السعودية في اليمن رجاءات عاثرة بين العجز والقلق؟!. بقلم/ عبد الملك العجري.
في مشاورات الكويت قدم الوفد الوطني ان في رؤيتهم او في تخاطبهم مع الطرف الخليجي والأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي التي بيدها معظم مفاتيح الحل, مبادرات مقنعة و عادلة ترتكز على اهم مبدا عالمي لفض النزاعات المسلحة اعنى مبدا التوافق او الديمقراطية التوافقية أفضل الصيغ التي ابتكرها الفكر السياسي المعاصر لفض النزاعات ,جربت في اكثر من بلد في افريقيا واسيا وبعض دول اوربا وامريكا اللاتينية مع اخذ الاعتبار إعادة تكييفها وفقا لخصوصيات كل بلد ,ورغم السلبيات التي تلحق بالعملية السياسية وتظل تكبلها لفترة من الوقت الا انها اهون مقارنة بكوارث استمرار الحرب .
اظهر الوفد الوطني وانصار الله بالذات الاستعداد لتلطيف العدائية المستحكمة في العلاقة مع الرياض وتقديم بعض المبادرات لإرضاء غرور امراء الرياض ,الا ان النتائج كانت دون المستوى المأمول وكلما قطعنا خطوة للأمام فوجئنا بتراجعهم خطوة للخلف .
أستطيع ان أقول بقدر جيد من الثقة ان المجتمع الدولي وحتى الخليجيين مقتنع بان طروحات ومبادرات الوفد الوطني أكثر تقدما وواقعية وأكثر اقناعا من الهشاشة التي عليها وفد الرياض الذي لا يعرف بالضبط ماذا يريد؟ ويمكن استنتاج ذلك من التصريحات المتقدمة والمتفائلة لعدد من المسؤولين رفيعي المستوى الامريكان والبريطانيين وحتى خليجيين في الجولة الاولى قبل ان يتراجعوا عنها ,,فما الذي حدث ؟
في تقديري الشخصي ان المجتمع الدولي بما فيهم أمريكا وبريطانيا والخليجيين مقتنعون ولكنهم تائهون و غير واثقين من المستقبل وقلقون من مالات الأمور و في أي اتجاه يمكن ان تصب النهايات ؟,وفي أذهان الخليجين بالذات النهايات المزعجة للتدخل الأمريكي في العراق الذي صبت نتائجه في الوعاء الإيراني على غير ما كان متوقعا .
المجتمع الدولي والسعودية غير متحمسين لبقاء هادي والضعف العجز الذي ظهر عليه جعلهم يستبعدون فكرة بقاءه فرس رهان ليمن ما بعد الحرب الذي يريدونه ,ال الأحمر والجنرال الأحمر قيادات مستهلكة وغير مرغوبة لمعظم اليمنيين فوق انهم فقدوا اهم مرتكزات نفوذهم في الهضبة الشمالية مصدر الشرور بالنسبة لنظام الرياض لسعودية ومهما كانت التسهيلات التي يمكن ان تمنحها لهم أي تسوية سياسية لن يعود عبدالله الأحمر الزعيم القبلي ورجل السعودية القوى ,والجنرال العجوز خسر جنوده وبدد قواته في حروب صعدة وما تلاها من حروب وفقد اخر قلاعه العسكرية (الفرقة اولى مدرع)التي كانت تجثم على صدر العاصمة صنعاء وتحصى أنفاسها , وصار كاسد منزوع المخالب والاسنان ,كل هذا في وقت اصبح عليهم ان يلعبوا في ساحة لم تعد كما كانت ساحة مغلقة عليهم بعد ان احتلها منافسون شرسون و اشداء.
حزب الإصلاح حليف ثقيل الوطأة وغير مأمون كما انه خسر اهم عوامل قوته القبيلة والعسكرية , ويمكن ان يكون فاعلا من فاعلين في بعض مناطق الوسط لكنه لن يكون قادرا على المنافسة على الهضبة الشمالية وغير مرحب به في الجنوب .
القيادات الناصرية والاشتراكية والقيادات المتعدد الشرائح المهاجرة للرياض ياسين المخلافي العتواني بن دغر جباري …الخ يمكن ان تكون ديكورا يجمل المشهد لكنها لن تكون فاعلا فيه.
الحراك الجنوبي مشكلة بحد ذاته وتتعارض اجنداته مع أجندات الخليج .
السعودية تائهة جدا في اليمن والمشهد امامها ضبابي والساحة تكاد تكون خالية امامها من الرجال الأقوياء , وحرب العام ونصف العام كانت تجربة محبطة فشلت في اعادة تأهيل صلاحية اوراقها القديمة و ترميم الحطام البالي لرجالها في اليمن ,كما لم تساعد الحرب في افراز قوة جديدة متماسكة او قيادة جديدة يمكن ان تكون فرس الرهان الذي يضمن لها إعادة اليمن للحضيرة .
السعودية تائهة وحائرة جدا في اعادة الإمساك بخيوط اللعبة من جديدة وتستحضر تجربة العراق الكارثية عليها وتخشي في ظل خرائط التوازنات القائمة من تكرار تجربة العراق في اليمن فأي تسوية في اليمن -كيفما كانت – في ظل التوزيع الراهن لخريطة الصراع وموازين القوى -حتى وان ضمنت انه لن يذهب لإيران كما حصل في العراق- فلن يضمن لها عودة اليمن لسابق عهده حديقة خلفية للرياض ولن تعود الفاعل الرئيس في صناعة الاحداث والرؤساء .
السعودية ظلت تبتز الولايات المتحدة بانها قدمت العراق لقمة سائغة لإيران وتبتزهم حاليا بان اليمن معرضة لتكرار نفس السيناوريو,
السعودية تقف اليوم عاجزة عن الحسم العسكري وقلقة من التسوية السياسية وبين العجز والقلق تواصل التخبط من دون افق واضح سوى انتظار مفاجئات قد يسعفها بها القدر في لحظة ما .