محاضرة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في ذكرى استشهاد الامام علي ( ع ) ج1 ــ19 رمضان 1438هـ.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وارض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وتقبّل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال، وخواتم مباركة.
مرت بنا ليلة البارحة ليلة التاسع عشر من شهر رمضان المبارك، حادثة تاريخية مؤلمة جدا، هي ذكرى مصاب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وإمام المتقين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، ويأتي في الحادي والعشرين من الشهر المبارك ذكرى استشهاده رضوان الله عليه، هذه الحادثة هي من أهم الأحداث أو الحوادث في تاريخ الأمة، ومن أكبر المآسي التي سجلها تاريخ الأمة الإسلامية، وحديثنا عن الإمام علي عليه السلام من موقعه في الإسلام رمزا عظيما وهاديا وقائدا وتُجمع كل الأمة الإسلامية على جلالة قدره وعظيم مقامه في الإسلام، هو حديث ذو أهمية كبيرة ومن جوانب متعددة وكثيرة، الإمام علي عليه السلام من موقعه في الإسلام قائدا وعظيما وهاديا،
وامتدادا لحمل المشروع الإسلامي من موقعه العظيم باعتباره النموذج الأكمل والأرقى في كماله، وبطبيعة المسؤولية التي كان يحملها، ثم الحديث عن الإمام علي عليه السلام، ترتبط به جوانب أساسية من إيماننا ومن ديننا، الجانب المتعلق بالمحبة والوفاء كجزء أساسي من الدين، أوثق عرى الإيمان كما ورد عن النبي صلوات الله عليه وعلى آله: (أوثق عُرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله)، والإمام علي عليه السلام أهميته فيما يتعلق بهذا الجانب لدرجة أن محبته من الإيمان وأن بغضه من النفاق كما ورد في الحديث محل الاتفاق بين الأمة الإسلامية وفي التراث الإسلامي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال عن الإمام علي عليه السلام وفيه: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)، وفي نص آخر أيضا: (لا يحبك منافق ولا يبغضك مؤمن)، فمن هذه الأهمية بهذا الاعتبار، من هذا الموقع، بما يرتبطنا بالإمام علي عليه السلام في تراثنا الديني والمعرفي والثقافي ومن موقع الاقتداء والقدوة والاستفادة منه في مقامه العظيم كنموذج عظيم ومميز بين الوسط الإيماني والإسلامي نتحدث عن الإمام علي عليه السلام في جوانب متعددة، والحدث عن الإمام علي عليه السلام ينطلق من مسارين أساسيين:
الأول منهما: على ضوء النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونكتفي في هذا المسار ببعض منها وبعض من أبرزها وأشهرها، والمتعارف عليه والموثوق به والمعترف به والمنقول في التراث الإسلامي بين فرق الأمة على اختلاف مذاهبها وتوجهها، ثم حديث إن شاء الله كذلك مختصر جدا عن حياته وعن تاريخه نسلط فيه الضوء على بعض من الجوانب لأن الحدث عن الإمام علي عليه السلام حديث واسع جدا، فهو مدرسة إسلامية متكاملة بكل ما تعنيه العبارة، والإمام علي عليه السلام قبل أن ندخل في الحديث والتفاصيل، هو رمز إسلامي وعظيم من عظماء الأمة الإسلامية بكلها، هذا أمر لا شكل فيه، لا نقاش فيه، لا إشكال فيه، فسواء في المدرسة الشيعية أو في المدرسة السنية الكل يجمع على جلالة قدره وعظيم مقامه، والنصوص المهمة التي وردت بشأنه عليه السلام، تناقلها الفريقان كما يقال في التعبير، في التراث الإسلامي، وتناقلتها الأمة وتوارثتها جيلا بعد جيل، فليس الحديث عنه، ليس محط إشكال، وإن حاول البعض وبالذات في هذا الزمن، يحاول التيار الوهابي التكفيري أن يجعل الحديث عن الإمام علي عليه السلام محط إشكال ومحط جدال وأن يثير حساسية بالغة وشديدة في هذا الجانب، وهذا شيء يجب أن تتظافر جهود الأمة بكلها في التصدي له لأنه باطل محض لا مبرر له أبدا.
