ثورة 21 سبتمبر وشرعية حمل السلاح. بقلم / مجد المداني.
كان 21 سبتمبر من قبل عامين فصلاً ناصعاً من كتاب الثورة اليمنية على القهر والظلم والتجويع والإفقار والقتل والفساد والتبعية والوصاية الخارجية ، فقد كانت الجرعة الشرارة التي فجرت غضبً كامنٌ في الصدور عدة اعوام . وبمجرد نداء قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي للثوار كانت الثورة قد عمت أرجاء البلاد وبدأت أعداد الشهداء والجرحى تتصاعد ويتصاعد معها سخط الشارع اليمني .
قبل ثورة 21 سبتمبر كانت اليمن تعيش حالة من الفقر والمعاناة والفساد الاداري والاخلاقي والتبعية المطللقة, تبع ذالك اعلان الجرعة السعرية على المشتقات النفطية في حين كان بأستطاعت من كانوا يدعون مصلحة اليمن ( ال سعود) ان يسدوا عجز الميزانية العامة بمبلغ بسيط لايتعدى قيمة صواريخ قليلة من الالاف الصواريخ التي يعتدون بها على الشعب اليمني اليوم ويقصفون بها المصانع والمنشأت والدوائر الحكومية والمباني والمزارع والمحطات والطرقات والجسور .
بدأت الثورة وتوافد الثوار السلميين من جميع المحافظات الى داخل العاصمة صنعاء للاعتصام في الساحات والمطالبة بتحقيق اهداف الثورة المشروعة التي تلخصت في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني والغاء الجرعة واسقاط الحكومة ورفض الوصاية الخارجية في حين تكفلت القبائل اليمنية وانصار الله بحماية المتظاهرين السلميين داخل العاصمة وتقاطروا من كل حدب وصوب الى اطراف صنعاء متوجهين بعدة انذارات للحكومة بعدم الاعتداء على المتظاهريين السلميين داخل العاصمة .
.
كان الثوار انذاك يأملون ويرجون من الحكومة وسلطة الامر الواقع ان يستجيبوا للمطالب الشعبية الا انهم صدموا حين تم الاعتداء على المتظاهرين السلميين وارتكاب مجزرة مروعة بدم بارد امام مجلس رئاسة الوزراء واخرى في خط المطار .
نعم مجزرتين في وضح النهار بحق المواطنيين الابرياء . ياالهي مالذي يحدث ..كان هناك بركة من الدماء يسبح المتظاهرين حولها ..مشهد مروع ..كانت حينها قناة الجزيرة والعربية وبقية قنوات التضليل وكل القنوات الرسمية مشغولين بأحداث مايسمونة ب الربيع العربي..لم نسمع عواء اليدومي ولا انسانية توكل.. كانت احداث مشابهة لما قام بة الاصلاحيين من مجزرة بحق المتظاهرين السلميين في عمران بتوجية من قائد اللواء 310 انذاك .. انتهى المشهد وبداء مشهد الثورة والسلاح .. كانت الثورة تكشف عن نفسها في ذات الوقت الذي تكشف فيه الحكومة عن وجهها الحقيقي الذي اجتهدت في تجميله لقاطني المناطق الآمنة التي لم تصل إليها الحروب في اليمن .
الحكومة وفي سعيها للتعامل مع ثورة الشارع اليمني يبدو أنها قد بنت استراتيجيتها في التصدي للمتظاهرين على تكتيك الإعتماد على قواتها الخاصة بدلاً عن قوات الشرطة ، ربما لأنها أكثر ثقةً في قواتها أو أن هذه القوات مدربة لمثل تلك الظروف ، احياناً يأتون لتفريق المظاهرات بزي الشرطة وفي أحيان أخرى بزي القوات الجيش . الثقة التي كانوا يطلقون بها الرصاص والإصابات القاتلة للمتظاهرين بالرأس والصدر تؤكد أنهم قد تلقوا أوامر بذلك ، ورغم ارتفاع أعداد الشهداء وبرغم سكوت المجتمع الدولي لاستخدام القوة المفرطة لفض المتظاهرين إلا أن الحكومة كانت غير آبهة ، ، فكانت تمارس سياسة التصالح مع الذات ، فإن تقتل نصف مليون لن تأبه بأن تضيف لها مائتي روح أخرى . يدفعها لذلك الهلع الذي أحست به من هبة الشعب اليمني وشجاعة وثبات المتظاهرين أمام الرصاص الحي ,والغازات والقنابل الامريكية .
