التقوى كفيلة ببناء واقعاً قائماً على الشعور بالمسؤولية.
بصائر من نور القياده.
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
محاضرة التقوى 2رمضان 1434هـ.
التقوى كحالةٍ نفسيةٍ تسيطر على مشاعرنا، الحذر الشديد من أن نقصر أو نهمل أو نبتعد عن ما أرشدنا الله سبحانه وتعالى إليه، التقوى فيما تعنيه من انطلاقة في التحلي بالفضائل، من انطلاقةٍ في كل العبادات التي شرعها الله سبحانه وتعالى لنا، نؤديها بشكلٍ واعٍ، نفهم مقاصد الله سبحانه وتعالى ومقاصد كتابه في تشريعها، وتأتي عبارة { اتَّقُوا اللَّهَ} في القرآن الكريم في مقدمة كل قضيةٍ هامة، وبشكلٍ متكرر، ليوحي للناس بأن المسألة مهمة، فلينطلقوا من منطلق الحذر من الله من أن يقصروا في هذه القضية، سيضربهم هو، سيكون عقابه شديداً عليهم، سيكون غضبه شديداً عليهم، كما في قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}(الأنفال:1)، {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}(الأحزاب:70)، {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِه}(آل عمران:102)، تحلوا بالتقوى، كونوا متقين لله، فيما تعنيه كلمة التقوى من مشاعرِ الحذر من التقصير فيما أمرنا الله أن نعمل من أجله.
التقوى فيما تعنيه الابتعاد عما يوقعنا في سخطه وعقابه، هذه هي التقوى، حالة من الحذر، وعي بأن الله سبحانه وتعالى.. وعيٌ وإيمان بأن الله سبحانه وتعالى يعاقبنا ويؤاخذنا فيما إذا عصيناه في أمرٍ من أوامره، إذا تجاوزنا حداً من حدوده، إذا تنصلنا عن مسئوليات أمرنا بها وفرضها علينا، فالتقوى لها هذا المدلول الشامل والواسع، فتتناول كل واقع حياتنا لتجعل منه واقعاً مستقيماً نتحرك فيه على أساس الشعور بالمسئولية، والإيمان بالله، وأنه يعاقب ويؤاخذ، ونتعاطى على أساس المسئولية بعيداً عن حالة الانفلات، حالة الانفلات من التقيد بأوامر الله، الانفلات عن الالتزام بالأخلاق والمبادئ، الانفلات الذي يتحول فيه الإنسان إلى ألعوبةٍ بيد الشيطان، إلى عبدٍ لشهوات نفسه، وهوى نفسه، ورغبات نفسه.
إذاً التقوى هي كفيلة بأن تبني واقعنا، واقعاً متميزاً قائماً على أساس الشعور بالمسئولية، وعلى أساس التحرك القائم على أساسٍ من المبادئ والأخلاق والالتزام، نخاف الله وندرك أن الله يحاسبنا ويعاقبنا، وأن أي حالةٍ من الخروج عن أمر الله أو التجاوز لحدوده في أي شأنٍ من شئون الحياة، في أي واقع، في أي ميدان، في أي مجال، معناه أن الإنسان يورط نفسه، يسبب لنفسه عقاب الله، وعذاب الله، وبأس الله سبحانه وتعالى.