المسؤولية ليست لعبة ولا ممارسة لهواية ولا عبارة عن موقع تسلط واستغلال
بصائر من نور القيادة.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.
كلمة خلال لقائه بالسلطة التنفيذية المركزية والمحلية 1444 هـ .
الإنسان في هذه الحياة، الإنسان المكلف، الإنسان الذي منحه الله “سبحانه وتعالى” الإدراك والتمييز، وأتم عليه الحجة، هو في هذه الحياة في موقع المسؤولية، عليه مسؤوليات والتزامات حددها الله “سبحانه وتعالى”، ربنا، وملكنا، وخالقنا، ورازقنا، والذي إليه المصير، يحاسبنا ويجازينا على ما قدمنا وعملنا.
وعبَّر القرآن الكريم عن أهمية مسؤولية الإنسان، ومستوى هذه المسؤولية، التي يتهاون بها الكثير من الناس، ولا يدرك مستوى حجمها وعبئها، وما ينتج عنها، لكن التعبير القرآني والتمثيل الذي يقرب إلى ذهنيتنا مستوى الأهمية، إذا تأملناه، يهز وجدان كل إنسان مؤمن، ويبعث فيك روح اليقظة، ويصنع فيك الاهتمام، ويدفعك إلى التعامل بجدية مع مسؤولياتك في هذه الحياة، قال الله “سبحانه وتعالى” في القرآن الكريم: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[الأحزاب: الآية72].
الأمانة هي تشمل عنوان المسؤولية، ما خوَّلنا الله فيه، وما وجهنا به لنتعامل مع ما منحنا إياه في أنفسنا، وفي حياتنا، وما منَّ به وأنعم به علينا في إطار استخلافه لنا في هذه الأرض، هذه الآية المباركة تبين كم أن حجم مسؤولية الإنسان كبيرٌ جدًّا، ومن أهم ما يجب أن نستوعبه عن المسؤولية هو هذا العنوان القرآني: (الأمانة)، المسؤولية أمانة، وهي ترجمة عملية لأداء هذه الأمانة، التي حمَّلنا الله إياها في إطار استخلافه لنا في الأرض، وهذه المسؤولية هي بهذا الحجم، الحجم الذي تنوء بحمله السماوات، مع عظمها، مع اتساعها، ومع كبرها، تنوء بحمله الأرض، بكل جرمها وثقلها، وتنوء بحمله الجبال، بكل شموخها، وعظمتها، وأحجامها الهائلة.
حمل المسؤولية هو كبيرٌ جدًّا، ويتطلب أن يحملها الإنسان بوعي، ويقظة، وإدراك لعواقب التفريط، ومخاطر الإهمال والتقصير، حتى يتعامل بجدية، وإلا فسيكون الإنسان إذا تعامل باستهتار مع المسؤولية، سيكون في واقعه، وممارساته، وأسلوبه، وطبيعة تعامله مع مسؤولياته كما في ختام الآية المباركة: {ظَلُومًا جَهُولًا}، يكثر منه الظلم، ويكثر منه ما هو جحدانٌ للنعمة، ما هو جحودٌ لفضل الله عليه “سبحانه وتعالى”، ما هو مقابلةٌ لإحسان الله إليه بالإساءة، والجهل في كل شيء، نتيجةً للاستهتار واللامبالاة، وعدم الاستيعاب لأهمية الأداء الصحيح، والحمل الصحيح للمسؤولية، على النحو الذي يرضي الله “سبحانه وتعالى”، ويحقق الخير للإنسان.
فأول ما ينبغي أن ندركه هو هذا الجانب: المسؤولية ليست لعبة، ليست ممارسة لهواية، ليست عبارة عن موقع تسلط واستغلال للجانب المعنوي، والصلاحيات… ونحو ذلك، أو لأطماع شخصية.