كلمة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي مع حكماء اليمن 19-08-2017م.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، واشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
الآباء الأجلاء والأخوة الأعزاء، حكماء اليمن من كل الوجهات، من العلماء والمشائخ والأكاديميين ورجال المال والأعمال، وسائر وجهات مجتمعنا اليمني، شعبنا اليمني المسلم العزيز، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرحب بكم جميعا، وأشكركم على هذا الحضور بالرغم من ضيق الوقت ومن ضيق المكان وما نتج عن ذلك من متاعب ومعاناة، وكذلك أؤكد أن حديثنا اليوم إليكم وإلى كل حكماء اليمن الذين لم تتح لهم الفرصة للحضور نظرا لضيق الوقت من جانب، ونظرا أيضا لضيق المكان الذي لا يمكن بالتأكيد أن يتسع لكل حكماء اليمن ولكل وجاهات وشرفاء البلد، نحن اليوم نتحدث إليكم جميعا، الحاضرون والغائبون ونتحدث إلى كل الشرفاء والأحرار في بلدنا العزيز حديثا من واقع الإحساس بالمسؤولية، المسؤولية التي تجمعنا جميعا والهم الذي يوحدنا جميعا والواقع الذي نشترك فيه جميعا.
نحن منذ شهر رمضان المبارك سعينا وبذلنا الجهد لأن يكون هناك دور متميز وحاضر وفاعل لحكماء اليمن من مختلف الفئات والوجاهات والشخصيات، وأن لا تستأثر القوى السياسية في زعمائها وفي كبارها وقياداتها، ألا تستأثر بالتوجهات والمواقف بعيدا عن هذا الحضور القريب لكل الشرفاء في هذا البلد؛ لأن المسؤولية علينا جميعا ولأن الأمر يهمنا جميعا، ولأننا في مرحلة استثنائية وتاريخية ومصيرية كل ما فيها مصيري على هذا البلد وعلى هذا الشعب، وكان الاجتماع في العاشر من شهر رمضان، اجتماعا حاشدا وكبيرا، وكان الحضور فيه معبرا عن كل المكونات، بما فيها المكونات البارزة في هذا البلد، على مستوى الحضور الكبير في الساحة اليمنية، وآنذاك كان العنوان الرئيسي واضحا لاجتماع العاشر من شهر رمضان والعمل على الحفاظ على وحدة الصف الداخلي، الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، وتعزيز الموقف للتصدي للعدوان الغاشم الظالم على شعبنا المسلم العزيز، بدأ ذلك الاجتماع وكان اجتماعا مميزا وكان اجتماعا أيضا مهما وعلى أساس أن يستمر هذا المسار لرجال هذا البلد من مختلف مكوناته، للعلماء والمشائخ والأكاديميين ورجال المال والأعمال، وكل النخب أن تكون هي بذاتها، بنفسها حاضرة في المشهد السياسي، مطلعة على المواقف وان تكون هي بنفسها تسعى باستمرار للحفاظ على وحدة الصف في هذا البلد وعلى تماسك الجبهة الداخلية في هذا البلد، لماذا؟ لأنه بالتأكيد يسعى العدو الذي بدأ عدوانه علينا من قبل عامين ونحن اليوم في العام الثالث، يسعى بكل جهد وبكل وسيلة إلى تفكيك الجبهة الداخلية ليتمكن من حسم المعركة التي عجز عن حسمها مع كل ما قد بذله من جهد ومع ما قد كلفه هذا العدوان من خسائر باهظة جدا جدا على المستوى المادي وعلى المستوى البشري.
كنا ندرك ولا زلنا ندرك أن وحدة الصف في هذا البلد وأن تماسك الجبهة الداخلية في هذا البلد وأن تعزيز الموقف في التصدي للعدوان يحتاج إلى جهودكم أيها الأعزاء، ويحتاج إلى الاهتمام من الجميع والعناية من الجميع والاهتمام المستمر من الجميع، ويحتاج إلى مراقبة مستمرة حتى يكون هناك جهوزية للتصدي لأي محاولة من محاولات تفكيك الجبهة الداخلية، وضرب الصف الوطني والمساس بتماسك الجبهة من الداخل، ولكن لم يكن البعض يرغب في هذا الدور، ولم تكن تتفاعل بعض القوى السياسية وبعض المكونات مع هذا الدور وهو دور طبيعي لا ينبغي أن يأنف البعض منه، ولا أن يستنكره البعض، ولا أن يشمئز البعض منه، من الطبيعي جدا أن يكون أبناء هذا البلد، رجاله وهاماته وقاماته وقياداته، ووجهاؤه، علماؤه، نخبه، أن يكونوا حاضرين، من الطبيعي جدا ومن اللائق أن يكون لهم هذا الدور، ما الذي يبرر أن يتهرب البعض من إعطائكم في هذا البلد هذا الدور الذي نحتاج إليه جميعا ويحتاج إليه البلد، بل إنه حق طبيعي لأبناء هذا البلد جميعا، وفي المقدمة الوجاهات العلمائية والأكاديميين والمشائخ ورجال المال والأعماء وكل الذين في صدارة الشعب وفي صدارة الموقف، الكل أيضا معنيون من واقع المسؤولية لأن على الجميع مسؤولية أن ينهضوا بهذا الدور وأن يحملوا هذا الاهتمام وأن يتحلوا بهذا الحرص.
