من يسكت ويجبن على الرغم مما يحصل إنه من ليس في نفسه ذرة من اهتمام بأمرأمته.
يوميات من هدي القران الكريم.
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
وإذ صرفنا اليك نفراً من الجن صـ5ــ6.
أليس هذا يعني بأن أولئك أكثر اهتماماً بأمر أمتهم أكثر منا؟ هم من انطلقوا حتى في استراليا، – وأين استراليا من أمريكا؟ – وفي بريطانيا وفي فرنسا وفي ألمانيا وفي مختلف المناطق، انطلقوا لإيذاء المسلمين وضربهم بعد ذلك الحادث، حادث على مبنى واحد وليس من المحتمل أن يكون ذلك بتخطيط أي جهة لا دولة إسلامية ولا دولة عربية ولا منظمة من المنظمات داخل هذه البلدان، وإنما هو من عمل الصهيونية نفسها، فأنت عندما تشاهد أنهم يميتون أمتك ويميتون دينك فعلاً – بالفعل وليس بالقول فقط – ثم تجبن أن تقول قولا: الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل، أليس هذا يعني بأنك لم تصبح شيئاً ولم تعد شيئاً؟ وأنك في الواقع أصبحت صفراً في هذه الحياة.
أن لا أجرؤ على أن أقول قولاً الموت لهم وأنا من أراهم يذبحون أطفالنا في فلسطين وفي لبنان وفي غيرها، وأن لا أجرؤ أن أقول النصر للإسلام وأنا أراهم يهدمون قيم الإسلام ومبادئه وأسسه في نفوسنا وفي حياتنا.
من يسكت من يجبن وهو يشاهد هذا؟ إنه من ليس في نفسه ذرة من اهتمام بأمر أمته ولا بأمر دينه وليس في قلبه وعي على الرغم مما يشاهد، ماذا ننتظر بعد هذا؟ أي أحداث يمكن أن تخلق لدينا وعياً؟ أي أحداث يمكن أن نقطع في حينها أن أولئك أعداء؟ إذا كنا بعد لم نثق بالقرآن الكريم الذي قال بأنهم أعداء ثم هذه الأحداث التي تجري في الدنيا لا تكفي أن نعرف أن أولئك أعداء، فبأي أحداث بعد هذه نؤمن ونعي؟! هذه نقطة.
الشيء الثاني: أن كثيراً من الناس الذين ينطلقون لتثبيط الآخرين عن أن يرفعوا هذا الشعار على الرغم من أنه كما قلنا أكثر من مرة: إنه أقل ما يمكن أن نعمل، لا أنه كل شيء، إنه أقل ما يمكن أن نعمل ولكنا على الرغم من ذلك – وأسفنا ألا نستطيع إلا ذلك – له أثره الكبير فعلاً.
الذي ينطلق ليثبط وإن كان قد فهم فعلاً لكنه إنسان لا يهمه شيء, لا يهمه إسلامه، لا تهمه أمته، يسكت لأنه يرى أن سلامته في أن يسكت، ويرى أنه عندما يتجه إلى السكوت أنه الشخص الحكيم الذي عرف كيف يحافظ على أمنه وسلامته.
نقول: أنت غالط على نفسك، أنت تجني على نفسك من حيث لا تشعر، أنت تهيئ نفسك لأن يكون لك عدوّان مقابل عدو واحد، أنت لا تتأمل الأحداث جيداً حتى تعرف أن أولئك الذين وقفوا موقفك هم عادة الضحية الأولى أمام كل حدث يحصل، عندما نشاهد التلفزيون سواء عن أفغانستان أو عن فلسطين أو غيرها، ألستم تسمعون ونسمع جميعاً أنه كثير من أولئك ضربوا وقتلوا ودمرت بيوتهم وهم كما يقولون عزَّل، العزل هم هؤلاء الذين هم كـ [الأثوار]يعتزلون وهم من قد قرروا بأنه لا دخل لهم وأنهم سَيسلمون، هم شاهدهم هم يكونون هم الضحية وأول من يُضرب، إنهم لا يسلَمون أبداً، ضُربوا في أفغانستان وضُربوا في فلسطين.
إن من يَسْلَم حقيقة ومن هو أبعد عن الخطر حقيقة ومن ترضى نفسه حتى ولو أصابه شيء هم المجاهدون {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ}(الأعراف: من الآية165) وقال سبحانه وتعالى في آية أخرى: {كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ}(يونس: من الآية103).
المؤمنون هم من يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، هم من يجاهدون في سبيل الله بكل ما يستطيعون، هؤلاء هم من يصح أن يقال لهم – بمعنى الكلمة مسلمون – والإسلام هو دين السلام لمن؟ لمن هم مسلمون حقيقة؛ لأنهم من يبنون أنفسهم ليكونوا أعزاء أقوياء، هم من يبنون أنفسهم ليستطيعوا أن يدفعوا عن أنفسهم الشر، ليدفعوا عن أنفسهم الظلم، ليدفعوا عن بلدهم الفساد، ليدفعوا عن دينهم الحرب، فهم أقرب إلى الأمن والسلام في الدنيا وفي الآخرة.