اليوم عندما يسعى التيار الوهابي التفكيري في ظل مسعاه إلى إثارة النزاع بين المسلمين والصراع بين المسلمين، والاقتتال بين المسلمين تحت العناوين المذهبية وتحت العناوين الطائفية يحرص في ظل هذا المسعى وفي ظل هذا التوجه وفي نفس هذه الطريق إلى أن يجعل من محبة الإمام علي عليه السلام ومن الحديث عنه، لأن يجعل من ذلك إشكالية كبيرة جدا، بل أن يجعل من محبة الإمام علي عليه السلام جريمة لا تساويها أي جريمة في العالم، أن تكون صهيونيا يهوديا، إسرائيليا، أن تكون من أي واد أو مشرب في هذه الحياة لا يثيرون الإشكال عن حقيقة توجهك أ, طبيعة انتمائك بقدر ما يثيرونه حول مسألة المحبة للإمام عليه السلام، فيأتون بالحديث الدائم بنبزهم المعروف وكلامهم المعروف، الرافضة الرافضة، المجوس، الرافضة المجوس، الرافضة المجوس،إلى آخره، بشكل دائم ومستمر وهستيري، وجنوني، ثم يحاولون أن يخيفوا الآخرين حتى في الوسط السني، مع أن المحبة للإمام علي عليه السلام والحديث عن فضائله، والحديث عن مناقبه حفل بها التراث السني بقدر ما حفل بها التراث الشيعي، في أهم المصادر في التراث السني، في أهم المصادر الحديثية، هناك تجد وأنت متصفح لها أهم النصوص الواردة بشأن الإمام علي عليه السلام، الحديث العظيم الحديث الراقي، الحديث الذي يتحدث بودية وإجلال وتعظيم واحترام للإمام علي عليه السلام، بل تجد كتبا في التراث السني مفردة عن مناقب الإمام علي عليه السلام وعن فضائل الإمام علي عليه السلام، وتجد الحديث عنها والتأكيد على صحتها، وو إلى آخره، وهذا شيء معروف، ولكن هم بالنسبة للتيار الوهابي التكفيري هو حرص على أن يقدم نفسه على أنه هو السنة وأهل السنة ويعبر عن السنة، ثم يأتي بتوجهات مناقضة ومختلفة كليا في كثير من الأمور في الإسلام، لا تمت بصلة ولا تعبر بأي حال من الأحوال عن حقيقة ما كان عليه التيار السني على مدى التاريخ، على مدى قرون وأجيال متعاقبة، فتوجه هذا الإشكال أوحرص هذا التيار الفتنوي بين المسلمين، حرص على أن يحيط مسألة الإمام علي عليه السلام وعن مناقبه عن فضائله، عن مقامه عن دوره الكبير في الأمة، أن يحيطه بإشكالية كبيرة، بحساسية مفرطة، بعداوة شديدة جدا، وهذا شاهد واضح أنهم في حقيقة أمرهم منافقون لأن هذه سمة لازمة لمبغض الإمام علي عليه السلام، صفة لازمة نطق بها النبي صلوات عليه وعلى آله عن الله وأعلم بها أمته أنه لا يبغض عليا إلا منافق، هذه صفة لازمة لا يمكن أن تجحدها إلا وأنت مكذب للرسول صلى الله عليه وآله، لا يبغضه إلا منافق، فلن يتحسس ويغتاض ويغضب وينفعل ويستاء ويتعقد ويعتبر ذلك مشكلة لا أكبر منها عندما تأتي لتتحدث عن الإمام علي بما قال فيه الرسول مما نقلته الأمة بكلها، لن يفعل ذلك إلا منافق، ولهذا تعتبر من أهم السمات والعلامات التي يتميز بها المنافقون على مر التاريخ منذ عهد النبي صلوات الله عليه وعلى آله، بغض الإمام علي عليه السلام، أبو سعيد الخدري أحد الصحابة الكبار قال ما كنا نعرف منافقي الأنصار إلا ببغضهم لعلي ابن أبي طالب، علامة قريبة علامة واضحة، وعلامة جلية، بسرعة تحدث حالة من الفرز السريع، فإذن الإشكال والحساسية البالغة والعقد الشديدة والبغضاء والحالة الشحن الطائفي والعداوة المفرطة التي يثيرها التيار الوهابي التكفيري تجاه هذا الأمر لا ينبغي أبدا أن تتأثر بها الأمة ولا أن تقبل بها الأمة