من الأشياء التي يجب أن نفهمها أن تكون ثقتك بالله بأنه في الموقف الحرج سيكون النصر.
برنامج رجال الله اليومي
السيد حسين بدر الدين الحوثي
الدرس العاشر من دروس رمضان صـ26ــ27.
الله يقول دائماً لمن يصبرون في سبيله: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}(البقرة155) {إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}(البقرة153).
ولاحظ كيف كان هؤلاء الصابرين في مواجهة جالوت وجنوده، ألم يحققوا انتصاراً كبيراً جداً؟ انتصاراً بشكل مذهل، هم في نفس الوقت قدم لهم بشكل كلام {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} أما نحن فقد قدم لنا مثلاً حياً هو ماذا؟ قدم لنا طالوت ومن معه، وجالوت وجنوده.
ما قد هي قضية هنا واقعية، حصلت في التاريخ؟ وحصل لها نظائر في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وحصل لها نظائر أيضاً من بعد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، في جهاد المسلمين في أيام الإمام يحيى بن زيد، وقبله، ومن بعده، قد حصل نظائر لهذا، يعني: نحن أمام أمثلة واقعية، أن الله مع الصابرين، فمتى ما صبروا، متى ما واصلوا العمل، يعني: يصبرون وهم في مجال مواصلة عملهم.
إذاً فهذا من ألطاف الله سبحانه وتعالى بنا، فلنتفهم حتى نعرف قيمة ما نعمل، هذه قضية هامة، نتفهم أثرها، وأن تعرف أنها مؤثره بالنسبة للعدو، وفق رؤية العدو، ومقاييسه هناك، وإن كانت قد تبدو غير مؤثرة بالنسبة لمقاييسنا نحن العرب في الصراع.
معلوم أن العدو نفسه من الأمريكيين والإسرائيليين يركزون جداً على موضوع أن يهيئوا قابلية لهم في الشعب الذي يريدون أن يحتلوه، ودعاية عن طريق عملاء لهم، سواء بشكل أحزاب، أو بشكل غير أحزاب، يروجون لهم، وكل الترويج ينصب على ثلاثة أشياء: حرية، وديمقراطية، ورعاية حقوق إنسان.
تلاحظ أنه استطاع الناس بهذا الشعار أن يفضحوهم. إذاً ألم يحصل هنا انتصار بأعداد قليلة؟ فعلاً حصل انتصار للناس أنهم وقوا الأمة هذه على أقل تقدير، وما يمكن أن يستفيدوا من هذا من خارج، وقوا اليمن على الأقل، ووقينا أنفسنا نحن من ننطلق في هذا الموضوع من أن يتقبل أحد منا أي دعاية ترويجية للأمريكيين هي في الأخير تخلق قابلية للإحتلال. أليست هذه تعتبر إيجابية كبيرة جدا؟.
إذاً فكما قلنا سابقاً: هذا الشيء من العمل نعرف قيمته، عمل في الساحة مطروح، عمل أن تنشر ملازم، وشعارات، وزعها، وتتحرك من عندك أنت، بقدراتك الخاصة، توزعها بين الناس، وتشجع الناس على قراءتها، وتشجع الناس أن يرفعوا الشعار في هذا المسجد، أو هذا المسجد بالطريقة العادية. هذا عمل.
وعمل مهم هو هذا: أن يكون الإنسان حريصاً على أن يتوجه، يتفهم، يصغي، ويعرف بأنه سيحتاج إلى كل شيء سمعه، سيحتاج إلى كل شيء سمعه، ويكون له إيجابيته في الوقت المناسب بالنسبة له. القضية نحتاج إليها فعلاً، يعني: نحن الآن في مرحلة يجب علينا أن نقدم أنفسنا كشهداء كما قال الله في القرآن: {لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ}(البقرة143) يعني مرحلة أن يقدم الناس أنفسهم نموذج.
نموذج، يعني: نبين كيف يكون أثر كتاب الله، وأثر هدى الله في الناس، والعرب بأمس الحاجة إلى هذا النموذج بل العالم بكله بأمس الحاجة إلى نموذج؛ لأنه كل شيء ما عاد بقي له قيمة من الأشياء الأخرى، كل الأطروحات، كل طريقة ما عاد بقي لها جاذبية، ولا أثر في نفوس الناس ينشدون إليها.
بقي الطريقة هذه، لكن الطريقة هذه تحتاج إلى أمة تقدم نفسها كنموذج؛ ولهذا نقول: أنه يجب أن يكون توجهنا في سبيل الله، وأن نسند كل ما نحن فيه، وكل ما نحصل عليه إلى الله، وإلى كتابه؛ لأننا نسير على كتابه، وهذا أثر هداه فيمن يسيرون على هداه، هذه في حد ذاتها عمل هام.
عندما يستمر الناس في عملهم، ما ندري ماذا بالنسبة للمستقبل، إذا ما هناك وعي بالشكل المطلوب عند الكثير مننا، ستظهر أشياء تقدم باسم الدين، إذا ما عندك وعي، ما عندك بصيرة، ما عندك تفهم من قبل تكون معرض لأن تتضعضع فعلاً، تكون معرضاً لأن تتراجع، لو لم يكن باسم انك متراجع عن القضية من أساسها، ولو في موقف.
