الاستجابة لتوجيهات الله تعالج كل الاختلالات وتمنحنا القوة والعزة.
بصائر من نور القيادة.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
المحاضرة الثانية والعشرون من محاضرات رمضان للعام الهجري 1441هـ.
يأتي هذا النداء من الله -سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، فهذه التوجيهات التي تأتينا من الله -سبحانه وتعالى- وفيها حياتنا، حياة العزة، حياة الإيمان، حياة القوة، انتظام الأمر، صلاح واقع الأمة من الداخل، هي توجيهات تتصل بمجالات كثيرة، مثلاً: منها ما يتعلق بالجانب التربوي، يربينا تربيةً إيمانية، وينمِّي فينا الوعي، ومنها ما يتجه إلى الواقع العملي، من خلال مواقف عملية، تحركات عملية، ويأتي هنا أيضاً التأكيد في الاستجابة للرسول وحتى باللام: {وَلِلرَّسُولِ}؛ لأن الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- في موقعه في قيادة الأمة، يتحرك في الواقع التنفيذي لتطبيق التوجيهات، وتنفيذ التوجيهات من الله -سبحانه وتعالى-، فيدعو إلى خطوات عملية ومواقف، ويتحرك بالأمة، ويدعو الأمة، فتكون الأمة في واقعها في واقعٍ قويٍ، تتجه حينئذٍ لمواجهة التحديات والأخطار والأعداء من واقعٍ قويٍ، من واقعٍ جيد، نتيجة الاستجابة لتلك الأعمال التي تبني الأمة، تقوي الأمة، تعتز بها الأمة، يصلح بها واقع الأمة، ينتظم بها واقع الأمة، فيدخل هنا الكثير من التفصيلات العملية، هناك كثير من التفاصيل المهمة التي لها أهمية في هذا الجانب، أنَّ فيها إحياء للأمة، حركة للأمة، واقع عملي وإيجابي وبنَّاء للأمة، ويستهتر البعض من الناس بمثل هذه الأعمال، وبمثل هذه التفاصيل العملية، ويتهربون من كثير من الأعمال والأنشطة والبرامج التي تساعد على هذا، مع أنَّ فيه الحياة للأمة، الحياة الحقيقية، الحياة التي تكون فيها الأمة أمة عزيزةً، أمة قويةً، أمة منيعةً وعصيةً على أعدائها، أمة يصلح واقعها، وينتظم أمرها بفعل هذه الاهتمامات، وتحمل هذه المسؤوليات، بفعل هذه الحركة وهذا النشاط، وهنا يتهرب الكثير من الناس، وبعضهم قد يتهاون بكثيرٍ من الأعمال ذات الأهمية الكبيرة، والتفاصيل العملية التي يكون فيها أنشطة عملية، برامج عملية، اهتمامات عملية في الساحة، تساعد على أن تظهر الأمة أمةً قويةً، أمةً جاهزةً لمواجهة أعدائها، ولا تبقى في حالةٍ من الجمود الذي يشبه الموت، حالة من الركود الذي يشبه الموت، ويطمع العدو في الأمة، حالةً تعبِّر عن استسلام أو خنوع.
{إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، فيشمل هذا كل المجالات- كما قلنا- التي فيها حياة الأمة، وقوتها، وعزتها، وبناؤها، ونهضتها، وحيويتها، وخروجها من تلك الحالات السلبية.
{اسْتَجِيبُوا}، الحالة الصحيحة هي الاستجابة العملية، التنفيذ، بدلاً من التجاهل، بدلاً من التنصل عن المسؤولية، بدلاً من التهرب، وكما قلنا عادةً ما يتهرب الناس أكثر شيء من مثل هذه التوجيهات وهذه التعليمات التي لها هذا التأثير: تحيي الأمة، تقوي الأمة، تنهض بالأمة، تجعل الأمة في موقعٍ قوي، في موقع الجهوزية في مواجهة التحديات والأخطار، وليس في حالة ركود، فإذا دهمها الخطر كانت غير جاهزة، بل على العكس تكون جاهزة للاستسلام.
البعض من الناس للأسف الشديد ممن لم يفهموا الدين الإسلامي بشكلٍ صحيح، أسلوبهم حتى وهم يتحركون باسم الدين، هو على النحو الذي يجهِّزون فيه الأمة للاستسلام، أن تكون جاهزة للاستسلام إذا دهمها العدو، إذا أتاها الخطر، ويعارضون أي تحرك فيه حالة من تجهيز الأمة لمواجهة الأخطار، أو تحريك الأمة لمواجهة الأخطار التي قد أتت وهي حتمية لا بدَّ منها، كثير من الأعمال التي فيها حياة الأمة، وقوة الأمة، وعزة الأمة، وفتوة الإيمان، وحركية الإيمان، التي تجعل من الأمة أمةً عملية، أمةً ناهضة، أمةً متحركةً تمتلك مشروعاً من الأساس، ولا تبقى في حالةٍ من الغفلة، ثم تواجه التحديات بكثيرٍ من التهرب عن المسؤولية، والضعف، والتعللات، والإشكالات، والعقد، والكراهة للخروج، والكراهة للعمل، لا، هنا يؤكِّد على أهمية هذه الاستجابة العملية، والطاعة العملية، والتحرك العملي.