المجاهدين لا يخافون لومة لائم لا من قريب ولا من بعيد.
يوميات من هدي القران الكريم
السيد حسين بدر الدين الحوثي
الدرس الأول من سورة المائده صـ13.
{ولا يخافون لومة لائم}، أيَّ لومة كانت، وأي لائم كان؛ ولأنهم هم أصبحوا إلى درجة أنهم لا يخافون ممن يمكن أن يحذرهم من القتل؛ لأنهم مجاهدون؛ ولهذا لم يأت ليقول ولا يخافون مثلاً من يهددهم بالقتل، أو من قد يقول قد تتعرضون للقتل أو أشياء من هذه؛ لأنهم هم مجاهدون والمجاهدون في سبيل الله هم يبحثون عن الشهادة، أن تخوفه بالقتل ستخوفه بماذا؟ {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} (التوبة: من الآية52) تخوفه بالحسنى بالنصر، أو تخوفه بالحسنى بالشهادة، ليس هناك ما يمكن أن تخوفه به.
يمكن أن يكون هناك لومة لائم من قريب من بعيد، من يقول له: [يا أخي ما عادك أحسن من فلان، هو ذا عندك من أولياء الله جالس أما أنت فبا تقوم تتحرك عادك أعلم منه عادك اما أنت كذا .. كذا] بيجي لوم كثير وبوسائل متعددة، هم ليسوا ممن يخافون لومة لائم. أما أنهم يخافون قتل، أو يخافون سجون أو يخافون أي شيء هم مجاهدون. هم أعزة مجاهدون فينطلقون برغبة، فأن تخوفه مما يرغب فيه فليس معقولاً، وليس منطقياً أن تخوفهم مما هم يرغبون فيه.
ثم هل هؤلاء يعتبرون ناس حمقى أو تورطوا؟. لا. هم ممن حازوا الفضل، هم من أصبحوا وحدهم من حازوا هذا الشرف العظيم {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ} ما معنى فضل الله؟. فضل الله أن يهيئهم هم أن يكونوا هم من يحظون بأن يكونوا على هذه الصفة، من يكونوا بدلاً عمن تقاعدوا وتوانوا وتخاذلوا. أليس هذا اصطفاء من جانب الله لهم؟. تفضيل من الله لهم أن اختارهم هم؟ أن اصطفاهم هم ليكونوا بدلاً عن أولئك المتقاعسين المتوانين المثبطين المتعرضين للارتداد؟ فهم هم مفلحون هم فائزون، وليسوا متورطين.
{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ} وهو فضل من الله أن يكونوا هم من يقوم بهذه المهمة بهذه المسؤولية التي يعد القيام بها فضلاً من قبل الله سبحانه وتعالى {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} (المائدة: من الآية54) عاد فيها يؤتيه من يشاء، وليست المسألة تكاد أن تكون مجرد اختيار من قبل الناس هنا أو هنا، بل قد يكون من قبل الله هو أن يرى أمة من الأمم أن يرى ناساً من الناس مؤهلين وجديرين بأن يؤتيهم ذلك الفضل وبأن يكونوا ممن يستحق هذا الفضل العظيم، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}