علاقة الصيام بالصبر والتقوى والدعاء.
يوميات من هدي القران الكريم
السيد حسين بدر الدين الحوثي
الدرس الثامن من دروس رمضان صـ33 الى نهاية الدرس.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (البقرة: من الآية183) قد تقدم قبله حديث عن الصبر عن كذا أسلوب معين في مجال التمهيد لقبول المسألة ذهنياً لو يقول: يا أيها الذين كتب عليكم الصيام شهر رمضان من أول يوم لكان ثقيلاً على النفس، لكن لا. لاحظ كيف هي تساق بعبارات أحكام تفصيلية قبل أن يذكر الرقم الذي هو شهر، أول شيء أيام معدودات مقبولة، أليست مقبولة ذهنياً أيام معدودات؟ يبين أحكاما تفصيلية حتى يبين أن الصيام هذا ليس مرهقاً {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} (البقرة: من الآية184) أي عندما يصوم لا يصوم إلا بجهد جهيد لأن التشريع هو دون الطاقة {يُطِيقُونَهُ} أي يصوم لكن بإجهاد بجهد جهيد لنفسه باعتبار وضعية البدن، وليس باعتبار أعمال إضافية أن تجهد نفسك بأعمال أخرى باعتبار وضعيتك أنت بنيتك الجسمية فهنا يقول: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} يعني الصيام هذا ليس مرهقاً لازم تصوم حتى وإن كنت لا تطيق إلا بمشقة، يطيقونه: يعني بإمكانهم أن يصوموا لكن بصعوبة بالغة بالنسبة له، فبإمكانه يفطر ويكفّر.
هنا مقبول بعدها أن يقول: شهر رمضان أليس هو مقبولاً؟ لو يأتي من البداية كتب عليكم الصيام شهر، قبل أن يبين كيف الصيام وكيف الإستثناءات بالنسبة له أنه: إذا كان واحد مسافر أو مريض أو لا يستطيع إلا بصعوبة بالغة أن يصوم باعتبار الحالة التي هو فيها فيمكن أن يفطر ويكفر عن كل يوم إطعام مسكين ويأتي بقضية تشمل هذه يكون وفق القاعدة الإلهية في ماذا؟ في تسهيل تقديم التشريع، هذه قضية أساسية، قاعدة أساسية.
لا أعتقد أنه صحيح أنه كان هناك صيام أيام معينة ثم بعدها يصومون، قال لهم: {شَهْرُ رَمَضَانَ} لا أعتقد، هذا موضوع روايات أخرى، الآية سياق واحد، من {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} لاحظ التمهيد التشريعي هنا: {كَمَا كُتِبَ} وليست قضية أنتم مختصون بها ما دام قد صاموا أناس قبلنا، إذاً باستطاعتنا أن نصوم {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: من الآية183) فيه فوائد بالنسبة لكم كثيرة تجعلكم متقين {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} (البقرة: من الآية184) أياما معدودات يمكن تكون عشرا يمكن تكون ثلاثين، يمكن تكون أربعين، أليست هكذا؟ ويمكن تكون خمسة أيام معدودات، لا يدري أحد كم هي، تبدو القضية مسهلة.
