الإعراض عن ذكر الله من أظلم الظلم عند الله.
بصائر من نور القيادة.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
المحاضرة الرمضانية الثالثة عشر 13 رمضان 1441هـ.
من الظلم، أكبر الظلم، الأظلم، قائمة الأظلم: الإعراض عن آيات الله تعالى، وعدم القبول بها، فيما يفيده معنى التكذيب بآيات الله، الله -جلَّ شأنه- يقول في القرآن الكريم: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا}[الكهف: الآية57]، يقول -جلَّ شأنه-: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}[السجدة: الآية22]، يقول -جلَّ شأنه-: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ}[الأنعام: من الآية157].
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا}: لا أظلم، هذا هو في قائمة الأظلم، مثل المفتري على الله كذباً، الذي يساويه في هذه القائمة: قائمة الأظلم، هو من يُذكّر بآيات ربه، آيات الله -سبحانه وتعالى- الذي هو ربه، أنت عبدٌ لله -سبحانه وتعالى-، هو خالقك، رازقك، المنعم عليك، المربي لك.
{فَأَعْرَضَ عَنْهَا}: لم يقبل بها، لم يعمل بها، لم يلتزم بها، لم يستجب لها، تجاهلها، تركها، أهملها، وانطلق بناءً على هوى نفسه أو أهواء الآخرين، هنا أنت تدخل في قائمة الأظلم؛ لأن منهج الله -سبحانه وتعالى- هو الذي يتحقق به العدل في هذه الحياة، ولأنك أسأت إلى من؟ أسأت إلى ربك، إلى الله -سبحانه وتعالى- المنعم عليك، هذه الإساءة هي ظلمٌ كبير، هي حيفٌ عن الإنصاف والعدل، هي تنكرٌ لمن؟ لمن هو ربك وولي كل نعمةٍ عليك، في مقابل أن تنطلق على أهواء مدعومة من الشيطان الرجيم، أو من شياطين الإنس، أو شياطين الجن، هذه الإساءة البالغة إلى الله -سبحانه وتعالى-، وهذا التنكر لآياته التي هي حقٌ وعدلٌ، وعلى ضوئها يترتب تحقيق العدل في هذه الحياة، وإقامة القسط في هذه الحياة؛ لأن العدل لن يتحقق إلا بمنهج الله -سبحانه وتعالى- بالتمسك بآياته، لا يمكن أن يتحقق العدل في واقع الحياة بدونه، هذا الإعراض هو ظلم، هو إساءة بالغة إلى الله -سبحانه وتعالى-، تنكرٌ كبيرٌ جدًّا، وهو من أعظم الظلم، وهو الذي سيتفرع عنه الكثير من الانحرافات والمظالم في هذه الحياة، هل يمكن أن تعرض عن آيات ربك، ثم تسير في هذه الحياة قائماً بالقسط، ملتزماً بالعدل؟ لا يمكن، الخروج عنها هو خروجٌ عن العدل، خروجٌ عن الحق، خروجٌ عن القسط.
هنا يقول -جلَّ شأنه-: {فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا}[الكهف: من الآية57]، من العقوبات على هذا النوع من الظلم من الجرائم هذه العقوبة: عقوبة الخذلان، أن يخذل الإنسان، أن يسلب التوفيق من الله -سبحانه وتعالى-؛ حتى لا يتأثر بآيات الله -سبحانه وتعالى-، كأن قلبه أصبح مغطى، ومغطى بغطاء لا ينفذ إليه ولا يصل إليه نور الحق والهداية، وكأن سمعه فيه الوقر الصمم، كأنه لا يسمع، فهو يسمع، ولكنه لا يتأثر نهائياً بآيات الله -سبحانه وتعالى- ولا يتفاعل معها، وبذلك كأنه في حالة صمم، كأنه لم يسمعها أصلاً، تكون النتيجة: {وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا}، خُذل، خذل والعياذ بالله!