(في محراب الوصي) للشاعر/ الشهيد محمد أحمد جابر ملفي
**************************
(في محراب الوصي)
للشاعر الشهيد محمد أحمد جابر ملفي
. كم ذا التمني والمنى أحلامُ
وجميل ظنك في الهوى أوهامُ
. كم للهوى من مدنفٍ ومعذبٍ
غدرت به الأحلام والأيامُ
. لا اليأس أقنعه بجرم نوالهم
ووصالهم قالوا عليه حرامُ
. خذ ما استطعت من الزمان فما له
أمنٌ وحاذرْ فالهوى إيهامُ
. لله كم أسبى وكم ألهى وكم
أفنى وكم في قيده ضـرغامُ
. فدعي التدللَ أق مـصـري يا هذه
إن النفيس يحوطه [الإسلامُ]
. وخذي بعيدًا عن مضاربنا فما
عندي لممشوق القوام قوامُ
. قالت: تكابر في الهوى إن الهوى
فضح المحبَّ و[فاضت الأقلامُ]
. قلت: الهوى في أعظمي وبأضلعي
لسواك والحب القديم هيامُ
. قالت: أراك متيَّـمًا في حبه
قلت: الحياة بدونه إظلامُ
. قالت: فأنَّى قد بلغت بحبه؟
قلت: العدول لمن سواه حرامُ
. قالت: لعل تباطؤًا في فضله
قلت: المعالي في يديه زمامُ
. قالت: لقد غرْنا وأوغر صدرنا
قلت: الغيارى غيركم كم راموا
. قالت: فبعض من مودتكم له
قلت: الوفاء على الكرام لزامُ
. قالت: أراك لغيره لا تنثني
قلت: اي وربي لو [تطيرُ الهامُ]
. قالت: فَصِفْه لنا فقلت: هو الذي
قد أُجهدت في وصفه الأقلامُ
. هذا الذي خضع الزمان لفضله
وأناخ تحت ركابه الإقدامُ
. و[تعلمت منه] الشجاعة [وارتوت]
إذ منه منبتها وفيه تقامُ
. الفارس الكرار والسيف الذي
ما فرَّ قطُّ ولو غشاه لئامُ
. والضارب الأقران عند نزاله
ضـربـًا تشيب لهوله الأحلامُ
. [أسدٌ يدك] الظالمين ووالدٌ
للبائسين [براحتيه] قوامُ
. والمعطي الإفطار عندَ صيامه
والفارس الكرار والصوَّامُ
. قالت: لقد غاليت في أوصافه
فالمكرمات على العبيد قسامُ
. قلت: الـمُـغـالي من يقولُ ويدَّعي
مِنْ غيرِ برهانٍ له قوّامُ
. كل الصفات العاليات لوصفه
وصفٌ وعن إنصافه إحجامُ
. قالت: أبن فلقد أثرتَ حفيظتي
مَنْ ذا يكونُ الفارس الصوامُ
. قلت: الذي يفدي الرسول بنفسه
ويبيت تحت ردائه وينامُ
. وقريش تستل السيوف صوارمًا
ولقتل طه [أجمع الحُكَّامُ]
. قالت: أمفردة الفضائل هذه
قلت: الفضائل ما لهن ختامُ
. من ذا سواه قريش ألقى جمعهم
نحو ( القليب ) ومن سواه حسامُ
. في بدرٍ ابتدرَ الرؤوس كأنها
بِدَرُ الدراهم [في الدماء تُسامُ]
. وعلى سما أُحُدٍ تفرَّع مجده
[إذ لاح] مِنْ حَدِّ الفَقارِ ضـرامُ
. هذى الكتيبة [حين جلَّى شـرها]
عن وجه طه والفضاءُ حِمامُ
. في حين ولى الآخرون وقهقروا
تركوا الرسولَ تحوطه [الأقزامُ]
. مَنْ ذا لِعَمْرٍ والنفوسُ رواجفٌ
والخوف بادٍ والنفوسُ [تُرَامُ]
. إلاه أسدى لابن ودٍّ ضـربةً
شماء من كفٍّ [لها إسهامُ]
. فتفتحت من بعدها أم القرى
فتـحًا هوتْ من هوله الأصنامُ
. هذا ابنُ عمِّ محمدٍ ونجيُّهُ
زوج البتول الفارس الضـرغـامُ
. نفس الرسول وصنوه وصفيُّه
مَنْ نسله نسلُ الرسولِ يُقامُ
. هذا الذي أصفيته بعد النبي
حبي فهل في حبه سأُلامُ
. هذا عليُّ إذا ذكرتُ حروفَه
هتفتْ به الأكوانُ والأجرامُ
. وتمايلت شم الجبال لشأوه
وتضوَّعت من عطره الأنسامُ
. قالت: أجدتَ ولو عدوتَ لغيره
فيما وصفت لنالك الإحجامُ