ولا أن ترضى بها الأمة ويجب أن يتصدى لها الجميع سنة وشيعة، لأن عليا رمز إسلامي للأمة بكلها، لفرق الأمة بكلها، وليس رمزا خاصا بمذهب معين أو طائفة معينة، محبته سمة إيمانية، أينما أنت لا يصح لك إيمانك إلا محبة الإمام علي ابن أبي طالب، وإذا كنت مبغضا له فأنت متصف بصفة نفاقية، نلحظ أيضا أن التوجه الذي عليه النظام السعودي وهو النظام الذي يتبنى التوجه التكفيري الوهابي وفرخ له في أوساط الأمة ودعمه وموله ونشره، ومكن له من خلال دعم إعلامي ومادي هائل جدا وسياسي أيضا، استغل نفوذه السياسي على بعض الحكومات وبعض الأنظمة أن تفتح للتغلغل الوهابي في الشعوب، شعوبنا كلها كان هذا التيار غريبا عليها، وغير موجود فيها، هو ظاهرة طرأت في الساحة الإسلامية وتغلغلت فيها وانتشرت فيها، بفعل هذا الدعم، بفعل البترو دولار، هذه الأموال الهائلة التي صدرته، صدرته إلى العالم الإسلامي، صدرته بعد الجزيرة في دول الخليج، صدرته إلى اليمن، صدرته إلى مصر، صدرته إلى دول المغرب العربي، صدرته إلى الشام، ولم يكن موجودا فيها نهائيا، واكتسح الساحة في مناطق كثيرة، تغلغل وتضرر من تغلغله هذا، تأثر التيار السني، استهدف الساحة السنية، استهدف أتباع المذاهب الأربعة واستهدف الساحة الشيعية، واستهدف كل فرق الأمة وكل ساحة الأمة وتغلغل فيها مدعوما بشكل كبير ماديا ومدعوما بشكل كبير سياسيا، حكومات ناصرته في كثير من الحكومات والأنظمة، أعطيت له أهم الوزارات، كان التيار الوهابي التكفيري دائما يسلم وزارة الأوقاف والإرشاد ووزارة التربية والتعليم حتى يتمكن من خلال هاتين الوزارتين إلى أن يتحرك بشكل رسمي إضافة إلى تغلغله في الوسط الشعبي ونشاطه الشعبي، وحظي بحماية، ودعم أحيانا دعم أمني ودعم عسكري، دعم ن الحكومات في البلدان تناصره، كان في بعض البلدان يذهب إلى المساجد ومعه فرق عسكرية أو فرق من الشرطة، فرق تابعة للداخلية تساعده في عملية اقتحام المساجد، والحديث عن هذا الجانب يطول، والمآسي فيه شملت كل البلدان العربية والإسلامية، شملت اليمن، شملت المغرب العربي، شملت مصر، شملت الشام، حديث واسع عن هذه الاقتحامات والسيطرة على المساجد واستحواذ على المنابر، ومن ثم السيطرة على المناهج الدراسية، هذا شيء حرص عليه النظام السعودي، أن يتحكم في سياسة المناهج الدراسية فيما تتضمنه من ثقافة من معارف دينية وتاريخية، عندنا في اليمن في الماضي على مدى عشرات السنين، تحكمت السياسة السعودية وتحكمت النزعة التكفيرية الوهابية على صياغة المناهج في المدارس والجامعات، تجد مثلا في دول الخليج العربي في أكثرها، في النظام السعودي نفسه، المنهج المدرسي هناك في المدارس والجامعات وكثير أيضا من الرسائل، رسائل التخرج الجامعي، في مراحلها المتعددة والمتنوعة وصلت ليس فقط إلى مستوى إثارة حساسية كبيرة عن الإمام علي عليه السلام وتقديمه كشخصية إشكالية، بل وصلت إلى حد الإساءة إلى الإمام عليه عليه السلام، رسائل تخرج في المناهج أو في الجامعات السعودية كان بعض هذه الرسائل يتطاول على الإمام علي عليه السلام، يسيء صراحة إلى الإمام علي عليه السلام، ينتقص من مقام وقدر هذا الرجل العظيم في الإسلام، فأصبحت السياسة التي يتبناها النظام السعودي، السياسة على المستوى الثقافي والتعليمي، تحرص دائما إلى إقصاء الإمام علي عليه السلام نهائيا من المناهج، وإذا كان ثمة حديث بسيط