كانت الرسالة التي أرادت الحكومة إرسالها للمتظاهرين هي أنها مستعدة لنقل مشاهد الحرب والرصاص والقتل من مناطق الحرب إلى داخل صنعاء وغيرها من المدن ، وأنها في سبيل البقاء لا تبالي بقتل كل من يخرج إلى الشارع .
اعلنت القبائل اليمنية و انصار الله النفير العام وتحركهم الى العاصمة صنعاء للدفاع عن المتظاهرين وحمايتهم.. وكان في استقبالهم كتائب مجهزين مسلحين تابعين للواء علي المحسن الذي كان حينها مستشارا لرئيس الجمهورية للشؤون العسكرية وعبدالله شملان القيادي الذي عرف عنة انة من كبار القيادات الاخوانية الذين اجتاحوا الجنوب سنة 1994م برفقة علي محسن وعبدربة منصور هادي .لكن الثوار نجحوا في تجاوز عقبة هؤلاء واستطاعوا دخول العاصمة صنعاء وتأمينها في غضون ايام قليلة ..استطاعوا تأمين المنشئات الحكومية والبنوك والمرافق العامة عبر لجان شعبية وثورية شكلوها بداية دخولهم صنعاء
كان سبتمبر فرصةٌ جيدة في كشف حقيقة النزعة السعودية الحاقدة الاجرامية المتسلطة على اليمن ، وفي نسف ادعاءات اذنابهم بالحرية والذي من خلالهم استطاع ال سعود ان يحشدوا الجيوش للقضاء على الثورة اليمني في عدوان ظالم جائر وحشي دموي ، مستعينين بحالة غياب الوعي وشيوع الجهل الذي خلّفته قصعات الفساد والعمالة والخيانة والارتهان والذل. ان العدوان الغاشم على اليمن هو ضد ثورة شعب اعلن من خلالها التحرر من الوصاية والهيمنة ورميها في مزبلة الهزيمة و احياء الرسالة الوطنية-العربية-القرآنية- الإسلامية اضافة الى إحياء إرادة الاُمّة وروح الجهاد والاباء والشموخ والاعتزاز بالانتماء والهوية لدى ابناء اليمن العزيز
حققت ثورة 21 سبتمبر نجاح كبيرا , برغم كلفتها العالية ، لوضع النقاط على حروف جدوى التغيير ، فقد أكدت الأحداث أن الشارع مستعدٌ للخروج والتضحية في سبيل لقمة العيش ورفض التبعية والوصاية الخارجية ..كذلك كشفت ثورة سبتمبر بجلاء استحالة تغيير النظام بالطرق السلمية ، فالحكومة التي لا تتردد في قتل المتظاهرين واعتقالهم وتعذيبهم يبقى من غير المنطق يخرج ضدها متظاهرين عُزل مكشوفي الصدر ، سيبدو الأمر و كأنه محاولة انتحار ، لذلك بدلاً من الخروج والموت بالشارع لماذا لا نفكر في تسليح الشعوب للدفاع عن نفسها ، فأن تموت وأنت تقاتل خيراً من أن تموت وأنت تقف مكتوف اليدين أمام جلادك . وبرغم أن خيار العسكري هو أصعب الخيارات لكنه أنجعها وأكثرها فعالية ، وأقربها لمنطق الأشياء ، فهذه الحكومة لن تذهب بأماني الناس ولا بمظاهرات دامية تزف فيها الأسر اليمنية أبنائها شهداء ، لكنها تذهب بمنطق السلاح الذي تؤمن وتحكم به وتحمي به مصالحها .