كلمة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بمناسبة يوم القدس العالمي
| خطابات السيد القائد | 27 رمضان 1441هـ/ الثقافة القرآنية:-
أعوذ بالله من الشيطان
الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم،
الحمد الله رب العالمي، القائل في الذكر الحكيم “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين.
اللهم صل عل محمدٍ وعلى آل محمد وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وأرض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الأخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال.
إن يوم القدس العالمي الذي أعلنه ودعا إليه الإمام الخميني رضوان الله عليه، مناسبة مهمة تذكر الأمة بمسؤوليتها تجاه قضيتها الأولى القضية الفلسطينية، وتساهم في رفع مستوى الوعي لدى شعوب الأمة تجاه الخطر الإسرائيلي، وتهيأ الفرصة لتحرك عمليٍّ جادٍ نحو تطهير وتحرير أرض فلسطين والأراضي المحتلة، واستعادة المقدسات وإنقاذ الشعب الفلسطيني.
ونحن بهذه المناسبة نؤكد على موقف شعبنا اليمني المسلم، في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وأحرار الأمة ضد العدو الإسرائيلي الغاصب والمنتهك لحرمة المقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى الشريف، والمحتل للأرض والمضطهد للشعب الفلسطيني، وإن موقفنا هذا هو التزامٌ دينيٌّ وأخلاقيٌّ وإنسانيٌّ، وهو الموقف السليم الصحيح والطبيعي الذي يجب أن يقفه كل مسلم صادق وكل انسان حر غيور، فالعدو الإسرائيلي هو عدو للأمة بكلها ويمثل خطراً على الأمن والاستقرار العالمي، وهو ينتهك حرمة المقدسات بما تمثله من أهمية دينية ورمزية ويشكل تهديداً فعلياً لها، وعلى رأسها المسجد الأقصى الشريف أولى القبلتين ومسرى خاتم الأنبياء رسول الله محمد (ص)، كما أنه يحتل بلداً مسلماً ويقتطع أجواء أخرى من بلدان مسلمة أخرى ويظلم شعباً بأكمله بكل أنواع الظلم، من قتل وتشريد وسجن واغتصاب للأرض والممتلكات وهتكٍ للأعراض، وتدميرٍ للمساكن والمزارع واقتلاعٍ لأشجار الزيتون، واضطهادٍ دينيٍّ وصل إلى وضع قيودٍ ومضايقات على إقامة الشعائر الدينية وفي مقدمتها الصلاة، ورفع الآذان لها عبر مكبرات الصوت، وأصبحت هذه الجرام الفظيعة ممارساتٍ يومية يمارسها العدو الإسرائيلي ضد شعبْ هو جزء من أمتنا الإسلامية إضافة إلى الحصار الظالم المطبق لإخواننا الفلسطينيين الأحرار في قطاع غزة وما ينتج عنه من مآسٍ ومعاناة وما يلحق بهم من غارات جوية وقصفٍ واعتداءاتٍ إجرامية.
إن قضية بهذا الحجم ومظلومية بهذا المستوى لمما تحتم المسؤولية الدينية والأخلاقية والإنسانية تحديد نوقف مسؤول وحاسمٍ ومعلن وصريح وواضح وعمليٍّ تجاهها، وإن شعبنا اليمني بهويته الإيمانية التي نال بها وسام الشرف الكبير فيما رويَ عن رسول الله (ص) أنه قال: “الإيمان يمانيّ والحكمة يمانية”، لنعلن بكل وضوح أنه حاضرٌ جنباً إلى جنب مع أحرار الأمة ومحور المقاومة وبسقفٍ عالٍ للمواقف العملية على كل المستويات وبكل الخيارات المتاحة نصرة للمسجد الأقصى الشريف والمقدسات والشعب الفلسطيني ومجاهديه الأبطال في كل الفصائل الفلسطينية المقاومة.
كما أننا نستنكر وندين كل مساعي وخطوات التطبيع التي يقوم بها البعض وعلى رأسهم النظام السعودي مع العدو الإسرائيلي، بكل أشكالها ونعتبرها من الولاء المحرم شرعاً الذي بلغت حرمته إلى مستوى قول الله تبارك وتعالى: “وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، وقوله تبارك وتعالى: “لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ”، وقوله تبارك وتعالى: “بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً*الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً”.
كما ندعو أمتنا الإسلامية إلى العودة إلى القرآن الكريم للاحتماء بنوره من كل مساعي التضليل وللاهتداء به في مسيرتها العملية كمشروع عمليّ عظيم يرتقي بها إلى مستوى مواجه كل التحديات وندعو إلى العناية لنشر الوعي في أوساط شعوب الأمة والاستنهاض لها ضمن برامج عملية تحصنها من الاختراق والاستقطاب، إضافة إلى خطواتٍ عملية كالمقاطعة للبضائع الأميركية والإسرائيلية والهتافات المناهضة للسياسات الأميركية والمعادية للعدو الإسرائيلي ودعم حركات المقاومة وتوجيه الوسائل والأنشطة الإعلامية للتصدي للتطبيع ولنشر الوعي ولاستنهاض الأمة لتكون منابر توعية وتعبئة.
كما نجدد عرضنا الذي أعلناه سابقاً بخصوص إطلاق سراح المختطفين الفلسطينيين لدى النظام السعودي مع إضافة استعدادنا لرفع مستوى الصفقة بإضافة طيار آخر وخمسة ضباط وجنود آخرين من أسرى المعتدي السعودي لدينا، وننصحهم بالاستجابة لهذا العرض وعلى الأقل من أجل طياريه وضباطه وجنوده.
كما أننا في هذه المناسبة نستذكر شهيد القدس القائد المجاهد الشهيد الحاج قاسم سليماني رضوان الله عليه والذي قدم الكثير وعمل الكثير دعماً للشعب الفلسطيني وحركات المقاومة وكان السبب الرئيسي لاغتياله دوره الفاعل والمحوري في ذلك وما يمثله من دور مهم في التصدي للعدو الإسرائيلي والهيمنة الأميركية ووقوفه إلى جانب شعوب المنطقة في مظلوميتها.
نسأل الله له الرحمة وعلوَّ الدرجات ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينصر أمتنا الإسلامية على أعدائها ويوفق شعوب أمتنا للقيام بواجبها والنهوض بمسؤولياتها والتحرك بما يرضي الله سبحانه وتعالى ويحقق الخير والعزة والاستقلال لهذه الأمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.