جريمة الافتراء على الله كذباً جريمة خطيرة جدًّا تعد من أظلم الظلم.
بصائر من نور القيادة.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
المحاضرة الرمضانية الحادية عشر(اظلم الظلم) 1441هـ.
يقول الله -سبحانه وتعالى-: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ}، يعني: في يوم القيامة، {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}[هود: الآية18]، يقول الله -سبحانه وتعالى- في آيةٍ أخرى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ}[الزمر: من الآية32]، ولا يزال هناك آيات في القرآن الكريم- اكتفينا بهذه- تتحدث عن هذا الظلم الرهيب، الذي هو في مقدِّمة الظلم، ومن أبشع أنواع الظلم، ومن أظلم الظلم.
ومن خلال التأمل في هذه الآيات المباركة، نجد أنَّ هذا الظلم يقاس بمقياسين: من حيث جرمه، من حيث مستواه، من حيث المستوى: هو من أظلم الظلم، ومن حيث أنه يبتني عليه ويتفرع عنه الكثير من الظلم، وهذا النوع من الظلم الذي يتفرع عنه الكثير الكثير من الظلم، يعتبر من أظلم الظلم، وفاعله من أظلم الناس، هو في مقدِّمة الظالمين، من أسوئهم، من أظلمهم.
جريمة الافتراء على الله كذباً جريمة خطيرة جدًّا، ومصاديقها في الواقع، وتطبيقاتها في الواقع العملي للناس كثيرة جدًّا، وقد يغفل عنها الكثير من الناس، وعادةً تأتي: إمَّا لدعم باطل، أو للتخذيل عن حق، أو لتبرير جريمة، في هذه الأحوال يأتي الكثير من الناس إما ليقول عن ذلك الباطل أنه حق، ويحاول أن يبرره، ويحسبه على دين الله -سبحانه وتعالى-، وفي مقدِّمة الذين يبررون ويفترون على الله كذباً: علماء السوء، والمثقفون، والخطباء، والمرشدون، الذين هم في صف الباطل، أو يدعمون باطلاً، هذه النوعية من الناس مع أنه حتى الإنسان العادي، حتى العامي من الناس قد يأتي ليبرر موقفاً باطلاً، ويقول أنه حق، وأنه يوافق دين الله -سبحانه وتعالى-، وأنه يرضي الله -جلَّ شأنه-، وأنه الذي يتوافق مع الإسلام والحق، وهو بذلك يفتري على الله كذباً؛ لأن كل ما حسب على دين الله، فأنت تنسبه إلى الله، أنت تنسبه إلى الله، كل ما تنسبه إلى الحق، وتقصد به الحق عند الله، فأنت تنسبه إلى الله -سبحانه وتعالى-، وهذه الحالة تكثر في واقع الناس، أكثر ما يأتي من الباطل في الساحة يقدَّم على أنه حق، هذه حالةٌ حقيقية مؤكَّدة، يعني: واقعية، تحصل كثيراً في واقع الناس، أكثر ما يقدَّم في ساحة المسلمين حتى من مواقف، من تصرفات، من أعمال، تقدَّم على أنها حق، ثم تنسب على أنها موافقة للدين، يأتي ليرتكب مثل هذا الذنب العامي من الناس، يأتي بعضٌ من علماء الدين، من خطباء الدين الذين يخطبون في المناسبات الدينية وباسم الدين من المرشدين، الكثير من الناس يأتي ليدعم باطلاً على أنه حق، وأنه من الدين، وأنه يوافق دين الله -سبحانه وتعالى-.