آيات الله هي اعلام على حقائق وهي حقائق ثابته
يوميات من هدي القران الكريم.
الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي.
معرفة الله وعده ووعديه الدرس الثالث عشر صـ 1 ـ 2.
قراءة كتاب الله بتأمل، وقراءة أحداث الحياة بتأمل، وقراءة النفوس، وسلوكيات الناس بتأمل هي ما يساعد الإنسان على أن يهتدي، على أن يسترشد، على أن يستفيد من خلال القرآن الكريم.
بعد تلك الآيات العظيمة من أول السورة من [سورة السجدة] والتي تحدثنا حولها بالأمس بمقدار ما نفهم يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} (السجدة:15).
آيات الله هي: أعلام على حقائق، هي حقائق ثابتة، وسميت آيات: لأنها أعلام على حقائق، حقائق في واقع النفوس، حقائق في الحياة، حقائق في مجالات الهداية كلها، حقائق تتحدث عما سيحدث يوم القيامة، أنها أشياء لا بد أن تحصل, وأن هناك من سيقول: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} (السجدة: من الآية12). والآيات القرآنية هداياتها واسعة جداً، تهدي في عدة اتجاهات. كما فهمنا من أن قول الله تعالى حاكياً عن أولئك الذين سيقولون وهم منكسون لرؤوسهم: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ}. أنها تكشف حقيقة نحن عليها في واقعنا في الدنيا هذه.
أولئك الناس – وهم أكثرنا – الذين لا يؤمنون بالخطورة إلا متى ما دهمتهم، لا يعملون الاحتياطات اللازمة، ويعدون العدة لمواجهة الخطر، وإنما يسوفون ويتناسون حتى يدهمهم الخطر.
قلنا أيضاً: أن هذه إذا كانت طبيعة لدينا، إذا كانت حالة نفسية ثابتة لدينا فهي خطيرة جداً علينا؛ لأنها لن تكون في الدنيا، بل ستكون في الآخرة أيضاً، مَن هذه حالته، من هذا واقعه هكذا: لا يهتم بالإعداد للخطر المحتمل فإنه أيضاً لن يهتم، ولن يعد للخطر المتيقن.
نحن نقول كلمتين؛ في الدنيا نقول أمام الخطورة المحتملة: [عسى ما في خله] ألسنا نقول هكذا؟ [عسى أن الباري سيهلكهم] .. ونقول أمام الخطورة المتيقنة: [الله غفور رحيم] أليست حالة واحدة؟.
يجب أن نروض أنفسنا هنا، نفسيتك في الدنيا هي النفسية التي ستحشر بها يوم القيامة، ستحشر أنت وأنت أنت، كما لو قمت من مرقدك الصباح، النفسية التي كنت عليها هي هي التي ستبعث عليها يوم القيامة [ما في خلة] [الله غفور رحيم] تأتي الخلة وأنت لم تعد لها عدة فتكون خلة كبيرة جداً، [الله غفور رحيم] سيأتي يوم القيامة وترى بأنه كان موضع الرحمة والغفران هنا في الدنيا أن تتسبب هنا في الدنيا، فيرى الناس أنفسهم بأنه لا كلمة [ما في خلة] ولا كلمة [الله غفور رحيم] هي التي ستنفعهم.
وقلنا: هؤلاء هم كانوا عرباً, هم عرب الذين سيقولون: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ}. تتحدث عن مجرمين، ممن يقولون: {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} (السجدة: من الآية10) هذه حالة كانت عند العرب القدامى وما تزال قائمة فينا، ولكن يبدو أنها تعمقت وترسخت أكثر وأكثر مما كان لدى الماضين.
ونجد لهذه أثرها السيئ في مجال المقارنة بين واقعنا نحن وواقع أعدائنا من اليهود والنصارى، تراهم لا يفكرون هذا التفكير إطلاقاً، يضعون الخطط وينطلقون في الأعمال التي تحول دون أن يدهمهم خطر محتمل ولو بعد مائتي سنة؛ لهذا فاقونا، ولهذا ضربونا، ليس عندهم [ما في خلة].
القرآن يعتبرونه مشكلة لديهم، الإسلام يعتبرونه مشكلة لديهم، يشكل خطورة بالغة؛ لأنه فيما إذا رجعت هذه الأمة إلى الإسلام تلتزم بدينها، وإلى القرآن الكريم تعمل به، وتهتدي به فإنه فعلاً ستصبح هذه الأمة قوية جداً، لا تستطيع تلك الدول مهما كان لديها من أسلحة، مهما كان لديها من إمكانيات أن تقهر هذه الأمة.
فهم يعملون جاهدين من زمان من مئات السنين، بل بلغ بهم الحال في بعض مراحل التاريخ في أسبانيا بعد أن ضربوا المسلمين هناك، أرغموهم في الأخير على تغيير أسمائهم, وأسماء أبنائهم، تغيير الأسماء الإسلامية إلى أسماء أخرى أوربية، من نحو [جورج] ونحوها .. أسماء أخرى؛ لأنه حتى المفردات الإسلامية، المفردات العربية، المفردات القرآنية، الألفاظ، هم يرون أنها تترك شعوراً، أو أثراً أحياناً قد يكون أثر لا شعوري، وأن هذا يبذر بذرة ارتباط داخل أعماق النفس، فتهيئ الإنسان للاستجابة في أي زمن. فهذه خطورة؛ يغير الاسم، تغير المصطلحات مهما أمكن كما وجدنا من تغيير كلمة: [جهاد] ونحوها.
لماذا يعملون هم على أن تضيع كلمة: [جهاد] من أوساط المسلمين ونحن المسلمون نرى أنفسنا نقرأها كثيراً في القرآن الكريم ولا نتأثر! أليس كذلك؟.
هم يرون أنه وإن كنت الآن تقرأها ولا تتأثر بها، لكن تكرارها على مسامعك سيترك أثرا ولو كان أثراً لا شعوريا، أقل ما يمكن أن يترك هذا هو: أن يكون هذا المبدأ مقبولا لديك، متى ما جاء من يحركك، ومتى ما وجدت الإمكانيات بين يديك، أليس كذلك؟ أليس هذا ما نجده في أنفسنا أحياناً متى ما وجدنا من يتكلم معنا، أو وجدنا من يتحدث عن واقعنا، أو وجدنا من يعمل على إحياء هذا المبدأ في نفوسنا، ألسنا نتأثر؟.