التقديرات، والتخمينات، وحسن الظن لا تكفي في مسألة اختيار المسؤولين للقيام بالمهام العملية المرتبطة بالناس
بصائر من نور القيادة.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.
الدرس التاسع من دروس عهد الإمام عليه لمالك الأشتر.
مسألة الاختيار لا تكون مبنية على أساس التقديرات الشخصية، وحسن الظن، والتخمين، [أن ظاهر هذا الإنسان الصلاح، ويظهر من حاله أنه مناسب لهذه المسؤولية، مناسب أن أعتمد عليه في مكتبي، أو في إدارة من الإدارات، أو دائرة من الدوائر، في إطار مهامي ومسؤوليتي، فأعتمد عليه اعتماداً أساسياً؛ لأنه يظهر من حاله الصلاح، وتقديري نحوه أنه شخصٌ جيد]، لا تكفي التقديرات، والتخمينات، وحسن الظن في مسألة المسؤوليات، المسؤوليات والمهام العملية المرتبطة بالناس، المرتبطة بالحق والعدل مسألة مهمة جداً، لا تكفي فيها هذه التقديرات.
((فَإِنَّ الرِّجَالَ يَتَعَرَّفُونَ- وفي بعض الروايات (يَتَعَرَّضُونَ)- لِفِرَاسَاتِ الْوُلَاةِ بِتَصَنُّعِهِمْ، وَحُسْنِ خِدْمَتِهِمْ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ النَّصِيحَةِ وَالْأَمَانَةِ شَيءٌ))
البعض من الناس هم يتقنون التظاهر بالصلاح، ويقدمون أنفسهم بطريقة معينة، بحيث ترى فيهم أنهم فعلاً جديرون بأن تعتمد عليهم، بأن يكونون في إطارك، بأن يكونون هم في إطار مسؤولياتك المباشرة، يعينونك فيها، يحسنون التعامل معك، يظهرون أنفسهم بالصلاح، ويقدمون خدمات معينة لك، ويظهرون اهتماماً معيناً نحوك، فالبعض من الناس قد يتأثر بذلك، عندما يرى هذا النوع من الناس الذين يتعرضون وهمهم الوصول بذلك- بما يظهرونه من حسن الحال، من الكفاءة، من مكارم الأخلاق، من تقديم خدمات معينة، من اهتمام- همهم بذلك الوصول إلى محيطك العملي، أو اختراق محيطك العملي للوصول إلى مسؤولية معينة فيه.
((وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ النَّصِيحَةِ وَالْأَمَانَةِ شَيءٌ))، لا هم ناصحون، ولا هم أمناء، بحيث يعتمد عليهم، والنصيحة والأمانة هي الأساس في أن تعتمد على هذا، أو تثق بهذا، في إطار مسؤولياتك المهمة.
ولـــــــذلك لا تكتفي بالتقديرات، والتصورات، والفراسة، وحسن الظن، المبني على ما لاحظته من ظاهرهم، من خدماتهم التي يقدمونها، من لفتهم لنظرك إليهم بشيءٍ من الاهتمام.
((وَلَكِنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِينَ قَبْلَكَ))
(اخْتَبِرْهُمْ): اعتمد على الاختبار، لا يكفيك التظاهر من جانبهم، بما يظهرهم أمامك بأنهم من ذوي الكفاءة والثقة للاعتماد عليهم، اعتمد على الاختبار:
إمَّا بما ذكره هنا: ((بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِينَ قَبْلَكَ))، يعني: بتجاربهم السابقة، إن كانت لهم تجربة في إطار صالحين آخرين قبلك، فكانوا في إطار أعمال معهم، كيف كان أداؤهم، كيف كان أثرهم من خلال مسؤولياتهم، أثرهم في الواقع، كيف كان الانطباع العام في نطاق مسؤولياتهم نحوهم.