جدا عنه، يقدمه أحيانا كشخصية اعتيادية ليس لها أي اعتبار في التاريخ الإسلامي نهائيا، أما الأحدايث التي تضمنها التراث الإسلامي، تضمنتها أهم الكتب في الحديث لدى حتى إخوتنا من أهل السنة، لديهم هم مجاميعهم الحديثية الرئيسية، أهم تلك النصوص لا تجد لها أثرا، لا تكاد تجد لها أثرا أبدا، في المناهج الجامعية، سواء في السعودية أو في اليمن أو عدد من البلدان، وكأن النبي لم يتحدث بها أصلا، وكأنه لا وجود لها في التراث الإسلامي نهائيا، تأتي الطامة الكبرى على من يقتصر اعتمادهم في ثقافتهم الدينية والتاريخية على ما احتوت عليه المناهج الدراسية والجامعية سواء عندنا في اليمن، سواء في السعودية أو كل البلدان، كل البلدان التي خضعت للسياسة السعودية في مناهجها التعليمية، طامة كبيرة جدا يمكن للطالب أن يقطع مشواره التعليمي من المرحلة الأساسية، إلى الابتدائية والأساسية والثانوية والجامعية ثم يتخرج وهو يجهل بمثل هذه النصوص المهمة، النصوص التي تدل على أن للمسألة علاقة بإيمانه، علاقة بثقافته، علاقة بجوانب أساسية يحتاج إليها في دينه، فيخرج وهو يجهل مقام الإمام علي عليه السلام، يخرج من الجامعة البعض، البعض يصل إلى درجة أن يكون معلما في الجامعة، ولكن لأن ثقافته وعلومه اقتصرت على ما احتوت عليه تلك المناهج التي خضعت لاعتبارات سياسية، وتأثيرات سياسية، فكان مفلسا ومنعدم الثقافة والمعرفة بمقام الإمام علي عليه السلام العظيم في الإسلام، والبعض مثلا لا يأتي فيما بعد، مثلا ما بعد دراسته الجامعية، أو ما بعد دراسته في كل المراحل، لا يأتي مثلا لينفتح على التراث الإسلامي، ليطلع الاطلاع الواسع، لا، يقتصر على ما قد عرفه واطلع عليه من خلال تلك المناهج، ولذلك أنا أقول لكل الثقافيين ولكل المثقفين، لكل التربويين، لكل المتعلمين في أبناء أمتنا حذاري حذاري من الاقتصار على المناهج الجامعية والمناهج الدراسية الرسمية، حذاري من ذلك، هذه كارثة، هذا سيكون مصدر لكثير من الآفات، لأنه من المعلوم قطعا، وبكل تأكيد ويقين وثبوت أن المناهج الدراسية في عالمنا العربي في المستوى الرسمي خضعت بلا شكل للتأثيرات السياسية، حكمتها سياسات، سياسات معينة وتوجهات معينة فقررت ما يدرج وقررت ما يحذف، تأتي إلى المعارف الدينية، تأتي إلى المعارف التأريخية، وهناك الكثير مما حذف والأمة بحاجة إلى الإطلاع عليه، دينها قيمها، أخلاقها، واقعها، العملي كذلك مسئوليتها الحضارية تفرض عليها أن تطلع على ذلك وقد حُذف نهائيا وهناك ما ضُمن في هذه المناهج مما لا أصل له لا صحة له إما ليس من الحقائق التأريخية هو افتراء وتزوير على التأريخ وإما هو افتراء وتزوير على المعارف الدينية وعلى الإسلام، فلذلك يجب التعاطي بحذر مع المناهج الدراسية الرسمية التي خضعت للسياسات الرسمية التعاطي معها بحذر والنظرة إليها من هذا المنظار باعتبارها شابها فيما تضمنته أخطاء كبيرة وتزييف كثير وباعتبارها أيضًا ناقصة ناقصة، لم تتضمن أشياء مهمة جدا بات اليوم يحذف منها أشياء كثيرة فيما يتعلق بالتأريخ المعاصر، حُذف من المناهج الدراسية ما بعد الألفين ما بعد الألفين وبداية الحملة الأميركية في الـ 2001 والحملة الأميركية التي ركزت على أيضا المناهج الدراسية حُذف منها أشياء كثيرة تتعلق بالخطر الأميركي والإسرائيلي والعربي والاستعماري على عالمنا الإسلامي فهذه كمقدمة وتنبيه.
