إذا فرطنا فإننا سنضرب من جهتين مع بعض نضرب من جهة أعدائنا، ونضرب من جهة ربنا أيضاً.
يوميات من هدي القران الكريم.
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
معرفة الله وعده ووعيده الدرس الثالث عشر.
قد نتوقع ببساطة تفكيرنا أنه إذا سكتنا – أفضل نسكت – قد نتوقع أنهم سيسكتون؟ .. لا. السكوت سيدفعهم إلى أن يعملوا للحصول على تنازلات كثيرة أخرى، ويعملوا ليصلوا إلى ضرب أشياء أخرى، لن يسكتوا، يجب أن نفهم هذا: لن يسكتوا ولن يتوقفوا إلا متى ما تحركنا نحن وصرخنا في وجوههم، سيسكتون وسيتوقفون، أما إذا سكتنا فالخطورة هنا، الخطورة البالغة هنا.
بعض الناس قد يقول: نسكت [لا نكلف على أنفسنا] إن السكوت هو الخطورة، لو كان السكوت هو من ذهب – كما يقولون – لما تحدث القرآن الكريم عن الجهاد، عن التضحية، عن الاستبسال، عن إنفاق الأموال، عن التواصي بالحق. أليس القرآن كله حركة وكلام؟ أم أنه صمت وجمود؟ كله حركة .. كله كلام.
فعلا قد يكون السكوت من ذهب ليذهب كل شيء، إذا ما سكتنا سيذهب ديننا وستذهب كرامتنا ونذهب – ونعوذ بالله – إلى الجحيم في الأخير، يذهب الناس إلى الجحيم.
عندما بدأوا يتحدثون عن مركز بدر، عن مدارس تحفيظ القرآن، أحياناً قد يثيرون عبارات, قد يثيرون عبارات .. هكذا؛ لينظروا ردة الفعل، ألم نتحدث أكثر من مرة عن هذا الأسلوب: لينظروا ردة الفعل؟ .. سكتنا فهموا بأن السكوت أصبح لدينا [استراتيجية ثابتة]، وأننا أصبحنا بقراً، نفهم: أن السكوت هو الوسيلة الصحيحة لماذا؟ لكف شر الأعداء .. لنسلم شرهم.
بعد حين سينطلقون فعلاً ليتخذوا القرار الملزم بإيقاف هذا الصوت، بإغلاق هذه المدرسة، بسحب هذا الكتاب من الأسواق، بإغلاق هذا المسجد، بنفي هذا الشخص، وهكذا .. ثم لن يتوقفوا أيضاً حتى يكون في الأخير من يؤمن بالفكرة هو إرهابي؛ لأنه احتمال وأنت تؤمن بالفكرة وإن كنت في حالة استضعاف، وأنت ساكت ربما تتكلم مع أحد من الناس فتؤثر عليه، وربما هذا الشخص الذي تؤثر عليه قد يصادف زمناً يكون هناك قابلية لكلامه أن يؤثر في الآخرين.
هذا الهاجس لديهم: مواجهة كل خطر محتمل ولو بعد حين، وإن كانت نسبة خطورته عليهم بأقل من 1%.
لاحظوا .. هناك أمثلة تشهد على من كان ينظر هذه النظرة أنه سيظل يعمل هذا العمل باستمرار وسنرى من أبناء وطننا من مسلمين منا له موقف من عقيدتك الفلانية، يظل مبايناً لك، يظل يظلمك، لا يعمل على توفير أي شيء لك.
كما نحن بالنسبة للإمامة؛ لأنهم يعرفون أن الإمامة كعقيدة ما تزال في بطون كتبنا ما تزال قضية نؤمن بها وندين الله بها، باعتبارها عقيدة دينية لدينا، على الرغم من أنهم قد نصوا في الدستور: بأن الدستور يسمح بحرية الاعتقاد. وهم يعلمون أنه لا وجود للإمامة، ليس هناك إمام، ليس هناك حتى إمكانيات عند هؤلاء الناس الذين ما يزالون يعتقدون هذه العقيدة .. لكن أليسوا هم من ينظرون إلينا نظرة خاصة، لا يهتمون بنا في مجال الخدمات: مشاريع ونحوها؟!!.
