المنهج الحق يحقق للإنسان السعادة في حياته.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
محاضرة بعنوان (الفوز العظيم) 9 رمضان 1434 هجريه.
المنهج الحق يحقق للإنسان السعادة في حياته من جانبين: جانب مباشر، جانب مباشر؛ لأن كل تلك التعاليم لها أثر مباشر في الواقع، وجانب آخر زيادة بركة من الله سبحانه وتعالى، ومكافئة من الله سبحانه وتعالى، مثلما قال: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}(الأعراف:96) إذاً فالطريق التي أرادها الله لنا، وما يريده الله للإنسان هو السعادة الحقيقية، هذا لا يعني أن الحياة ليس فيها مشاق، أو متاعب، بل يوجد في الحياة مشاق، ويوجد فيها متاعب، يوجد فيها منغصات، يوجد فيها مشاكل كثيرة، ولكنها ناتجة عن واقع الناس، عن ما يرتكبه الكثير من الناس من مظالم، وفساد، وطغيان، وأنانية، ومجانبة للعدل، وتجاوز للحق، وإمعانٌ في الفساد، فنتيجة معظم المشاكل، معظم الصعوبات، معظم العوائق والنكبات، ومعظم معاناة البشر، سببها في الواقع البشر أنفسهم؛ لأن هناك كثير من البشر يتجهون في واقع الحياة، في طريق الانحراف، الظلم، الفساد، الطغيان، الجريمة.. وهكذا، فيظلمون أنفسهم وينشرون الظلم في واقع الحياة، يَفسُدُون، ويُفسِدُون، وتنتشر مظاهر فسادهم وآثار فسادهم في واقع الحياة من حولهم، فيسيئون للحياة بكلها، ولذلك عَظُمَ ذنب الإنسان لعِظَمِ تأثيره في الحياة، وقال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}(الروم:41) هكذا هو أثر فساد الإنسان في واقع الحياة بكلها حتى في أعماق البحار.
ويقول الله سبحانه وتعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}(يونس:44) فالإنسان يظلم نفسه ويظلم أخاه الإنسان، وينشر الظلم من حوله في واقع الحياة، فتنشأ الكثير من المعاناة والمشاق وما إلى ذلك، لكن الإنسان المؤمن المستقيم الملتزم، هو يستند إلى قيم عظيمة من بينها الصبر، صبور، يصبر ويتحمل المشاق، أيضاً يستعين بالله سبحانه وتعالى، والله فتح باب العون لعباده، وعلَّمنا أن نستعين به، وما علَّمنا ذلك إلا وهو بكرمه حاضرٌ ليمنّ علينا بذلك {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(الفاتحة:5) علَّمنا أن نستعين به فهو حاضرٌ بكرمه ورحمته لأن يمنحنا العون، والله سبحانه وتعالى في عونه للإنسان يمنحه حتى العون المعنوي، العون المعنوي الكبير، يشرح صدره، يُنوِّر قلبه، يزيده هداية، يُفرِغ عليه صبراً، يُثبِّته، هكذا مظاهر الرعاية الإلهية المعنوية واسعة جداً، وبالتالي يواجه الإنسان مشاق الحياة وينهض بمسئوليته فيسمو ويصبح في واقع الحياة جديراً بالتكريم العظيم، والنعيم الكبير الذي أراد الله له.