الضعف يترك أثره في كل شيء، والله أراد لأوليائه أن يكونوا أقوياء
برنامج رجال الله
الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي.
خطر دخول أمريكا اليمن صـ 17 ـ 20.
لقد ظهر في هذا الزمان أن من الأشياء التي تؤدي إلى استحكام قبضة الأعداء على الشعوب المسلمة هو: أن حكوماتهم تُخْدَع من قبل الآخرين فيخدعوننا هم، ونحن نتربّى على أن نقبل ما جاء من حكوماتنا، وقد يقول البعض: [الدولة هي المعنية بهذه القضية, وهي المسؤولة عن هذا الأمر، وهي التي تهتم بمصلحة الشعب] لكنهم أشخاص كمثلنا، يمكن أن يُخدع، يمكن أن يجهل أشياء كثيرة، يمكن أن يجهل مصلحة الشعب الحقيقية، يمكن أنه لا يعود إلى القرآن ليهتدي به، وليعرف من خلاله ما هو الموقف الصحيح الذي هو مصلحة لشعبه، فقد يُخدعون ونحن نُخدع، ثم سنكون الضحية نحن وهم.
لاحظ، قد يقولون للرئيس مثلاً: [نريد كذا و من أجل كذا ومن أجل أن نقف مع الحكومة في مساعدتها ضد الإرهابيين] لأنه حتى الحكومة هي تعاني من الإرهابيين كما يقول الرئيس: [وحتى نحن, نحن عانينا من الإرهاب كثيراً] أليست هذه عبارة كان يقولها؟ [إذاً نحن سنساعدك يا حبيبنا] هكذا يقولون [سنساعدك ضد الإرهابيين الذين أزعجوك كثيراً, والذين عانيت منهم كثيراً] وقد يرى ذلك جميلاً منهم!.
ثم حينئذ يصنعون هم أحداثاً إرهابية في اليمن – وهذا متوقع – يصنعون هم أحداثاً إرهابية في اليمن قريباً من مواقع مرتبطة بمصالحهم, أو منشآت تابعة لهم, أو يعملون أعمالاً تُرهب الدولة نفسها, ثم يقولون: [أرأيتم أنكم بحاجة إلينا، هاتوا كتائب أخرى]. فتسمع أنت أنه قد وصل مائتا جندي، وصل أربع مائة جندي, ثم ست مائة جندي وهكذا، ويظل الرئيس متشكراً لهم ولدعمهم، ونحن نشكرهم أيضاً وأنهم يساعدوننا على مكافحة الإرهابيين.
الرئيس نفسه، الدولة نفسها تستطيع أن لا تتكلف شيئاً أمام أولئك الإرهابيين تترك الناس هم يتعاملون معهم فلا يحتاجون إلى أمريكا, ولا يحتاجون حتى إلى الجيش, ولا يحتاجون حتى إلى الدولة بكلها.
كنا نقول أمام الوهابيين من زمان: نريد من الدولة أن تتخلى عنا وعنهم على الرغم من ضعفنا، كان زمان قبل سنوات إذا ما حصل خصومة في مسجد بين وهابيين وزيود، كان يظهر من أقسام الشرطة, ومن القادة ومن الجنود ومن الدولة تعاطف مع الوهابيين ضدنا فيزجون بعالم من علمائنا, أو بمجاميع من شبابنا في السجون، وترى الوهابي أيضاً إذا ما سجن يخرج في اليوم الثاني، ترى الوهابي يستطيع أن يتصل مباشرة بـ(علي محسن) ويستطيع هو أن يتدخل في قضيته، وحصل مثل هذا في [رازح]، حصل خصومة في [شعاره] كان الوهابيون يستطيعون أن يتصلوا مباشرة بـ[علي محسن]، والزيود لا يستطيع أن يتجاوب معهم ولا المحافظ ولا مدير الناحية.
أوليسوا هم الذين يقولون عنهم الآن أنهم إرهابيون؟ كنا نقول: يكفينا أن تتخلوا عنا وعنهم، دعونا نتصارع نحن وهم إما أن يقهرونا أو نقهرهم، نحن في مواجهة دينية معهم، و هم من يعتدون علينا فدعونا نحن نقف في وجوههم لكنا كنا دائماً كلما تحركنا ضدهم قالوا: إذاً معكم إمام.
في [المحابشة] كان القاضي صلاح ومجموعة من الشباب في مواجهة كلامية مع وهابيين قبل سنوات – قبل الوحدة– ثم يُتهم هذا الشخص بأنه يريد الإمامة, وأنه يريد أن يعمل إمامة! كانت الإمامة يواجهون الناس بها في كل موقف، هؤلاء الذين أنتم تقولون بأنهم إرهابيون ولم تتركونا نواجههم، وكنتم أنتم من تقفون معهم، وكنتم أنتم من تشجعونهم، هاأنتم أيضاً تقبلون أن يدخل الأمريكيون اليمن بحجة مطاردتهم! نقول من جديد: دعوا الشعب هو يتعامل مع الإرهابيين الحقيقيين، هو الذي يستطيع أن يوقفهم عند حدهم.