نحن نعلم أن الغرب أن أمريكا وإسرائيل تحمل من العداء لإيران أكثر مما يحملونه للفلسطينيين، ولكن هل استطاعوا أن يعملوا شيئاً بالإيرانيين؟ وهم من يمتلكون صواريخ بعيدة المدى، ويمتلكون قنابل نووية، ويمتلكون كل شيء؛ لأنهم يعرفون أن أولئك ليس من السهل أن يدخلوا معهم في حرب، ستكون حرباً منهكة جداً لهم في مختلف المجالات، كما قال الإمام على (عليه السلام) ((بقية السيف أبقى ولداً وأكثر عدداً)) إنما يأتي النقص في من يجعلون أنفسهم كما نقول [مدافخ] أولئك العزل.. ألم يقتل في أفغانستان الكثير من أولئك؟ قرى بأكملها دُمرت.
هناك الحسرة أن تدمر بيتك وأن تقتل أسرتك، وأنت لا ترى أنك قد عملت بالعدو شيئاً، ستندم على أنك اتخذت قراراً كان قراراً خاطئاً بالنسبة لك وكانت نتيجته عكسية عكس ما كنت قد رسمته لنفسك، إنهم لا يسلمون أبداً أولئك الذين يقولون لأنفسهم: [أما نحن ما لنا حاجة]. ويقولون كما يقول المنافقون عندما يرون المؤمنين ينطلقون في مواقف – مهما كانت بسيطة – عندما يرون المؤمنين ينطلقـون في مواقف ضـد دولة كبرى {غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ} (الأنفال: من الآية49).
ألم يقل المنافقون في ذلك العصر أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما انطلق المسلمون لمواجهة دولة الروم، ودولة الروم كما تواجه أمريكا الآن: {غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ} مساكين مغفلين يذبحون أنفسهم، كيف باستطاعتهم أن يؤثروا على دولة عظمى؟! لا، إن المغرورين هم أولئك، هم الذين غرّوا أنفسهم.
وجاء القرآن الكريم ليؤكد أيضاً أن من يتخذون قرارات كهذه – ليقعدوا – إنهم لن يسلموا وهم من ستنالهم العقوبة بأضعاف أضعاف من الآلام والنقص أكثر مما يعاني منه المجاهدون.
إن الله حكيم وبيده أمور الناس جميعاً، فأنت لا تفكر أنك عندما تخطط في داخل نفسك فترجح أن تقعد وأن قعودك هو السلامة، إن هناك من هو عليم بذات الصدور، هو يعلم ما في أعماق نفسك وهو لن يغفل عنك؛ لأنك واحد من المسلمين، إنك واحد ممن هو في واقعه قد أعطى الله ميثاقاً؛ عندما تقول بأنك مسلم وأنك مؤمن، إنك حينئذٍ ممن يقر على نفسه بأنه ممن قالوا سمعنا وأطعنا، وهذا هو ميثاق بين الله وبين الإنسان، الله الذي يعلم بأعماق سرائرك، بسرائرك في أعماق نفسك هو من سيجعل ما تفكر فيه بعيداً و مستحيلاً {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا}(البقرة: من الآية243) ألم يقل الله هكذا، موتوا؟.
هم انطلقوا بحكمة، حكمة هؤلاء المغفلين يرجحون السكوت والابتعاد؛ لأن هنا السلامة، خرجوا وهم ألوف، هذه سخرية منهم، أنتم ألوف تستطيعون أن تواجهوا فكيف تخرجون وأنتم ألوف، أنتم تخافون الموت، أنتم كنتم تظنون أن الضر هو عليكم من مصدر واحد هم أعداؤكم فقط، أنتم نسيتم أن هناك من سيحاسبكم ومن هو وراءكم إذا ما قعدتم هو الله {فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا}.
كذلك حصل لبني إسرائيل عندما قال لهم موسى صلوات الله عليه {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}(المائدة:21) جبنوا، خافوا، مالوا إلى ما ظنوه سلامة، ماذا حصل لهم فيما بعد؟ بعد أن رفضوا الأمر من نبيهم وبعد أن رفضوا الوعد بأنهم إذا دخلوا سينتصرون فعلاً، آثروا من منطلق هذا التفكير الخاطئ أن لا يدخلوا؛ لأن هناك السلامة. إذا ابتعدنا سنسلم، ماذا قال الله فيهم؟ {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}(المائدة:26) أربعين سنة يتيهون في الأرض لا مساكن، ولا يهتدون لشيء.
لحظة واحدة ساعة واحدة كان بالإمكان أن يكون فيها عزهم ونصرهم ورضاء ربهم، ويكون فيها الفوز لهم في الدنيا وفي الآخرة، جبنوا قعدوا حتى قالوا: {إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}(المائدة: من الآية24) هكذا من يقعد وإن أدرك أن هناك خطراً حقيقياً، ومن الذي تخفى عليه هذه الأحداث؟ من الذي يخفى عليه ما في هذه الأحداث من خطورة بالغة؟ لكنه من عد نفسه واحداً من أولئك الذين قالوا لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}.
بل إن هؤلاء يكونون أسوأ؛ لأن المجاهدين, لأن العاملين في سبيل الله هم من سيكتفون منهم، ويقولون لهم، كثّر الله خيركم، لو أنكم تقعدون ثم لا تتفوهون بكلمة، كلمة تصد عما نحن عليه، كلمة تثبط الآخرين عما نحن عليه.
وكل من يقعدون في هذا الزمان الذي هو أسوأ من ذلك الزمان الذي قعد فيه بنو إسرائيل، إنهم لا يكتفون بالقعود بل ينطلقون أيضاً ليقولوا للآخرين [اترك لا تتدخل, اترك ما دخلك، هذا خطر. وسوف تسبب لنا مشاكل]. وهكذا من هذه العبارات.