العدوان إلى الخلف در !! بقلم/ عبد الحميد الغرباني.
كم يلزم من الضربات الجوية ضد المدنيين حتى تكف الدول عن مد التحالف بالطائرات والقنابل ؟ ” _هذا التساؤل دحرجه فيليب بولوبيون نائب مدير برنامج المرافعة الدولية في هيومن رايس ووتش _ وقت تصاعد عداد المجازر التي يرتكبها التحالف السعودي الأمريكي في المدن اليمنية ، و حين تجلى حشد السعودية مختلف أنواع الأسلحة وصولا للمحرمة دوليا عبر صفقات متوالية مع أمريكا وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا واستخدامها في الحرب على اليمن .
وفي التقرير الذي اطلقته المنظمة الدولية الشهيرة هيومن رايتس ووتش تحت عنوان “حرب اليمن ـ يجب حظر بيع الأسلحة للسعودية ” قالت فيه: (إن على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وغيرها من الدول تعليق جميع مبيعاتها من الأسلحة للسعودية ).
كان ذلك في 21 مارس 2016 لقد مرت ستة اشهر حتى الآن وخلالها وما سبقها حشد القاتل الطائر كل وحشية الإجرام واقتنص المدنيين في اليمن تارة في منازلهم، وأخرى على قارعة الطريق، وثالثة وهم يشترون حاجايتهم الاساسية من الأسواق الشعبية، ورابعة وهم في مناسبات فرح حيث تحضر القنابل والصواريخ التي ترميها مقاتلات التحالف بدلا من الألعاب النارية التي اعتاد اليمنيون إطلاقها في مناسبات الفرح .
جديد المرحلة هو ما أفادت به رويترز من كون أمريكا وافقت على بيع عتاد عسكري بقيمة 1.15 مليار دولار للنظام السعودي وأن الصفقة شملت أكثر من 130 دبابة أبرامز و20مدرعة .. إن مقارنة هذا المبلغ المالي مع المبالغ المالية التي أنفقتها الرياض على شراء أنواع الأسلحة المختلفة لا يساوي شيئا فقد كبدت خزينتها في العام 2015م أكثر من 500 مليار دولار!! مع ذلك كل هذا المبلغ الهائل والأسلحة المتطورة لم تنجز لها شيئا !! ولم تخرج المقاتل اليمني من مدينة الربوعة في العمق السعودي ولم تتجاوزه في صرواح ولا في الوازعية ولا ميدي أو حرض.! لعل اللافت والمتغير الوحيد هو أن الكشف عن الصفقة الأمريكية السعودية تم مع عودة التحالف السعودي الأمريكي إلى نقطة البداية وهي ارتكاب المجازر في المدنيين إذ سقط بغارات طيران العدوان خلال هذا الأسبوع ما يقارب خمسين شهيدًا بينهم أطفال ونساء وفي عدد من المدن اليمنية .
ناهيك أن كل المؤشرات في الوقت الراهن ميدانيا وسياسيا تشير إلى أن وتيرة التصعيد عسكريا في ارتفاع من قبل الرياض وحليفتها واشنطن ووصلت إلى درجة منعت معها السعودية عودة طائرة الوفد الوطني من العودة من العاصمة العمانية مسقط إلى صنعاء .
وبالعودة إلى المعلومات حول صفقة الأسلحة الجديدة بين الرياض وواشنطن يمكن أن نرمي بتساؤل يشابه إلى حد ما تساؤل (فيليب بولوبيون) الذي افتتحنا به الكتابة “كم يلزم من الدم اليمني حتى ينهي تحالف الرياض واشنطن عدوانه؟”.. هل ستكف واشنطن عن ذلك وهي تستفيد وبشكل غير مسبوق من هذه الصفقات، فضلا عن كونها رأس حربة في الحرب على اليمن ليس وفق ما يردده ويقتنع به طيف واسع من الشعب اليمني، بل وحتى وفق القانون الدولي تعتبر الولايات المتحدة طرفا في الحرب على اليمن بفعل مشاركتها في خلية التخطيط والعمليات المشتركة السعودية ومشاركة واشنطن في عمليات عسكرية مفتوحة وذلك ما اعترف به عدد من المسؤولين الأمريكيين في تصريحات مختلفة نشرتها وسائل إعلام عدة …
أكدت أيضا أن الشعب اليمني يقف وحيدا إلا من بعض الأصوات والمواقف والتقارير الدولية لبعض المنظمات التي قرأ بعضها طيف واسع من اليمنيين في سياق ابتزاز العربية السعودية بالدرجة الأولى لا التضامن مع حق اليمنيين في الحياة على ارضهم مع الحفاظ على الكرامة الوطنية! وخلفية هذه القراءة هو حجم التجاهل الكبير لمأساة اليمنين فضلا عن كون بعض المواقف والتقارير الدولية كانت سريعة الذوبان ومنعدمة التاثير والنتائج أو اغتالتها المصالح او المال والابتزاز الأمريكي السعودي، كما حصل مع مبادرة البرلمان الأوروبي التي دعت إلى فرض حظر على “مد” السعودية بالأسلحة! ثم لم يحصل شيء تماما كما لم تحدث تقارير المنظمات الدولية أي تحول في مسارات الهجمات والاعتداءات على اليمن! فها هي السعودية تواصل شراء الأسلحة وأمريكا تواصل بيعها ومن غرفة عمليات واحدة يسوقانها على اليمنيين في كل مدينة. وليس من باب المبالغة القول إن أمريكا تبيع السعودية الذخائر والأسلحة وبها تباشر هي (أمريكا) مواصلة عدوانها على اليمن ..
لقد عاد العدوان إلى نقطة البداية حشد الأسلحة وارتكاب مزيد من الجرائم متبعا السياسة والخطة الصهيونية التي تثبت استهداف المدنيين هدفا رئيسا لديها.. ربما نشهد تقريرا جديدا تطلقه هيومن رايس ووتش أو موقفا دوليا أو أكثر لكن الاكيد هو أن لا شيء يتردد على ألسنة اليمنيين مع أي تصعيد للعدوان سوى ” لا صفقة سلاح ولا أكثر ولا مجزرة أو أكثر ستخضعنا لسياسة الرياض وواشنطن.