التقصير والتفريط في الأمور المهمة والظروف الصعبة نتائجه سيئة.
يوميات من هدي القران الكريم
السيد حسين بدر الدين الحوثي
الدرس الرابع من سورة المائدة صـ7.
وكم في القرآن الكريم من الوعود المهمة، من الوعود العظيمة، التي لها قيمتها وأثرها في الحياة الدنيا وفي الآخرة، لو وَجَدَتْ من يؤمن بها، لو وَجَدَتْ من يُصدق ويثق بها، وعود تأتي من قِبَل الله، وعود من قِبَل من له ملك السماوات والأرض، وله الدنيا والآخرة.
ولكن الشيء المُدْهِش والغريب هو أننا كيف نصدق وعوداً تأتي من قِبَل آخرين نحن نعرف أنهم كذبوا علينا في السنة الماضية، وقبل السنة الماضية، ثم يحدثونا بأنه من الآن وصاعداً سنفتح صفحة جديدة، فنصدق ونثق ونصفق.
لم نتعامل مع الله سبحانه وتعالى، ولم نصدق تلك الوعود المهمة، تلك الوعود العظيمة، وَعَدَ المسلمين حتى بغنائم، وَعَدَهم بمناطق أخرى سيفتحونها {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا} (الفتح: من الآية21).
فلهذا كان من ميزة أولياء الله, الميزة العظيمة هو أنهم يؤمنون بما تعنيه الكلمة أي يصدقون ويثقون .. ثم {وَكَانُوا يَتَّقُونَ} {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}؛ لنعرف أن الذي يصنع التقوى هو الإيمان، متى ما آمنت، متى ما صدقت، متى ما وثقت، متى ما فهمت أهمية هذا الوعد، أهمية هذا الأمر، أهمية هذه المسئولية هناك سترى كم يكون التقصير مزعجاً، كم سيكون التقصير مخلاً، كم سيكون التقصير سيئاً، فأنت حينئذٍ ستعمل من منطلق إيمانك الواعي، وفهمك الواعي إلى أن تكون متقياً من أن يحصل منك تقصير نحو الله سبحانه وتعالى، تفريط في المهام التي أصبحت تعرف من واقع إيمانك أهميتها, تخاف من تلك العقوبات التي توعد بها من قَصَّر وفَرَّط وخالف وعاند، فأنت تعمل على أن تتقي الله من أن يحصل منك ما تستوجب به غضبه، وما يجعلك أيضاً جديراً بأن ينزل عليك عقوبته، تلك العقوبة التي أوعد بها .. القرآن مليء بالوعد والوعيد، مليء بالوعيد الذي يعني التهديد على التفريط الذي يحصل من جانب الناس.
{آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} ولهذا نفهم كيف أن التقوى فعلاً هي حالة نفسية يخلقها الإيمان الواعي، يخلقها التصديق العملي في نفس الإنسان وهو ينطلق من واقع إيمانه، ومن صدق وعيه وفهمه، نحو كل قضية؛ لأنه يعرف أهميتها، وخطورتها, ومسئوليته الكبيرة فيها؛ فيخاف الله من أن يقصر فيتقيه. إذاً آمن واتقى {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.