إذا ما ظلمت أنت من قبل طرف آخر لا يتفاعل معك لا محافظ، ولا حاكم، ولا قائد، ولا مدير أمن، ولا رئيس، ولا وزير ولا أحد .. لماذا؟.لأنه ما زال يرى أنك ما زلت تحمل عقيدة معينة هي كذا، هو يراها عقيدة غير مرغوب فيها، له موقف منها .. هكذا سيعمل اليهود أمام كل عقيدة إسلامية ما يزال لها بذرة في نفوسنا.
لا يتصور أحد بأنه يمكن أن تتوقف الأعمال عند فئة معينة من العلماء، ستشمل العلماء كلهم، وأضعفهم من سينفى، أضعفهم من تفرض عليه إقامة جبرية فيكون ميتا وهو ما يزال حياً، ميت الأحياء. ثم ستصل إلى فئات الناس؛ لأنهم ما زالوا يحملون هذه العقيدة، إما أن يقبلوا أن يدينوا بأشياء ويتربوا على أشياء هي من النوع الذي لا يشكل خطورة .. لا بأس، وهذه هي ليست أكثر من مرحلة، أو أن يظل هذا الموقف وهذا اللقب كلمة: [إرهاب] ونحوها تتابع كل شخص، كل شخص .. خاصة نحن الزيدية, كل شخص منا سيسمى في الأخير بأنه إرهابي.
افترض قضوا على العلماء، وقضوا على القرآن سيقال هذا الشخص ما يزال زيدياً ما يزال إذاً إرهابياً وهكذا، لماذا؟. لأنهم من هذا النوع يفكرون بضرورة العمل ضد أي خطر محتمل مهما كان بسيطاً في نظرنا نحن، مهما كان بعيد الوقوع من وجهة نظرنا نحن.
فإذا كانت هذه هي روحية الأعداء، هي نظرة الأعداء أمامنا، ونحن نظرتنا هي نظرة أسلافنا أولئك الذين سيقولون: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا} (السجدة: من الآية12) وهي حالة نحن نشاهدها ماثلة فينا، متجسدة في كل مواقفنا، فإن هذا يعني بالتأكيد: أن هذه الأمة ستتلاشى، ستنتهي، سيدهمها الخطر في حينه فلا تستطيع أن تحرك ساكناً.
أليس ياسر عرفات يسجن في بيته؟. هل هناك أحد من العرب يتعاطف معه من الزعماء أنفسهم – لأنهم عادة يتعاطفون مع بعضهم بعض – لا أحد يتعاطف معه، هو من داخل غرفته يحاول أن يتصل بالأمريكيين أو بواسطة أشخاص من وزراء حكومته يتصل بالأمريكيين بحثاً عن السلام، لا يبحث عن السلام من قبل زملائه العرب؛ لأنه يعرف أنهم من هذه النوعية، لا يهتمون بشيء! وأن الموقف في الأخير لمن سكت في الماضي حتى داهمه الخطر، ماذا سيكون موقفه؟ هو أن يسكت أثناء مواجهة الخطر، بل سيكون أكثر التزاما بالصمت.
ولا ننسى أيضاً أننا كمسلمين إذا ما فرطنا فإننا سنضرب من جهتين مع بعض: نضرب من جهة أعدائنا، ونضرب من جهة ربنا أيضاً، والخطورة البالغة هنا، يضرب الناس بخزي، وذلة، وشتات، وتباين للنفوس، ويضرب على قلوبهم، يضرب الله قلوب بعضهم ببعض، والأعداء من هناك يشتغلون في أوساطهم يضربونهم، هنا من جانب الله كعقوبة، ومن جانب أولئك لأغراض أخرى، من منطلق العداوة.
والله عندما يضرب الناس هو حذرهم في كتابه، وهو ما كان حديثنا قبل أمس حوله، الوعيد في الدنيا، يجب أن نفهم هذه: أن الخطورة البالغة على كل تقصير يحصل من جانبنا في الدنيا هنا.