الإمام علي عليه السلام عندما نأتي إلى الحديث عنه من خلال النصوص الدينية التي نقلتها الأمة، الأمة وليس مذهبا معينا وليس فئة أو طائفة معينة نقلتها الأمة أهم مصادر الأمة لدى السنة لدى الشيعة أهم المصادر في التراث الإسلامي وبموثوقية عالية وبنصوص متظافرة وأصبحت مصنفة بما يقال عليه في المتعارف عليهم بين العلماء والمحدثين بالتواتر، بالتواتر يعني تواترت نقلها الرواة من أبناء الأمة أعداد كبيرة من الرواة أطراف كثيرة من أبناء الأمة وحفظتها الأمة جيلا بعد جيل، نأتي إلى حديث شهير عظيم مهم هو مايسمى بحديث “المنزلة” هذا النص عن النبي صلوات الله عليه وعلى آله من أهم النصوص التي نتعرف من خلالها على موقع الإمام علي عليه السلام في الأمة، ثم ندرك بعد ذلك الجناية التي جنتها علينا السياسة الرسمية في المناهج التعليمية حين تتجاهل مثل هذا النص بأهميته في دلالته، حديث المنزلة بهذه التسمية المشهورة في التراث الإسلامي هو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين علي عليه السلام (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) لاحظوا على أهمية هذا النص على مدلوله الكبير جدا هذا الحديث رواه أبناء الأمة علماء الأمة محدثو الأمة في أهم المصادر لدى الأمة، ويجمع علماء الأمة على صحته وعلى أنه حديث ثابت قطعي متواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهنا في هذا النص النبي صلوات الله عليه وآله حدد وحسم مقام الإمام علي عليه السلام في الأمة، موقعه في الأمة، ويجب نحن كمسلمين أن ننظر إلى الإمام علي عليه السلام بهذا المنظار إن كنا نؤمن بالله ورسوله وبالنبي وبما يقوله النبي وبما صح لنا جميعا وثبت لنا جميعا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول أن منزله الإمام علي منه من النبي صلوات الله عليه وآله وسلم بمنزلة هارون من موسى كلنا نعرف منزلة هارون من موسى أنه ما من أحد في أمة موسى عليه السلام وفي أصحاب موسى عليه السلام كان له من موسى منزلة هارون منه، هارون هو الوزير هو المعين هو المعاضد هو المناصر في المرتبة العالية إلا أنه لا نبي بعدي، المستثنى فقط من هذه المنزلة هو النبوة لأن النبي محمدا صلوات الله عليه وآله وسلم هو خاتم النبيين، فالإمام علي عليه السلام أولاً في مقامه وفي مرتبته في الأمة هذه هي هذه المرتبة، هو أعلى هذه الأمة شأنا ومقاما ودورا عظيما في الإسلام في نصرة نبي الإسلام في معاضدة نبي الإسلام بهذه الدرجة ولهذا المستوى بمنزلة هارون من موسى ثم في كماله الإيماني وكماله في المواصفات الأخلاقية والإيمانية وفي المواصفات المتعلقة بالمسؤولية، لأنه ما من أحد في أمة موسى كان في مستوى كماله الإيماني بكل ما يدخل ضمن ذلك ويندرج ضمن ذلك بمستوى هارون، هذا أمر لاشك فيه ولانقاش فيه، كثير للأسف من المناهج الدراسية وكثير، يعني في بعض المناطق في بعض الأماكن في بعض البلدان يصبح الإنسان فيها دكتورا أو معلما في الجامعة وهو بعد لم يطلع على مثل هذا النص خاصة في زمن فيه كسل كبير وقصور كبير في الإطلاع في التراث الإسلامي فيأتي البعض لا معرفة له بذلك أو أنه لا يتفاعل مع هذا النص، هذا نص يفرض علينا كمسلمين كمؤمنين لنا هذا الانتماء الإسلامي ننظر إلى الأمور الدينية من هذا المنظار النبوي، من المنظار الذي رآها النبي فيه وتحدث عنه النبي به فننظر إلى