بالرسول قائداً وقدوة نستطيع أن نغير واقع أمتنا إلى الأفضل
بصائر من نور القياده
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
خطاب المولد النبوي للعام الهجري 1433هـ
رسول الله محمد صلى الله عليه وآله لم يكن فقط رسول عصره، بل هو رسول الله إلى العالمين من عصره وإلى قيام الساعة، وفي منهجيته وحركته الرسالية كان يحسب حساب الأجيال الآتية، {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} إضافة إلى سعة المنهج الإلهي الشامل الذي يتسع للحياة، وشؤون الحياة مع تغيراتها وأحداثها ومستجداتها إلى قيام القيامة.
إنما نحتاج إليه – أيها الأعزاء – أن نستحضر كمسلمين هذا الانتماء وهذه العلاقة وهذا الإيمان في واقع حياتنا، في سلوكنا وأخلاقنا، في مواقفنا وقراراتنا، في ولاءاتنا وعداءاتنا، وفي منطلقاتنا في مسارات الحياة كلها، وأن نرسخ الولاء للرسول صلوات الله عليه وعلى آله، وأن نستلهم منه العزم وقوة الإرادة والعزة والشجاعة والصدق والخير والإحسان وتعبيد النفس لله جل وعلا، وبالرسالة منهجاً نسير عليه في كل شؤون حياتنا، وبالرسول قائداً وقدوة وأسوة حسنة نستطيع أن نغير واقع أمتنا إلى الأفضل، ونستنقذها من هيمنة أعداءها وسفهائها وأشرارها.
فالرسالة الإلهية – أيها الإخوة – تحقق للإنسان الحرية الحقيقية، والكرامة والعدل، وهي بصائر ونور تصنع وعياً عالياً، وحكمة فائقة، ونظرة صحيحة إلى الواقع وإدراكا للحقائق، وهي فرقان وحماية من التضليل والخداع، وهي صلة بين الناس وبين الله ربهم، يترتب عليها الرعاية الإلهية الواسعة من نزول البركات وسعة الخيرات وتحقق النصر والوصول إلى السعادة.
ولولا الانحراف والتحريف في مسيرة الأمة لما وصل الأمر إلى ما عليه الحال الذي تعيشه الأمة الإسلامية وبقية العالم، ولكان واقع العالم مختلف تماماً، ولولا التفريط بتلك المبادئ والأخلاق لما وصلت الأمة إلى ما وصلت إليه من الانحطاط والضعة وهيمنة أعداءها عليها، بل وواقع العالم بشكل عام، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: ((بعثت بين جاهليتين أخراهما شر من أولاهما)).
ولمواجهة جاهلية العصر بهمجيتها وطغيانها التي تقودها أمريكا وإسرائيل والتي أميت فيها من الإسلام روحه، مكارم الأخلاق والعدل والخير والقيم العظيمة والمبادئ المهمة، يجب أن يتحرك الربانيون والأخيار والعظماء من أبناء الأمة ومعهم جماهير الأمة ورجالها بالنور والعزم والإيمان والمبادئ والمواقف التي بها انمحاء ظلام الجاهلية الأولى، وزال ظلمها وطغيانها وهمجيتها وإجرامها وفسادها.
والإسلام العظيم بمنهجه النقي الصحيح غير المزيف، ورموزه الحقيقيين غير الوهميين والمصطنعين قادرٌ على تقويض الجاهلية الأخرى كما قوض وأنهى الجاهلية الأولى؛ لأنه من الله ومعه الله، وهو دين مكتوب له من الله الغلبة والظهور، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}(التوبة:33) وهو نور الله {وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}(التوبة:32)، وهو دين الفطرة {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}(الروم:30).