من أعمال الخير والبِر المهمة في شهر رمضان الإنفاق.
بصائر من نور القياده
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
محاضرة بعنوان ( الإنفاق ) 14 رمضان 1433هـ.
خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستقبلاً لشهر رمضان المبارك فقال فيما يروى عنه: ((أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دُعِيتم فيه إلى ضيافة الله، وجُعِلتم فيه من أهل كرامة الله.. إلى أن قال عليه السلام: فسلوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فإن الشقي من حُرم غفران الله في هذا الشهر العظيم، واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه، وتصدقوا على فقراءكم ومساكينكم، ووقروا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم، واحفظوا ألسنتكم)).
من أعمال الخير والبِر المهمة في شهر رمضان الإنفاق، والإنفاق دائرته واسعة، منه الزكاة التي هي فرض من فرائض الله وركن من أركان الإسلام، منه الإنفاق في سبيل الله والذي هو من المسؤوليات المهمة في الإسلام التي يبتني عليها قوة المسلمين وعزتهم، منه أيضاً صلة الأرحام والصدقة على الفقراء والمساكين وإغاثة المحتاجين والملهوفين.
والإنفاق من المال عبادة من أهم العبادات، وكثيراً ما قُرن بالصلاة في القرآن الكريم، يقول الله سبحانه وتعالى: {قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ}(إبراهيم:31) وتكرر الأمر بالإنفاق في القرآن الكريم كثيرًا، أمر من الله مؤكد وفي موارد متعددة وفي مواضيع متعددة، من ذلك قوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}(المنافقون:9-11).
فالله سبحانه وتعالى في هذه الآيات المباركة ينهى الإنسان المؤمن عن أن يكون ماله وأولاده ملهاة له، هي كل شغله في الحياة، تأخذ كل اهتمامه، كل توجهاته، الإنسان في واقع تعامله مع المال إما أن يكون المال له، وإما أن يكون هو للمال.
عندما يكون المال لك بيدك تحت تصرفك فأنت تتحرك فيه بما يفيدك، بما يفيدك في مستوى الحياة، بما ينفعك عند الله سبحانه وتعالى، تصونه عن الحرام فلا تخلطه بالحرام، لا تعتمد على أسباب أو وسائل محرمة للحصول على المال ولتنمية المال، لا تميل إلى باطل من أجل الحصول على المزيد من المكاسب المادية، وفي نفس الوقت تؤدي حقوقه، تخرج منه حقوقه، وتقوم فيه بمسؤولياتك، تدرك أن الله أستخلفك فيه وإلا فأنت ومالك والأرض وما فيها لله سبحانه وتعالى.