. مَنْ لامَ مَنْ يَهَبُ الوصـي ولاءَه
خـسـر [النجاةَ] وحاله إظلامُ
. قلت: الهوى صعبٌ إذا ركبَ الفتى
والحقدُ داءٌ معضلٌ وسقامُ
. نالوا حقوق أخي النبي ونصّبوا
غيرَ الوصـيِّ وما سواه إمامُ
. [ما زال ] مِنْ طه كهارونٍ له
حقُّ الخلافةِ شـرعةٌ ولِزامُ
. أو لم يكن خلفٌ لموسـى صنوُه
في قومه فاستضعفوه وضاموا
. وكذاك حيدر جردوه وطوَّقوا
بالأمر قومًا آخرين فقاموا
. هضموا الوصـي تراثه وحقوقَه
وتداولوها دونه وتراموا
. أعلمت ما فعلَ الزمانُ بحيدرٍ
قالت : وهل مثل الوصـي يُضامُ
. قلتُ: استباحوا حقَّه وهو الذي
كُسـرتْ بقائم سيفِه الأصنامُ
. ولورثِ فاطمةَ استباحوا ورثها
وتقول ورثي والدموع سِجامُ
. لكنها لم تُعْطَ بعضَ حقوقِها
مكلومةً والجرح لا يَلْتامُ
. ما كان أقساهمْ وبنتُ محمدٍ
ترجو العدالةَ منهمُ فتعاموا
. قد كان أجدر منهم أن ينصفوا
أو أن تراعى منهمُ الأرحامُ
. صعدت إلى الباري وصوتُ ضميرِها
يبكي دمـًا ويقولُ والأيامُ
. صُبَّتْ عليَّ مصائبٌ لو أنها
صُبَّتْ على الأيامِ [عَمَّ] ظلامُ
. مَنْ ذا تلذُّ له الحياةُ وفاطمٌ
خصمٌ له والحاكمُ العلَّامُ
. هذى المآسـي مِنْ عميقِ تراثنا
بعضٌ وفي تاريخنا الإلمامُ
. قالت وقد غلبَ البكاءُ حديثَها:
أَتُضامُ سيدةُ النسا أَتُضامُ
. وبأيِّ وجهٍ [يلتقون محمدًا]
وهمُ لفلذةِ كبدِه قد ساموا
. قلت: العبادُ إلى الخبير وحسبهم
عدلُ الخبيرِ وعندَه الأحكامُ
. قالت: فزدني عن [ وصيٍّ] ذكره
يجلي الهموم [لنا وهنٍَّ] جِسامُ
. قلت : ان نسيت فلا نسيت مواقـفًا
فيها لتنصيب الوصـي مقامُ
. فاصدع بحادثة الغدير ولايةً
[للمرتـضـى] شهدتْ بها الأقوامُ
. وقف النبيُّ وقد دعا مَنْ أسـرعوا
نحو الديار فذاك شأنٌ هامُ
. واستُوقف الباقون كي لا يذهبوا
والشمسُ تلهبُ والعبادُ قيامُ
. ما كان للتأجيلِ أدنى محملٍ
في الأمرِ إذ تبليغهُ إلزامُ
ُ. فالله يختارُ الأمورَ بحكمه
ولغاية سبحانه العلَّامُ
. وتكدَّستْ تلك الجموعُ وفكرُها
يغلي وما لفضولها إلجامُ
. ماذا هناك ؟ أغزوةٌ أم غارةٌ ؟
أم [جاء يغزو أرضنا الأقوامُ]
. وأتى الجواب من النبيِّ فأرهفوا
سمعًا كأنَّ على الرؤوس حمامُ
. فبنى من الأقتاب أعلى منبرٍ
ليُرى جلـيًّا مَنْ عليه يُقَامُ
. ولكي يشاهدَ كلُّ فردٍ فيهمُ
مَنْ يرتقيه وينتهي الإيهامُ
. وعلى ذراه محمدٌ ووصيُّه
صعدا [بِخُمٍّ] والجموعُ زحامُ
. فنعى الرسولُ إلى الجموعِ حياتَه
إنَّ الحياةَ بدايةٌ وختامُ
. فتفجَّرتْ أحزانُهم وعيونُهم
عبرى وشبَّتْ فيهمُ الآلامُ
. ويقول وهو بزندِ حيدرَ رافعٌ
والكلُّ يسمعُ والكلامُ حرامُ
. مَنْ كنتُ مولاه فهذا حيدرٌ
مولىً له نعمُ الوليُّ إمامُ
. علموا بها علمَ اليقين وبخبخوا
الله كيفَ عن الغدير تعاموا
. أعلمْت أمرًا شأنُه هذا [غدا]
[رَهْنَ الخفاءِ] فما له إعلامُ
. قالت : عجبتُ وفي الزمانِ عجائبٌ
ضاعت لهول حدوثها الأحلامُ
- أيشكُّ في نصِّ الغديرِ وحشده الـ
آلاف قد علمت به [الأقوامُ]
. ويُقَرُّ أفرادٌ رووا تحريمَهمْ
ورثَ البتولِ ويُهْضَمُ الأيتامُ
. قلت: انها الدنيا وعندَ الله ما
يشفي الغليلَ وعندَه الإنعامُ