إذا ما اعتمدت على الله تحول كل ضعفك إلى قوة.
برنامج رجال الله اليومي.
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
خطر دخول أمريكا اليمن صـ11 ــ 12.
إذا ما اعتمدت على الله تحول كل ضعفك إلى قوة.
ألم يقل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ}(الأنفال: من الآية60) حتى رباط خيلك، وشكل خيلك العربية, جياد الخيل، يراها العدو أو يسمع بها فترهبه، لكن أنت إذا ما أصبحت في موقع عدوك أنت، أصبحت من أولياء الشيطان فأنت من سيرعبك كل شيء من جانبهم.
أوليسوا هم أيضاً من يحاولون على أن يكون لهم أشكال متعددة تبدو أمام الآخرين بالشكل الذي يخلق رعباً في نفوسهم؟ هم من يعملون على هذه.
بل كانوا وهذا كان في أيام بريطانيا التي كانت هي الدولة الكبرى في العالم، وكانت تقوم حركات من هنا وهنا مناهضة لها، وكان يبرز أشخاص أقوياء، وكانت مظاهر لندن – كعاصمة لدولة متقدمة – مظاهر العمران، مظاهر الحضارة بالشكل الجذاب، أو بالشكل الذي يصرف ذهنية الإنسان عن أشياء كثيرة أخرى فيرى في لندن وجه دولة عظمى هو يرى في نفسه أنه لا يستطيع أن يعمل أمامها شيئاً. فقالوا: كان البريطانيون يحاولون بأي طريقة أن ينجذب أولئك الثوار لزيارة لندن. وكان جمال الدين الأفغاني ممن قد عرف هذا، حاولوا فيه أيضاً أن يزور لندن وقال عنها: [هي مقبرة الثوار]، أو بعبارة تشبه هذه.
كان بعضهم يزور لندن فإذا ما زار ورأى البنايات الشامخة ورأى الحركة، ورأى المظاهر الجميلة، فيقول من يستطيع أن يقاوم هؤلاء، ورجع وقد بردت أعصابه كلها, وتلاشت كل ثوريته, وتلاشى حماسه، بل بعضهم يعود داعيةً لأن تبقى بريطانيا مستعمرة لشعبه! وقد يعود بعضهم أيضاً داعيةً إلى أن يتثقف أبناء شعبه بثقافة تلك الدولة، كما صنع [رفاعة الطهطاوي] أحد العلماء المصريين، عندما زار باريس.
هكذا يصبح الحال أمام من لا يفهمون كتاب الله بالشكل الذي يجعل كل شيء أمامهم ضعيفاً أمام قوة الله وجبروته, وعزته وقهره، وإذا لم نكن على هذا النحو سنرى الآخرين – وكما أسلفت – كلهم أكبر من أولياء الله، ووليهم أكبر من الله، وكل ما لديهم أكبر من إيماننا فتكون الأشياء كلها مما يعزز اليأس في نفسك، ومتى ما تعزز اليأس في نفوس الناس تلاشت كل القيم أمامهم، وأصبحوا هم من يسخرون ممن يحاول أن يحركهم، أصبحوا ممن يرون الأشياء كلها مستحيلة؛ ولهذا لما كان الإنسان كإنسانٍ ضعيفاً كما قال الله: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً}(النساء: من الآية28).
إذا لم يشتد بإلهه، إذا لم يعتمد على إلهه فإنه سيكون ضعيفاً، وها هو ضعيف حتى أمام خصومه من الحيوانات، أوليس الثعبان يقتله، والنملة تؤلمه؟ ووخزة الشوك تؤلمه وتقعده؟ لكنك إذا ما اعتمدت على الله تحول كل ضعفك إلى قوة. ولأن الإنسان هكذا جاء العمل على أن يصنع الإنسان على هذا النحو في القرآن الكريم مكرراً ومؤكداً، وكثيراً جداً، ومرفقاً حتى بالقسم الإلهي, يقسم الله؛ من أجل أن نطمئن؛ من أجل أن يدفعنا من ضعفنا, أن يشدنا إلى حيث قوته وعزته ومنعته {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ}(الحج: من الآية40) هذا كلام مؤكد، مؤكد باللام [الموطِّئة للقسم] كما يقولون.. العبارة تساوي: والله {لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
وعندما يقول الله لك، ويقول لأوليائه أنه سينصرهم لا تستطيع أن تقول: [هذا وعد يوم كان الأعداء لا يمتلكون وسائل كهذه، يوم كانوا لا يمتلكون صواريخ، ولا طائرات ولا قنابل ذرية ولا.. إلى آخره.. أما الآن فهم قد أصبحوا كذا وكذا]! عُد إلى الله من هو الذي وعدك؟ إنه من يعلم ما سيصل إليه أعداؤك، هو من يعلم بكل ما سيحدث في هذه الدنيا، هو عالم الغيب والشهادة.
