الشهيدُ القائد وسلطانُ الوعد الصادق. بقلم/ ضيف الله صالح أبو غيدنة
| مقالات وكتابات | 8 شعبان 1444هـ الثقافة القرآنية: الشهيدُ القائد وسلطانُ الوعد الصادق.
بقلم/ ضيف الله صالح أبو غيدنة
غيب الظلمة وأعوانهم شخص الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” عن الدنيا وظنوا بذلك أنهم سينهون ذكره كما خيل لهم ولأسلافهم الطغاة، حَيثُ ظنوا أن ما لديهم من إمْكَانات كافية لإزاحته من المشهد ومحو ذكره إلى الأبد، والاطمئنان على كراسيهم الملتهبة ناراً.
كان إجرامهم يقتضي بأن يقوموا بقتله وقتل أصحابه ومحبيه وإلغاء نهجه؛ لأَنَّهم لا يألفون منطقه ولا ينسجم منهجه مع مجمل أعمالهم؛ لأَنَّه يقع على النقيض تماماً مع خطهم الإجرامي المتصاعد،
لقد كان الشهيد القائد “رضوان الله عليه” يشكل في نظرهم خطورة بالغة على مستقبل سلطتهم ويقوض دعائم ومرتكزات نظامهم، حَيثُ يفقدهم جميع مؤهلاتهم المادية والمعنوية التي تخول لهم البقاء في السلطة رغم أن حركته ثقافية وتنويرية بحتة، تستهدف تصحيح ما اندثر من الثقافة الإسلامية وإعادة الأُمَّــة إلى جادة الصواب بما يضمن استقلالها وحرية أبنائها، لكنها كانت تظهر تناقض نظامهم مع ما يعلنون ويخرج مكنون صدورهم وما تخفيه أنفسهم من مكر وخديعة تقوم عليه سياستهم في إدارة الدولة وعلاقاتهم مع الاستكبار العالمي.
كانوا يرونه بما وضحه وما صححه يشكل ظاهرة تكبر خطورتها عليهم وكانوا يتسابقون مع الزمن لوضع حَــدّ لهذه الحركة وعدم انتشار أفكاره، وقد وضعوا كُـلّ إمْكَانات وخبرات السلطة في هذا الاتّجاه وخيل إليهم أنهم قادرون على ذلك، حَيثُ كانت الحرب أقصر الطرق إلى تحقيق هذهِ الغاية بعدما فشلت كُـلّ الخطط وأنواع الوسائل والأساليب التي نجحوا في استخدامها مع المعارضين لهم من قبل.
فسياسة الاغتيال والتصفية بالطرق التقليدية لم تنجح وكذلك الوعود بالمناصب والمال وكل الإغراءات المادية فشلت مع رجل كان مصدر الوعي السياسي وقمة العلم القرآني، ومنتهى الإيمان بالله والثقة به.
لقد كان كتلة من النور يتحَرّك في كُـلّ الاتّجاهات، حَيثُ كانت البصيرة والمعرفة بالنتائج تتدفق من على لسانه، فلقد أوتي الحكمة في المنهج وأعطي البسطة في العلم والجسم؛ لأَنَّه كان حليفَ القرآن الكريم الذي أضاء له الطريق وأزال عنه الغموض الذي يلف الحقائق بفعل الزيف والتضليل.
فقد كانت نظرته ثاقبة ورأيه غالباً وموقفه مشرفاً وحكمه فصلاً، لقد خاب ظنهم وتكلست نظرتهم وتحطمت مؤامرتهم، فهم بإعلان الحرب عليه فتحوا له أبواب الجنة، وزادوه يقيناً بأنه على الصواب وأنه قد أصاب في تحَرّكه، وجانب الخطأ في مسيرته. لقد أعطوه شهادة بأنه قد أسس البنيان وأوثق البيان وقاد الأُمَّــة إلى العزة والكرامة! ..
لم يذهب إلى أي خيار آخر يفضي به إلى التراجع مهما كانت النتائج فالعاقبة للمتقين وهو راض بأية نتيجة تفضي إليها المعركة وقد سلم أمره لله وراض بما كتبه له، وعلى ثقة بأنه قد أدى واجبه على أكمل وجه، رجاء أن يحظى برضا الله، قتلوه فكان الانتصار الشخصي له، حَيثُ يذهب إلى ما بعد وعد الله الصادق له برفقة الأنبياء والصديقين والشهداء.
وأما مشروعه فإلى يد الله ستؤول الأمور وهو الذي وعد بالظهور لدينه ولو كره الكافرون، لم يكونوا واثقين أنهم على الصواب ولا مؤمنين بأحقية حجتهم فارتكبوا جريمة العصر وخسروا ما كانوا قد أسموه النصر، وما هي إلا بضع سنوات حتى انقلبت الآية، حَيثُ اهتزت أركان حكمهم وأحرقت كروتهم فانقلب الشعب عليهم؛ بسَببِ ذنوبهم وتقاطرت عليهم المشاكل من كُـلّ حدب وصوب ليجزيهم الله عذاب الخزي في الدنيا، فمنهم من قتل وأريق دمه ومنهم من ذهب متخفياً تحت جنح الظلام ومنهم من هرب عن طريق الصحراء ومنهم من ذهب عن طريق البحر ليتركوا كُـلّ ما حسبوه حقاً شخصيًّا لهم خلفهم على أمل أن يعودوا إليه في وقت آخر، وينجز الله وعده للمؤمنين بحذافيره ويصدق معهم في كلامه، ويري فرعون وهامان منهم ما كانوا يحذرون.
لقد تجلى صدق وعد الله ووعوده في حركة الشهيد القائد فهو الذي يقف خلفها منذ البداية وهو الذي تولى رعايتها وإلى ما شاء، فرحم الله الشهيد القائد وأعلى مقامه وجزاه عنا خير الجزاء إنه سميع مجيب.