الإمام علي عليه السلام بهذه الجلالة بهذا القدر بهذه العظمة بهذه الأهمية بهذا المقام بهذا المستوى، هذا ما يجب أن يكون هو الأثر فينا التفاعل من جانبنا مع نص كهذا أو أن المسألة تكون مجرد عبارات نتلفظ بها ليس لها أي أثر في أنفسنا ولا في نظرتنا ولا في ثقافتنا ولا في فهمنا إنما مجرد عبارات نقول بها على ألسنتنا، أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، ثم أنت ذلك الذي تنظر للإمام علي عليه السلام وكأنه مجرد شخصية اعتيادية صحابي حاله حال أي واحد من الصحابة على حسب التعبير والمصطلح المنتشر لا، يجب أن ننظر من هذه النظرة من النظرة النبوية أن نكون متأثرين بنبي الإسلام لا أن نكون متأثرين بالتيار الوهابي التكفيري المشؤوم الضال الذي يأتي لينشر حساسية بالغة حتى عن هذا المقام العظيم، من ينظر بالعين الوهابية هي عين عمياء مظلمة لا ترى النور ولا ترى البصيرة وبالتالي تطلع دائما نظرة سوداوية إلى رموز الإسلام العظام إلى كل ماهو عظيم ومهم وجميل ومفيد في الإسلام، النظرة الوهابية التكفيرية الظلامية هي نظرة تشوه حتى نبي الإسلام في مقامه الأعلى والأعظم والأسمى والأكبر، نظرة تسيء إلى النبي بكله بكله دعك عن تلامذته دعك عن أتباعه دعك عن أعوانه دعك عن الإمام علي عليه السلام في مقامه كوزير ومناصر وعظيم في هذا الإسلام هذا أحد النصوص، هذا النص في ثقافتنا الدينية يجب أن نعلمه أبنائنا يجب أن يتعلمه الطلاب يجب أن يسمع به الجميع لايجوز أن يكون هذا النص غائبا بفعل التغييب له في المناهج الدراسية الرسمية أو بفعل السياسات التي تحكم البرامج التثقيفية في وسائل الإعلام لأن وسائل الإعلام كذلك معظمها في العالم الإسلامي معظمها في العالم الإسلامي تأتي وتتجاهل كل هذا، هذا لاعلاقة له حتى بالسنة ولا بأهل السنة ولا بالتراث السني لأن التراث السني كان له إسهام كبير جدا في نقل هذه النصوص وفي المحافظة عليها جيلا بعد جيل، هذه عقدة وهابية يجب أن تكون منبوذة ومرفوضة لدى الأمة بكلها، نص آخر من أهم النصوص المشهورة المتواترة المقطوع بصحتها بين الأمة في تراثها والمتناقلة بين أجيال الأمة في تراثها الديني والثقافي والفكري هو النص المشهور بحديث الغدير حديث غدير خم وهو نص عادة ما نتحدث عنه في مناسبة يوم الولاية يوم الغدير ونتحدث عن مدلوله هناك، هنا نتحدث عنه باختصار لأن المقام هناك في الحديث الواسع عنه، النبي صلوات الله عليه وعلى آله بعد عودته من حجة الوداع وقبل فراقه لهذه الحياة بأشهر وصل إلى غدير خم موضع بين مكة والمدينة وهو عائد من مكة بعد حجة الوداع، وهناك جمع الأمة كل الذين حجوا معه في تلك الفترة، وجمعته الطريق بهم وكانوا بالآلاف وأمر أن ترص له أقتاب الإبل ونهض من فوقها في الظهيرة في ساحة واضحة معروفه ومكشوفه، ليتخاطب مع الجمع الذي قد جمعه آنذاك، أتى وأعلن إعلانا مهما كان من أهم ما تضمنه هذا الإعلان أن قال إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والي من ولاه وعادي من عاداه وانصر من نصره، وأخذل من خذله، هذا النص هناك قدر مشترك فيه نقلته الأمة في مصادرها وأصبح متواترا ومشهورا جدا بين الأمة وإن كان هناك نسبة من الاختلاف في مدلول هذا النص ولكن النص واضح بقليل من التأمل بحيادية وموضوعية في التأمل يصل الإنسان إلى قناعة تامة بطبيعة الدور والمقام الذي للإمام علي عليه السلام.