نحن اليوم في مرحلة مهمة جدا، ونحن سنصر ونأبى إلا أن يكون لكم في كل هذا البلد، أنتم الحاضرون وكل الإخوة الذين أنتم تعبرون عنهم والذين لم تتح لهم الفرصة للحضور ولم يكن المكان يتسع لحضورهم لأن الصالة ضيقة والوقت كان مستعجلا، سنصر بالتأكيد على أن يكون لكم هذا الدور وعلى أن تنهضوا بهذه المسؤولية وعلى أن تحضروا في المشهد عن كثب وعن قرب، وعلى أن يكون لكم اطلاع على سير الأوضاع، على المستوى السياسي وعلى مستوى أداء مؤسسات الدولة وعلى مستوى الاطلاع على الواقع الذي تعيشه حالة الوحدة وحالة التعاون ومدى الانسجام في الموقف في التصدي للعدوان ما بين المكونات البارزة والرئيسية.
إننا أيها الأعزاء والكرماء كلنا يعرف وكلنا يعلم في هذا البلد أن العدو الباغي المعتدي في هذا العدوان الأمريكي السعودي وكل من لفه معه في هذا العدوان منذ يومه الأول، كان عازما وكان ساعيا وكان مقررا لأن يدخل في هذه المعركة على أساس أن يحسمها، وعلى أساس أن يحقق أهدافها بكل ما فيها من مخاطر كبيرة على بلدنا، بكل ما فيها من كوارث بكل ما تعنيه الكلمة، أن يحتل هذا البلد بكله، أن يستعبد هذا الشعب بأجمعه، أن يذل الجميع بدون استثناء وبدون النظر إلى اعتبارات مذهبية أو مناطقية أو غير ذلك، وأن يتحكم في رقابنا كيمنيين وأن يسومنا سوء العذاب وأن يجعل منا كشعب كبير عظيم، وكبلد مهم في المنطقة مجرد رصيد يحسبه إلى أرصدته السياسية، وورقة يستغلها على مستوى المنطقة بكلها، ودخل في هذه المعركة وفعل كل شيء من اللحظة الأولى في سبيل أن يحقق هذا الهدف، في سبيل أن ينجح في حسم هذه المعركة، استباح كل الحرمات ولم يراعِ أيا من الاعتبارات، لم يلحظ أي شيء في هذا البلد أن يعطيه أي قيمه أو أي اعتبار، استهدف كل شيء في هذا البلد، وقتل الآلاف من أطفالنا في هذا البلد ونسائنا واستهدف المدن والقرى، استهدفنا في الأسواق، استهدفنا في المساجد، استهدفنا في كل نواحي الحياة، وحاصرنا اقتصاديا، وحاول خنقنا اقتصاديا، بل حاول القضاء علينا اقتصاديا وعانى شعبنا بكله نتيجة هذا العدوان الأمرين، قتلا وجراحا ووضعا اقتصاديا صعبا جدا، إلى غير ذلك مما يطول، وصولا إلى انتشار الأوبئة والأمراض الناتجة عن هذا العدوان من خلال أسباب متعددة ووسائل متعددة، كلنا يعرف ذلك ولكن العدو بالرغم من كل ما قد فعله، بالرغم من إمكاناته العسكرية الكبيرة والهائلة التي وفرها الأمريكي، والتي شغلها الأمريكي في هذا العدوان.
وبالرغم من كل الجرائم الفظيعة، الجرائم الرهيبة التي ارتكبها بحق شعبنا، وبالرغم من حجم الأحداث المهول لكثرة ما كان هناك من أعمال هجومية، لكنه فشل في النهاية في حسم هذه المعركة وفشل في تحقيق أهدافه كلها، وكانت نجاحاته لا تعتبر إلا نجاحات جزئية ومحدودة في مقابل ما كان لديه من أهداف معروفة للجميع، ما الذي سبب فشله؟ ما الذي سبب إخفاقه إلى اليوم، هو الصمود العظيم، الوقفة المشرفة المعتمدة بالتوكل على الله سبحانه وتعالى، أن شعبنا اليمني بمختلف فئاته وأعني كل الأحرار في هذا البلد، وبالتأكيد لا أقصد المتخاذلين ولا المثبطين ولا الخونة ولا العملاء، الشرفاء في هذا البلد، الأحرار في هذا البلد، الصامدون في هذا البلد، الأوفياء في هذا البلد من كل مكونات هذا الشعب وقفوا متوكلين على الله مراهنين على الله، معتمدين على الله، وواثقين بالله سبحانه وتعالى، وهو رهان في محله، رهان لا يخيب من حمله، ولا يخيب من بنى عليه واعتمد عليه.
