عندما نحيي ذكرى الولاية فأننا نعلن ان دين الله دين ودوله.
برنامج رجال الله اليومي.
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
حديث الولاية صـ1ـ2.
نحن عندما نحيي هذه الذكرى، عندما نحيي ذكرى إعلان ولاية الإمام علي (عليه السلام) فإننا نعلن أن الدين – حسب مفهومنا ووفق رؤيتنا وعقيدتنا – أنه دين ودولة، أن الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) لم يغادر هذه الحياة إلا بعد أن أعلن للأمة من الذي سيخلفه. وهذا هو موضوع هذا اليوم.
ففي مثل هذا اليوم من السنة العاشرة وبعد عودة الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) من حجة الوداع مع عشرات الآلاف من جموع المسلمين وقف في وادي [خُم] – منطقة بين مكة والمدينة وهي أقرب ما تكون إلى مكة – بعد أن نزل عليه قول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}(المائدة:67).
بعد نزول هذه الآية، وفي وقت الظهيرة، في وقت حرارة الشمس، وحرارة [الرَّمْضَاء] أعلن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) لمن تقدم أن يعودوا, وانتظر في ذلك المكان حتى تكامل الجمع، وبعد ذلك رُصَّتْ له أقْتاب الإبل ليصْعَدَ عالياً فوقها؛ لتراه تلك الأمة – إن كان ينفعها ذلك – لتراه, لتشاهده, وهي تعرفه بشخصه، لترى علياً يد رسول الله رافعة ليده وهي تعرف شخص [علي]، ومن فوق تلك الأقتاب يعلن موضوعاً هاماً، يعلن قضية هامة هي قضية ولاية أمر هذه الأمة من بعده (صلى الله عليه وعلى آله وسلم).
عندما صعد وبعد أن رفع يد علي (عليه السلام) خطب خطبة عظيمة قال فيها – وهو الحديث الذي نريد أن نتحدث عنه اليوم باعتباره موضوع هذا اليوم، والحَدَث الهام في مثل هذا اليوم، وباعتباره أيضاً فضيلة عظيمة من فضائل الإمام علي (عليه السلام) – خطب رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) إلى أن وصل إلى الموضوع المقصود فقال: ((يا أيها الناس إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا عليٌ مولاه، اللهم وَالِ من وَالاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخْذُل من خَذَله)).
تسلسل هذا الحديث ينسجم انسجاماً كاملاً، الترتيبات التي أعلن فيها الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) هذا الموضوع تنسجم انسجاماً كاملاً مع لهجة تلك الآية الساخنة: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}(المائدة:67). موضوع هام بالغ الأهمية، قضية خطيرة بالغة الخطورة، ورسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يعرف ويقدر كل موضوع حق قدْره، ويعطي كل قضية أهميتها اللائقة بها.
يخاطب الناس: ((يا أيها الناس إن الله مولاي)) وهذه هي سنة الأنبياء، وخاصة مع تلك الأمم التي لا تسمع ولا تَعِي, فقد قال نبي من أنبياء الله من بني إسرائيل عندما سأله قومه أن يبعث لهم مَلِكاً يقاتلون معه وتحت رايته في سبيل الله، ماذا قال؟ {إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً}(البقرة: من الآية247) وهاهنا بنفس الأداء ((إن الله مولاي)) تساوي {إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً}(البقرة: من الآية247)؛ ليقول للأمة: إني وأنا أبلغ عندما أقول لكم: ((فمن كنت مولاه فهذا عليٌ مولاه)) إنما أبلغ عن الله، ذلك أمر الله، ذلك قضاء الله، ذلك اختيار الله، ذلك فرض الله، وذلك إكمال الله لدينه، وذلك أيضاً مظهرٌ من مظاهر رحمة الله بعباده.
((إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم)) – تابعوا معي تسلسل هذا الحديث وهو ما نريد أن نتحدث عنه بالتفصيل – ((وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم)) هكذا من عند الله إلى عند رسوله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)، ولاية ممتدة، ولاية متدرِّجة لا ينفصل بعضها عن بعض.
ثم يقول: ((فمن كنتُ مولاه)) أليس كل مؤمن فينا يعتقد ويؤمن بأن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) هو مولاه؟ إن كل مسلم – وليس فقط الشيعة – كل مسلم يعتقد ويؤمن بأن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) هو مولاه. إذاً ((فمن كنتُ مولاه)) أي مسلم، أي أمة، أي شخص، أي حزب، أي طائفة، أي فئة أي جنس من هؤلاء من هذه البشرية كلها يدين بولايتي، يدين أني أنا مولى المؤمنين ((فهذا عليٌ مولاه)).