وهنا قال ضمن هذا النص فمن كنت – يعني النبي- مولاه، كل من كان يعتبر النبي مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من ولاه وعادي من عاداه، علي هو بهذه الأهمية بهذا المستوى أن كل من يعتبر النبي مولاه من أبناء هذه الأمة لا بد له إن كان على مصداقية في ذلك، إن كان على مصداقية في ذلك، أن يعتبر الإمام عليا عليه السلام مولاه فهو ولي كل مؤمن، بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله.
حديث آخر كذلك تناولته الأمة وهو من الأحاديث المشهورة جدا بين الأمة حديث لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، وحديث آخر لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق من لوازم الإيمان لاحظوا هذه الأهمية، من لوازم الإيمان محبة الإمام علي عليه السلام، فلا يكتمل إيمانك إلا بهذا، ولا يتحقق إيمانك إلا بهذا، أنت في الإسلام في الدين الإسلامي أمامك في الإسلام ارتباطات واضحة أمامك منهج تسير عليه، أمامك رموز وقادة وهداة تتأثر بهم تقتدي بهم تتعلم منهم تستفيد منهم هم قدموا لك هذا الدين وحفظوه لك نصا وقدموا فيه القدوة العملية وجسدوه واقعا في حياتهم فقدموا أرقى صورة عن هذا الدين في واقع حياتهم، هؤلاء الرموز تربطك بهم هذه الرابطة، رابطة أن تقتدي بهم أن تتأثر بهم أن ترى في تطبيقهم الإسلام القدوة لك أن تستفيد من معالمهم باعتبارهم حلقة الوصل.
نحن مثلا في هذا الزمان كم بيننا وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله، مئات السنين من نقل لنا الدين عبر أجيال من جيل إلى جيل، ما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله من نتطلع إليه كأمه بعد وفاة النبي ينقل لنا هذا الدين يقدم أرقي صورة وعن كمال هذا الدين يقدم في واقعه الدلالة على الحق في أي مرحلة من مراحل اختلاف الأمة نتطلع إلى الإمام علي بن أبي طالب، وإلا ما فائدة هذه النصوص ما فائدة أن يقول النبي كذلك.