أتظن أنه أقسم ذلك اليوم ولم يعلم أنه سيكون هناك أعداء سيمتلكون قوة كهذه؟ إنه من أقسم لأوليائه في كل زمان، أمام أعدائه في كل زمان، وعلى الرغم مما يمتلكون أنه إذا ما انطلق أولياؤه لنصره فإنه سينصرهم كيف ما كان عدوهم. لكن الناس هم من يجب عليهم أن يتسببوا للنصر، ومن يعملون بكل وسيلة دون أن تستحكم قبضة عدوهم عليهم.
لقد ظهر في هذا الزمان أن من الأشياء التي تؤدي إلى استحكام قبضة الأعداء على الشعوب المسلمة هو: أن حكوماتهم تُخْدَع من قبل الآخرين فيخدعوننا هم، ونحن نتربّى على أن نقبل ما جاء من حكوماتنا، وقد يقول البعض: [الدولة هي المعنية بهذه القضية, وهي المسؤولة عن هذا الأمر، وهي التي تهتم بمصلحة الشعب] لكنهم أشخاص كمثلنا، يمكن أن يُخدع، يمكن أن يجهل أشياء كثيرة، يمكن أن يجهل مصلحة الشعب الحقيقية، يمكن أنه لا يعود إلى القرآن ليهتدي به، وليعرف من خلاله ما هو الموقف الصحيح الذي هو مصلحة لشعبه، فقد يُخدعون ونحن نُخدع، ثم سنكون الضحية نحن وهم.
لاحظ، قد يقولون للرئيس مثلاً: [نريد كذا و من أجل كذا ومن أجل أن نقف مع الحكومة في مساعدتها ضد الإرهابيين] لأنه حتى الحكومة هي تعاني من الإرهابيين كما يقول الرئيس: [وحتى نحن, نحن عانينا من الإرهاب كثيراً] أليست هذه عبارة كان يقولها؟ [إذاً نحن سنساعدك يا حبيبنا] هكذا يقولون [سنساعدك ضد الإرهابيين الذين أزعجوك كثيراً, والذين عانيت منهم كثيراً] وقد يرى ذلك جميلاً منهم!.
ثم حينئذ يصنعون هم أحداثاً إرهابية في اليمن – وهذا متوقع – يصنعون هم أحداثاً إرهابية في اليمن قريباً من مواقع مرتبطة بمصالحهم, أو منشآت تابعة لهم, أو يعملون أعمالاً تُرهب الدولة نفسها, ثم يقولون: [أرأيتم أنكم بحاجة إلينا، هاتوا كتائب أخرى]. فتسمع أنت أنه قد وصل مائتا جندي، وصل أربع مائة جندي, ثم ست مائة جندي وهكذا، ويظل الرئيس متشكراً لهم ولدعمهم، ونحن نشكرهم أيضاً وأنهم يساعدوننا على مكافحة الإرهابيين.
الرئيس نفسه، الدولة نفسها تستطيع أن لا تتكلف شيئاً أمام أولئك الإرهابيين تترك الناس هم يتعاملون معهم فلا يحتاجون إلى أمريكا, ولا يحتاجون حتى إلى الجيش, ولا يحتاجون حتى إلى الدولة بكلها.
