أراجوزاتٌ على مسرح المفاوضات. بقلم/ عبدالله علي صبري.
تقتضي الخطَّةُ الأُمَميةُ للحَلِّ في اليمن الدفعَ بالفرقاء إلى التوافق على خارطة طريق تقود إلى وقف العدوان ورفع الحصار بشكل نهائي، واستئناف العملية السياسية التشاركية، وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 عن طريق السياسة بعدَ أن عجزت قوى تحالف العدوان السعودي الأمريكي عن تحقيقه بقوة وآلة الحرب. بيدَ أن وفد الرياض إلى مفاوضات الكويت يتصرَّفُ بمعزلٍ عن تطورات الحرب، ودراماتيكيا المشهد السياسي، متوهماً أن الوفد الوطني القادم من صنعاء جاء إلى الكويت كي يسلِّمَ رقبتَه للرياض وأدواتها. ولأنهم أسرفوا في الفجور وخيانة الوطن، فقد صُدموا حين وجدوا تغيراً محدوداً في لُغة وخطاب الأمم المتحدة والدول الراعية للعملية السياسية، ما دفعهم للتعامل مع استحقاق السلام بشكل صبياني، وعبر تصريحات ساذجة تنُــمُّ عن تهافت كبير في خدمة أجندة الخارج على حساب المصلحة الوطنية العليا. كلما تقدمت المناقشات خطوة ولو محدودة إلى الأمام، سارع المرتزقة إلى المراوغة والتهرب، وإطلاق تصريحات غير مسؤولة تنم عن مدى الصغار والانحطاط الذي باتوا عليه، وهم يستشعرون نهاية مخزية لهم ولمَن راهن عليهم. وكما أفشلوا مفاوضاتِ موفنبيك التي سبقت العدوان على اليمن، نراهم الآن يجددون التلهّي بمأساة اليمنيين، ويتمادون في التكسب من وراء الحرب والحصار، في لعبة مكشوفة تستهدف نسف الآمال في الحل السياسي وعودة السلام. ولأنهم أراجوزات لا أكثر، تراهم مقبلين ومدبرين في المفاوضات بلا أفق أو رؤية يمكن التعاطي معها، فهم أنفسُهم لا يدرون إن كانت الرياض تريد الحل أم أنها تدفع بهم للمسرح لتحقيقِ مآربَ أخرى. يُقْبِلُ دُمَى الرياض على المفاوضات تحت ضغط دولي لم يألفونه، فالمجتمع الدولي الذي استخدمهم كقفّاز في الحرب، بات يستخدمهم كمطية للسلام، وهي مسألة لم يتوقَّعوْها، فقد راهنوا على الحرب لا غير، وظنوا أنهم عائدون إلى السلطة على ظهر دبابة الغزاة والمحتلين، فإذا بالمتغيرات تعصف بأحلامهم المريضة. على أن هذا الجانب السيكولوجي الذي يعيشُه مرتزقة الرياض، إنما يفسّــرُ جانباً من تعثُّــر المفاوضات حتى الآن، لكنه قطعاً ليس عاملاً رئيسياً في نجاحها أو فشلها، ذلك أن قرارَ الحل والحرب كان وما يزال سعودياً-أمريكياً، وكذلك الأمر بالنسبة للحل السياسي، أما الأراجوزات فما عليها سوى إتقان الدورِ المسرحي المطلوب منها.