وفعلاً لو كانوا يتركوننا من زمان لما استقوى الوهابيون، ثم لما تحولوا – كما يقال عنهم – إلى إرهابيين تصبح أعمالهم من وجهة نظر الدولة مبرراً لدخول الأمريكيين إلى بلادنا، أما كان هناك ما يغنينا عن هذا كله؟ لكننا دائماً نُخدع، نحن.. حكومات, وشعوب, مسئولون, ومواطنون نُخدع من قبل أعدائنا.
لنفترض أن يكون دخول الأمريكيين تحت مبرر مساعدة الدولة في مكافحة الإرهاب الذي سيقال لنا بأننا عانينا منه كثيراً, فيتجمع الأجانب في بلدنا, وبلدنا موقعه مهم، وبلدنا لا تزال ثرواته مخزونة في باطن الأرض، هو لا يزال شعباً بكراً، وهذا هو ما اتُهمت به أمريكا أيضاً في محاولة دخولها إلى أفغانستان بأعداد كبيرة أنه بلد فيه كثير من الثروات التي لا تزال لم تُستغل بعد, وحينئذٍ سينهبون ثرواتنا، وحينئذٍ سيهينوننا، وحينئذٍ سيستذلوننا، وحينها ستصبح دولتنا أيضاً تحت رحمتهم، ويصبح علي عبد الله كعرفات أيضاً.
أو أن هذه أشياء افتراضية فقط ليس هناك شواهد عليها من الواقع؟ أليس السعوديون الآن يعجزون عن إخراج أمريكا من بلادهم، يوم دخلوا بحجة الحفاظ على أمن واستقرار المملكة في مواجهة العدو اللدود – كما يقال – العراق وصدام, وملأوا بلدان الخليج العربي, والسعودية بوجودهم, وتواجدهم العسكري وقواعدهم الكثيرة وقطعهم البحرية، تحت حجة حماية هذه الدول من الخطر العظيم ضدهم إيران! ثم عرفوا أخيراً بأن إيران هي من يمكن أن تحميهم أما أولئك فهم كما قال الله عنهم: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ}(البقرة: من الآية100) هاهم الآن هل يستطيعون أن يخرجوهم من بلادهم، وإذا ما حاولوا أن يخرجوهم من بلادهم أليسوا سيضطرون إلى أعمال مرهقة، وأعمال منهكة, وأعمال ثقيلة؟.
هم في البداية من شكروهم على دخولهم، وهم من سيبكون, من سيبكون لوجودهم داخل بلادهم.. هكذا يخدعون الشعوب، وهكذا يخدعون الحكومات، ولقد أخبرنا الله كثيراً عنهم بأنهم يخادعون، وأنهم يلبسون الحق بالباطل، فيقدم لك مَكره وعداءه وكيده ومؤامرته ضدك بصورة النصح, والحرص على المصلحة, والخدمة, والصداقة، لبس للحق بالباطل هم قديرون على صنعه، هم ماهرون في هذا من زمان.
ولنفترض أن الدولة عجزت في الأخير، حينئذٍ من سيكون الضحية؟ أليس هو الشعب؟ الشعب الذي خدع أيضاً وهو ينظر نظر دولته التي تٌخدَع أيضاً.
نقول لأنفسنا، ونقول للدولة، ونقول للكبار وللصغار: أن في كل ما نشاهد في البلاد العربية والإسلامية شواهد كثيرة يجب أن نأخذ منها العبرة، قبل أن نكون نحن عبرة للآخرين، يجب أن نأخذ منها ما يكشف لنا واقع أعداءنا. أو ليسوا يقولون الآن: أن أمريكا كشفت عن وجهها؟ هي تكشف عن وجهها ثم أنت من لا تزال قابلاً لأن تُخدع بها.
ثم إذا كان هناك مسؤول في الدولة هذه, أو في تلك الدولة، شأن الأمة العربية هو شأن واحد, إذا ما كان هناك مسؤول يرى نفسه مضطراً فلا يحاول أن يفرض واقع ضعفه على شعبه، إذا كان يرى نفسه هو أنه مضطر وهو ينظر إلى مصالحه، ينظر إلى نفسه أنه قد ثقل بممتلكاته، بقصوره بأرصدته في البنوك، بعهود, بمواثيق بينه وبين أولئك، فيرى نفسه أنه مضطر إلى شيء من هذا، وهو يعرف في قرارة نفسه أن فيه ضرراً على شعبه فلا يحاول أن يفرض ضعفه على الآخرين.