كنا نقول أمام الوهابيين من زمان: نريد من الدولة أن تتخلى عنا وعنهم على الرغم من ضعفنا، كان زمان قبل سنوات إذا ما حصل خصومة في مسجد بين وهابيين وزيود، كان يظهر من أقسام الشرطة, ومن القادة ومن الجنود ومن الدولة تعاطف مع الوهابيين ضدنا فيزجون بعالم من علمائنا, أو بمجاميع من شبابنا في السجون، وترى الوهابي أيضاً إذا ما سجن يخرج في اليوم الثاني، ترى الوهابي يستطيع أن يتصل مباشرة بـ(علي محسن) ويستطيع هو أن يتدخل في قضيته، وحصل مثل هذا في [رازح]، حصل خصومة في [شعاره] كان الوهابيون يستطيعون أن يتصلوا مباشرة بـ[علي محسن]، والزيود لا يستطيع أن يتجاوب معهم ولا المحافظ ولا مدير الناحية.
أوليسوا هم الذين يقولون عنهم الآن أنهم إرهابيون؟ كنا نقول: يكفينا أن تتخلوا عنا وعنهم، دعونا نتصارع نحن وهم إما أن يقهرونا أو نقهرهم، نحن في مواجهة دينية معهم، و هم من يعتدون علينا فدعونا نحن نقف في وجوههم لكنا كنا دائماً كلما تحركنا ضدهم قالوا: إذاً معكم إمام.
في [المحابشة] كان القاضي صلاح ومجموعة من الشباب في مواجهة كلامية مع وهابيين قبل سنوات – قبل الوحدة- ثم يُتهم هذا الشخص بأنه يريد الإمامة, وأنه يريد أن يعمل إمامة! كانت الإمامة يواجهون الناس بها في كل موقف، هؤلاء الذين أنتم تقولون بأنهم إرهابيون ولم تتركونا نواجههم، وكنتم أنتم من تقفون معهم، وكنتم أنتم من تشجعونهم، هاأنتم أيضاً تقبلون أن يدخل الأمريكيون اليمن بحجة مطاردتهم! نقول من جديد: دعوا الشعب هو يتعامل مع الإرهابيين الحقيقيين، هو الذي يستطيع أن يوقفهم عند حدهم.
وفعلاً لو كانوا يتركوننا من زمان لما استقوى الوهابيون، ثم لما تحولوا – كما يقال عنهم – إلى إرهابيين تصبح أعمالهم من وجهة نظر الدولة مبرراً لدخول الأمريكيين إلى بلادنا، أما كان هناك ما يغنينا عن هذا كله؟ لكننا دائماً نُخدع، نحن.. حكومات, وشعوب, مسئولون, ومواطنون نُخدع من قبل أعدائنا.
لنفترض أن يكون دخول الأمريكيين تحت مبرر مساعدة الدولة في مكافحة الإرهاب الذي سيقال لنا بأننا عانينا منه كثيراً, فيتجمع الأجانب في بلدنا, وبلدنا موقعه مهم، وبلدنا لا تزال ثرواته مخزونة في باطن الأرض، هو لا يزال شعباً بكراً، وهذا هو ما اتُهمت به أمريكا أيضاً في محاولة دخولها إلى أفغانستان بأعداد كبيرة أنه بلد فيه كثير من الثروات التي لا تزال لم تُستغل بعد, وحينئذٍ سينهبون ثرواتنا، وحينئذٍ سيهينوننا، وحينئذٍ سيستذلوننا، وحينها ستصبح دولتنا أيضاً تحت رحمتهم، ويصبح علي عبد الله كعرفات أيضاً.
أو أن هذه أشياء افتراضية فقط ليس هناك شواهد عليها من الواقع؟ أليس السعوديون الآن يعجزون عن إخراج أمريكا من بلادهم، يوم دخلوا بحجة الحفاظ على أمن واستقرار المملكة في مواجهة العدو اللدود – كما يقال – العراق وصدام, وملأوا بلدان الخليج العربي, والسعودية بوجودهم, وتواجدهم العسكري وقواعدهم الكثيرة وقطعهم البحرية، تحت حجة حماية هذه الدول من الخطر العظيم ضدهم إيران! ثم عرفوا أخيراً بأن إيران هي من يمكن أن تحميهم أما أولئك فهم كما قال الله عنهم: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ}(البقرة: من الآية100) هاهم الآن هل يستطيعون أن يخرجوهم من بلادهم، وإذا ما حاولوا أن يخرجوهم من بلادهم أليسوا سيضطرون إلى أعمال مرهقة، وأعمال منهكة, وأعمال ثقيلة؟.