نص كلمة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في جمعة رجب 1438هـ.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأشهد ألا إله الا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وارض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين، أيها الإخوة والأخوات، شعبنا اليمني المسلم العزيز، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في الجمعة الأولى من شهر رجب أهمية وذكرى مميزة وعزيزة، من أعز وأقدس الذكريات لشعبنا اليمني المسلم العزيز، وتعد أيضا من الصفحات البيضاء الناصعة في تاريخ شعبنا المسلم، هذه الذكرى هي واحدة من ذكريات ارتباط شعبنا العزيز بالإسلام العظيم في الجمعة الأولى، حيث التحق عدد كبير من أبناء اليمن بالإسلام في ذكرى تاريخية عظيمة ومقدسة ومهمة؛ ولذلك هي مناسبة مهمة في الحفاظ على هوية شعبنا المسلم وفي تجذير وترسيخ هذه الهوية لكل الأجيال الحاضرة والمستقبلية، الهوية التي يمتاز بها شعبنا اليمني، الهوية الإسلامية المتأصلة، هي تعود إلى تاريخ أصيل لهذا الشعب، فعلاقته بالإسلام وارتباطه بالإسلام وإقباله على الإسلام منذ فجره الأول كان على نحو متميز وعلى نحو عظيم، منذ بزوغ فجر الإسلام، كان هناك ممن هم من أصول يمنية، وممن هم من اليمن من تميزوا كنجوم لامعة في سماء تاريخ الإسلام، فعندما نأتي مثلا عندما نأتي إلى المرحلة المكية التي ابتدأ فيها نور الإسلام ودعوة الإسلام، وبدأت حركة النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله، برسالة الله سبحانه وتعالى، وفي ذلك المحيط الذي واجه فيه التكذيب من أكثر قومه، وتحرك أهل مكة أكثرهم من موقع التكذيب بالرسالة، والصد عن الإسلام والعداء الشديد للإسلام، وللرسول صلى الله عليه وعلى آله، كان هناك وضمن المجموعة الأولى من المسلمين من تميز منهم أيضا بدور عظيم ودور تاريخي كبير في تاريخ الإسلام، عمار بن ياسر، بل الأسرة بكلها ياسرا وزوجته سمية وابنهما عمار، أسرة من اليمن أصلها، فكان والده والد عمار بن ياسر أول شهيد في الإسلام من اليمن، وعمار نفسه الذي كان من خيرة وصفوة المسلمين وحملة الرسالة الإلهية وأنصارها، عمار بن ياسر الذي ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يشير بإيمانه، ويتحدث عن المستوى الإيماني الراسخ والراقي لعمار، إنه ملئ إيمانا من مشاشه إلى أخمص قدميه.
ثم هناك حكاية الأنصار الأوس والخزرج القبيلتان اليمانيتان، اللتان بادرتا إلى الإسلام، ثم كان لهما شرف النصرة وشرف الدور المتميز في الدفاع عن الإسلام وفي الإيواء للرسول وللمهاجرين، فيما بعد أقبل أهل اليمن إلى الإسلام من خلال وفود كانت تفد إلى الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، ولكن بعد ذلك كان الدخول الكبير والواسع والشعبي بشكل عام، بعث الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلا اختصه لهذه المهمة هو الإمام علي عليه السلام، وكان ابتعاثه له إلى اليمن له دلالة على الأهمية والمكانة العالية لأهل اليمن لدى الرسول صلوات الله وعلى آله، علي عليه السلام بمكانته العظيمة في الإسلام في مقامة الكبير باعتباره في مدرسة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، في مقامه الإيماني، الرجل الذي عبر الرسول عن مكانته بقوله: “علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي”، ومن مقامه الذي تحدث عنه في نصوص أخرى أنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق وغير ذلك مما تحدث به الرسول عنه، مما يعبر عن المكانة الكبيرة للإمام علي عليه السلام، ابتعاثه للإمام علي على وجه الخصوص ليقوم بدور كبير في دعوة أهل اليمن إلى الإسلام، وأتى إلى اليمن وبقي لشهور متعددة يتحرك في اليمن في مناطق مختلفة، وصل إلى صنعاء ووصل إلى مناطق أخرى في اليمن، فكان أن أقبل أهل اليمن وأسلموا بشكل كبير وجماعي على يد الإمام علي عليه السلام، وفي الجمعة الأولى من شهر رجب كان هناك الإسلام الواسع لأهل اليمن، والذي أسس لهذه المناسبة في الذاكرة وفي الوجدان التاريخي لأهل اليمن، فكانت مناسبة عزيزة يحتفي بها أهل اليمن، فكلما تأتي هذه المناسبة في كل عام، الجمعة الأولى من شهر رجب وما عرف في الذاكرة الشعبية بالرجبية.
فإذا هذا الإقبال والواسع إلى الإسلام طوعا ورغبة وقناعة، وكان دخولا صادقا وعظيما ومتميزا، أهل اليمن، سواء من كان منهم مهاجرا في مكة مثل عمار وأسرته المقداد وغيرهما، مثل ما هي حكاية الأنصار في يثرب المدينة، مثل ما هو الواقع في الوفود التي توافدت من اليمن والجماهير التي دخلت في الإسلام عندما أتى الإمام علي عليه السلام، هو أتى حسب الاستقراء التاريخي لثلاث مرات إلى اليمن، وفي البعض منها كان يبقى لشهور متعددة يدعو إلى الإسلام، ويعلم معالم الإسلام وينشط في الواقع الشعبي والمجتمعي وتنظيم الحالة القائمة في البلد على أساس تعاليم الإسلام ونظام الإسلام.
لقرأة الكلمة بشكل كامل اضغط هنا ->