هناك بعيداً داخل مساجدكم، داخل بيوتكم، على علماء الدين أن يبتعدوا هناك، نحن سنتولى تدبير شأن الأمة، ونحن سنضع الدساتير، ونحن سنصيغ القوانين، ونحن أعرف بمتطلبات العصر، ونحن أعرف بالمصالح لأمتنا ووطننا.
هكذا يقول الناس المؤمنون بالقرآن الكريم! وفي بقية الأمور يطلبون من الله أن يدبرها.. أنزل لنا مطراً.. أنبت لنا شجراً.. اعمل لنا كذا وكذا وكذا.. إلى آخره.. أليس هذا من الجحود بالله؟ أليس هذا من التنكر لله سبحانه وتعالى؟ أليس معنى هذا أن يتحول الله – كما قلنا أكثر من مرة – إلى مجرد عامل معنا، مجرد عامل معنا؟ لا بأس دبر الأشياء تلك من أجل توفر ذلك لنا لأن ما باستطاعتنا نطلع الشجر لأنفسنا طلعها. لكن قيمتها وتصريف قيمتها أين تمشي؟. نحن الذين سنتولاها.
أليس هناك الملايين من الدولارات, الملايين تمشي في الإفساد في الأرض؟ ومن أين جاءت هذه الملايين، من أين جاءت؟ جاءت من البترول الذي خلقه الله وأودعه للناس في الأرض، جاء من مختلف المصادر التي هي أساساً من مخلوقات الله سبحانه وتعالى، من المعادن، من الثمار، من مختلف وسائل الإنتاج التي هي من مخلوقات الله سبحانه وتعالى.
فنحن قلنا لله: حقول البترول نحن نؤمن بأنها منك، هذه المزارع الكبيرة هي منك ونريد منك أن ترعاها، لكن فيما يتعلق بتصريف منتجاتها نحن.. نحن الذين سنصرفها كما نشاء.. أولسنا نحن المسلمين فيما يتعلق بالزكاة ننظر هذه النظرة؟.
نقول لله في واقعنا.. [طلع لنا قات، طلع لنا بُن، طلع لنا حبوب، طلعها].. فمتى ما أصبحت نقوداً في أيدينا أعرضنا بوجوهنا عنه، قلنا: [هذا إلينا أنت ما تتدخل من الآن ووراء لا تتدخل في شأننا].. هل هذا صحيح؟. متى ما قال: {آتوا الزكاة} قلنا لماذا نعطي الزكاة، نحاول أن نتهرب منها.. والزكاة كم هي 10% أو 5% أو 2.5% نسبة بسيطة جداً.. يقول لنا: أنفقوا في سبيلي, نقول: لا.
{قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}(عبس:17) قتل الإنسان ما أجحده، ما أبعده عن معرفة ربه. {ظَلُومٌ كَفَّارٌ}(إبراهيم: من الآية34) كما وصفه الله في القرآن الكريم.
كلنا نحن بني البشر: يهود ونصارى، ووثنيين، ومسلمين نظرتنا إلى الله تقريباً واحدة.. أليس هناك حكومات متعددة داخل البلاد الإسلامية هل هي تعمل بالقرآن, وتسير على نهج القرآن؟.. لا.
هي من أبعدت نفسها وأبعدت شعوبها عن تدبير الله، وكما أسلفنا: أن تدبير الله للإنسان يختلف عن تدبيره للمخلوقات الأخرى.. تدبيره لنا يتمثل جانب كبير منه جداً في جانب الهداية، توجيهات، وإرشادات، وتشريعات، أليس هذا هو الجانب الأكثر الذي نحتاج إليه؟ ومما يشهد على أن هذا هو الجانب الأكثر: أن كل الشعوب من مختلف أجناس البشر كلهم ينطلقون لوضع تشريعات لأنفسهم.. أليس كذلك؟ لأنهم يشعرون أنهم بحاجة إلى وضع دساتير ووضع قوانين ووضع لوائح, أليس هذا هو الذي يحصل؟ أي بنو البشر مسلِّمون على أنهم بحاجة ماسة إلى تشريعات تنظم شؤونهم.. تكون هي في واقعها تدبيراً لشأنهم الواسع، بل تتردد الكلمات ونسمعها كثيراً: أنه لا يستقيم وضع الشعب إلا إذا مشى على ماذا؟ وفق القانون.. أليس كذلك؟ أن نلتزم جميعاً بالدستور.. ما هذا الذي يحصل من توجيهات الرئيس، وتوجيهات الملك، وتوجيهات أي زعيم في أي بلد آخر؟ يوجه بالالتزام بالقانون، الالتزام بالدستور من أجل استقرار اقتصادي، من أجل التنمية، من أجل استقرار سياسي، من أجل سعادة الأمة.. أليس هذا ما يقولون؟.
وهذا هو ما سيكون شاهداً علينا بين يدي الله سبحانه وتعالى؛ لأنه ما من شيء مما وجهنا الله إليه ومما طلبه منا إلا ونحن نشهد على أنفسنا بأننا بحاجة ماسة إليه.. هذا واحد من الشواهد.
كلنا بنو البشر مجمعون على أننا بحاجة إلى تشريعات، ودساتير، ولوائح، وأنظمة على مستوى الشعب الواحد، ثم على مستوى المجموعة الواحدة الآسيوية أو العربية، ثم على مستوى الدول كلها، القانون الدولي أليس هذا حاصل؟.
هناك حتى قوانين دولية تنظم شؤون الدول كدول.. ألسنا نشهد على أنفسنا أننا بحاجة إلى هذا الجانب، وأن هذا الجانب، هو الجانب المهم الذي تستقيم به الحياة في كل مجالاتها؟.