النبي لم يكن مهرجا ومجرد رجل يصدر المديح هكذا يطلق العبارات الفضفاضة للإشادة بالآخرين بغية الرفع لمعنوياتهم والتشجيع لهم، لا، هو نبي يقول الحق عن الله، ينطق بالحق، وما ينطق عن الهوى لم يكن يخضع فيما يقوله لا لتأثيرات شخصية، ولا لعوامل قرابة، ولا لميول لها أي صلة بالهوى من قريب ولا من بعيد، ولم يكن يتقول على الله حاشاه “وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى” وحينما يقول ما قاله عن الإمام علي عليه السلام هو يدرك أهمية هذا الدور للإمام علي عليه السلام من بعده لأنه سيرحل من الذي سيرث منه ويحمل منه روح الإسلام، قيم الإسلام، معارف الإسلام، حقائق الإسلام، وحينما تحصل حالة الاختلاف بين أوساط الأمة من الذي تتطلع إليه الأمة باعتباره الحلقة الأوثق والأرقى والأكمل والأعرف والأعلم وبدرجة الموثوقية العليا؟ يتطلع إلى الإمام علي عليه السلام وإلا ما قيمة هذه النصوص فالإمام علي عليه السلام علاقتك به علاقة إيمانية كرمز إيماني كرمز إيماني أنت عندما تأتي لتتعرف على الإسلام في ثقافته في معارفه، الإسلام معلومات معارف وعلوم تتعرف علي صلاتك على صيامك على حجك على زكاتك من أهم مصدر يوصلك بالنبي من هو باب مدينة علمه؟ عندما تأتي لترى الاختلاف بين أوساط الأمة فتبقى متحيرا من تتطلع إليك علامة فارقة؟ الإمام علي حبه إيمان وبغضه نفاق لا يحبك إلا مؤمن، فلا حظوا جريمة كبيرة والله جريمة أن يغيب مثل هذا النص في المناهج الدراسية البعض يصبح دكتور في الجامعة لم يطلع بعد على هذا النص لأنه اقتصر في معارفه واطلاعه وفي ثقافته على المناهج الدراسية المحكومة بسياسات سياسات من جهلة ليسوا مؤتمنين على الأمة جهلة، كمن جاهل، تحكموا وساسوا وقرروا وأخضعوا لاعتبارات شوية فلوس من السعودية وجاء توجيه لوزارة التربية والتعليم أو للمناهج الجامعية كيف تكون شوية فلوس خلاص وظلمت لك أجيال من أبناء الأمة.
حديث آخر حديث (عليٌ مع القرآن والقرآن مع علي) حديث يؤكد اقتران الإمام علي عليه السلام بالقرآن في مواقفه، في توجهاته، في مسار حياته، في معارفه، فيما يقدمه للإسلام، وعن الإسلام، فهو مقترن بالقرآن مواقفه مواقف القرآن، معارفه معارف القرآن، سياسته سياسة القرآن، منهجه في الحياة قرآني، تطلع إلى الإمام عليه السلام من هذا الموقع (علي مع الحق والحق مع علي) وهكذا نجد هناك الكثير والكثير من النصوص حديث الراية في قصة خيبر عندما قال النبي صلوات الله عليه وعلى آله: ( لأعطين الراية غداً رجلاً يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله كراراً غير فرار يفتح الله على يديه) لاحظوا هذا النص كيف يتحدث عن الإمام علي عليه السلام يحبه الله ورسوله، كيف لا نحب هذا الرجل العظيم الذي حظي بالمحبة المؤكدة أخبر عنها الرسول من الله ومن رسوله؟ كيف لا نحبه؟ وكيف لا ننشد إلى شخصية بهذا العظمة؟ بهذا المستوى بهذا القدر الكبير والمنزلة الرفيعة العالية ولماذا سيحبه الله ورسوله إلا لكماله الإيماني هذا النص يقطع لنا قطعاً على باطن وسريرة علي وعلا نيته على سريرته وعلانيته رجل إيمانه محقق يشهد له الله ويشهد له رسوله بكمال إيمانه هذه المحبة هي وسام شرف وهي في نفس الوقت هي دليل قاطع على كماله الإيماني على عظمته الرفيعة عند الله سبحانه وتعالى منزلته العالية عند الله سبحانه وتعالى ومرتبته الإيمانية العالية، ويحب الله ورسوله كذلك نفس الشيء شهادة له بمحبته لله ورسوله بكل ما يلحق بها من كمال إيماني ومواصفات إيمانية ثم نجد الكثير والكثير من النصوص هذه بعض منها هناك كتب بأكملها حتى في التراث السني هناك كتب بأكملها، اسمها كتب المناقب كتب الفضائل مقام علي عليه السلام في الأمة قال عنه ابن عباس رضوان الله عليه قال ما من آية هذا معنى كلام ابن عباس ما من آية فيها ثناء على المؤمنين إلا وعلي أميرها وشريكها هو صالح المؤمنين هو أكمل المؤمنين كل ثناء على المؤمنين ينطبق عليه.
نكتفي بهذا المقدار ونتحدث أن شاء الله في المحاضرة القادمة عن بعض النقاط من حياة علي عليه السلام وسيرة علي عليه السلام وفضائل علي عليه السلام هذه المسألة مسألة ترتبط بالمناهج بالمدارس ولا تتسع لها المحاضرات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.