أحياناً قد يأتي مثلاً أثر لدعاية معينة، تؤثر في الناس، في اتخاذ موقف معين، في وضعية معينة، في وقت معين، وأن لم تكن أنت بمعنى أنه أدى بك إلى أن تتراجع بشكل عام عن المسيرة كلها. إذاً فالمرحلة التي نحن فيها لم تعد مرحلة أن الناس يتحركون بدون وعي، وبدون فهم، وأن لا يحاولوا أن يرسخوا في أنفسهم؛ لأن النتيجة ستكون أخطاء تصدر، تراجعات من البعض، ومن يتراجع الشيطان يجعله في الأخير يتحرك هو، يخرب، متى ما تراجع شخص في الأخير هو يحاول أن يبرر تراجعه [وينطلق يخرب].
[نلاحظ أن] طالوت وجنوده، كان القضية لديهم، بنو إسرائيل بشكل عام، وهذه من الأشياء العجيبة أن مما يدل على أنها كانت قضية أساسية، وهامة جداً، موضوع في سبيل الله، قضية مترسخة لديهم على الرغم من سوء حالهم، وعلى الرغم من مخالفاتهم الكبيرة، بقيت قضية متجذرة في ذهنيتهم، في ثقافتهم، أنه يجب أن تكون الانطلاقة في سبيل الله، ويجب أن تكون القيادة مختارة من الله، وأن تكون القيادة منسجمة مع سبيله.
ليست القضية فقط مجرد عنوان، نحن في زمن يمكن أن تسمع عناوين أخرى: في سبيل الله. يجب أن تفهم بأنه ما القضية فقط مجرد عنوان، القضية هي: أن تكون متوجهاً إلى الله، والسبيل هو: الطريق التي رسمها لتتحرك فيها، وأنت تقاتل في سبيل الله، وأنت تجاهد في سبيل الله. ما كلمة في سبيل الله ممكن أن يرفعها ناس آخرين؟ وقد رفعها آخرون قبلنا، وطمَّروا كثيراً من الناس، وخدعوا الكثير من الشباب باسم في سبيل الله وإذا هم يجرونهم في سبيل أمريكا.
فعندما تكون أنت فاهم من البداية أن مسألة سبيل الله ليس معناه فقط مجرد النية أنك تقاتل تقرباً إلى الله، أن هناك طريقة، هناك طريقة مرسومة تبدأ من القيادة، والمنهج الذي يسير عليه الناس، قضية ليست سهلة.
إذا أنت فاهم الطريقة هذه تستطيع تميز من يقول لك: في سبيل الله، من خلال الطريقة التي يسير عليها، تمام أنت عندك عنوان: في سبيل الله، وذاك عنده عنوان: في سبيل الله، لكن ستبقى الطرق، والمنهجيات التي يسيرون عليها تبين من هو الذي في سبيل الله حقاً.
هذه عندما نفهمها وحدها تكفينا بأن لا نخدع بآخرين، نحن أمام أعداء يستطيعون أن يجعلوا الآخرين يتحركون بنفس العناوين التي تتحرك بها أنت، بنفس العناوين، ويبدو أكثر إمكانية، ويبدو وكأنهم أكثر فاعلية [عاد بيفجروا اما هم، ومدري إيش عاد بيعملوا] وأشياء من هذه، فيكون عند واحد إذاً فما دام أن أولئك في سبيل الله، وعاد عندهم إمكانيات، وهم هؤلاء فاعلين من صدق، إذاً معهم، ثم تكتشف في الأخير وإذا هي مجرد خدعة، حركة وهمية.
فنريد من خلال عندما نسمع القرآن الكريم، وعندما نتفهم توجيهاته، ستستبين لنا سبيل الله، تستبين سبيل الله لنا، حينها نصبح ناس ما أحد يستطيع أن يخدعنا بأي شعارات، حتى بنفس عناويننا؛ لأن العدو ممن أن يخادع الآخرين بنفس العناوين التي يرفعها الناس، {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ}(البقرة8) أليست نفس العناوين التي يرفعها المسلمون الأوائل: إيمان بالله، وحركة من أجل الإيمان بالله، رفعها آخرون، {وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} وهم من الذين يقولون: آمنا بالله، وباليوم الآخر.
إذاً فنفهم أنه إذا كان خدع في الماضي شباب كثير من اليمن، من السعودية، ومن بلدان عربية أخرى تحت عنوان في سبيل الله؛ فلأنهم فقدوا معرفة الطريق التي تمثل سبيل الله، الذي أمامهم مجرد عنوان. إذاً فأي واحد منا يحتاج أن يفهم هذه من الآن، وهذه قضية هامة، في هذه النقطة لوحدها، خلي عنك أشياء أخرى.
المهم أنه خلاصة الموضوع بأن الإنسان يحاول أن يتفهم دائماً، كل ما يسمع، إذا هو موطن نفسه عملياً فيعرف أنه بحاجة إلى كل ما يسمع لنفسه، ولغيره، وفي المواقف الحرجة سينفعك ما تسمع، هذه قضية هامة.
في موضوع الفرج مثلاً بالأمس عندما قرأنا الآية، عندما قال الله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ}(البقرة214) قلنا: أن من الأشياء التي يجب أن نفهمها: أن تكون ثقتك بالله بأنه في الموقف الحرج سيكون النصر؛ لأن العادة بالنسبة للناس، عندما يقول: [ممكن نتحرك، لكن..] يكون عنده صورة أنه ربما – مثلما يقولون – تحمض القضية، ربما يتطور الموضوع.