أولياء الله مهما بلغت مرتبتهم الإيمانية لا يأنفون أبداً من التواصي بالحق.
بصائر من نور القيادة.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
المحاضرة الرمضانية الحادية عشر 11 رمضان 1441هـ.
التواصي بالحق ليس عبارة عن تصيدٍ للأخطاء من الجامدين المفرطين المهملين، أو الذين يشتغلون على تصفية الحسابات الشخصية، لا، إنما ينطلق من واقعٍ مسؤول، وبروحٍ أخوية، وبمسؤوليةٍ تامة، وبنصحٍ صادق، وبجد، وبدافعٍ إيمانيٍ خالص، هذا هو التواصي بالحق ممن يوصي وهو يتحرك، وهو ينطلق، وهو يلتزم، وهو جاد، مثل هذا يجب التفاهم معه، التقبل لنصحه، عندما يوصي بالحق فعلاً ليس هو غالط فيما يطرحه، أو مشتبه في قضية لا حقيقة لها، هنا تأتي عملية التواصي بالحق التي يجب أن تكون قائمة، ومن يغضب منها ويأنف منها ويستكبر منها؛ فهو مستكبر.
أولياء الله مهما بلغت مرتبتهم الإيمانية لا يأنفون أبداً من التواصي بالحق، مهما كان دورهم العملي، لا يغضبون أن يوصيهم أحدٌ بالحق، لا يأنفون ولا يستكبرون من أن يقال لهم الحق، ومن أن تقدم إليهم كلمة الحق، أيٍ كانت: ملاحظةً على تقصيرٍ معين، تبييناً لموقفٍ معين، تنبيهاً لخطأٍ في سلوكٍ معين… أو أياً كانت؛ فلا بد من التواصي بالحق في المواقف الكبيرة والمسؤوليات المهمة، وفي القضايا بمختلفها، وفي الأداء العملي والالتزام العملي، وفي السلوك، التواصي بالحق أساسيٌ في السلامة من هذا الخسران الذي أقسم الله عليه، إذا غاب التواصي بالحق، وحل بدلاً عنه الصمت والسكوت والجمود؛ حصل الفتور والملل، وقل النشاط، وكان لذلك تأثيرات سلبية، وإذا غاب التواصي بالحق أمام الالتزامات العملية وفي السلوك والأداء العملي، وحلت محله المجاملة والمداهنة السلبية، حينها تتعاظم الانحرافات، ويكثر الخطأ، ويكبر الانحراف، وتكثر الإشكاليات، ويترتب على ذلك المفاسد الكبيرة، ويغيب الحق شيئاً فشيئاً، تتسع المساحة التي يغيب عنها الحق في السلوك، في الالتزام العملي، في التصرف، في القضايا، فالتواصي بالحق لا بدَّ منه، وبكيفيته التي أشرنا إليها.