نحن نقول: هذه حالة سيئة حتى عند من يحملون الدين, واسم الدين أنه إذا كنت تطلب العلم وأنت ترى نفسك أنك تحمل نفسية ضعيفة.. لا تقـرب العلم، لا تتعلم لتصبح في نظر الآخرين رجل دين, وحامل علم يُقتَدَى به؛ إنك حينئذٍ من سيصبغ دينه بضعفه، من سينعكس ضعفه على مواقفه الدينية.. لا يجوز هذا حتى في العمل لله.
الذين يحملون رسالات الله هم نوعية معينه من قال الله عنهم: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ}(الأحزاب: من الآية39). وكم عانت الأمة قديماً وحديثاً ممن حملوا اسم الدين, وحملوا العلم علم الدين ولكنهم بأنفسهم الضعيفة انعكس ضعفهم كله على الدين فأضعفوا الدين في نظر الأمة، وأضعفوا الدين في واقع الحياة، وأضعفوا الأمة أيضاً بضعف نفوسهم، وكل ذلك بسبب ماذا؟ بسبب أن نفوسهم ضعيفة.
بل نحن نقول أحياناًً: أنه لا ينبغي لك أيضاً أن تجامع زوجتك في فترة يحتمل أن تحمل منك وأنت في حالة تحس بأن نفسيتك ضعيفة وهزيلة، ستنجب مولوداً ضعيفاً هزيلاً في روحيته ونفسيته وسينشأ نسخة منك.. الضعف يترك أثره في كل شيء، والله أراد لأوليائه أن يكونوا أقوياء، حينئذٍ من تكون مواقفهم قوية من يكون أولادهم أقوياء، ينجبون أقوياء ويقفون مواقف قوية، ويقولون قول الأقوياء، ويتحركون بقوة في كل مواقعهم؛ لأنهم ماذا؟ لأنهم أولياء للقوي العزيز، وكيف يكون الضعيف ولياً للقوي، ويـبقى على ضعفه.
أوليس أي شخص منا إذا ما رأى نفسه أنه أصبح مقرباً عند شخص قوي، عند محافظ أو عند وزير أو عند رئيس أنه يرى نفسه قوياً؛ لأنه يرى نفسه ماذا؟ أنه أصبح ولياً مقرباً من رجل قوي.
الضعيف لا يصدق عليه بأنة من أولياء الله؛ لأن هذا هو شاهد من واقع الحياة، شاهد من واقع الحياة، لو كنت ولياً لله فإنك لا تضعف أبداً؛ لأنك ولي للقوي العزيز، ولهذا قال في هذه الآية: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}(الحج: من الآية40) وأنتم تسمون أنفسكم أولياء للقوي العزيز، وأنتم تستمدون قوتكم من القوي العزيز. فعندما تضعف فإنك فعلاً بعيد عن الله سبحانه وتعالى.
لاحظ نفسك وجرب نفسك أنك أنت من ضعفت وأنت تدعي أنك من أولياء الله لو جاء رئيس الجمهورية، لو جاء رئيس الوزراء، لو جاء حتى قائد أو محافظ محافظة يقول لك: نحن معك، و تحرك ولا تخف شيئاً نحن سنقف معك بكل ما نملك، ألست سترى نفسك حينئذٍ قوياً, وتنطلق بقوة وتتحدى الآخرين؛ لأنك هنا وثقت بشخص تراه قوياً، لو كانت ثقتك بالله على هذا النحو لكنت قوياً، وعندما تكون قوياً ستكون مواقفك قوية، سيكون قولك قوياً، ستكون رؤيتك قوية، سيكون تحركك كله مصبوغاً بالقوة، بل ستنجب أولاداً أقوياء؛ لأنك تحمل روحيةً قوية، تحمل نفساً قوية.
أما الضعيف فإنه من يصبغ الحياة كلها بضعفه، ويصبح كل شيء تلمس فيه آثار ضعفه: منطقه ضعيف، مواقفه ضعيفة، إسهاماته ضعيفة، مشاركاته ضعيفة، وكلما يخرج منه ضعيف.
وحينما نُخدع, وتُخدع الدولة, ويُخدع الكبار كما خُدِع الآخرون سنرى أنفسنا في وضع محرج، سنرى أنفسنا في وضع محرج, وحينئذٍ نرى أنفسنا لا نستطيع أن نعمل شيئاً، وإذا ما أردنا أن نعمل شيئاً نكون قد كشفنا واقعنا للآخرين ضعافاً، ويكونون هم من رأوا أنفسهم بأنهم قد غزونا إلى عقر دورنا ((وما غُزي قوم في عُقر ديارهم إلا ذلوا)). ما الذي يمكن أن يصنع الناس حينئذٍ؟ لا شيء, ثم من الذي يمكن أن يقف معك حينئذٍ؟ لا أحد.