البرنامج اليومي (الله لا تضره معاصينا، معاصينا ضر علينا نحن)
برنامج رجال الله.
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
معرفة الله عظمة الله الدرس السابع صـ 5 ـ 6.
الله لا تضره معاصينا، معاصينا ضر علينا نحن، ولكن على الرغم من ذلك يأتي هو فيبدل – عندما نتوب إليه – يبدل سيئاتنا بحسنات، الأمر الذي لا يكاد أن يفعله أي شخص أبداً ممن تعتذر نحوهم من زلة بدرت منك إليهم وإن كانت ضراً عليهم. أما الله فهو الذي لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه، وهكذا يتعامل معنا.
ثم هل هذا هو أكثر ما يمكن الحصول عليه, وما يمكن أن يعمله بالنسبة لمضاعفة الحسنات؟. لا.. يفتح مجالات واسعة، ويفتح أبواباً واسعة: في خلال اليوم أوقات معينة فيها صلوات يُضاعِِف فيها الأعمال. في خلال الأربعة والعشرين ساعة هناك وقت متأخر في ثلث الليل الآخر يضاعف فيه الأعمال والحسنات أكثر. هناك داخل الأسبوع يوم واحد يضاعف فيه الحسنات وهو يوم الجمعة، في نفس هذا اليوم ساعة واحدة يضاعف فيها الأجر أكثر. في السنة هناك شهر يضاعف فيه الحسنات أكثر إلى سبعين ضعفاً، وفي نفس الشهر ليلة واحدة يضاعف فيها الحسنات آلاف الأضعاف، ليلة القَدْر.. هكذا بالنسبة للزمن.
تعود بالنسبة للأماكن فيفتح نفس الشيء. أماكن معينة تكون العبادة فيها أفضل: المساجد، المساجد متعددة هناك مساجد العبادة فيها أفضل من العبادة في المساجد الأخرى، المسجد الحرام ومسجد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) والمسجد الأقصى. في داخل المسجد الحرام بجوار الكعبة تبدو الحسنات أكثر وتضاعف أكثر.
في أيام معينة هي من ليالي العشر, عشر ذي الحجة كذلك تتضاعف فيها الحسنات أكثر. تأتي إلى الأجواء الأجواء التي نؤدي فيها العبادة تجد كيف أن العمل الجماعي يكون الأجر فيه مضاعفاً أكثر عندما تصلي جماعة تصبح صلاتك بنحو خمس وعشرين صلاة.
وفيما يتعلق بالمال يفتح مجالات لمضاعفة الأجر بشكل أفضل وأكثر من الحسنة بعشر إلى الحسنة بسبعمائة حسنة وأكثر {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(البقرة:261) أليس هو سبحانه وتعالى برحمته من يعمل على أن يضاعف حسناتنا؟ تلك الحسنات التي تصدر منا من أعمال بسيطة هو ليس بحاجة إليها، نحن، نحن المحتاجون إليها، فيضاعفها لنا كي يرفع درجاتنا؛ لأنه حتى وإن كان يريد منا أن ندخل الجنة فهو يريد أن ندخلها ونحظى بدرجات رفيعة فيها.
فيما يتعلق بأعمالك أنت في الدنيا وأنت تجمع المال من الذي يمكن أن يتعامل معك من أسرتك على هذا النحو فيفرغ وقته ويُجهد نفسه في تَـثْمِير رأس مالك. فتجمع عند أخيك أو عند والدك أو عند أمك مائة ألف فيقوم هو بتثميرها ومضاعفتها فلا يأتي عليها فترة من الزمن إلا وقد أصبحت سبعمائة ألف، هل هناك أحد يعمل هذا؟.
هل يمكن لأبيك أن يعمل هذا هو؟ تودع عنده مائة ألف فيقوم هو بالعمل فيها والتجارة فيها واستثمارها لتصبح بعد أربع أو خمس سنين سبعمائة ألف؟. لا.. بل لن يبقى رأس المال سالماً [والولد وما ملك لأبيه] أليس هذا هو ما قد يحصل؟. وهكذا تجد أمك، وهكذا تجد ابنك، وهكذا تجد إخوانك وهكذا تجد أصدقاءك، ليس هناك أحد مستعد – ممن هو رحيم بك – أن يُجهد نفسه ليُثَمِّر رأس مالك هكذا.
