الثورة الشعبية هي تحرك مشروع وضرورة فرضتها الأوضاع الكارثية.
بصائر من نور القيادة.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
خطاب بمناسبة الذكرى الأولى لانتصار الثورة 21 سبتمبر في سنة 2015م ، 8 ذو الحجة 1436هـ.
الثورة الشعبية الذي تحرك فيها شعبنا العزيز بكل أطيافه بكل مكوناته بكل فئاته بمطالب مشروعة وعادلة لا تعبر فقط عن فئة محدودة من أبناء هذا البلد ، ولا تتحرك من واقع معاناة محدودة لفئة معينة ؛ إنما من واقع معاناة وأوجاع الشعب كل الشعب ومطالب الشعب فيما يعنيه جميعاً.
فهذه الثورة الشعبية هي لم تأت من فراغ؛ بل هي تَحرُّك مشروع استحقاقي مسؤول واعي ، وهي ضرورة فرضتها تلك الأوضاع الكارثية التي عانى ويعاني منها الشعب اليمني العزيز وهي نتاج لمعاناة حقيقية لكل أبناء هذا الشعب ، وهي نتاج للإحساس بالظلم ونتاج للشعور بالمسؤولية ، وهي وعي شعبي بالطريقة الصحيحة للسعي نحو التغيير .
والمشكلة في بلدنا فعلاً مشكلة مُعقَّدة وكبيرة استدعت تحرك شعبي واسع وزَخَم كبير في هذا التحرك من حيث طبيعة الاستهداف والتركيز الخارجي على هذا البلد والذي كشفه بوضوح تام العدوان في نهاية المطاف ، فهذا التوجه الخارجي من بعض القوى المعتدية والمستكبرة وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل والنظام السعودي وأذياله في المنطقة وأدواته في الداخل التي كانت نافذة وكانت مسيطرة وكانت متحكمة بمقدرات هذا البلد.
هذا المستوى من النفوذ والتحكم والطغيان والاستبداد الذي عانى منه شعبنا العزيز استدعى بالفعل ثورة شعبية واسعة وتَحرُّك جاد وقويّ وصابر بمستوى ذلكم التحرك الذي قام به شعبنا العزيز في ثورته الشعبية وتوجه بذلك الانتصار في يوم الحادي والعشرين من سبتمبر.
والمشكلات الكبرى التي كانت نتيجة لهذا النفوذ وهذا الاستبداد وهذا الطغيان لقوى الخارج وأدواتها في الداخل مشكلات كثيرة تفرعت عن ذلك الطغيان عن ذلك النفوذ عن ذلك الاستبداد ، في مقدمتها مشكلة رئيسية ومهمة جداً لم يكن بالإمكان الصبر عليها ولا التغاضي عنها ولا التجاهل لها تتمثل بفقدان السيادة وفقدان القرار ، وذلك خطر يتهدد البلد واستقلاله .
البلد بالفعل كان يتجه نحو الفقدان الكامل للاستقلال ونحو التحكم الكامل في كل شؤونه في كل أموره لصالح تلك القوى المعتدية والطاغية والمتجبرة والمستكبرة والظالمة .
وعلى مستوى القرار السياسي كانت منظومة الحكم قد تحوَّل إلى مجرد أداة لا تمتلك بشأنها هي لا أمراً ولا نهياً أصبحت مجرّد دُمى يتحرك بها أو تتحرك بها قوى الخارج لتفرض كل ما تشاء وتريد على هذا الشعب وفي هذا البلد ، في نهاية الأمر أصبح الواقع الذي كان قائم أن كلما يفرض ويقرر في شؤون هذا البلد من منظومة الحكم في السياسة العامة في الشأن العام في التفاصيل كلها كان يرسم فقط وفقط وفق مصالح تلك الدول وفق مصالح الأمريكي وفق مصالح الإسرائيلي ومصالح الإسرائيلي مرتبطة تماماً مائة بالمائة بمصالح الأمريكي ووفق مصالح السعودي .
والضحية الضحية لكل ذلك هو شعبنا اليمني العزيز الذي كانت مصالحة وأولوياته واستحقاقاته خارج الاهتمام نهائياً وخارج الأولويات بالكامل ، بمعنى: أن منظومة الحكم لم تعد تلتفت بأي شكل من الأشكال إلى هذا البلد ، إلى هذا الشعب الذي يعاني بأي اعتبار لا بشأن الوضع الاقتصادي ، ولا بشأن الوضع الأمني ولا بأي اعتبار من الاعتبارات كان الشعب يعني: خارج الاهتمام في أي شأن من شؤونه .
كانت كل الحسابات وكان كل الاهتمام ينصب حصرياً في إطار مصالح أولئك ثلاثي الإجرام ثلاثي العدوان على هذا الشعب: أمريكا ومع أمريكا تبعاً إسرائيل وكذلك النظام السعودي .
فبالتالي كانت معاناة هذا الشعب تزداد سوءاً تزداد يوماً إثر يوم على كل المستويات ، كان البؤس والحرمان يتزايد يوماً إثر يوم ، وكان الشعب يلمس ذلك في واقعه بالشكل الذي لم تتكمن فيه الآلة الإعلامية الهائلة والقوية جدّاً من التغطية على حجم المُعاناة على حجم الحِرمان وعلى حجم البؤس الذي عانى منه شعبنا اليمني العزيز .
كذلك كان المسار الذي تتحرك فيه منظومة الحكم بإشراف تلك القوى الخارجية مسار يذهب بالبلد نحو فقدان الكرامة ، ونحو التهيئة في نهاية المطاف للغزو الخارجي ، على مستوى الترويض للشعب على القبول بالانتهاك الذي لم يكن يتوقف للسياد.