الرهان على الله، التوكل على الله سبحانه وتعالى هو أساس النجاح وأساس الثبات وأساس الفلاح، هذا الصمود العظيم الذي كان فيه صبر كبير على المتاعب وعلى التضحيات، التضحيات الجسام، الآلاف المؤلفة من الشهداء الأبرار وعشرات الآلاف من الجرحى والآلاف من المعاقين، العدد الكبير من المنازل المدمرة، الصبر على معاناة الجوع والفقر والمرض، الصبر على كل المعاناة بكل أشكالها، في المدن وفي الريف ومن مختلف فئات الشعب، صبر العدد الكبير من الموظفين مع انقطاع المرتبات لأوقات طويلة ولأشهر متتابعة، هذا الصبر له هذه الثمرة، صمود شموخ، ثبات، حرية، إباء، استقلال، كرامة، هذا الصبر هو الذي حفظ لنا استقلالنا كشعب يمني، هو الذي نتج عنه هذه الرعاية الإلهية، هذا العون العظيم من الله سبحانه وتعالى، فتمكن شعبنا من الصمود بالرغم من كل ما هنالك من إمكانات، بالرغم من حجم العدوان وحجم الجرائم ومستوى المعاناة على النحو الكبير. فإذن هذا الصمود له قيمته، وكان لتماسك الجبهة الداخلية بالحد الأدنى في التفاهمات القائمة والتعاون القائم والتفاهم القائم، والانسجام ولو على نحو ما، كان له ثمرة طبية وإيجابية كبيرة وساعد على فشل الكثير من مؤامرات الأعداء ومخططات الأعداء.
اليوم نحن على أعتاب مرحلة مهمة ومرحلة حساسة ومرحلة خطيرة جدا، قوى العدوان قد تعبت، وقد كلّت وملّت وأُرهقت نتيجة فشلها وإخفاقها كل هذا الوقت منذ بداية العدوان وإلى اليوم، وما قد كلفها عدوانها على بلدنا العزيز ماديا وبشريا إلى غير ذلك، وأثر على سمعتها في الإقليم.
ولكن هناك خطة جديدة تحرص قوى العدوان من خلالها وتؤمل من خلالها على أن تتمكن من حسم المعركة، هذه الخطة لها مسارات متعددة، مسار عسكري، يحضرون اليوم لتصعيد كبير في عدد من الجبهات المهمة، أبرزها جبهات نهم وما إليها، نهم إلى صرواح، وجبهات الساحل وجبهات تعز، وبعض الجبهات، لكن هذه على نحو رئيسي وفي نفس الوقت يتزامن مع المسار العسكري الذي يعدون للتصعيد فيه مسارات أخرى خطيرة جدا يعولون عليها هي في أن تمكن المسار العسكري من حسم المعركة؛ لأنهم قد جربوا في الفترة الماضية أن المسار العسكري مع فشل المسارات الأخرى أو ضعف نجاح المسارات الأخرى لم يوصلوهم على النتيجة التي يحرصون إلى الوصول إليها في حسم المعركة عسكريا، المسار الآخر الذي يريدونه متزامنا مع المسار العسكري ومع التصعيد العسكري هو استهداف الجبهة الداخلية، الجبهة اليمنية، استهداف هذا البلد من الداخل حتى يؤثروا على الوضع العسكري وعلى تماسك الوضع العسكري الصامد في وجه قوى العدوان، وحتى يتمكنوا من خلال ذلك بالتأثير على جبهات القتال وإضعافها والحد من توافد الناس إليها والحد من الزخم البشري اللازم لحمايتها وتأمينها وقوتها، المسار هذا يتمثل في نشاط مكثف في الوضع الداخلي في هذا البلد:
أولا: تفكيك الجبهة الداخلية وإثارة النزاعات الداخلية والمشاكل الداخلية.
ثانيا: العمل على إبراز قضايا ثانوية واهتمامات هامشية حزبية وفئوية تطغى على المشهد الداخلي وتحتل الاهتمامات والأولويات وتبرز إلى الصدارة وتستحوذ على كل النشاط في الداخل، فينشغل الجميع بعيدا عن الاهتمام في التصدي للعدوان وراء انشغالات ثانوية وهامشية وفئوية هناك وهناك، وينسى الجميع الجبهة وينسى الجميع التصدي للعدوان.
لتصفح وتنزيل بقية الكلمة اضغط على الرابط التالي:-