ثم بعد أن يُثَمِّر رأس مالك فيصبح سبعمائة ألف هل سيعطيك فيما بعد سيارة قيمتها أربعة ملايين جائزة على أن مالك كثر إلى سبعمائة ألف هل هذا ممكن؟. أما الله فيعطي بعد مضاعفة الحسنات يضاعفها يضاعفها يضاعفها ثم في الأخير يعطيك جائزة مهمة جداً جداً لا يساويها شيء هي الجنة.
الإنسان لو يتأمل في القرآن الكريم وفيما يصنع الله لعباده لوجدت كم هو فعلاً رحمن ورحيم, رحيم, رحيم بعباده بشكل يجعل الإنسان يستحي ويخجل.
هذا فيما يتعلق بتشريعه، وكما سبق فيما يتعلق بتدبيره لشؤون خلقه ما ذكرنا من رعاية الصغار في المخلوقات.
تدبيره أيضاً لشؤون خلقه من الليل والنهار والحر والبرد وإنزال المطر وأشعة الشمس وكلها كلها تكون بالشكل الذي لا يضر الإنسان، ولا يضر ما يعتبر من الضروريات لبقائه حياً في هذه الدنيا ولاستقامة معيشته فيها، فيأتي الليل بقدر، ويأتي النهار بقدر، وتأتي أشعة الشمس إلينا بقدر، وينزل إلينا الماء من السماء مفرقاً إلى قطرات حتى لا يجرف أموالنا وبيوتنا وهو ملايين الأطنان في السماء.
هل يأتي بالسحاب فينزل دفعة واحدة على بلد واحد؟ سينهيها. لكن ينزل بشكل قطرات متفرقة فتجتمع القطرات فترى منها الأودية التي تجرف الصخرات. وكم، كم ذكر في القرآن الكريم فيما يتعلق بتدبير شؤون خلقه برهنة لعباده على كم هو رحيم بهم؛ ليفهموا أنه رحيم بهم.
وإذا فهمنا أنه رحيم بنا ماذا يعني ذلك؟ هل أن نقول: [الحمد لله، لك الحمد يا الله، ولك الشكر يا الله]، ثم نتجه في عبادة الآلهة الأخرى، ثم نتجه في طاعة الأصنام الأخرى من أصنام البشر ثم نتجه إليهم فنخافهم ونرغبهم ونثني عليهم ونمجدهم أكثر؟! هو ذكر في البداية: هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم إذاً فإليه فانقطعوا, به ثقوا, ومنه فاستحيوا واخجلوا.
إذا عرفنا كم هو رحيم بنا ستترك هذه المعرفة شعوراً مهماً في أنفسنا؛ لأنك حينها – كما ذكرت سابقاً – تستعرض أقرب المقربين إليك فلا تجد فيهم من يمكن أن يكون فيه معشار معشار ما يحيطك الله به من عنايته ورحمته، خلّي عنك مدير المديرية التي أنت فيها، محافظ المحافظة التي أنت فيها، رئيس البلد الذي أنت فيه, من لا يعلم أين أنت، ولا ممن أنت، ولا كيف أنت، ولا يبالي على أي حال كنت، وهم من نخافهم، من نرغب إليهم، من نرمي بكل توجيهات الله بعيداً عنا من أجل الخوف منهم، من نتردد في أن نقول الحق من أجل الخوف منهم!.
هل هم يمتلكون ما نخاف منه مثلما يمتلك الله؟. لا. هل أن فضلهم علينا أعظم من فضل الله علينا؟. لا. هل أن رحمتهم بنا أعظم من رحمة الله بنا، فنحن نؤثر الرغبة إليهم والالتزام بتوجيهاتهم أكثر مما يصدر من جانب الله تعالى؟. لماذا؟. لماذا لماذا كل ذلك؟؛ لأنا كما قال الله سبحانه وتعالى {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}(عبس:17) قتل: لعن، لعن الإنسان ما أكفره!!.
وفعلاً كل إنسان يستحق اللعنة إذا لم يرجع ليتفهم جيّداً معاني رحمة الله به، يتفهم جيداً معاني معرفته بالله، ليعرف بأنه ليس هناك ما يمكن أن يدفعه إلى أن يميل إلى هذا الجانب أو هذا الجانب لا برغبة ولا برهبة، ولا بخوف ولا برجاء.