{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ} (البقرة: من الآية184) قبل أن يقول بالرقم {شَهْرُ رَمَضَانَ} شهر من أول يوم، قبل أن يأتي بهذه الأشياء يكون فيه نوع من الصعوبة، صعوبة القابلية في الإنسجام في الذهنية لا تكون أنت ترى القرآن والتشريع الإلهي أمامك أرقاما كبيرة، أرقاما مجهدة في مقامات كثيرة متعددة؛ لأن التشريع تناول أشياء كثيرة جداً الأطعمة والأشربة المنكوحات الملبوسات الأعمال البدنية كالصيام، جانب مالي إنفاق وأشياء من هذه، لكن تلاحظ كيف، وهذه من حكمة القرآن أنه جاء في المجتمع العربي، ألم يستطع أن ينقلهم إلى قابليته؟ بينما الأسلوب الفقهي الذي قدّم أصبح بالشكل الذي لم يعد بالإمكان إنزاله في كثير من أسلوبه، أسلوب جاف أسلوب بعيد عن أن يكون له قابلية هذا أسلوب راقي جداً ولا يخرج عن القاعدة الإلهية: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} (المائدة: من الآية6)
حتى في عملية تقبل الدين وهو يوجه التشريع أمكن أن يشرع في مختلف المجالات وقبله العرب، أليس هذا يعتبر من المعجزة لهذا الدين؟ أن يقبله العرب هم، وهم ليسو شعباً متحضراً وهم أناس قاسين وجافين وبدائيين في الجزيرة العربية كانوا هكذا وقبلوه، وقبلوا الأشياء العالية فيه، الجهاد نفسه ألم ينطلقوا يجاهدون؟.
{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (البقرة: من الآية184) إذاً ما هنا الصيام قد أصبح سهلاً افترض أنه يطلع أربعين يوماً وقد أصبح هكذا {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} (البقرة: من الآية184) في موضوع الإطعام {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة: من الآية184) يكون فيه فوائد هامة قد يكون من الناحية الصحية ربما ينفع قد يجهدك يومين ثلاثة أو خمسة أيام لكن يكون له أثر فيما يتعلق بصحة بدنك، التي جعلت الصيام في الأيام الأولى مرهقة نوعا ما {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} والصيام بشكل عام هو خير لكم مع أنه قال هناك: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ} هنا مناسب يقول: {خَيْرٌ لَكُمْ} إذاً قد أنت تحب أن تعرف كمّا هو وتصوم {شَهْرُ رَمَضَانَ} (البقرة: من الآية185)
كذلك يتحدث عن شهر رمضان أيضاً بالمناسبة المهمة التي تجعلك تتقبل أن تصوم هذا الشهر هو ماذا؟ أنه {الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: من الآية185) إذاً نصوم مناسبة عظيمة وتكريم لهذا القرآن، إذاً فالصيام جاء على هذا النحو، ما هناك قضية صيام يوم معين، عاشوراء، ثم تنقل إلى كذا هذا فيه روايات أخرى.
ولا يحتاج إلى تقديرات متعددة، معناها لا يطيقونه، ومعناها كذا .. ، يطيق صيامه، لكن يطيق بأقصى جهد لديه، مسموح له أن يفطر باعتبار وضعيته [وليس باعتبار أعماله يأتي واحد يجمع له أعمال صعبة في رمضان في الأخير يقول: لم نعد نطيق، لا.] يفطر ويكفّر ويقول: بعدها في نفس الوقت ـ لاحظ التسهيلات من قبل ومن بعد ـ {شَهْرُ رَمَضَانَ} فيثني على هذا الشهر يشوقك إلى أن تصومه {الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} يبين أن هذا الشهر جدير بأن يصام وأن يكون محطة للعبادة الهامة؛ لأنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن والصيام له علاقة بأعظم شيء أنت تقدسه وهو القرآن الكريم، مما جاء من عند الله.
{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة: من الآية185) إذاً أليس الصيام سهلا جداً هنا: ـ شهر ـ بالأسلوب هذا الرائع العالي فعلاً.
يتحدث عن الصيام وعن هذا الشهر شهر رمضان أنه محط للسؤال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} (البقرة: من الآية186) وهذه في محلها أيضاً ذكر أن الباري يقدم مثلما قال هناك: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (البقرة: من الآية57) يأتي هنا يبرز في الصورة بأنه أيضاً أنتم قد عرض عليكم موسم معين هو من أفضل المواسم للدعاء {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي} (البقرة: من الآية186) يستجيبون لي عندما أهديهم وأشرع لهم في كل ما قدم {لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: من الآية186) فليؤمنوا بي لعلهم يرشدون.